أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 791

جلسة 2 من أكتوبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: يعيش محمد رشدي، ومحمد وهبه، وأحمد علي موسى، ومحمد علي بليغ.

(165)
الطعن رقم 45 لسنة 47 القضائية

حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". مواد مخدرة.
كفاية الشك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم. سنداً للبراءة. متى أحاطت المحكمة بالدعوى عن بصر وبصيرة. وخلا حكمها من عيوب التسبيب. مثال.
لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده على تشككه في رواية الضابطين اللذين قاما بإجراء التحريات وانتقلا إلى مسكن المطعون ضده لضبط الواقعة وذلك بقوله (وحيث إن رواية الضابطين المذكورين غير مستساغة عقلاً، ذلك أنه لا يتصور بحسب المنطق الطبيعي للأمور أن يضع المتهم – المطعون ضده – وهو الموصوف بأنه تاجر مخدرات وحريص في تجارته حسبما شهد بذلك الرائد.......... الكيس المحتوي على المخدر بكوة بالحائط بحجرة نومه على هذا النحو الظاهر وهو نائم دون مبرر ظاهر لذلك خاصة وأنه كان في وسعه أن يخفيه في أي مكان بالمنزل بعيداً عن مكان نومه وهو ما يمليه تحرز الشخص العادي فإذا ما أضيف إلى ذلك ما شهد به الضابطان من أن الباب الخارجي لمنزل المتهم كان مغلقاً ودفعه رجال القوى فانفتح عنوة محدثاً صوتاً وأن باب حجرة نوم المتهم كان مغلقاً أيضاً وفتح عنوة، وكان ما ينتج عن فتح الباب الخارجي للمنزل عنوة من صوت وما استغرقه فتحه وكذلك فتح باب حجرة نوم المتهم عنوة أيضاً من وقت. كل ذلك كان كفيلاً بتنبيه المتهم للخطر وإعطائه الفرصة للتخلص من المخدر بإلقائه – لو صح أنه كان حائزاً له – من إحدى نافذتي الحجرة التي ثبت من المعاينة أنهما تطلان على أرض فضاء وأن إحداهما على مسافة متر ونصف من الكوة المقول بضبط المخدر بها. وإذا ما أضيف إلى ما تقدم أيضاً ما ثبت من المعاينة من وجود كوتين بحجرة النوم وتردد الضابط.......... في البداية في تحديد أيهما التي ضبط بها الكيس المحتوي على المخدر وما ثبت من المعاينة أيضاً أن هناك سوراً ارتفاعه 120 سم يفصل بين مسكن المتهم والمسكن المجاور له من الجهة البحرية وأنه من السهل الانتقال من أي من المنزلين المذكورين إلى الآخر عبر هذا السور، إذا ما أضيف كل ذلك إلى كل ما تقدم ينتج من كل أولئك ما يجعل المحكمة غير مطمئنة إلى صدق رواية الضابطين المذكورين وبالتالي فإن التهمة المسندة إلى المتهم والمؤسسة على هذه الرواية تكون غير ثابتة قبله ويتعين لذلك الحكم ببراءته منها). لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه حسب محكمة الموضوع أن تتشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي ببراءته ما دامت قد أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وخلا حكمها من عيوب التسبيب إذ مرجع الأمر في ذلك إلى مبلغ اطمئنانها في تقدير الأدلة. وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تقض بالبراءة إلا بعد أن أحاطت بظروف الدعوى وألمت بأدلة الثبوت فيها. كما وأن الأسباب التي ساقتها – على النحو المتقدم بيانه – من شأنها أن تؤدي في مجموعها إلى ما رتبه الحكم عليها من شك في صحة إسناد التهمة إلى المطعون ضده فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه من فساد في الاستدلال لا يعدو – في حقيقته – أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها هي إليها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده: حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال الصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1/ 1 و2 و7/ 1 و24/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول الملحق، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة حيازة جوهر مخدر، قد شابه فساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد. ذلك بأنه أقام قضاءه على أسباب ليس من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها واستند – فيما استند إليه – إلى أن فتح بابي منزل المطعون ضده وحجرة نومه عنوة كان كفيلاً بتخلصه من المخدر لو صحت حيازته إياه، في حين أن الثابت من أقوال المطعون ضده وزوجته أنهما فوجئا بالقوة وهما في الفراش مما مفاده أنهما لم يشعرا بقدوم رجال الضبط إلا بعد دخولهم الحجرة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده على تشككه في رواية الضابطين اللذين قاما بإجراء التحريات وانتقلا إلى مسكن المطعون ضده لضبط الواقعة، وذلك بقوله: "وحيث إن رواية الضابطين المذكورين غير مستساغة عقلاً" ذلك أنه لا يتصور بحسب المنطق الطبيعي للأمور أن يضع المتهم – المطمعون ضده - وهو الموصوف بأنه تاجر مخدرات وحريص في تجارته حسبما شهد بذلك الرائد...... الكيس المحتوي على المخدر بكوة بالحائط بحجرة نومه على هذا النحو الظاهر وهو نائم دون مبرر ظاهر لذلك خاصة وأنه كان في وسعه أن يخفيه في أي مكان بالمنزل بعيداً عن مكان نومه وهو ما يمليه تحرز الشخص العادي فإذا ما أضيف إلى ذلك ما شهد به الضابطان من أن الباب الخارجي لمنزل المتهم كان مغلقاً ودفعه رجال القوة فانفتح عنوة محدثاً صوتاً وأن باب حجرة نوم المتهم كان مغلقاً أيضاً وفتح عنوة، وكان ما ينتج عن فتح الباب الخارجي للمنزل عنوة من صوت وما استغرقه فتحه وكذلك فتح باب حجرة نوم المتهم عنوة أيضاً من وقت. كل ذلك كان كفيلاً بتنبيه المتهم للخطر وإعطائه الفرصة للتخلص من المخدر بإلقائه – لو صح أنه كان حائزاً له – من إحدى نافذتي الحجرة التي ثبت من المعاينة أنهما تطلان على أرض فضاء وأن إحداهما على مسافة متر ونصف من الكوة المقول بضبط الخدر بها، وإذا ما أضيف إلى ما تقدم أيضاً ما ثبت من المعاينة من وجود كوتين بحجرة النوم وتردد الضابط....... في البداية في تحديد أيهما التي ضبط بها الكيس المحتوي على المخدر وما ثبت من المعاينة أيضاً من أن هناك سوراً ارتفاعه 120 سم يفصل بين مسكن المتهم ومسكن...... المجاور له من الجهة البحرية وأنه من السهل الانتقال من أي من المنزلين المذكورين إلى الآخر عبر هذا السور، إذا ما أضيف كل ذلك إلى كل ما تقدم ينتج من كل أولئك ما يجعل المحكمة غير مطمئنة إلى صدق رواية الضابطين المذكورين وبالتالي فإن التهمة المسندة إلى المتهم والمؤسسة على هذه الرواية تكون غير ثابتة قبله ويتعين لذلك الحكم ببراءته منها". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه حسب محكمة الموضوع أن تتشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي ببراءته ما دامت قد أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وخلا حكمها من عيوب التسبيب إذ مرجع الأمر في ذلك إلى مبلغ اطمئنانها في تقدير الأدلة. وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تقض بالبراءة إلا بعد أن أحاطت بظروف الدعوى وألمت بأدلة الثبوت فيها. كما وأن الأسباب التي ساقتها – على النحو المتقدم بيانه – من شأنها أن تؤدي في مجموعها إلى ما رتبه الحكم عليها من شك في صحة إسناد التهمة إلى المطعون ضده فان ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه من فساد في الاستدلال لا يعدو – في حقيقته – أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها هي إليها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لا تماري في صحة ما نقله الحكم عن الضابطين من أنه قد تم فتح بابي منزل المطعون ضده وحجرة نومه عنوة، ومن ثم فان قالة الخطأ في الإسناد تكون منتفية. لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.