أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 799

جلسة 2 من أكتوبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد وهبه، وأحمد علي موسى، وأحمد طاهر خليل، ومحمد علي بليغ.

(167)
الطعن رقم 520 لسنة 47 قضائية

(1) إثبات. "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". مواد مخدرة.
كفاية الشك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم سنداً للبراءة. متى أحاطت المحكمة بالدعوى عن بصر وبصيرة. مثال.
(2) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل" طعن. "أسباب الطعن ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة. قضاءها بالبراءة لاحتمال ترجح لديها. بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها. غير جائز.
1- لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى كما صورها الاتهام قال تبريراً لقضائه بالبراءة "وحيث إن رواية الضابطين المذكورين غير مقبولة عقلاً، ذلك أنهما قررا انهما دفعا الباب الخارجي للمنزل فانفتح بالقوة وكذلك باب حجرة نوم المتهم ولا شك أن فتح الباب الخارجي للمنزل بالقوة قد أحدث صوتاً وهو ما أقر به بالرائد.... مما يعطي المتهم تنبيهاً لكي يتخلص من المخدر – بفرض وجوده بالحجرة - فضلاً عن الفرصة التي يتيحها الوقت الذي استغرقه فتح الباب الخارجي للمنزل وفتح باب حجرة المتهم بالقوة لإمكان التخلص من المخدر إن صح وجوده ولا يعقل بعد حدوث هذا الصوت الناتج عن فتح الباب الخارجي للمنزل وبعد مضي الوقت اللازم لفتحه وفتح باب حجرة نوم المتهم بالقوة أن يظل المتهم واقفاً بها وبيده الكيس المحتوى على المخدر إلا أن يكون قد قصد تقديمه للضابطين وهو ما لا يتصور أن يقصد إليه المتهم. ومتى كان الأمر كذلك فإن المحكمة لا يطمئن وجدانها إلى صدق رواية شاهدي الإثبات وبالتالي تكون التهمة المسندة إلى المتهم والمؤسسة عليها غير ثابتة قبله ويتعين لذلك الحكم ببراءته، لما كان ذلك "وكان يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي بالبراءة، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تقض بالبراءة إلا بعد أن أحاطت بظروف الدعوى وألمت بها وبالأدلة المقدمة فيها، وانتهت بعد أن وازنت بين أدلة الإثبات والنفي إلى عدم ثبوت التهمة في حق المتهم للأسباب السائغة التي أوردها الحكم و التي تكفي لحمل النتيجة التي خلص إليها، ومن ثم فإن ما تنعاه النيابة العامة على الحكم في هذا الصدد يعد نعياً على تقدير الدليل، وهو ما لا تجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض.
2- لا يصح النعي على المحكمة أنها قضت بالبراءة بناء على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها، لأن ملاك الأمر يرجع إلى وجدان قاضيها وما يطمئن إليه ما دام أقام قضاءه على أسباب تحمله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و34/ أ و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 4 لسنة 1966 و البند 12 من الجدول المرفق فقرر ذلك. ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من جريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار قد خالف الثابت في الأوراق وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك إنه بنى قضاءه بالبراءة أساساً على عدم اطمئنانه لأقوال شاهدي الإثبات وتشككه في صحة تصويرهما للواقعة تأسيساً على أن فتح الباب الخارجي لمنزل المطعون ضده عنوة يؤدي إلى إحداث صوت من شأنه أن ينبه المطعون ضده ويدعوه إلى التخلص من المخدر فلا يعقل أن يظل واقفاً ممسكاً بالمخدر في يده طوال الفترة التي استغرقها فتح الباب الخارجي حتى اقتحام الضابطين حجرة نومه بعد فتح بابها عنوة أيضاً – في حين أن مؤدى أقوال المطعون ضده في التحقيق الابتدائي إنه كان نائماً قبيل الضبط، مما ينبئ عن أن المحكمة لم تعن بتمحيص الواقعة ولم تلم بعناصرها عن بصر وبصيرة مما يعيب حكمها بما يبطله ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى كما صورها الاتهام قال تبريراً لقضائه بالبراءة "وحيث إن رواية الضابطين المذكورتين غير مقبولة عقلاً، ذلك أنهما قررا أنهما دفعا الباب الخارجي للمنزل فانفتح بالقوة وكذلك باب حجرة نوم المتهم ولا شك أنه فتح الباب الخارجي للمنزل بالقوة قد أحدث صوتاً وهو ما أقر به الرائد...... مما يعطي المتهم تنبيها لكي يتخلص من المخدر – بفرض وجوده بالحجرة – فضلاً عن الفرصة التي يتيحها الوقت الذي استغرقه فتح الباب الخارجي للمنزل وفتح باب حجرة المتهم بالقوة لإمكان التخلص من المخدر إن صح وجوده ولا يعقل بعد حدوث هذا الصوت الناتج عن فتح الباب الخارجي للمنزل وبعد مضي الوقت اللازم لفتحه وفتح باب حجرة نوم المتهم بالقوة أن يظل المتهم واقفاً بها وبيده الكيس المحتوى على المخدر إلا أن يكون قد قصد تقديمه للضابطين وهو ما لا يتصور أن يقصد إليه المتهم. ومتى كان الأمر كذلك فإن المحكمة لا تطمئن وجدانها إلى صدق رواية شاهدي الإثبات وبالتالي تكون التهمة المسندة إلى المتهم والمؤسسة عليها غير ثابتة قبله ويتعين لذلك الحكم ببراءته". لما كان ذلك، وكان يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي بالبراءة، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تقض بالبراءة إلا بعد أن أحاطت بظروف الدعوى وألمت بها والأدلة المقدمة فيها، وانتهت بعد أن وازنت بين أدلة الإثبات والنفي إلى عدم ثبوت التهمة في حق المتهم للأسباب السائغة التي أوردها الحكم والتي تكفي لحمل النتيجة التي خلص إليها، ومن ثم فإن ما تنعاه النيابة العامة على الحكم في هذا الصدد يعد نعياً على تقدير الدليل، وهو ما لا تجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض. وكان لا يصح النعي على المحكمة أنها قضت بالبراءة بناء على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها، لأن ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها وما يطمئن إليه ما دام أقام قضاءه على أسباب تحمله – كما هي واقع الحال في الدعوى المطروحة، لما كان ذلك، وكان ما ساقه الحكم من عناصر تبريراً لقضائه له أصله الصحيح من أوراق الدعوى على ما يبين من المفردات المضمومة. فإن دعوى الخطأ في الإسناد التي ترمى بها النيابة العامة الحكم المطعون فيه لا يكون لها من وجه ولا يعتد بها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين رفضه.