أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 617

جلسة 19 من أبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وأنور خلف، ومحمود عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(147)
الطعن رقم 429 لسنة 40 القضائية

(أ، ب، ج) رشوة. جريمة "أركانها". تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره". موظفون عموميون. عمل. عقد. تأميم. شركات عامة. إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
( أ ) اعتبار العاملين بالشركات المؤممة. في حكم الموظفين أو المستخدمين العامين. في تطبيق جرائم الباب الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات. المادتان 111/ 6 و119 عقوبات.
قيام علاقة العمل. بتوافر عنصري التبعية والأجر.
ارتباط المتهم بعلاقة عمل في شركة من الشركات المنصوص عليها في المادة 111/ 6 عقوبات. اعتباره في حكم الموظفين العامين. في تطبيق أحكام الرشوة. سواء كان عقده محدد المدة أم غير محددها.
(ب) كفاية كون الموظف أو من في حكمه له نصيب من الاختصاص يسمح بتنفيذ الغرض من الرشوة.
(ج) طلب الرشوة. يتحقق به قيام جريمة الرشوة.
تسلم الرشوة. واقعة لاحقة لطلبها. الإذن الصادر بضبط المرتشي عند تسلم الرشوة. هو عن جريمة وقعت من مقترفها. لا عن جريمة مستقبلة.
(د، هـ، و) إجراءات. تحقيق. بطلان. "بطلان الإجراءات". دفوع. "الدفع ببطلان إجراءات التحقيق". رقابة إدارية. تفتيش. "إذن التفتيش. تنفيذه". تحقيق. تلبس. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(د) نطاق المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية؟
عدم التزام المحكمة بالرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان.
(هـ) عدم جواز إثارة أمر بطلان التسجيل الصوتي لأول مرة أمام النقض. أساس ذلك؟
(و) كون عضو الرقابة المصاحب للمأذون له بالتفتيش. قد اختير بمعرفة رئيسه. لا يعيب الإجراءات. الاختيار أمر تنظيمي. لا خروج فيه على مضمون الإذن بالتفتيش.
1 - رأى المشرع اعتبار العاملين بالشركات المؤممة، في حكم الموظفين أو المستخدمين العامين في تطبيق الجرائم الواردة بالبابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات - ومن بينها الرشوة - حين أضاف بالقانون رقم 120 لسنة 1962 إلى المادة 111 من قانون العقوبات فقرة مستحدثة نصت على أنه يعد في حكم الموظفين العموميين في تطبيق الجرائم المشار إليها، مستخدمو الشركات التي تساهم الدولة في رأس مالها بنصيب ما بأية صفة كانت. وإذ كان ما تقدم، وكانت العلاقة القانونية التي ربطت بين الطاعن وشركة أتوبيس شرق الدلتا فيما أورده الحكم من شروطها، هي علاقة عمل لتوافر خصيصتي التبعية والأجر اللتين تميزان عقد العمل، فإنه يكون في حكم الموظفين العامين في مجال جريمة الرشوة، يستوي في هذا الخصوص أن يكون عقد العمل محدد المدة أو غير محددها.
2 لا يشترط في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفي أن يكون له نصيب فيها يسمح بتنفيذ الغرض منها، وأن يكون من عرض الرشوة قد اتجر معه على هذا الأساس.
3 - متى كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن طلب الرشوة حوالي يوم 17 فبراير سنة 1967 وهو ما تتوافر به أركان جريمة طلب الرشوة وكانت الإجراءات التالية بما فيها إذن التفتيش تهدف إلى القبض على الطاعن وهو يتسلم الرشوة، وهي واقعة لاحقة لطلب الرشوة، فإن القول بأن الإذن بالتفتيش قد صدر عن جريمة رشوة مستقبلة، يكون بعيداً عن محجة الصواب.
4 - مفاد نص المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية أن المشرع تطلب ضمانة خاصة لكل متهم بجناية، هي وجوب دعوة محاميه إن وجد، لحضور الاستجواب أو المواجهة، فيما عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، وذلك تطميناً للمتهم وصوناً لحرية الدفاع عن نفسه، وللتمكن من دعوة محامي المتهم تحقيقاً لهذه الضمانة العامة، يجب على المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن، أو أن يتولى محاميه هذا الإقرار أو الإعلان. وإذ كان ذلك، وكان الطاعن لم يعلن اسم محاميه، فإن الدفع ببطلان استجوابه يكون غير مقبول، ويكفي في الرد عليه قول الحكم بأنه ليس فيما اتخذته النيابة العامة من إجراءات في الدعوى ما يشكل بطلاناً مما يشير إليه المتهم، لأن المحكمة لا تلتزم بالرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان.
5 - من المقرر أن الدفع ببطلان إجراء من الإجراءات السابقة على المحاكمة، لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. وإذ كان ذلك، وكان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان التسجيلين الصوتيين اللذين عول عليهما ضمن ما عول عليه في إدانة الطاعن، فإنه لا يقبل منه أن يثير أمر بطلانهما أمام محكمة النقض.
6 - لا يعيب الإجراءات أن يكون عضو الرقابة الذي صاحب المأذون بالتفتيش قد اختاره رئيسهما، لأن ذلك تنظيم إداري يجرى وفقاً لظروف العمل في الإدارة ولا يعد خروجاً على ما تضمنه الإذن بأنه صدر للمأذون له ومن يرى مصاحبتهم من السادة أعضاء الرقابة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في الفترة من منتصف فبراير إلى 13 أبريل سنة 1967 بدائرة قسم قصر النيل محافظة القاهرة بصفته موظفاً عمومياً (المستشار المهندس لشركة النيل العامة لأتوبيس شرق الدلتا المملوكة للدولة) طلب لنفسه وأخذ عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته وذلك بأن طلب من إسكندر داود متى مبلغ 500 ج وأخذ منها ثلاثمائة جنيه (300 ج) على سبيل الرشوة مقابل تسهيل صرف مستحقاته لدى الشركة عن عقد مقاولة ارتبط به معها. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام فقرر بذلك ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 103 و111/ 6 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ألف جنيه. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة طلب وأخذ رشوة جاء مشوباً بالخطأ في القانون وفي الإسناد والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ذلك بأن الطاعن دفع التهمة بأنه ليس موظفاً عاماً ولا هو في حكم الموظف العام فهو معين في الشركة بعقد محدد المدة وغير قابل للتجديد، فضلاً عن أنه غير مختص بصرف مستحقات المجني عليه. غير أن الحكم اعتبره من مستخدمي الشركة وهو خطأ في تطبيق القانون. كما أنه دفع ببطلان مراقبة تليفونه وببطلان إذن النيابة الصادر بضبطه وتفتيشه لاستناده إلى هذه المراقبة التي تمت بالمخالفة لأحكام القانون، ولأن الإذن بالتفتيش صدر عن جريمة مستقبلة، وقد رفض الحكم هذه الدفوع بأسباب غير سائغة كما أنه دفع بأن من قام بضبط الطاعن لم يتم اختياره بمعرفة المأذون بالتفتيش مما يترتب عليه بطلان القبض والتفتيش، وقد استند الحكم في الرد على هذا الدفع إلى ما ليس له أصل في الأوراق، ثم إن الحكم خلا من الرد على الدفع ببطلان استجواب النيابة للطاعن لعدم حضور محام معه، كما عول الحكم في إدانة الطاعن على تسجلين صوتيين له لم تستأذن النيابة في إجرائهما.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد حصل علاقة الطاعن بالشركة وبين اختصاصاته في قوله "ويبين من الاطلاع على عقد الاتفاق الذي بمقتضاه التحق المتهم للعمل بشركة النيل العامة لأتوبيس شرق الدلتا أنه مؤرخ 1/ 9/ 1966" بين رئيس مجلس إدارة الشركة المذكورة كطرف أول وبين المتهم المهندس...... (كطرف ثان) ونص في البند الأول منه على تعهد الطرف الثاني بتنظيم الأعمال المعمارية الخاصة بالورش والجراجات والمخازن والمحطات ونص في البند الثاني منه على أن (الطرف الثاني) ملزم بالمرور على كافة مواقع العمل في فترات دورية وحسب طبيعة العمل لمراقبة ومتابعة تنفيذ الأعمال المعمارية والإنشائية بطريقة تضمن سلامة التنفيذ وانتظام وسرعة إنجازه، وعليه تقديم اقتراحاته من واقع ملاحظاته ومتابعته لهذه الأعمال. ونص في البند الثالث في العقد على أن يتعهد الطرف الثاني بعرض نتيجة الأعمال شهرياً على الطرف الأول المنجز منها مع تحديد المدة اللازمة للإنشاء عن كل عملية مع عرض العقبات التي تواجه التنفيذ. ونص في البندين الرابع والخامس من العقد على اختصاص المتهم بتكليف المكاتب الهندسية الخاصة بتجهيز الرسومات والمشروعات اللازمة للشركة وتحضير البيانات الخاصة بالإنشاءات التي تطلبها الشركة أو المؤسسة ومسئوليته عن كل خلل يترتب على مباشرة التنفيذ بالنسبة للإنشاءات الجديدة، أما بالنسبة للأعمال الجاري تنفيذها حالياً والمتعاقد عليها فإن الطرف الثاني (أي المتهم) يتعهد بمباشرة تنفيذها مع المقاولين واقتراح توقيع الغرامات المناسبة وكذا إنهاء التعاقد في حالة الإخلال أو التأخير في التنفيذ بالطرق القانونية بعد موافقة الطرف الأول ونص في البند السادس على أجر المتهم بأنه مبلغ 500 ج تدفع على أقساط شهرية بواقع 50 ج اعتباراً من 1/ 9/ 1966 والدفع في نهاية كل شهر. ونص في البند السابع على مزايا أخرى كبدل السفر بواقع 2 ج عن كل ليلة يبيتها خارج القاهرة ونص في البند العاشر على أن هذا العقد غير قابل للتجديد وينتهي بانتهاء مدته في 30/ 6/ 1967 وقد شهد السيد/ إبراهيم ناجي محمد (عضو مجلس إدارة الشركة للشئون الفنية) في محضر تحقيق النيابة العامة في شأن إيضاح بعض جوانب اختصاصات المتهم أنه يدخل في عملية الإشراف الفني على جميع الأعمال الإنشائية للشركة في لجنة استلام المنشئات التي تنتهي الأعمال فيها، وعمل مستخلصات للأعمال الجارية لصرف ما يستحقه المقاول. ولما سئل في محضر تحقيق النيابة العامة عما إذا كان للمتهم شأن في استلام أعمال المقاول إسكندر داود متى، أجاب بالإيجاب موضحاً أنه سيكون عضواً في اللجنة مع آخرين وقد شهد السيد/ حسن مراد لطفي (رئيس مجلس إدارة المؤسسة) في هذا المقام بأن المتهم له بحكم اختصاصه دور في صرف مبلغ تحت الحساب للمقاول إسكندر داود متى، ولما سئل عما إذا كان في إمكان المتهم تعطيل الصرف أجاب بما نصه: (باعتباره فني ممكن ما يقرش صرف المبلغ لأي سبب فني. لكن المدير لما يشعر بتعطيل متعمد بناء على شكوى من المقاول ممكن أنه يعتمد الصرف) ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن ورد عليه بقوله: "وفيما يتعلق بالوجه السابع من وجوه دفاع المتهم فإن العلاقة التي تربطه بالشركة وهي من الشركات التي تساهم فيها الدولة، تجعله من مستخدميها المنصوص عليهم في الفقرة السادسة من المادة 111 عقوبات وفق ما يتضح من مطالعة نصوص العقد المبرم بين المتهم والشركة والسابق الإشارة إليه فيما تقدم من أسباب ويبقى بعد ذلك ما أثاره المتهم في الوجه الثامن من أوجه دفاعه وهو بدوره مردود عليه بأنه لا يلزم قانوناً لاعتبار الموظف مختصاً بالعمل أن ينفرد بكل مراحله وحده، بل يكفي أن يكون له دور فيه أو علاقة أو نصيب يسمح بتحقيق الغرض من الرشوة ولو كان دوره خاضعاً لاعتماد سلطة أعلى أو خاضعاً للرقابة والتمحيص. وقد سبق أن أوضحنا فيما تقدم من أسباب توافر الاختصاص بهذا المعنى القانوني في حق المتهم". وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه صحيح في القانون، فقد رأى المشرع اعتبار العاملين بالشركات المؤممة في حكم الموظفين أو المستخدمين العامين في تطبيق الجرائم الواردة بالبابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات. ومن بينها جريمة الرشوة - حين أضاف بالقانون رقم 120 لسنة 1962 إلى المادة 111 من قانون العقوبات فقرة مستحدثة نصت على أنه يعد في حكم الموظفين العموميين في تطبيق الجرائم المشار إليها مستخدمو الشركات التي تساهم الدولة في رأس مالها بنصيب ما بأية صفة كانت وأن العلاقة القانونية التي ربطت بين الطاعن وشركة أتوبيس شرق الدلتا فيما أورده الحكم من شروطها هي علاقة عمل لتوافر خصيصتي التبعية والأجر اللتين تميزان عقد العمل، مما يوفر في حق الطاعن أنه في حكم الموظفين العامين في مجال جريمة الرشوة، ويستوي في هذا الخصوص أن يكون عقد العمل محدد المدة أو غير محددها، كما أنه لا يشترط في جريمة الرشوة، أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخله في نطاق الوظيفة مباشرة، بل يكفي أن يكون له نصيب فيها يسمح بتنفيذ الغرض منها، وأن يكون من عرض الرشوة قد اتجر معه على هذا الأساس، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفع الطاعن ببطلان إذن التفتيش لإبتنائه على المراقبة الباطلة لتليفونه بقوله وإنه وأياً كان الرأي في شأن بطلان أو عدم بطلان أو تسجيل المحادثات التليفونية فإن المحكمة لا ترى محلاً للخوض في ذلك لأنها لا تجد فيها دليلاً دخل في وجدانها عند تكوين اقتناعها في هذه الدعوى فقد اقتنعت المحكمة بتوافر أدلة الإدانة من الأدلة السابق سردها دون أن تقيم أي اعتبار لدليل مستمد من هذه المحادثات التليفونية بل إنها طرحتها جانباً ولم تأخذ بها كدليل من أدلة الدعوى المكونة لاقتناعها أما الوجه الثاني من دفوع المتهم فمردود بأن هذه المحادثات التليفونية إذا طرحت جانباً وأسقطت من الحساب لتبقى بعد ذلك أدلة وقرائن كافية لصدور إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش في 13/ 4/ 1967 إذ الثابت من صيغة هذا الإذن أن مصدره قد اطلع على الأوراق والتسجيلات ومن بين الأوراق التي اطلع عليها المحضر المتضمن لأقوال المقاول إسكندر داود متى، والتسجيل المتضمن للحوار الذي دار يوم 10/ 4/ 1967 وهما وحدهما يكفيان لحمل الإذن الصادر بالقبض والتفتيش دون حاجة للاستناد للمكالمات التليفونية. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت هذه المحكمة قد اقتنعت أن في بعض الاستدلالات التي بنى عليها أمر التفتيش ما يدل على جدية التحريات التي سبقته وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع، لا بالقانون. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لأنه صدر عن جريمة لم تقع ورد عليه بقوله أما الوجه الخامس من وجوه دفاع المتهم فمردود عليه بأن الإذن المؤرخ 13/ 4/ 1967 لاحق لوقوع جريمة الرشوة وليس سابقاً عليها إذ المقرر قانوناً أن جريمة الرشوة يكفي لتمامها مجرد طلب الرشوة من جانب الموظف المرتشي وواقع الحال وفقاً لما تم سرده فيما تقدم من وقائع يشير إلى أن طلب الرشوة من جانب المتهم كان سابقاً على 13/ 4/ 1967 وهو رد سائغ يتفق مع حكم القانون، إذ الثابت من وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم أن الطاعن طلب الرشوة حوالي يوم 17 من فبراير سنة 1967 وهو ما تتوافر به أركان جريمة طلب الرشوة ولما كانت الإجراءات التالية بما فيها إذن التفتيش تهدف إلى القبض على الطاعن وهو يتسلم الرشوة، وهي واقعة لاحقة لطلب الرشوة فإن القول بأن الإذن صدر عن جريمة مستقبلة يكون بعيداً عن الصواب. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لكيفية ضبط المتهم بقوله (وفي الساعة 6.45 حضر المتهم إلى (كافيتريا) فندق شبرد وقابل المقاول ثم انصرف في السيارة ليقوم المقاول بتوصيل المتهم إلى محل جروبي (فرع سليمان باشا) وتابعهما رجال الرقابة في سيارة الرقابة... ثم انصرف المتهم إلى محل جروبي وعند خروجه من دورة المياه تم ضبطه بمعرفة عضو الرقابة الإدارية صلاح الدين الحناوي الذي كان يصاحب العقيد محمد حازم أبو العينين وقتذاك ثم اقتيد المتهم إلى سيارة الرقابة التي كانت تقف بالقرب من محل جروبي حيث قام العقيد محمد حازم أبو العينين بتفتيشه وأخرج الثلاثمائة جنيه من الجيب الأيسر الداخلي لسترته واتضح أنه المبلغ الذي أثبتت أرقامه بالمحضر وعرض الحكم لدفاع الطاعن ببطلان هذا الإجراء ورد عليه بقوله (أما الوجه الرابع من دفاع المتهم فمردود عليه بأن السيد/ صلاح الحناوي كان مصاحباً للسيد/ محمد حازم أبو العينين عند ضبط المتهم وكان كل منهم يبحث عنه داخل محل جروبي في نفس الوقت. ثم قام السيد/ محمد حازم أبو العينين بتفتيشه وإخراج المبلغ من جيبه، علماً بأن إذن القبض والتفتيش المؤرخ 13/ 4/ 1967 قد جرى نصه في هذا المقام كما يلي: يندب السيد/ محمد حازم أبو العينين ومن يرى مصاحبتهم من السادة أعضاء الرقابة الإدارية لضبط مصطفى صالح وتفتيشه...). لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد يكون على غير أساس، هذا ولا يعيب الإجراءات أن يكون عضو الرقابة الذي صاحب المأذون بالتفتيش قد اختاره رئيسهما لأن ذلك تنظيم إداري يجري وفقاً لظروف العمل في الإدارة ولا يعد خروجاً على ما تضمنه الإذن بأنه صدر للمأذون له ومن يرى مصاحبتهم من السادة أعضاء الرقابة. كما أنه إذا كان كل من السيدين/ محمد حازم أبو العينين وصلاح الحناوي قد تعقبا الطاعن داخل محل جروبي وبحث كل منهما عنه في جزء من أجزاء المحل ثم ضبطه السيد/ صلاح الحناوي واقتاده إلى السيد/ محمد حازم أبو العينين الذي أجرى تفتيشه بنفسه فليس في هذا الإجراء ما يخالف القانون وعلاوة على ما سبق فإنه لا جدوى للطاعن من هذا النعي إذ تضمنت مدونات الحكم أن الطاعن اعترف في تحقيق النيابة بضبط المبلغ معه وأن المقاول أعطاه له قائلاً له أنه هدية بسيطة، لما كان ما سبق، وكانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه في غير أحوال التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة لا يجوز للمحقق في الجنايات أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد. وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير يكتب في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإقرار أو الإعلان وكان مفاد هذا النص أن المشرع تطلب ضمانة خاصة لكل متهم في جناية هي وجوب دعوة محاميه إن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة فيما عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة وذلك تطميناً للمتهم وصوناً لحرية الدفاع عن نفسه وللتمكن من دعوة محامي المتهم تحقيقاً لهذه الضمانة العامة يجب على المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو أن يتولى محاميه هذا الإقرار أو الإعلان فإن دفع الطاعن ببطلان استجوابه يكون غير مقبول لأنه لم يعلن اسم محاميه فضلاً عن أنه كان في حالة تلبس، ويكفي في الرد عليه قول الحكم بأنه ليس فيما اتخذته النيابة العامة من إجراءات في الدعوى ما يشكل بطلاناً مما يشير إليه المتهم. لأن المحكمة لا تلتزم بالرد على دفع قانوني ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان التسجيلين الصوتيين اللذين عول عليهما الحكم ضمن ما عول عليه في إدانة الطاعن، فإن هذا الوجه من النعي يكون غير مقبول لأنه من المقرر أن الدفع ببطلان إجراء من الإجراءات السابقة على المحاكمة لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.