أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 825

جلسة 10 من أكتوبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الواحد الديب، ودكتور أحمد رفعت خفاجي، ومحمد صفوت القاضي، ومحمد يونس ثابت.

(171)
الطعن رقم 553 لسنة 47 القضائية

(1، 2) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
(1) حق محكمة الموضوع أن تأخذ من أقوال الشاهد ما تطمئن إليه وأن تطرح ما عداه. دون بيان العلة.
تعرض المحكمة لمبررات تجزئة الشهادة يوجب عدم تعارض هذه المبررات والأسباب الأخرى التي أوردتها في حكمها.
(2) انتهاء المحكمة إلى أن تراخي الشاهد في الإدلاء بشهادته قرينة توهن من قوة شهادته. عيب يشوب رواية الشاهد بأسرها بما لا يسوغ معه تجزئتها. القول بغير ذلك يعيب الحكم.
(3) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "قرائن".
الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً.
1 - لما كان الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ من أقوال الشاهد بما تطمئن إليه وأن تطرح ما عداه دون أن تلتزم ببيان علة ما ارتأته، إلا أنها متى تعرضت إلى بيان المبررات التي دعتها إلى تجزئة الشهادة فيجب ألا يقع تناقض بينها وبين الأسباب الأخرى التي أوردتها في حكمها بما من شأنه أن يجعلها متخاذلة متعارضة لا تصلح لأن ينبني عليها النتائج القانونية التي رتبها الحكم عليها.
2 - لما كان يبين مما ساقه الحكم فيما تقدم أنه اتخذ من تراخي الشاهد...... في الإدلاء بشهادته قرينة توهن من قوتها في إثبات ما أسند للمتهمين الثالث والرابع وهى علة تكتنف بحسب منطق الحكم – إذا صحت – رواية هذا الشاهد بأسرها، بما لا يسوغ معه تجزئتها على نحو ما تردى فيه الحكم من الاعتداد بها في قضائه بإدانة الطاعنين، وعدم الاطمئنان إليها في قضائه ببراءة الآخرين، فإن ذلك يعيبه بعدم التجانس والتهاتر في التسبيب ولا يغني في ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى.
3 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية. متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1-........ و2-......... (الطاعنين) و3-......... و4-......... بأنهم قتلوا......... عمداً بأن ضربوه بالعصي قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات. فقرر ذلك في 18 من أبريل سنة 1974 وادعى......... – والد المجني عليه – مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائتي وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بالنسبة إلى الطاعنين والمادة 304/ 1 و381 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى الباقين. (أولاً) بمعاقبة....... و....... بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً عما نسب إليهما وإلزامهما أن يدفعا للمدعي بالحق المدني مبلغ مائتين وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ومصروفات الدعوى المدنية وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. (ثانياً) ببراءة......... و......... مما أسند إليهما ورفض الدعوى المدنية عليهما. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد قد شابه التناقض في التسبيب، ذلك بأن من بين ما أقام الحكم قضاءه عليه ببراءة المتهمين الثالث والرابع هو عدم اطمئنان المحكمة إلى ما شهد به...... من رؤيتهما يقديان على المجني عليه، لتقاعسه عن المبادرة بالإدلاء بمعلوماته، وهو أمر يصدق على شهادته برمتها حتى بالنسبة للطاعنين، بما لا يسوغ معه التعويض عليها، في القضاء بإدانتهما على نحو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه الأمر الذي يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن النيابة العامة قدمت الطاعنين وآخرين لمحاكمتهم بوصف أنهم في يوم 1/ 10/ 1972 بدائرة مركز أولاد طوق محافظة سوهاج: قتلوا...... عمداً بأن ضربوه بالعصي قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، قد قضت محكمة سوهاج حضورياً (أولاً) بمعاقبة....... و....... – الطاعن - بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً عما أسند إليهما وبإلزامهما بأن يدفعا للمدعي بالحق المدني مبلغ مائتين وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ومصروفات الدعوى المدنية ومبلغ عشرة جنيهات أتعاباً للمحاماة. (ثانياً) ببراءة....... و........ مما أسند إليهما ورفض الدعوى المدنية قبلهما – لما كان ذلك – وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه، أنه عول – من بين ما عول عليه – في قضائه بإدانة الطاعنين على ما شهد به.......... بما مؤداه أنه رأى الحادث وشاهد الطاعنين عندما انقضا على المجني عليه وجذباه بعيداً عن الموكب ثم انهالا يضربانه بالعصا الغليظة حتى فارق الحياة، كما سطر الحكم ضمن ما أقام عليه قضاءه ببراءة المتهمين الثالث والرابع قوله: "أن......... شهد بجلسة المحاكمة أنه رأى المتهمين الثالث والرابع ينهالان على المجني عليه ضرباً بالعصي حتى أجهزا عليه شأنهما في ذلك شأن المتهمين الأول والثاني وفى هذا تناقض بين مع أقوال الجندي...... بجلسة المحاكمة.... فضلاً عن أن أقوال........... بجلسة المحاكمة وفى هذا الخصوص ينال منها أنه لم يبادر إلى تبليغ المسئولين بما رأى من وقائع الحادث. لما كان ذلك، وكان الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ من أقوال الشاهد بما تطمئن إليه وأن تطرح ما عداه دون أن تلتزم ببيان علة ما ارتأته، إلا أنها متى تعرضت إلى بيان المبررات التي دعتها إلى تجزئة الشهادة فيجب ألا يقع تناقض بينها وبين الأسباب الأخرى التي أوردتها في حكمها بما من شأنه أن يجعلها متخاذلة متعارضة لا تصلح لأن تنبئ عليها النتائج القانونية التي رتبها الحكم عليها؛ وإذ كان يبين مما ساقه الحكم فيما تقدم أنه اتخذ من تراخي الشاهد........ في الإدلاء بشهادته قرينة توهن من قوتها في إثبات ما أسند للمتهمين الثالث والرابع وهى علة تكتنف بحسب منطق الحكم – إذا صحت – رواية هذا الشاهد بأسرها، بما لا يسوغ معه تجزئتها على نحو ما تردى فيه الحكم من الاعتداد بها في قضائه بإدانة الطاعنين وعدم الاطمئنان إليها في قضائه ببراءة الآخرين، الأمر الذي يعيبه بعدم التجانس والتهاتر في التسبيب ولا يعنى في ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى. ذلك بأن الأدلة الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. ولما كان ما تقدم فإنه يتعين الحكم بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة دون حاجة لبحث وجوه الطعن الأخرى.