أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 782

جلسة 13 من يونيه سنة 1977

برياسة السيد المستشار/ حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: قصدي اسكندر عزت، ومحمد صفوت القاضي، وسيد مصري شرعان، ومحمد عبد الحميد صادق.

(163)
الطعن رقم 505 لسنة 47 القضائية

أسباب الإباحة وموانع العقاب. "موانع العقاب". نيابة عامة. مستشار الإحالة. مسئولية جنائية. دفوع. "الدفع بتصنع الجنون". إثبات. "خبرة" إجراءات. "إجراءات التحقيق" دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. "ما يوفره". نقض . حالات الطعن.
متى يكون الدفع بتصنع المتهم الجنون. وبقصور التقرير الطبي. جوهرياً؟
متى كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات مستشار الإحالة والمفردات المضمومة أن المدافع عن الطاعنين قد نازع في تقرير دار الاستشفاء للصحة النفسية بانعدام مسئولية المطعون ضده عن الأفعال المسندة إليه، على أساس أن المطعون ضده يتصنع الجنون وأنه يدرس الطب ويعلم الكثير عن الفحص الطبي العقلي والنفسي وذلك بدليل انساق إجاباته في محاضر التحقيق وتمسكه الدائم والمستمر بأنه كان في حالة دفاع شرعي، الأمر الذي لم يفطن إليه واضع التقرير، وأنه فضلاً عن ذلك فإن مدونات التقرير جاءت متناقضة وقاصرة، إذ بينما يعول محرره على أقوال المطعون ضده التي سمعها منه بشأن ظروفه الأسرية والاجتماعية والدراسية والتي جاءت منسقة وتدل على الذكاء فقد انتهى إلى انعدام مسئوليته، كما أن التقرير لم يبين كيفية فحص المطعون ضده ومراقبته فلم يوضح عدد المرات التي تم فيها ذلك الفحص وتلك المراقبة والأسلوب الذي اتبع في هذا الشأن، وانتهى المدافع عن الطاعنين إلى طلب ندب خبراء آخرين لفحص المطعون ضده. لما كان ذلك، وكان أمر رئيس النيابة – مؤيداً لأسبابه بالأمر المطعون فيه – قد أسس على دعامة واحد هي تقرير دار الاستشفاء للصحة النفسية، وكان الدفع بتصنع المطعون ضده الجنون وبقصور التقرير المذكور يعد دفاعاً جوهرياً في خصوص الدعوى المطروحة لتعلقه بتحقيق مسئوليته عن الحادث، فإن القرار المطعون فيه إذ لم يفطن إلى هذا الدفاع ويعطيه حقه ويعنى بتحقيقه بل سكت عنه إيراداً له ورداً عليه، يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة، وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه بدائرة قسم ثان أسيوط قتل........ عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية على قتله وأعد لذلك سكيناً وترصد له في المكان الذي أيقن سلفاً حضوره إليه وما أن ظفر به حتى انهال عليه طعناً بالسكين في صدره وبطنه وساعده الأيمن قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجانية أخرى هي أنه في الزمان والمكان سالف الذكر شرع في قتل........ عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية على قتلها وأعد لذلك سكيناً وتربص لها في المكان الذي أيقن سلفاً حضورها إليه وما أن ظفر بها حتى انهال عليها طعناً بالسكين في الصدر والبطن قاصداً من ذلك قتلها فخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليها بالعلاج. وادعت الطاعنتان قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت وإذ عرض المتهم على دار الاستشفاء للصحة النفسية بالعباسية ورد تقريرها متضمناً أن المتهم يعاني من الاضطراب العقلي "الفصام النشيط" وأنه لا يعي ما يقول ويفعل ويعتبر غير مسئول عن أعماله في الحادث المنسوب إليه في هذه القضية وأن حالته تتطلب الرعاية والعلاج داخل مستشفى الأمراض العقلية. ونيابة أسيوط أقرت في تاريخ 17 فبراير سنة 1976 بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المتهم لامتناع العقاب وبحجزه في إحدى المحلات المعدة للأمراض العقلية إلى أن تأمر الجهات المختصة بإخلاء سبيله. فاستأنف المدعي بالحق المدني هذا الأمر، ومحكمة أسيوط الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت في الدعوى غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت المدعية بالحق المدني الأولى والأستاذ......... المحامي عن الأستاذ........ المحامي عن المدعية الثانية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان – المدعيان بالحقوق المدنية – على أمر مستشار الإحالة المطعون فيه أنه إذ قضى بتأييد أمر رئيس النيابة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى قبل المطعون ضده لامتناع العقاب، قد شابه قصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن دفاع الطاعنين قام على المنازعة في تقرير دار الاستشفاء للصحة النفسية الذي أسست عليه النيابة العامة أمرها المطعون فيه، بيد أنه على الرغم من ذلك ومع جوهرية دفاع الطاعنين فقد التفت الأمر المطعون فيه عن هذا الدفاع ولم يعن بتحقيقه وسكت عنه إيراداً له ورداً عليه مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن البين من الاطلاع على محاضر جلسات مستشار الإحالة والمفردات المضمومة أن المدافع عن الطاعنين قد نازع في تقرير دار الاستشفاء للصحة النفسية بانعدام مسئولية المطعون ضده عن الأفعال المسندة إليه، على أساس أن المطعون ضده يتصنع الجنون وأنه يدرس الطب ويعلم الكثير عن الفحص الطبي العقلي والنفسي وذلك بدليل اتساق إجاباته في محاضر التحقيق وتمسكه الدائم والمستمر بأنه كان في حالة دفاع شرعي، الأمر الذي لم يفطن إليه واضع التقرير، وأنه فضلاً عن ذلك فإن مدونات التقرير جاءت تناقضه وقاصرة، إذ بينما يعول محرره على أقوال المطعون ضده التي سمعها منه بشأن ظروفه الأسرية والاجتماعية والدراسية والتي جاءت منسقه وتدل على الذكاء فقد انتهى إلى انعدام مسئوليته، كما أن التقرير لم يبين كيفية فحص المطعون ضده ومراقبته، فلم يوضح عدد المرات التي تم فيها ذلك الفصح وتلك المراقبة والأسلوب الذي اتبع في هذا الشأن، وانتهى المدافع عن الطاعنين إلى طلب ندب خبراء آخرين لفحص المطعون ضده. لما كان ذلك، وكان أمر رئيس النيابة – مؤيداً لأسبابه بالأمر المطعون فيه – قد أسس على دعامة واحدة هي تقرير دار الاستشفاء للصحة النفسية -، وكان الدفع بتصنع المطعون ضده الجنون وبقصور التقرير المذكور يعد دفاعاً جوهرياً في خصوص الدعوى المطروحة لتعلقه بتحقيق مسئوليته عن الحادث، فإن القرار المطعون فيه إذ لم يفطن إلى هذا الدفاع ويقسطه حقه ويعنى بتحقيقه بل سكت عنه إيراداً له ورداً عليه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة، وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.