مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ الإدارية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1960 إلى آخر سبتمبر سنة 1960) - صـ 1145

(121)
جلسة 2 من يوليه سنة 1960

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس المجلس وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي بغدادي والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم مشهور المستشارين.

القضية رقم 311 لسنة 4 القضائية

( أ ) حكم - تنفيذه - الحكم بإلغاء القرار فيما تضمنه من التخطي في الترقية إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الثانية أو الأولى - مقتضى التنفيذ الصحيح له اعتبار المتخطي مرقى إلى هذه الوظيفة من تاريخ القرار الملغي - النعي على ذلك بأن الدرجات المرقى إليها درجات اختيار - غير منتج ما دامت كفاية المتخطي لم تكن محل مجادلة وكان ترتيب الأقدمية بين المرقين هو المعول عليه - مثال.
(ب) حكم - حجية الأحكام - قوة الأمر المقضي - لا محل للمجادلة في حجية الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي متى اتحد الخصوم والموضوع والسبب - شمول الحجية لمنطوق الحكم والأسباب الجوهرية المكملة له والتي ترتبط معه ارتباطاً وثيقاً - مثال.
1 - أن مقتضى التنفيذ الصحيح للحكم، في ضوء الأسباب التي قام عليها وجوب التزام الوضع الذي رسمه لوزارة الخارجية في شأن رد أقدمية المدعي بالنسبة لأقرانه الذين شملتهم بالترقية القرارات التي تظلم منها ثم طعن فيها أمام محكمة القضاء الإداري لمخالفتها لأحكام القانون، ونعى عليها ما أصابها من عيب الانحراف. وإذ قضى الحكم بإلغاء الأمر الملكي رقم (25) لسنة 1953 الصادر في 2 من إبريل سنة 1953 فيما تضمنه من ترك المدعي في الترقية إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الثانية، فيكون مفاد ذلك التزام الوزارة باعتبار المدعي مرقى إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الثانية من تاريخ صدور حركة ترقيات الوزراء المفوضين من الدرجة الثالثة إلى وزراء مفوضين من الدرجة الثانية، أي من يوم 2 من إبريل سنة 1953. وإذ قضى الحكم كذلك بإلغاء الأمر الجمهوري رقم (4) لسنة 1954 فيما تضمنه من ترك المدعي في الترقية إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الأولى وما يترتب على ذلك من آثار، فيكون مفاد ذلك التزام الوزارة باعتبار المدعي مرقى إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الأولى من يوم 15 من فبراير سنة 1954.
هذا ولا صحة للنعي على تنفيذ الحكم على هذا الوجه بأن الدرجات التي تخطت فيها القرارات المطعون فيها المدعي، هي درجات اختيار، لا صحة لذلك في خصوصية هذه المنازعة، ما دام من المسلم أن كفاية المدعي لم تكن محل مجادلة، ولم تكن المفاضلة بين المرشحين هي أساس الحركات المطعون عليها بل كان ترتيب الأقدمية بينهم هو المعول عليه بافتراض أنهم من ناحية الكفاية صالحون جميعاً وقد اقتصر دفاع الوزارة على أنها جعلت الأقدمية وحدها مناط الترقية إلى وظيفة سفير في المرسوم محل الطعن.
2 - إن الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة بما فصلت فيه بحيث لا تجوز المجادلة في الحجية متى اتحد الخصوم والموضوع والسبب، بل يعتبر الحكم عنوان الحقيقة فيما قضى. والذي يحوز الحجية من الحكم هو منطوقه وكذا الأسباب الجوهرية المكملة له. فقد يحدث أن تحتوي أسباب الحكم على قضاء يكمل ما ورد بالمنطوق ويرتبط معه ارتباطاً وثيقاً بحيث لا يمكن فصله عنه، وهذا النوع من الأسباب يكتسب حجية الأمر المقضي، فإذا لم يشتمل الحكم في منطوقة على القضاء بترتيب أقدمية المدعي بالنسبة لأقرانه، ولكن الأسباب تناولت البحث في هذه الأقدميات وترتيبها وبنت على ذلك النتيجة التي انتهت إليها في المنطوق، فإن هذه الأسباب تحوز حجية الأمر المقضي كذلك.
فإذا بان من مراجعة أسباب الحكم المطعون فيه أنه قام في إلغاء قرارات ترك المدعي في الترقيات على أنه كان يسبق من شملتهم الترقية فيكون أولى بها منهم جميعاً. وليس من شك في أن الحكم يكون قد حاز قوة الأمر المقضي لا بالنسبة إلى النتيجة التي انتهى إليها فحسب بل بالنسبة إلى ما قرره من أن المدعي أسبقهم جميعاً في ترتيب الأقدمية بحيث يعتبر الحكم في هذا الشأن عنواناً للحقيقة فيما قضى به، ولا يجوز العود بعد ذلك للمجادلة فيه.


إجراءات الطعن

في 10 من مارس سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد تحت رقم 311 لسنة 4 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري الهيئة الثالثة أ - بجلسة 9 من يناير سنة 1958 في الدعوى رقم (1182) لسنة 10 ق المقامة من أحمد رمزي ضد وزارة الخارجية والذي قضى "بإلغاء قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من نوفمبر سنة 1955 بالموافقة على الحركتين الدبلوماسية والقنصلية فيما تضمنه ذلك القرار من تخطي المدعي في الترقية إلى درجة سفير مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة المصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه "الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى مع إلزام رافعها بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 16 من مارس سنة 1958 وإلى وزارة الخارجية في (17) منه - وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 14 من نوفمبر سنة 1959 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا بجلسة 12 من مارس سنة 1960، وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة 21 من مايو سنة 1960، ثم مد أجل النطق به إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم (1182) لسنة 10 ق ضد وزارة الخارجية أمام محكمة القضاء الإداري بصحيفة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 28 من مارس سنة 1956 طلب فيها الحكم بإلغاء المرسوم الصادر في 30 من نوفمبر سنة 1955 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة سفير. وقال شرحاً لدعواه أنه التحق بخدمة وزارة الخارجية وظل يتدرج في وظائفها حتى عين قنصلاً عاماً ببيروت في 13 من فبراير سنة 1940 ثم انتدب قائماً بأعمال المفوضيتين المصريتين في سوريا ولبنان، وقد بذل في تلك الوظائف جهوداً مشكورة ومثل بلاده على أحسن وجه، ولكن حدث عند توليه المنصب الأخير ما أوغر صدر الملك السابق فصار المدعي محلاً للتشريد والاضطهاد وبقى يعاني آثار ذلك وقتاً طويلاً حتى جاءت حكومة الثورة المصرية فأعادته إلى وزارة الخارجية وصدر الأمر بتعيينه في 21 من أكتوبر سنة 1952 وزيراً مفوضاً بلقب سفير لدى الجمهورية الإيطالية. ولكن صدر بعدئذ في 19 من مارس سنة 1953 مرسوم بنقله من وزارة الخارجية إلى وزارة المالية في وظيفة (مدير عام لقسم البحوث)، ولما كان هذا المرسوم باطلاً فقد رفع المدعي دعوى أمام محكمة القضاء الإداري قيدت بجدولها تحت رقم (947) لسنة 7 ق بطلب إلغائه والحكم بما يترتب على إعادته لوزارة الخارجية من آثار وبصفة خاصة ترقيته لوظيفة وزير مفوض من الدرجة الأولى التي يستحق الترقية إليها. شعرت الحكومة بعد ذلك بأن التصرف الذي اتخذته حياله كان خاطئاً، فصدر الأمر الجمهوري رقم (4) في 15 من فبراير سنة 1954 بندبه وزيراً مفوضاً من الدرجة الثانية بالوزارة. ولكن المدعي تظلم من هذا الأمر، لأنه ولئن كان فيه تصحيح لوضعه الذي شكا منه بصدور مرسوم 19 من مارس سنة 1953 بنقله من وزارة الخارجية إلى وزارة المالية إلا أنه كان تصحيحاً جزئياً فيم يحقق كامل طلباته ولم يرفع عنه كل الظلم الذي أصابه.
وفي 10 من إبريل سنة 1954 صدر مرسوم بتعيينه وزيراً مفوضاً من الدرجة الثانية، فأعاد تظلمه أيضاً، فوعده المختصون بتصحيح وضعه. فلما لم يتم له ذلك بادر إلى رفع الدعوى رقم (10884) لسنة 8 ق طلب فيها الحكم بإلغاء الأمر الجمهوري رقم (4) الصادر في 15 من فبراير سنة 1954 والمرسوم الصادر في 10 من إبريل سنة 1954 فيما تضمناه من جعل وظيفته وزير مفوض من الدرجة الثانية بدلاً من وظيفة وزير مفوض من الدرجة الأولى حسب أقدميته بين الوزراء المفوضين من الدرجة الأولى اعتباراً من 15 فبراير سنة 1954 وقد ضمت هذه الطلبات إلى الدعوى رقم (947) لسنة 7 ق.
وفي 15 من مايو سنة 1955 حكمت محكمة القضاء الإداري - الهيئة الخامسة - (1) باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لطلب إلغاء المرسوم الصادر في 19 من مارس سنة 1953 بنقل المدعي مديراً لقسم البحوث بوزارة المالية والاقتصاد (2) وبإلغاء الأمر الملكي رقم (25) لسنة 1953 الصادر في 2 من إبريل سنة 1953 فيما تضمنه من ترك المدعي في الترقية إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الثانية (3) وبإلغاء الأمر الجمهوري رقم (4) لسنة 1954 الصادر في 15 من فبراير سنة 1954 فيما تضمنه من ترك المدعي في الترقية إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الأولى، وما يترتب على ذلك من آثار.
وفي 26 من يونيه سنة 1955 أعلن المدعي الحكم المذكور إلى وزارة الخارجية وتنفيذاً لهذا الحكم أصدرت الوزارة النشرة رقم (65) لسنة 1955 في 14 من أغسطس سنة 1955 وضع المدعي فيها الأول في ترتيب الوزراء المفوضين من الدرجة الأولى. وكان المدعي على مقتضى ذلك متوقعاً ترقيته إلى درجة سفير لأقدميته التي قررها الحكم, ولكفايته التي نوه بها الحكم تنويهاً كبيراً. ولكنه فوجئ بصدور مرسوم في 30 من نوفمبر سنة 1955 بترقية السيد/ حسن محرم إلى درجة سفير مع أنه يلي المدعي في ترتيب الأقدمية حسب الحكم وحسب نشرة الوزارة ذاتها. وقد تظلم المدعي من هذا المرسوم إلى وزير الخارجية في 16 من ديسمبر سنة 1955 ولكنه تلقى رداً في 13 من فبراير سنة 1956 برفض تظلمه. وينهي المدعي صحيفة دعواه بأنه لما كان المرسوم الصادر في 30 من نوفمبر سنة 1955 فيما قضى به من تخطي المدعي في الترقية إلى درجة سفير، قد وقع باطلاً لمخالفته لقوة الشيء المقضي به ولخروجه على قواعد القانون وأحكامه فإن المدعي لجأ إلى محكمة القضاء الإداري يطلب الحكم بإلغائه.
وفي 14 من مايو سنة 1956 ردت وزارة الخارجية على الدعوى فقالت أن المدعي نقل من وزارة الخارجية، وكان مستشاراً في الدرجة الأولى المالية إلى مصلحة الاقتصاد حيث رقي إلى درجة مدير عام (ب) أي ما يعادل وزير مفوض درجة ثالثة (1200 ج) سنوياً اعتباراً من 28 من فبراير سنة 1950. فلما أعيد ثانية إلى وزارة الخارجية في وظيفة (وزير مفوض درجة ثالثة) اعتباراً من 15 من أكتوبر سنة 1952، وهى الوظيفة التي تعادل درجته المالية، كان ترتيبه في الأقدمية مع زملائه في هذه الوظيفة كالآتي: -
(1) حسن محرم 6/ 10/ 1948
(2) محمد عبد المنعم مصطفى 10/ 12/ 1948
(3) علي شوقي 14/ 11/ 1949
(4) ألبير منصور 14/ 11/ 1949
(5) أحمد رمزي (المدعي) 28/ 2/ 1950
(6) حسن إسماعيل 17/ 5/ 1950
(7) علي فوزي مرعي 9/ 11/ 1950
(8) حسين عزيز 9/ 11/ 1950
(9) حسين غالب رشدي 12/ 3/ 1951
ثم صدر مرسوم بنقل المدعي من جديد إلى وزارة المالية والاقتصاد في 19 من مارس سنة 1953. وفي 2 من إبريل سنة 1953 أجريت حركة دبلوماسية بمقتضى الأمر الملكي رقم (25) لسنة 1953 وذلك بعد نقل المدعي إلى وزارة المالية، فرقي في هذه الحركة إلى درجة وزير مفوض من الدرجة الثانية السادة: (حسن محرم، ومحمد أمين رستم الذي عدلت أقدميته بعد ذلك قبل حسن محرم، محمد عبد المنعم مصطفى، علي شوقي، ألبير منصور، حسن إسماعيل، وعلي فوزي مرعي). ثم أجريت بعد ذلك حركة أخرى بموجب الأمر الجمهوري رقم (4) لسنة 1954 في 15 من فبراير سنة 1954 اشتملت على ترقيات وانتدابات فرقي فيها محمد أمين رستم إلى درجة وزير مفوض درجة أولى وهي الدرجة الوحيدة التي كانت خالية في ذلك الوقت وندب كل من السادة المبينة أسماؤهم فيما بعد إلى درجة وزير مفوض من الدرجة الأولى.
(1) حسن محرم.
(2) محمد عبد المنعم مصطفى.
(3) علي شوقي.
(4) ألبير منصور.
(5) أحمد رمزي (المدير العام للبحوث بوزارة المالية والاقتصاد، وزيراً مفوضاً من الدرجة الثانية).
ورقي كل من حسين عزيز، وحسين غالب رشدي إلى درجة وزير مفوض درجة ثانية في نفس الحركة.
وفي 10 من إبريل سنة 1954 صدر المرسوم بتعيين أحمد رمزي المدير العام للبحوث بوزارة المالية والاقتصاد، والمنتدب وزيراً مفوضاً من الدرجة الثانية بوزارة الخارجية، وزيراً مفوضاً من الدرجة الثانية بها.
ثم استطردت وزارة الخارجية قائلة أن المدعي أقام الدعوى رقم (947) لسنة 7 ق ضد وزارة الخارجية ووزارة المالية والاقتصاد طلب فيها: "إلغاء المرسوم الصادر في 19 من مارس سنة 1953 بنقله إلى وزارة المالية والحكم بما يترتب على إعادته إلى وزارة الخارجية من آثار وبصفة خاصة ترقيته لوظيفة وزير مفوض من الدرجة الأولى التي كان يستحق الترقية إليها لو لم يصدر المرسوم المطعون فيه"، فلما أن صدر حكم محكمة القضاء الإداري لصالح المدعي في 15 من مايو سنة 1955 استطلعت وزارة الخارجية إدارة الفتوى والتشريع في كيفية تطبيق الحكم الصادر للمدعي في الدعوى رقم (947) لسنة 7 ق فأجابت إدارة الفتوى بأن (تكون ترقية المتظلم إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الأولى من 15 من فبراير سنة 1954 وإرجاع أقدميته في وظيفة وزير مفوض من الدرجة الثانية إلى 2 من إبريل سنة 1953 وصدر بناء على ذلك القرار الوزاري رقم 1026 في 23 من أغسطس سنة 1955 باعتبار المدعي أحمد رمزي مرقى إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الأولى من 15 من فبراير سنة 1954 وإرجاع أقدميته في وظيفة وزير مفوض من الدرجة الثانية من 2 من إبريل سنة 1953.
ثم تقول وزارة الخارجية أن محمد عبد المنعم مصطفى الوزير المفوض من الدرجة الأولى، والمنتدب بجامعة الدول العربية في وظيفة أمين عام مساعد لها، تقدم بتظلم من وضع أحمد رمزي، وزير مصر المفوض ببروكسل (بلقب سفير) من الدرجة الأولى قبله في كشف الأقدمية في حين أن مصطفى كان يسبق رمزي في الدرجات المالية في وظائف السلك الدبلوماسي السياسي. وقيد تظلم مصطفى ضد رمزي تحت رقم (26) في 27 من سبتمبر سنة 1955. وتقول وزارة الخارجية أنها رأت أن تظلم محمد عبد المنعم مصطفى في محله لأنه حصل على درجة وزير مفوض من الدرجة الثالثة في 10 من ديسمبر سنة 1948 وعلى درجة وزير مفوض من الدرجة الثانية في 2 من إبريل سنة 1953 ثم على وزير مفوض من الدرجة الأولى في 10 من إبريل سنة 1954. وكان هو أقدم من رمزي في الترقيات سالفة الذكر. وأنه لو بقى رمزي بوزارة الخارجية لكانت أقدميته بعد عبد المنعم مصطفى الذي رقي إلى درجة وزير مفوض من الدرجة الأولى في 10 من إبريل سنة 1954 وبالتالي لم يكن أحمد رمزي ليرقى إلى هذه الوظيفة إلا في تاريخ بعده. ولكن منطوق حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في الدعوى (947) لسنة 7 ق في 15 من مايو سنة 1955 لصالح المدعي أحمد رمزي أرجع أقدميته في وظيفة وزير مفوض من الدرجة الأولى إلى 15 من فبراير سنة 1954. استطردت وزارة الخارجية في دفاعها إلى أنه لم يكن في وسعها سوى تطبيق حكم القضاء الإداري. ولكن سيادة نائب وزير الخارجية قد أصدر أولاً - قرار في 25 من سبتمبر سنة 1955 في التظلم رقم (25) المقدم من حسن محرم في 4 من سبتمبر سنة 1955 ويقضي القرار بأن تظلمه في محله ويتعين أن تكون أقدميته سابقة على أقدمية أحمد رمزي.
ثانياً - قراراً في 18 من أكتوبر سنة 1955 في التظلم رقم (26) المقدم من عبد المنعم مصطفى في 27 من سبتمبر سنة 1955 ويقضي هذا القرار بأن تظلمه هو أيضاً في محله، ويتعين أن تكون أقدميته سابقة على أقدمية أحمد رمزي وقد استند القرار الصادر بقبول تظلم حسن محرم إلى أنه رقي إلى وظيفة وزير مفوض درجة ثالثة في 6/ 10/ 1948 بينما لم يحصل عليها المدعي رمزي إلا اعتباراً من 28/ 2/ 1950، ثم تعرض القرار الوزاري لأسباب الحكم الصادر لصالح المدعي في 15 من مايو سنة 1955 من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم (947) لسنة 7، فقال القرار: أن المحكمة أشارت إلى أن المرسوم رقم (4) الصادر في 15 من فبراير سنة 1954 اشتمل على ترقية بعض وزراء الدرجة الثانية إلى وزراء درجة أولى. وندب بعضهم إلى هذه الدرجة مع أنهم جميعاً يلون المدعي في أقدمية وزراء مفوضين درجة ثالثة وبالتالي في أقدمية الوزراء المفوضين درجة ثانية. ثم ذكر قرار نائب الوزير أن ما قررته محكمة القضاء الإداري في هذا الشأن مخالف للحقيقة، لأن حسن محرم كان أسبق من المدعي رمزي في وظيفة وزير مفوض درجة ثالثة، وكذلك في الترقية إلى وزير مفوض درجة ثانية وكان ذلك كله قبل أن يصدر حكم محكمة القضاء الإداري في 15 من مايو سنة 1955. كذلك نفي القرار صحة ما ذكره الحكم من أن المدعي لو كان قد بقى في وزارة الخارجية لأدركته الترقية إلى وزير مفوض درجة أولى في حركة 15 من فبراير سنة 1954 وما جاء في الحكم من أنه في هذا الشأن مخالف للحقيقة لأن حسن محرم كان أسبق من المدعي رمزي قد رقى إلى هذه الوظيفة من كان يلي المدعي في الأقدمية في وظيفة وزير مفوض درجة ثالثة. وأشار قرار نائب الوزير إلى أن مقتضى الحكم الصادر لصالح المدعي هو اعتباره مرقى إلى وزير درجة أولى من 15 من فبراير سنة 1954 وقد ندب حسن محرم إلى هذه الوظيفة بهذا المرسوم نفسه ثم خلص القرار من ذلك إلى وجوب تساوي الاثنين (محرم ورمزي) في تاريخ الحصول على هذه الدرجة أي تكون أقدميتهما فيها من 15 من فبراير سنة 1954 بصرف النظر عن أن قرار حسن محرم كان بطريق الندب، أما المدعي فقد عين فيها نفاذاً لحكم محكمة القضاء الإداري، لأن الحكم كما ذكر القرار، لا يمكن أن يغير أسس الأقدمية التي راعتها الوزارة بجعل المدعي أسبق في الترقية إلى هذه الدرجة من حسن محرم الذي كان أسبق من المدعي في الحصول على الدرجتين السابقتين على درجة وزير مفوض من الدرجة الأولى. وتأسيساً على ذلك يعتبر القرار كلاً من حسن محرم وأحمد رمزي معينين في وظيفة وزير مفوض درجة أولى معاً من تاريخ 15 من فبراير سنة 1954 الأول بطريق الندب والثاني نفاذاً للحكم. ولذلك يعتبر الأول أقدم من المدعي في هذه الوظيفة. ثم استند القرار في تأكيد ذلك إلى المادة 11 من القانون رقم 166 لسنة 1954 بشأن نظام السلك السياسي - وإلى المادة 25 والمادة 22 من قانون الموظفين - ذلك أن من قام بوظيفة درجتها أكبر من درجته بطريق الندب أو القيد لمدة سنة على الأقل رقي إليها متى توافرت فيه شروط الترقية. وأن ندب حسن محرم إلى هذه الوظيفة في 15 من فبراير سنة 1954 والتي عين فيها بالفعل في 10 من إبريل سنة 1954 أي بعد أقل من شهرين إنما هو بمثابة تعيينه فيها من 15 من فبراير سنة 1954 كما أن المدعي لو بقى في وزارة الخارجية لما رقي قبل حسن محرم، وانتهى قرار نائب وزير الخارجية إلى قبول تظلم حسن محرم، وقرر تعديل أقدميته في وظيفة وزير مفوض من الدرجة الأولى قبل المدعي أحمد رمزي.
وقالت وزارة الخارجية عن القرار الوزاري الصادر بقبول تظلم محمد عبد المنعم مصطفى أنه استند إلى مبدأ أنه لا يجوز قانوناً أن تمس الأحكام المكتسبة من المراكز القانونية. وإلى المادة (11) من القانون رقم (166) لسنة 1954 التي تنص على أن "يكون تحديد أقدمية أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي وفقاً لتاريخ المرسوم الصادر بتعيينهم وترقيتهم" وإلى حصول محمد عبد المنعم مصطفى على درجة وزير مفوض ثالثة في 10 من ديسمبر سنة 1948 أي قبل أن يحصل المدعى عليها. ولو أن المدعي كان قد بقى في وزارة الخارجية لما رقي قبل مصطفى. وانتهى قرار السيد نائب الوزير إلى قبول تظلم مصطفى وتعديل أقدميته في وظيفة وزير مفوض درجة أولى قبل رمزي. وقد أودعت وزارة الخارجية صورة من قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من نوفمبر سنة 1955 بترقية حسن محرم إلى درجة سفير وقد تضمنتها النشرة رقم (116) لسنة 1955 الصادرة من الوزارة في 4 من ديسمبر سنة 1955. كما أودعت الوزارة ملفات خدمة كل من المدعي والسيدين حسن محرم وعبد المنعم مصطفى.
وبجلسة 9 من يناير سنة 1958 حكمت محكمة القضاء الإداري "بإلغاء قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من نوفمبر سنة 1955 بالموافقة على الحركتين الدبلوماسية والقنصلية فيما تضمنه ذلك القرار من تخطي المدعي في الترقية إلى درجة سفير، مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة المصروفات". وأقامت المحكمة قضاءها على أن الحركة الدبلوماسية والقنصلية التي صدرت في 30 من نوفمبر سنة 1955 تضمنت ترقية حسن محرم إلى درجة سفير. والثابت أنه رقي إلى وظيفة وزير مفوض درجة أولى في 10 من إبريل سنة 1954 في حين أن المدعي أحمد رمزي رقي إلى هذه الوظيفة في 15 من فبراير سنة 1954. وأن ذلك كله قد تم في ظل أحكام القانون رقم 166 لسنة 1954 ومن مقتضاها تكون أقدمية كل منهما في تلك الوظيفة من تاريخ تعيينه فيها ومن ثم يكون المدعي أقدم في وظيفة وزير مفوض من الدرجة الأولى، من المطعون عليه. وجاء في أسباب هذا الحكم: "أن الوزارة لم تبن اختيارها للمطعون عليه للترقية إلى درجة سفير لكونه أكثر كفاية وجدارة لتولي هذا المنصب من المدعي وإنما لأنه الأقدم بعد ما أدخلته على أقدمية الوزراء المفوضين من الدرجة الأولى من تعديلات، وهذا هو الأمر المخالف للقانون ولحكم قضائي له حجيته. وأن وزارة الخارجية رأت أن الوزراء المفوضين من الدرجة الأولى جميعهم صالحون للترقية إلى درجة سفير فرقت حسن محرم باعتباره أقدمهم، أي أن الوزارة جعلت الأقدمية في هذه الحالة عنصراً مرجحاً للترقية فلا مناص إذن من أن المدعي هو الذي كان مستحقاً للترقية إلى درجة سفير في حركة 30 من نوفمبر سنة 1955 لأقدميته في درجة وزير مفوض درجة أولى على المطعون عليه. ومن ثم يكون القرار محل الطعن قد بني على سبب غير صحيح مما يجعله مشوباً بعيب مخالفة القانون وإساءة استعمال السلطة ويتعين لذلك إلغاؤه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى درجة سفير مع إلزام الحكومة المصروفات".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه لا شبهة في أن المدعي قد أصبح بمقتضى الحكم الصادر لصالحه في الدعوى رقم 947 لسنة 7 ق، خلافاً للواقع، أقدم من المطعون عليه. لا شبهة في ذلك بعد أن حاز هذا الحكم حجية الشيء المقضي فيه سواء فيما قضى به أو تعرض له من أسباب يعتبر المنطوق النتيجة اللازمة لها. على أن هذه الحجية لا يمكن أن تتعدى نطاق وظيفة الوزير المفوض من الدرجة الأولى، التي كانت محل الدعوى المقضي فيها. وبهذه المثابة يقع القرار الصادر من الوزارة في شأن تعديل الأقدميات في هذه الوظيفة بالذات، بوضع المطعون عليه حسن محرم قبل المدعي أحمد رمزي باطلاً لمخالفته لقاعدة حجية الشيء المقضي فيه. إلا أن هذه الحجية على ما سبق بيانه تنحصر فقط في هذه الوظيفة - وزير مفوض درجة أولى - فلا تتعداها إلى الوظيفة التالية وهي وظيفة سفير إلا إذا كانت الترقية إليها، أساسها الأقدمية. وعند ذلك فقط يمكن القول بأن الأقدمية التي تحددت بمقتضى الحكم المشار إليه، وباعتبار أنها تقوم عند الترقية إلى الوظيفة التالية مقام السبب فيها، هي مما لا يجوز قانوناً إثارة أي نزاع فيها. أما إذا كانت الترقية إلى الوظيفة التالية، هي من وظائف الاختيار كوظيفة سفير، التي تترخص الإدارة في شغلها بما لها من سلطة في هذا المجال، فإن عدم الاعتداد بالأقدمية في الترقية إليها، أياً كان السند القانوني لهذه الترقية، لا يعتبر مخالفة قانونية يصح أن تنهض سبباً لإلغاء القرار الصادر بها. وعليه فإن الإدارة إذا أدخلت في اعتبارها عند شغل الوظيفة المطعون عليها أن حسن محرم، خلافاً لما قضى به الحكم السابق، أقدم من المدعي في جميع وظائف الوزراء المفوضين، فرقته من دون المدعي مبتغية في ذلك تحقيق العدالة للجميع، والأوراق قد خلت من أية قرينة قد تفيد انحرافها عن هذا الغرض، فإن القرار الصادر منها في هذا الشأن يقع بذلك سليماً مما كان يتعين معه رفض الطعن فيه وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد خالف القانون واستوجب الطعن فيه بالإلغاء والقضاء برفض دعوى المدعي.
ومن حيث إنه على أثر صدور القرار بنقل المدعي من وزارة الخارجية في 19 من مارس سنة 1953 إلى وزارة المالية والاقتصاد بادر المدعي إلى إقامة الدعوى رقم 947 لسنة 7 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزارتي الخارجية والمالية والاقتصاد بعريضة أودعها سكرتايرية المحكمة في 30 من مارس سنة 1953 طالباً إلغاء المرسوم الصادر في 19 من مارس سنة 1953 بنقله مديراً لقسم البحوث في وزارة المالية، وما يترتب على إعادته لوزارة الخارجية من آثار وبصفة خاصة، ترقيته إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الأولى التي يستحق الترقية إليها لو لم يصدر مرسوم نقله إلى المالية في 19 من مارس سنة 1953. وفي جلسات المرافعة عدل المدعي طلباته إلى طلب الحكم:
أولاً - بإلغاء المرسوم الصادر في 19 من مارس سنة 1957 بنقله مديراً للبحوث في وزارة المالية والاقتصاد.
ثانيا - بإلغاء الأمر الجمهوري رقم 4 الصادر في 15 من فبراير سنة 1954 بندبه وزيراً مفوضاً من الدرجة الثانية، وكذلك بإلغاء المرسوم الصادر في 10 من إبريل سنة 1954 بتعيينه وزيراً مفوضاً من الدرجة الثانية، وذلك فيما تضمناه من جعل وظيفته وزيراً مفوضاً من الدرجة الثانية بدلاً من وظيفة وزير مفوض من الدرجة الأولى حسب أقدميته بين الوزراء المفوضين من الدرجة الأولى اعتباراً من 15 من فبراير سنة 1954.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري قد أصدرت في 15 من مايو سنة 1955 حكمها في الدعوى رقم 947 لسنة 7 ق "أولاً - باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لطلب إلغاء المرسوم الصادر في 19 من مارس سنة 1953 بنقل المدعي مديراً لقسم البحوث بوزارة المالية والاقتصاد. ثانياً - وبإلغاء الأمر الملكي رقم 25 لسنة 1953 الصادر في 2 من إبريل سنة 1953 فيما تضمنه من ترك المدعي في الترقية إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الثانية. ثالثاً - وبإلغاء الأمر الجمهوري رقم 4 لسنة 1954 الصادر في 15 من فبراير سنة 1954 فيما تضمنه من ترك المدعي في الترقية إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الأولى، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وأقامت المحكمة قضاءها هذا على أن مرسوم 19 من مارس سنة 1953 بنقل المدعي من الخارجية إلى المالية لم يكن مقصوداً منه سوى حرمان المدعي من الترقية التي كان مستحقاً لها في حركة الترقيات التي أجريت بوزارة الخارجية في 2 من إبريل سنة 1953 بعد نقله منها، وقد انطوى هذا المرسوم على جزاء تأديبي مقنع اتخذ بغير أداته القانونية فضلاً عن وقوعه مشوباً بعيب مخالفة القانون والانحراف بالسلطة. ولا اعتداد بالقول بأن نقل المدعي إلى وزارة المالية لم يفوت عليه دوره في الترقية بمقولة أن الترقية في الدرجات العليا لا تخضع للدور بالأقدمية وإنما هو أمر متروك لجهة الإدارة ولها وحدها تقديره، لا اعتداد بذلك، لأنه ولئن كانت الترقيات إلى وظائف الوزراء المفوضين تجري كلها بالاختيار للكفاية إلا أن للأقدمية مجالها في الاختيار كعنصر من عناصر المفاضلة والترجيح. فإذا كان صاحب الدور في الأقدمية هو من يصادفه تولي الاختيار في نطاق البحث وجب ألا يعدوه إلى من يليه إذا ما خلا ملفه من المآخذ إلا لمن هو ظاهر الامتياز من غير منازع. فالترقية بالاختيار إنما تتم على أساس من الجدارة مع مراعاة الأقدمية ومفاد ذلك أنه لا يجوز تخطي الأقدم إذا كان هو الأجدر أو يتساوى مع الأحدث. وفضلاً عن ذلك كله فإن نقل المدعي أحمد رمزي إلى وزارة المالية قد فوت عليه فرصة وضعه في قائمة من يجري الاختيار بينهم. ولو بقى في وزارة الخارجية لبقى اسمه في قائمة من يجري بينهم الاختيار ولو وقع عليه الاختيار في الأعم الأغلب، يؤيد ذلك أنه يبين من ملفات خدمته أنها قد خلت من أي مأخذ على كفايته ومقدرته على الاضطلاع بأعباء الوظائف التي شغلها في السلك السياسي والإداري، بل وجرى التنويه في أكثر من مناسبة بكفايته وامتيازه، الأمر الذي يقطع باستيفائه عناصر الترقية ومقوماتها واستحقاقه لها إذا ما التزمت الوزارة حدود القانون وأحسنت استعمال سلطتها، ومن أجل هذا يكون مرسوم 19 من مارس سنة 1953 الصادر بنقله إلى وزارة المالية قد فوت عليه فرصة الترقية إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الثانية في حركة الترقيات التي أجريت بوزارة الخارجية في 2 من إبريل سنة 1953 بالأمر الملكي رقم 25 وقد شملت هذه الحركة ترقية سبعة من زملاء المدعي إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الثانية كانوا وزراء مفوضين من الدرجة الثالثة. ومن ثم يكون من المؤكد أن المدعي لو بقى بوزارة الخارجية ولم ينقل بمرسوم 19 من مارس سنة 1953 لكان قد رقى في الأمر الملكي رقم 25 خصوصاً وأن ترتيبه بين الوزراء المفوضين من الدرجة الثالثة كان الثاني باعتراف الحكومة نفسها. ولا شك في أن الأمر الملكي المذكور إذ صدر بتعيين (حسن محرم وأمين رستم وعبد المنعم مصطفى وعلي شوقي وألبير منصور وحسن إسماعيل وعلي مرعي) إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الثانية متخطياً المدعي في هذه الدرجة يكون قد شابه عيب إساءة استعمال السلطة ويتعين إلغاؤه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى هذه الدرجة. وجاء في أسباب هذا الحكم أيضاً "أنه في 15 من فبراير سنة 1954 صدر الأمر الجمهوري رقم 4 لسنة 1954 بإجراء حركة ترقيات بين الوزراء المفوضين من الدرجة الثانية تضمنت ترقية بعضهم إلى درجة وزير مفوض من الدرجة الأولى (أمين رستم) وندب آخرين إلى نفس الدرجة وهم: حسن محرم وعبد المنعم مصطفى وعلي شوقي وألبير منصور وكلهم ممن كانوا يلون المدعي في أقدمية الوزراء المفوضين من الدرجة الثالثة وبالتالي في أقدمية الوزراء المفوضين من الدرجة الثانية. وقد تضمن هذا الأمر ندب المدعي إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الثانية. ثم صدر في 10 من إبريل سنة 1954 مرسوم جديد بتعيينات بوزارة الخارجية عين بمقتضاه الوزراء المفوضون من الدرجة الثانية الذين كانوا قد انتدبوا لوظيفة وزراء مفوضين من الدرجة الأولى بالأمر الجمهوري رقم 4 لسنة 1954 وزراء مفوضين من الدرجة الأولى، وذلك في حين أن المدعي قد عين في نفس هذا المرسوم الصادر في 10 من إبريل سنة 1954 وزيراً مفوضاً من الدرجة الثانية بلقب سفير، وقد كان منتدباً إليها في الأمر الجمهوري رقم 4 لسنة 1954. وظاهر من ذلك أن المدعي لو كان قد استمر بوزارة الخارجية لشملته الترقية إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الأولى كزملائه.
ومن أجل هذا ترى المحكمة أن الأمر الجمهوري رقم 4 الصادر في 15 من فبراير سنة 1954 جدير بالإلغاء فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الأولى. ومتى كان الأمر كذلك فلا مصلحة للمدعي في إلغاء المرسوم الصادر في 10 من إبريل سنة 1954".
ومن حيث إن مقتضى التنفيذ الصحيح للحكم المتقدم، في ضوء الأسباب التي قام عليها، وجوب التزام الوضع الذي رسمه هذا الحكم لوزارة الخارجية في شأن رد أقدمية المدعي بالنسبة لأقرانه الذين شملتهم بالترقية القرارات التي تظلم منها المدعي ثم طعن فيها أمام محكمة القضاء الإداري لمخالفتها لأحكام القانون ونص عليها ما أصابها من عيب الانحراف. وإذ قضى الحكم بإلغاء الأمر الملكي رقم 25 لسنة 1953 الصادر في 2 من إبريل سنة 1953 فيما تضمنه من ترك المدعي في الترقية إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الثانية، فيكون مفاد ذلك التزام الوزارة باعتبار المدعي مرقى إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الثانية من تاريخ صدور حركة ترقيات الوزراء المفوضين من الدرجة الثالثة إلى وزراء مفوضين من الدرجة الثانية أي من يوم 2 من إبريل سنة 1953. وإذ قضى الحكم كذلك بإلغاء الأمر الجمهوري رقم 4 لسنة 1954 فيما تضمنه من ترك المدعي في الترقية إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الأولى وما يترتب على ذلك من آثار، فيكون مفاد ذلك التزام الوزارة باعتبار المدعي مرقى إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الأولى من يوم 15 من فبراير سنة 1954. وإذ كان الثابت من الأوراق أن الوزارة بادرت، في أول الأمر، إلى تنفيذ هذا الحكم تنفيذاً صحيحاً يتفق مع ما جاء بمنطوقة وأسبابه فأصدرت في 14 من أغسطس سنة 1955 النشرة رقم 65 لسنة 1955 متضمنة القرار الوزاري رقم 1026 باعتبار أقدمية أحمد رمزي مرقى إلى وظيفة وزير مفوض من الدرجة الأولى من 15 من فبراير سنة 1954 وإرجاع أقدميته في وظيفة وزير مفوض من الدرجة الثانية إلى 2 من إبريل سنة 1953. وأشتمل هذا القرار بالفعل على ترتيب أقدمية السادة الوزراء المفوضين من الدرجة الأولى 1500 ج سنوياً، بما يتفق تماماً ومنطوق الحكم وأسبابه، فجاء ذكر اسم المدعي أحمد رمزي على رأس قائمة الوزراء المفوضين درجة أولى ووظيفته وزير مفوض ببروكسل بلقب سفير، وأقدميته في هذه الوظيفة 15 من فبراير سنة 1954 ثم جاء من بعده اسم حسن محرم رقم 2 وزير مفوض بالوزارة وأقدميته في هذه الوظيفة 10 من إبريل سنة 1954 ولا يتمتع بلقب سفير ثم بعدهما محمد عبد المنعم مصطفى رقم 3 وزير مفوض بالوزارة وتاريخ أقدميته في هذه الوظيفة من 10 من إبريل سنة 1954 وجاء من بعدهم في كشف هذا القرار السادة علي شوقي وألبير منصور وحسن إسماعيل وعلي فوزي من وزراء الدرجة الأولى كل بحسب ترتيب أقدميته بالنسبة لأقرانه.
ومن حيث إن وزارة الخارجية لم تثبت على هذا القرار - وإنما سارعت على أثر تلقيها التظلمين المقدمين إليها من السيدين حسن محرم ومحمد عبد المنعم مصطفى في 4 من سبتمبر سنة 1955 وفي 7 منه على التوالي، إلى تعديل الأقدميات التي سبق لها أن أقامتها بما يتفق وحكم القضاء الإداري من منطوق وأسباب، فغيرت أقدمياتهم على خلاف ما صرحت به أسباب الحكم المذكور وأقامت عليه النتيجة التي انتهى إليها فرفعت اسم السيد/ حسن محرم إلى رأس القائمة بدلاً من المدعي واتخذت من ذلك سنداً لترقيته إلى درجة سفير في مرسوم 30 من نوفمبر سنة 1955 تأسيساً على أنه الأقدم في كشف الوزراء المفوضين من الدرجة الأولى، مع التسليم منها بألا مطعن على كفاية أي منهما، بينما الثابت أن المدعي أحمد رمزي هو الأقدم في هذه الوظيفة من حسن محرم بمقتضى حكم نهائي لا يجوز المساس به.
ومن حيث إن الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة لما فصلت فيه بحيث لا تجوز المجادلة في الحجية متى اتحد الخصوم والموضوع والسبب، بل يعتبر الحكم عنوان الحقيقة فيما قضى. والذي يحوز الحجية من الحكم هو منطوقة وكذا الأسباب الجوهرية المكملة له. فقد يحدث أن تحتوي أسباب الحكم على قضاء يكمل ما ورد بالمنطوق ويرتبط مع ارتباطاً وثيقاً بحيث لا يمكن فصله عنه، وهذا النوع من الأسباب يكتسب حجية الأمر المقضي. فإذا لم يشتمل الحكم في منطوقة على القضاء بترتيب أقدمية المدعي بالنسبة لأقرانه، ولكن الأسباب تناولت البحث في هذه الأقدميات وترتيبها وبنت على ذلك النتيجة التي انتهت إليها في المنطوق حازت هذه الأسباب حجية الأمر المقضي كذلك.
ومن حيث إنه قد بان من مراجعة أسباب الحكم الصادر في الدعوى رقم 947 لسنة 7 ق بجلسة 15 من مايو سنة 1955 أنه قام في إلغاء قرارات ترك المدعي في الترقيات على أنه كان يسبق من شملتهم الترقية فيكون أولى بها منهم جميعاً. وليس من شك في أن الحكم يكون قد حاز قوة الأمر المقضي لا بالنسبة إلى النتيجة التي انتهى إليها فحسب بل بالنسبة إلى ما قرره من أن المدعي أسبقهم جميعاً في ترتيب الأقدمية بحيث يعتبر الحكم في هذا الشأن عنواناً للحقيقة فيما قضى به، ولا يجوز العود بعد ذلك للمجادلة فيه.
ومن حيث إن ما يستند إليه الطعن من أن هذه الدرجات التي تخطت فيها القرارات المطعون فيها المدعي، هي درجات اختيار، غير منتج في خصوصية هذه المنازعة، ما دام من المسلم أن كفاية المدعي لم تكن محل مجادلة ولم تكن المفاضلة بين المرشحين هي أساس الحركات المطعون عليها بل كان ترتيب الأقدمية بينهم هو المعول عليه بافتراض أنهم من ناحية الكفاية صالحون جميعاً. وقد اقتصر دفاع الوزارة على أنها جعلت الأقدمية وحدها مناط الترقية إلى وظيفة سفير في المرسوم محل الطعن.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم، يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه، ويكون الطعن فيه على غير أساس من القانون متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.