أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 779

جلسة 13 من يونيه سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: قصدي اسكندر عزت، ومحمد صفوت القاضي، والسيد محمد شرعان، ومحمد علي بليغ.

(162)
الطعن رقم 444 لسنة 47 القضائية

حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات. "اعتراف".
الإحاطة بالدعوى عن بصر وبصيرة. مناط صحة الحكم بالبراءة.
القضاء بالبراءة دون التعرض لاعتراف المتهم بمحضر الاستدلالات. قصور.
من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل الحكم على ما يفيد أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة وأن تكون الأسباب التي تستند إليها في قضائها لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر الاستيفاء المؤرخ 22/ 7/ 1971 الذي حرره مفتش مأمورية إنتاج البلينا ووقعه المطعون ضده ببصمته أن الأخير إذ ووجه بضبط شجيرات الدخان في الأرض زراعته. أفاد بأن "الأرض دي حيازة أخويا..... وأنا مش محيز عليها بالجمعية وكنت زارع الدخان ده في الأرض ومش أعرف أن ممنوع زراعته" ولما كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بالبراءة دون أن يعرض للدليل المستمد من اعتراف المتهم بالمحضر آنف الذكر ودون أن تدلي المحكمة برأيها فيه بما يفيد على الأقل أنها فطنت إليه ووزنته ولم تقتنع به أو رأته غير صالح للاستدلال به على المتهم، فإن الحكم يكون قد جاء مشوباً بعيب القصور في التسبيب بما يوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده وآخر بأنهما قاما بزراعة الدخان المبين بالمحضر بدون تصريح من الجهة الإدارية المختصة. وطلبت عقابهما بالمواد 1 و2/ 1 و3 من القانون رقم 92 لسنة 1964. وادعت مصلحة الجمارك مدنياً قبل المتهمين بمبلغ 3000 جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة صدفا الجزئية قضت في الدعوى حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم الأول ستة أشهر مع الشغل وكفالة 20 جنيهاً لوقف التنفيذ، وبراءة المتهم الثاني من التهمة المسندة إليه وإلزام المتهم الأول بتعويض قدره ثلاثة آلاف جنيه عن المساحة المنزرعة تؤدى لمصلحة الجمارك والمصادرة. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم، ومحكمة أسيوط الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت في الدعوى حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا لحكم بطريق النقض. قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة أسيوط الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة أسيوط الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت في الدعوى من جديد حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه. فطعنت مصلحة الجمارك في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مصلحة الجمارك – المدعية بالحقوق المدنية – تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة زراعة دخان بغير ترخيص من الجهة المختصة وبرفض الدعوى المدنية قبله – استناداً إلى خلو الأوراق من دليل على زراعته شجيرات الدخان موضوع المحاكمة – قد شابه قصور في التسبيب ذلك بأنه لم يعرض للدليل المستمد من اعتراف المطعون ضده بمحضر الضبط الذي حرره مفتش الإنتاج، بأنه كان يزرع الدخان المضبوط في الأرض – استئجاره من والده – مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بالبراءة في قوله: "وحيث إن القضاء الجنائي هو قضاء إسناد أولاً، ولما كانت الواقعة غير ثابتة في حق المتهم إذ أنكرها وليس في الأوراق من دليل إسناد تستند إليه المحكمة في إسناد التهمة إلى المتهم الأمر الذي تصبح معه البراءة من حقه". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل الحكم على ما يفيد أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة وأن تكون الأسباب التي تستند إليها في قضائها لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر الاستيفاء المؤرخ 22/ 7/ 1971 الذي حرره مفتش مأمورية إنتاج البلينا ووقعه المطعون ضده ببصمته أن الأخير إذ ووجه بضبط شجيرات الدخان في الأرض زراعته، أفاد بأن "الأرض دي حيازة أخويا...... و أنا مش محيز عليها بالجمعية وكنت زارع الدخان ده في الأرض ومش أعرف أن ممنوع زراعته" ولما كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بالبراءة دون أن يعرض للدليل المستمد من اعتراف المتهم بالمحضر آنف الذكر ودون أن تدلي المحكمة برأيها فيه بما يفيد على الأقل أنها فطنت إليه ووزنته ولم تقتنع به أو رأته غير صالح للاستدلال به على المتهم فإن الحكم يكون قد جاء مشوباً بعيب القصور في التسبيب بما يوجب نقضه – في خصوص الدعوى المدنية – وإلزام المطعون ضده مصاريف الطعن. ولما كان الطعن للمرة الثانية فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع عملاً بالمادة 45 من القانون 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.