أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 312

جلسة 6 من فبراير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ حسن غلاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضوان وصلاح عطية وحسن عشيش وأنور جبرى.

(51)
الطعن رقم 22427 لسنة 59 القضائية

(1) قتل عمد. عقوبة "توقيعها". إعدام. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات جريمة القتل والحكم على مقارفها بالاعدام. لا يشترط القانون له وجود شهود رؤية أو توافر أدلة معينة. كفاية أن تكون المحكمة إعتقادها بالادانة من ظروف الدعوى وقرائنها.
وزن عناصر الدعوى. تستقل به محكمة الموضوع.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". سلطتها فى تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى دون التقيد بدليل معين اشتراط أن يكون كل دليل قاطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى. غير لازم. أساس ذلك ؟
(3) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع فى الجزم بما لم يجزم به الخبير.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الجدل الموضوعى فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى. غير جائز. أمام النقض.
مثال.
(5) إثبات "إعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته فى الاثبات. موضوعى.
(6) إثبات "شهود" "بوجه عام". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الاثبات بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنا عدم حيلولة ذلك دون استعانتها بأقوالهم فى التحقيقات ما دامت. مطروحة على بساط البحث.
(7) نيابة عامة. نقض "ميعاده". إعدام.
إتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالاعدام. دون ميعاد محدد. أساس ذلك ؟
(8) عقوبة. إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالاعدام. ما يلزم من تسبيب لاقراره؟
1 - لما كان القانون لايشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالاعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالادانة فى تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، ومتى رأت الادانة كان لها أن تقضى بالاعدام على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى اقرار منه أو شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبساً بها ومن ثم ما يثيره الطاعن فى وجه طعنه فى هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب وبذا يكون الحكم المطعون فيه بريئا مما ينعاه الطاعن على الحكم فى هذا الصدد.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تركن فى سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تسخلصه من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة عليها دون أن تتقيد فى هذا التصوير بدليل بعينه أقوال شهود بذواتهم أو بالأدلة المباشرة - إذ أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التى إعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى، لأن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
3 - الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير فى تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة التى استخلص منها الصورة التى اعتنقتها المحكمة لواقعة الدعوى من شهادة رئيس المباحث واعتراف المتهم بتحقيقات النيابة وما جاء بتقرير الصفة التشريحية وتقرير التحليل وهى الأدلة التى اطمأنت إليها المحكمة وإعتمدت عليها فى تكوين عقيدتها بما يكفى لتبرير اقتناعها بالادانة وينأى بحكمها عن قالة القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال - فإن ما يثيره الطاعن بشأن أن تقرير المعامل الكيماوية لم يثبت منه وجود حيوانات أو سوائل منوية على العينة المأخوذة من جثة المجنى عليها ينحل إلى جدل موضوعى فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - لما كان من المقرر أن، الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الاثبات ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به.
6 - لما كان من المقرر أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع شهود الاثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنا دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد فى حكمها على أقوالهم التى أدلوا بها فى التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث.
7 - لما كانت النيابة العامة قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فى مضمونها إلى طلب اقرار الحكم فيما قضى به من اعدام المحكوم عليه, دون اثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعى عرض القضية فى ميعاد الأربعين يوما المبين بالمادة 34 من ذلك القانون - إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأى الذى تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
8 - لما كان الحكم الصادر باعدام المحكوم عليه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دانه بها واورد على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من اعترافه الصريح فى تحقيقات النيابة العامة ومن أقوال النقيب.......... رئيس مباحث مركز...... وتقرير مصلحة الطب الشرعى الخاص بتشريح جثة المجنى عليها وما ورد بتقرير فحص ملابس المجنى عليها وكلها مردوده إلى أصولها الثابتة فى الأوراق وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، كما استظهر الحكم نية القتل وظرف الاقتران على ما هو معرف به فى القانون، وتناول الدفع ببطلان الاعتراف المعزو إلى المحكوم عليه ودحضه فى منطق سائغ وقد صدر الحكم بالاعدام باجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأى مفتى الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الاجراءات الجنائية، وجاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو تأويله، وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم بالنسبة إلى المحكوم عليه، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة واقرار الحكم الصادر باعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل.......... عمداً بأن صفعها على وجهها فسقطت مغشيا عليها وضغط على عنقها بكلتا يديه واسقطها فى مياه المصرف وظل ضاغطا على رأسها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الاصابات والأعراض الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هى أنه فى الزمان و المكان سالفى الذكر هتك عرض المجنى عليها سالفة الذكر بالقوة والتهديد وذلك بأنه وإثر صفعها على وجهها وسقوطها مغشيا عليها حسر عنها سروالها وجثم فوقها ولامس بقضيبة فخذيها حتى أمنى حالة كونها لم تبلغ من العمر ستة عشرة سنة كاملة. وأحالته إلى محكمة جنايات الزقازيق لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة والمحكمة المذكورة قررت فى...... وباجماع الآراء باحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتى الجمهورية وحددت جلسة....... للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضوريا وباجماع الآراء عملاً بالمادتين 268/ 1، 2، 234/ 1 - 2 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالاعدام شنقاً.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض..... كما عرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة بالرأى... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل المقترن بجناية هتك عرض المجنى عليها التى لم يبلغ عمرها ست عشرة سنة كاملة بالقوة قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن أوراق الدعوى قد خلت من دليل على ارتكاب الطاعن للحادث إذ لم يشاهده أحد حال ارتكابه للجريمة ولم يضبط متلبساً بها، كما أن تقرير المعامل الكمياوية لم يثبت منه وجود حيوانات أو سوائل منوية على العينة المأخوذه من جثة المجنى عليها، هذا وأن الحكم قد عول فى قضائه بالادانة على اعتراف الطاعن رغم أنه جاء وليد اكراه من ضابط المباحث، وأخيراً فإن المدافع عن الطاعن طلب من المحكمة استدعاء شاهد لمناقشته غير أنها لم تجبه إلى هذا الطلب ولم ترد عليه - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل المقترن بجناية هتك عرض المجنى عليها التى لم يبلغ عمرها ست عشرة سنة كاملة بالقوة التى دان الطاعن بها وأقام عليها فى حقه أدلة مستمدة من اعترافه بتحقيقات النيابة العامة وأقوال النقيب...... رئيس مباحث مركز...... وتقرير مصلحة الطب الشرعى الخاص بتشريح جثة المجنى عليها وماورد بتقرير فحص ملابس المجنى عليها وهى أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها - لما كان ذلك وكان لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالاعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالادانة فى تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، ومتى رأت الادانة كان لها أن تقضى بالاعدام على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى اقرار منه أو شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبساً بها ومن ثم ما يثيره الطاعن فى وجه طعنه فى هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب وبذا يكون الحكم المطعون فيه بريئا مما ينعاه الطاعن على الحكم فى هذا الصدد - لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تركن فى سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تسخلصه من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة عليها دون أن تتقيد فى هذا التصوير بدليل بعينه أقوال شهود بذواتهم بالأدلة المباشرة - إذ أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التى إعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى، لأن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، كما وأن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير فى تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها واكدته لديها - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة التى استخلص منها الصورة التى اعتنقتها المحكمة لواقعة الدعوى من شهادة رئيس المباحث واعتراف المتهم بتحقيقات النيابة وما جاء بتقرير الصفة التشريحية وتقرير التحليل وهى الأدلة التى اطمأنت إليها المحكمة وإعتمدت عليها فى تكوين عقيدتها بما يكفى لتبرير اقتناعها بالادانة وينأى بحكمها عن قالة القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال - فإن ما يثيره الطاعن بشأن أن تقرير المعامل الكيماوية لم يثبت منه وجود حيوانات أو سوائل منوية على العينة المأخوذة من جثة المجنى عليها ينحل إلى جدل موضوعى فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان اعتراف الطاعن لصدوره تحت الاكراه ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان اعتراف المتهم بالتحقيقات أمام النيابة لكونه وليد اكراه فلهذه المحكمة سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت لصحته ومطابقته للحقيقة والواقع ومن ثم فالمحكمة تلتفت عن هذا الدفع للأسباب الآتية: - أولا: أن المتهم...... قد اعترف بقتل المجنى عليها..... بعد أن باشرها جنسيا من الخارج خشية افتضاح أمره وذلك بتاريخ...... أمام السيد قاضى المعارضات بجلسة تجديد حبسه بتاريخ......... - ثانيا: أن أقوال المتهم الاجمالية فى صدد استجوابه بتحقيقات النيابة العامة قد جاءت متطابقة مع اجاباته التفصيلية على اسئلة المحقق دون أى تناقض أو اضطراب فضلا عن أنها جاءت متسقة ومتساندة مع ما شهد به بالتحقيقات النقيب........ رئيس مباحث مركز شرطه....... ومتفقة مع الأدلة الفنية المستمدة من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجنى عليها. ثالثاًَ: أن الثابت بمحضر استجواب المتهم فى النيابة العامة أنه حضر إلى سراى النيابة صحبه محضر الشرطة ولم يثبت حضوره صحبة أى من ضابط الشرطة وأن وكيل النيابة المحقق قد استدعاه داخل غرفة التحقيق وناظره وأثبت أوصافه وملابسه تفصيلاً دون أن يلاحظ به آثار اصابته أو غيرها مما يدل على عدم وقوع اكراه مادى عليه ولو أن المحقق لاحظ على المتهم أو شاهد به أثراً لذلك لاثبته فى محضره وعندما سأله المحقق شفوياً عن التهمة المسندة إليه اعترف بها وعند سؤاله عما إذا كان لديه محاميا يحضر معه إجراءات التحقيق اجاب المتهم نفيا - ولم يلزم القانون وكيل النيابة الذى يباشر التحقيق بندب محامياً للمتهم أسوة بمحاكم الجنايات - رابعاً: أن وكيل النيابة المحقق قد استجوب المتهم المذكور فى مقر النيابة العامة وقد استغرق استجوابه وقت غير قليل فقد أثبت الاستجواب فى خمس صفحات وجه للمتهم فيها العديد من الاسئلة التى أجاب على بعضها بالايجاب وعلى البعض الآخر بالنفى ولم يذكر المتهم طول فترة التحقيق أن ثمة إكراه من أى نوع وقع عليه - ومن ثم فإن المحكمة تستخلص من كل ما تقدم أن اعتراف المتهم فى تحقيقات النيابة كان وليد إرادة حرة واعية وأنه لم يتعرض لأى تأثير مادى أو معنوى بالادلاء بهذا الاعتراف مما يؤثر فيه أو ينال من صحته كدليل اطمأنت إليه المحكمة لذلك فإنها تأخذ به وتعول عليه مع بقية الأدلة السالف بيانها - لما كان ذلك، وكان الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الاثبات ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر مؤدى اعتراف الطاعن فى التحقيقات وخلص إلى سلامة الدليل المستمد من هذا الاعتراف لما إرتأه من مطابقته للواقع، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع شهود الاثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنا دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد فى حكمها على أقوالهم التى أدلوا بها فى التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث - وكان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المرافعة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال الشهود الواردة بالتحقيقات، وترافع الدفاع عن الطاعن فى موضوع الدعوى وانتهى إلى طلب البراءة أصليا واستعمال الرأفة احتياطياً - فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع شاهد الاثبات الذى تنازل صراحة عن سماعه - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يكون سديداً ـ لما كان ما تقدم فإن الطعن المقدم من الطاعن يكون على غير أساس متعينا رفضه.
وحيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملا بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فى مضمونها إلى طلب اقرار الحكم فيما قضى به من اعدام المحكوم عليه، دون اثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعى عرض القضية فى ميعاد الأربعين يوما المبين بالمادة 34 من ذلك القانون - إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة, بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأى الذى تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية - لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر باعدام المحكوم عليه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دانه بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من اعترافه الصريح فى تحقيقات النيابة العامة ومن أقوال النقيب....... رئيس مباحث مركز.......... وتقرير مصلحة الطب الشرعى الخاص بتشريح جثة المجنى عليها وما ورد بتقرير فحص ملابس المجنى عليها وكلها مردوده إلى أصولها الثابتة فى الأوراق وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، كما استظهر الحكم نية القتل وظرف الاقتران على ما هو معرف به فى القانون، وتناول الدفع ببطلان الاعتراف المعزو إلى المحكوم عليه ودحضه فى منطق سائغ وقد صدر الحكم بالاعدام باجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأى مفتى الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الاجراءات الجنائية، وجاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو تأويله، وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم بالنسبة إلى المحكوم عليه، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة واقرار الحكم الصادر باعدام المحكوم عليه.