أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 829

جلسة 10 من أكتوبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الواحد الديب، ومحمد صلاح الدين الرشيدي، وقصدي اسكندر عزت، ودكتور أحمد رفعت خفاجي.

(172)
الطعن رقم 555 لسنة 47 القضائية

(1) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير العقوبة". عقوبة. "تقديرها". "الظروف المخففة". ظروف مخففة.
أعمال المحكمة للمادة 17 عقوبات دون الإشارة إلى ذلك لا يعيب الحكم. ما دامت العقوبة في الحدود التي رسمها القانون.
تقدير العقوبة من إطلاقات محكمة الموضوع.
(2) إثبات. "اعتراف". إجراءات المحاكمة. محاماة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
اعتراف متهم على متهم آخر. يتحقق به التعارض في المصلحة بينهما. عدم تخصيص محام مستقل للدفاع عن كل. إخلال بحق الدفاع.
1 - لما كان من المقرر أن إنزال المحكمة حكم المادة 17 من قانون العقوبات دون الإشارة إليها لا يعيب الحكم ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون وما دام أن تقدير العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، لما كان ما تقدم وكان الحكم إذ عاقب كل من المحكوم عليهم – عدا الثالث – بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة فإن مفاد ذلك أن المحكمة قد انتهت إلى أخذهم بالرأفة ومعاملتهم بالمادة 17 من قانون العقوبات وإن لم تصرح بذلك في أسباب حكمها – ونزلت بالعقوبة إلى حد تسمح به هذه المادة.
2 - وحيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن ثلاثة من المحامين قد تولوا الدفاع عن جميع الطاعنين، كما يتضح من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه اعتمد في قضائه بإدانة الطاعنين على اعتراف الطاعن الأول بأنه "توجه يوم الحادث إلى الأرض المتنازع عليها لبذرها بصحبة الخفير النظامي...... – الطاعن الرابع – يحمل بندقيته الأميرية و......... و.......... فاعترضهم هناك......... (من المجني عليهم) وأطلق عليه النار وكان مع الأخير......... و......... (أحد المجني عليهم) وفى هذه الأثناء أحضر له أخ يدعى... بندقية ميزر أطلق منها العديد من الأعيرة تجاه المذكورين الذين أخذوا يعدون أمالهم تجاه مساكنهم"، ومؤدى ذلك أن الحكم اعتبر الطاعن الأول شاهد إثبات ضد الطاعن الرابع في شأن توجهه بصحبته إلى مكان الحادث وتواجده معه على مسرح الجريمة وهو يحمل سلاحه الناري، وهو ما يتحقق به التعارض بين مصلحتيهما الأمر الذي كان يستلزم فصل دفاع كل منهما عن دفاع الآخر، لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد سمحت للمحامين الثلاثة بالمرافعة عن جميع الطاعنين جملة دون تخصيص على الرغم من قيام هذا التعارض فإنها تكون قد أخلت بحق الدفاع مما يعيب إجراءات المحاكمة ويوجب نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعنين الأول والرابع ونظراً لوحدة الواقعة ولحسن سير العدالة فإنه يتعين نقض الحكم أيضاً بالنسبة لباقي الطاعنين.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم (أولاً) قتلوا......... مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية (بنادق) حملوها وما أن ظفروا به حتى أطلق عليه المتهم الثاني.......... عياراً نارياً قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بأربع جنايات تقدمتها واحدة وتلتها الثلاثة الباقية هي أنهم في الزمان والمكان سالفى الذكر قتلوا كلاً من......... و......... وشرعوا في قتل كل من......... و......... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتلهم وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة النارية سالفة البيان وما أن ظفروا بهم حتى أطلق المتهم الثالث عيارين ناريين على المجني عليه الأول وأطلق المتهم الأول على المجني عليه الثاني عياراً نارياً وأطلق المتهم الرابع على المجني عليه الثالث عياراً نارياً وأطلق المتهم الخامس عياراً نارياً على المجني عليها الرابعة قاصدين من ذلك قتلهم فحدثت بكل منهم الإصابات الموصوفة بتقريري الصفة التشريحية والتقريرين الطبيين الشرعيين والتي أودت بحياة الأول والثاني منهم وخاب أثر الجريمة بالنسبة للثالث والرابع منهم لسبب لا دخل لإرادة الفاعلين به هو مداركتهما بالعلاج. (ثانياً) المتهم الأول والثاني: 1 - أحرز كل منهما بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً (بندقية). 2 - أحرز كل منهما ذخائر (طلقات) مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. المتهمان الثالث والخامس. (1) أحرز كل منهما بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مشخشن (بندقية). (2) أحرز كل منهما ذخائر (طلقات) مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للمواد 45 و46 و230 و231 من قانون العقوبات و1/ 1 و5 و26/ 1 - 2 - 4 و30 من القانون 394 سنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق. فقرر ذلك. وادعى مدنياً كل من......... زوجة المجني عليه......... ووالدة المجني عليه...... و........... زوجة المجني عليه......... و......... المجني عليه...... قبل المتهمين متضامنين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 32و17 من قانون العقوبات. (أولاً) بمعاقبة كل من......... و.......... و......... و...... بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وبمعاقبة....... بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات ومصادرة السلاح المضبوط مع المتهم الأول (ثانياً) بإلزام المتهمين متضامنين بأن يؤدوا للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة فطعن المحكوم عليهم عدا الأول في هذا الحكم بطريق النقض. كما طعن الأستاذ...... المحامي عن (الطاعن الأول) في هذا الحكم، كما طعنت النيابة العامة وقدمت أسباب طعنها في التاريخ ذاته وفى التاريخ عينه قدم الأستاذ.... المحامي عن المتهمين أسباب الطعن....إلخ.


المحكمة

حيث إن ما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المحكوم عليهم بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار اقترن بجرائم قتل عمد وشروع فيه كما دان المحكوم عليهما الأول والثاني بجريمتي إحراز سلاح ناري مشخشن وذخيرة له دون ترخيص والمحكوم عليهما الثالث والخامس بجريمتي إحراز سلاح ناري غير مشخشن وذخيرة له دون ترخيص – قد شابه التناقض في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه بعد أن أفصح صراحة في أسبابه عن أعماله المادة 17 من قانون العقوبات في حق الطاعن الثالث وحده وأوقع عليه عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات مما مفاده عدم تطبيق حكم المادة بالنسبة لباقي المحكوم عليهم إذا به يقضي بمعاقبة كل من هؤلاء الأخيرين بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة مع أن الجريمة الأشد التي أخذهم بها – وهى القتل العمد مع سبق الإصرار والمقترن بجنايات أخرى – عقوبتها الإعدام مما يتناقض مع ما هو مستفاد من أسبابه وقد أسلمه هذا التناقض إلى توقيعه عليهم عقوبة تخالف تلك المنصوص عليها قانوناً.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه دان المحكوم عليهم بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار اقترنت بجنايات أخرى كما أخذ كل من المحكوم عليهما الأول والثاني بجريمتي إحراز سلاح ناري مشخشن وذخيرة له دون ترخيص وكل من المحكوم عليهما الثالث والخامس بجريمتي إحراز سلاح ناري غير مشخشن وذخيرة له دون ترخيص وطبق في حقهم المادة 32/ 2 من قانون العقوبات لما استظهره من أن ما نسب إليهم من جرائم تربط بعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة، وأنه وإن كان الحكم قد أورد صراحة في أسبابه أعماله المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للمحكوم عليه الثالث بكونه طاعناً في السن و لم يذكر شيئاً في هذا الخصوص بالنسبة لباقي المحكوم عليهم إلا أن هذا لا يعنى بطريق اللزوم والاقتضاء العقلي عزوفه عن إفادتهم من حكم هذه المادة مما ينتفي به عن الحكم قالة التناقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إنزال المحكمة حكم المادة 17 من قانون العقوبات دون الإشارة إليها لا يعيب الحكم ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون وما دام أن تقدير العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، لما كان ما تقدم، وكان الحكم إذ عاقب كل من المحكوم عليهم – عدا الثالث – بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة فإن مفاد ذلك أن المحكمة قد انتهت إلى أخذهم بالرأفة ومعاملتهم بالمادة 17 من قانون العقوبات – وإن لم تصرح بذلك في أسباب حكمها – ونزلت بالعقوبة إلى حد تسمح به هذه المادة ومن ثم فإن ما تنعاه النيابة العامة على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله مستوجباً للرفض.
وحيث إن مما ينعاه المحكوم عليهم على الحكم المطعون فيه أنه قد شابه بطلان في الإجراءات أثر فيه بأن ثلاثة من المحامين تولوا الدفاع عنهم جميعاً دون أفراد محام للدفاع عن كل من الطاعنين الأول والرابع منهم على الرغم من تعارض المصلحة فيما بينهما إذ عول الحكم من بين ما عول عليه في قضائه على اعتراف الطاعن الأول على نفسه وعلى الطاعن الرابع مما كان يتعين معه أن يتولى الدفاع عن كل منهما محام مستقل وذلك يعيب الحكم مما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن ثلاثة من المحامين قد تولوا الدفاع عن جميع الطاعنين، كما يتضح من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه اعتمد في قضائه بإدانة الطاعنين على اعتراف الطاعن الأول بأنه "توجه يوم الحادث إلى الأرض المتنازع عليها لبذرها يصحبه الخفير النظامي......... – الطاعن الرابع – يحمل بندقيته الأميرية و......... و......... فاعترضهم هناك......... (من المجني عليهم) وأطلقا عليه النار وكان مع الخفيرين......... و......... (أحد المجني عليهم) وفى هذه الأثناء أحضر له أخ يدعى...... بندقية ميزر أطلق منها العديد من الأعيرة تجاه المذكورين الذين أخذوا يعدون أمامهم تجاه مساكنهم"، ومؤدى ذلك أن الحكم اعتبر الطاعن الأول شاهد إثبات ضد الطاعن الرابع في شأن توجهه بصحبته إلى مكان الحادث وتواجد معه على مسرح الجريمة وهو يحمل سلاحه الناري، وهو ما يتحقق به التعارض بين مصلحتيهما الأمر الذي كان يستلزم فصل دفاع كل منهما عن دفاع الآخر. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد سمحت للمحامين الثلاثة بالمرافعة عن جميع الطاعنين جملة دون تخصيص على الرغم من قيام هذا التعارض فإنها تكون قد أخلت بحق الدفاع مما يعيب إجراءات المحاكمة ويوجب نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعنين الأول والرابع ونظراً لوحدة الواقعة ولحسن سير العدالة فإنه يتعين نقض الحكم أيضاً بالنسبة لباقي الطاعنين وذلك مع الإحالة دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.