أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون – صـ 786

جلسة 20 من يونيه سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إسماعيل محمود حفيظ، ومحمد صفوت القاضي، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد علي بليغ.

(164)
الطعن رقم277لسنة 47 القضائية

(1) سب وقذف. عقوبة. "تطبيقها". "عقوبة مبررة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". وصف التهمة. محكمة استئنافية. "الإجراءات أمامها".
النعي على المحكمة قعودها عن تنبيه الطاعن بإضافتها المادة 185 عقوبات. لا يعيب الحكم. طالما كان يعلم بحصول هذا التعديل قبل نظر الاستئناف وكانت العقوبة تدخل في نطاق العقوبة المقررة للجريمة المنصوص عليها في المادة 306 عقوبات. التي ثبتت في حقه.
(2) محضر الجلسة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالرد إلا على الدفع الذي يبدى صراحة أمامها. دون المرسل من القول.
(3) محكمة الموضوع. "نظرها الدعوى والفصل فيها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالرد على الدفاع القانوني الظاهر البطلان.
(4) سب وقذف. أسباب الإباحة. "استعمال حق مقرر بمقتضى القانون". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير قيام حالة الارتباط". ارتباط. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا محل لإعمال موجب الإباحة المقررة بالفقرة الثانية من المادة 302 عقوبات على المتهم وفق المادة 185 عقوبات. إلا عند وجود ارتباط بين السب وجريمة قذف. ارتكبها ذات المتهم ضد نفس من وقعت عليه جريمة السب.
(5) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير الدليل. سب. دعوى مدنية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قضاء المحكمة الجنائية يكون بناء على اقتناعها. عدم التزامها بدليل معين إلا إذا قيدها القانون به.
إثبات السب. ليس له طريق خاص.
1- لما كان الطاعن لا يجادل في أن ما حصله الحكم من طلب تطبيق المادتين 185، 306 عقوبات نقلاً عن عريضة الدعوى له أصله الصحيح فيها، فإن النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع – بقالة تعديل مادة الاتهام بإضافة المادة 185 عقوبات دون تنبيه الطاعن أو المدافع عنه - يكون غير صحيح – ومع ذلك فإنه بفرض حصول هذا التعديل في الحكم الابتدائي فإن ذلك لا يعيب الحكم المطعون فيه ما دام الطاعن قد علم بحصوله وكان يتعين عليه أن يترافع أمام المحكمة الاستئنافية على أساسه. ولما كانت العقوبة التي أعملها الحكم المطعون فيه تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة سب شخص مكلف بخدمة عامة وهو الوصف القانوني الصحيح لما أثبته الحكم في حق الطاعن والذي يتعين إدانته به عملاً بالمادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض – بغير حاجة إلى نقض الحكم المطعون فيه – فإنه لا جدوى للطاعن فيما ينعاه على الحكم من وصف واقعة الدعوى المطروحة بأنها قذف.
2- إن الدفع الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه هو الدفع الذي يبدى صراحة أمامها دون غيره من القول المرسل، - لما كان ذلك – وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة إن الطاعن لم يتمسك بموجب الإباحة المقررة في المادة 302 من قانون العقوبات، فليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يبد أمامها.
3- من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بالرد على الدفاع القانوني الظاهر البطلان.
4- إدانة الطاعن بالجريمة المنصوص عليها في المادتين 185، 306 من قانون العقوبات، لا محل معه لإعمال موجب الإباحة المقررة بالفقرة الثانية من المادة 302 عقوبات ذلك أن محل تطبيقه طبقاً للمادة 185 عقوبات أن يوجد ارتباط بين السب وجريمة قذف ارتكبها ذات المتهم ضد نفس من وقعت عليه جريمة السب وهو ما لم يتحقق في صورة الدعوى المطروحة.
5- من المقرر أن العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه وله أن يأخذ بأي دليل يرتاح إليه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، لما كان ذلك وكان إثبات السب ليس له طريق خاص والعبرة فيه بما تطمئن إليه المحكمة من الأدلة السائغة ومتى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما جاء على لسان المدعي بالحقوق المدنية في صحيفة دعواه في شأن تحديد ألفاظ السب فلا تجوز مجادلتها أو مصادرتها أمام محكمة النقض.


الوقائع

أقام المدعي بالحق المدني دعواه بالطريق المباشر ضد الطاعن بأنه وجه إليه ألفاظ السب العلني المبينة بعريضة الدعوى وطلب عقابه بالمادتين 185 و306 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع له مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة إيتاي البارود الجزئية قضت في الدعوى حضورياً عملاً بمادتي الاتهام (أولاً) في الدعوى الجنائية بتغريم المتهم مبلغ عشرين جنيهاً. (ثانياً) في الدعوى المدنية بإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنف المحكوم عليه الحكم، ومحكمة دمنهور الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت في الدعوى حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فطعن الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة سب شخص مكلف بخدمة عامة قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وفساد في الاستدلال وقصور في التسبيب، ذلك بأن الطاعن قدم للمحاكمة بتهمة سب المدعي بالحقوق المدنية المعاقب عليها بالمادة 306 عقوبات إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه انتهى إلى اعتبار الواقعة قذف وقضى بمعاقبة الطاعن بالمادتين 306 و403 عقوبات بالإضافة إلى المادة 185 عقوبات دون أن تعنى المحكمة بتنبيهه إلى هذا التعديل. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه اكتفى بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه دون أن يعرض لدفاع الطاعن بتوافر موجب الإباحة المقرر بالفقرة الثانية من المادة 101 عقوبات أو يلتفت للمستندات المقدمة منه للمحكمة الاستئنافية تأييداً لهذا الدفاع. كما أن الحكم قد عول على عبارة السب الواردة بعريضة الدعوى المباشرة دون تلك التي وردت بتحقيقات الشرطة التي استند إليها في قضائه.
وحيث إن البين من الاطلاع على الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن المدعي بالحقوق المدنية أقام الدعوى المباشرة ضد الطاعن بوصف أنه سبه بالعبارة المبينة بعريضة الدعوى وأنه طلب في تلك العريضة عقابه بالمادتين 185 و306 من قانون العقوبات، اللتين دانه الحكم بموجبهما، ولما كان الطاعن لا يجادل في أن ما حصله الحكم في هذا الشأن نقلاً عن عريضة الدعوى له أصله الصحيح فيها، فإن النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع – بقاله تعديل مادة الاتهام بإضافة المادة 185 عقوبات دون تنبيه الطاعن أو المدافع عنه – يكون غير صحيح، ومع ذلك فإنه بفرض حصول هذا التعديل في الحكم الابتدائي فإن ذلك لا يعيب الحكم المطعون فيه، ما دام الطاعن قد علم بحصوله وكان يتعين عليه أن يترافع أمام المحكمة الاستئنافية على أساسه – ولما كانت العقوبة التي أعملها الحكم المطعون فيه تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة سب شخص مكلف بخدمة عامة وهو الوصف القانوني الصحيح لما أثبته الحكم في حق الطاعن والذي يتعين إدانته به عملاً بالمادة 10 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات و إجراءات الطعن أمام محكمة النقض – بغير حاجة إلى نقض الحكم المطعون فيه – فإنه لا جدوى للطاعن مما ينعاه على الحكم من وصف واقعة الدعوى المطروحة بأنها قذف. لما كان ذلك، وكان الدفع الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه هو الدفع الذي يبدى صراحة أمامها دون غيره من القول المرسل، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يتمسك بموجب الإباحة المقررة في المادة 302 من قانون العقوبات، فليس له أن ينعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يبد أمامها. هذا بالإضافة إلى أن هذا الدفاع ظاهر البطلان لا تلتزم المحكمة بالرد عليه، إذ أنه وقد دين الطاعن بالجريمة المنصوص عليها في المادتين 185 و306 من قانون العقوبات، فإنه لا محل لإعمال موجب الإباحة المقررة بالفقرة الثانية من المادة 302 عقوبات ذلك أن محل تطبيقه – طبقاً للمادة 185 عقوبات – أن يوجد ارتباط بين السب وجريمة قذف ارتكبها ذات المتهم ضد نفس من وقعت عليه جريمة السب وهو ما لم يتحقق في صورة الدعوى المطروحة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه فله أن يأخذ بأي دليل يرتاح إليه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وكان إثبات السب ليس له طريق خاص والعبرة فيه بما تطمئن إليه المحكمة من الأدلة السائغة ومتى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما جاء على لسان المدعي بالحقوق المدنية في صحيفة دعواه في شأن تحديد ألفاظ السب، فلا تجوز مجادلتها في ذلك أو مصادرتها أمام محكمة النقض. هذا فضلاً عن أن الألفاظ التي أوردها الطاعن في أسباب طعنه على أنها هي الألفاظ التي جرت على لسان المدعي بالحقوق المدنية في محضر الشرطة، توفر جريمة السب التي دين بها الطاعن ومن ثم فإن منعاه في هذا الصدد يكون غير مقبول.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة.