مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ الإدارية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1960 إلى آخر سبتمبر سنة 1960) - صـ 1344

(139)
جلسة 21 من أيلول (سبتمبر) سنة 1960

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس المجلس وعضوية السادة علي بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل ومحمود محمد إبراهيم وحسني جورجي المستشارين.

القضية رقم 77 لسنة 2 القضائية

موظف - تعويض تسريح - راتب تقاعدي - الموظفون المحليون الأصليون بحكومة جبل الدروز - استحقاقهم تعويض تسريح وفقاً للقرار رقم 2416 الصادر في 16 من تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1936 لا راتباً تقاعدياً - عدم التفرقة في هذا الشأن بين الموظفين المدنين والموظفين العسكريين في الدرك - المرسوم رقم 142 الصادر في 14 من شباط (فبراير) سنة 1939 المعدل بالقانون رقم 213 بتاريخ 3 من آب (أغسطس) سنة 1954 لا يقرر كذلك معاشات تقاعد للموظفين المبينين به - هدفه ضم المدة التي بقى فيها هؤلاء خارج الوظيفة في عهد الاحتلال إلى مدة خدمتهم السابقة بما يستتبعه من إفادة المتقاعدين منهم على أساس هذا الضم - بيان ذلك.
أن القرار رقم 2416 المتضمن نظام صرف تعويض الخروج من الوظيفة أو التسريح المتوجبة للموظفين من أهالي البلد الأصليين التابعين لحكومة جبل الدروز الصادر في 16 من تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1936 والمصدق عليه في 7 من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1936 قد جرى نص المادة الأولى منه بما يلي: "كل موظف محلي أصيل مسرح لسبب غير تأديبي يأخذ تعويض تسريح محسوباً على أساس نصف راتبه الشهري الأخير لكل سنة خدمة فعلية. أن تعويض التسريح لا يمكن بأي حال ومهما كانت مدة خدمة الموظف أو المستخدم المسرح، لا يمكن أن يقل عن راتب شهر عن كل شهر أو جزء من الشهر الزائد على مجموع عدد أعوام الخدمة. تخصص علاوة قدرها 12/1 من التعويض العائد لسنة كاملة.." كما جرى نص المادة الأولى من المرسوم رقم 142 بتاريخ 14 من شباط (فبراير) سنة 1939 المعدلة بالقانون رقم 213 بتاريخ 3 من آب (أغسطس) سنة 1954 بما يلي: "أن الموظفين الملكيين والعسكريين والمتقاعدين الذين سبقت لهم خدمة في وظيفة من وظائف الدولة أو المؤسسات العامة واشتركوا في ثورة 1920 وثورة 1925 و1926 أو اشتركوا في خدمة القضية الوطنية، واستشهدوا أو حكم عليهم من أجلها بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ولم يستخدموا من بعد الحكم عليهم حتى مبدأ الدور الوطني تضم إلى مدة خدمتهم السابقة المدة التي بقوا خارج الوظيفة في عهد الاحتلال حتى مبدأ العهد الوطني"، ونصت المادة الثانية من القانون 142 سالف الذكر على أنه "يعاد النظر في حسابات معاشات التقاعد للمتقاعدين من هؤلاء على أساس هذه الإضافة وأساس الراتب المحدد....". ويبين من مطالعة هذه النصوص أن القرار رقم 2416 لا يمنح رواتب تقاعدية، بل إنه قد هدف أساساً إلى تقرير تعويض تسريح للموظفين المحليين بفئات معينة عن مدة خدمتهم الفعلية، ويستوي في مجال تطبيقه الموظفون المدنيون والموظفون العسكريون في الدرك لأن نصوصه في هذا الخصوص جاءت مطلقة غير مقصورة على المدنيين من الموظفين، أما القانون رقم 142 الآنف الذكر فكان يهدف إلى أن تضم إلى مدة خدمة الموظفين المبينين به المدة التي بقوا فيها خارج الوظيفة في عهد الاحتلال حتى مبدأ العهد الوطني لا إلى تقرير معاشات تقاعد لهؤلاء الموظفين، وإنما يستتبع هذا الضم بطبيعة الحال إعادة النظر في حسابات معاشات التقاعد للمتقاعدين من هؤلاء الموظفين على أساس هذه الإضافة.


إجراءات الطعن

في 16 من حزيران (يونيه) سنة 1960 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بدمشق بجلسة 28 من نيسان (إبريل) سنة 1960 في الدعوى رقم 65 سنة 1 ق المرفوعة من فرحان بن حامد العبد الله ضد وزير الخزانة القاضي: 1 - برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها - 2 - وفي الموضوع برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات. وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن الحكم "أولاً - بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه، ثانياً - بقبول دعوى فرحان بن حامد العبد الله موضوعاً وإلغاء القرار الضمني برفض تخصيص راتب تقاعدي له وإلزام الجهة المدعى عليها بالمصروفات" وقد أعلن الطعن للحكومة في 18 من حزيران (يونيه) سنة 1960 وللمدعي في التاريخ نفسه وعين لنظره أمام هيئة فحص الطعون جلسة 25 من آب (أغسطس) سنة 1960 فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا بجلسة 6 من أيلول (سبتمبر) سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من الإيضاحات ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري بدمشق في 6 من نيسان (إبريل) سنة 1959 أقام المدعي الدعوى رقم 65 سنة 1 ق ضد وزارة الخزانة طالباً الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإبطال القرار المطعون فيه وإقرار تخصيص راتب تقاعدي له وإعادة ما أسلف من تأمينات مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال في بيان ذلك أنه كان ملازماً ثانياً في الدرك والتحق بالثورة السورية وحكمت عليه السلطات الفرنسية بالإعدام، وعلى أثر صدور القانون رقم 213 في 3 من آب (أغسطس) سنة 1954 الذي ينص على إعطاء الموظفين الذين سبقت لهم خدمة في وظيفة من وظائف الدولة واشتركوا في الثورة السورية واستشهدوا وحكم عليهم بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ولم يستخدموا من بعد الحكم عليهم حتى مبدأ الدور الوطني تضم إلى مدة خدمتهم السابقة المدة التي بقوا فيها خارج الوظيفة في عهد الاحتلال حتى مبدأ العهد الوطني، تقدم المدعي إلى السلطات المختصة طالباً إعطاءه حقوقه التقاعدية، ولكن وزارة الخزانة رفضت طلبه مما اضطره إلى إقامة الدعوى أما المحكمة العليا التي قضت في 14 من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1958 بإلغاء القرار المطعون فيه. فتقدم المدعي إلى وزارة الخزانة في 7 من شباط (فبراير) سنة 1959 طالباً تنفيذ حكم المحكمة العليا، وبالرغم من مضي مدة شهر فإن وزارة الخزانة لم ترد على المدعي مما يعتبر قراراً ضمنياً بالرفض، وهو قرار جدير بالإلغاء للأسباب الآتية: - 1 - في وجوب تنفيذ قرار المحكمة العليا - كانت وزارة الخزانة قد تذرعت في عدم إعطاء المدعي حقوقه التقاعدية بأن ديوان المحاسبات لم يؤشر على قرار إعطاء تعويض التسريح لأنه لم يقدم طلبه خلال المهلة القانونية ولعدم ثبوت اشتراكه في الثورات السورية أو في القضية الوطنية ولأنه لم يكن موظفاً أو متقاعداً عند القانون المؤرخ 24 من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1938 المنشور بالمرسوم رقم 142 في 14 من شباط (فبراير) سنة 1939، وقد استعرضت المحكمة العليا ذلك كله وانتهت إلى قرارها بإلغاء القرار المطعون فيه، ولما كانت قرارات المحكمة العليا قطعية لا مجال للطعن فيها فقد كان يتعين على وزارة الخزانة إعطاء المدعي حقوقه التقاعدية وإذ سكتت الوزارة عن إجابة المدعي إلى طلباته فإن قرارها الضمني يكون جديراً بالإلغاء - 2 - في وجوب تخصيص راتب تقاعدي للمدعي: أنه ولئن كانت المحكمة العليا لم تفصل فيما إذا كان المدعي يستحق الراتب التقاعدي أو تعويض التسريح على اعتبار أن إبطال القرار المطعون فيه يجعل طعن المدعي في تعويض التسريح الوارد في القرار رقم 287 المؤرخ 30 من كانون الثاني (يناير) سنة 1957 سابقاً لأوانه باعتبار أن هذا القرار لم يحز قوة التنفيذ بعد، إلا أنه لما كان المدعي قد طلب من وزارة الخزانة في 7 من شباط (فبراير) سنة 1959 تخصيص راتب تقاعدي له فلم تجب الوزارة على ذلك الطلب فيعتبر ذلك قراراً ضمنياً برفض تخصيص الراتب التقاعدي. ولما كان القرار رقم 2416 المؤرخ 16 من تشرين الثاني نوفمبر سنة 1936 الصادر عن الحاكم العسكري في جبل الدروز يتضمن إعطاء تعويض التسريح للموظفين المدنيين ولا ينطبق على العسكريين لعدم اشتماله على نص يقضي بذلك، ولما كانت المادة 30 من المرسوم التشريعي رقم 161 الصادر في 4 من تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1935 تقضي بأنه يحدد راتب تقاعد قدم الأمراء والضباط ووكلاء ضباط الدرك الذين أمضوا 15 سنة في الخدمة الفعلية بنصف الراتب العائد للرتبة التي حازوها فيما إذا كان قدمهم يعادل ثلاث سنوات أو أكثر، كما تنص المادة 32 من المرسوم التشريعي رقم 161 المعدلة بالقانون رقم 65 المؤرخ في 15 من حزيران (يونيه) سنة 1938 على أن كل موظف ينسق من جراء إلغاء الوظيفة ولتسريحه من الخدمة بسبب عدم الكفاءة أو بسبب ما غير سبب تأديبي وكانت له خدمة تعادل الخمس عشرة سنة أو أكثر وتكون دون الخمس وعشرين سنة للعسكريين والشرطيين والثلاثين سنة للملكيين يعطي معاش تقاعد بنسبة سني خدماته محسوباً على أساس جزء من خمسين للعسكريين والشرطيين وجزء من ستين للملكيين عن كل سنة من متوسط راتب الرتبة التي تقاضاها خلال الثلاث أو الخمس سنوات الأخيرة، ولما كانت خدمة المدعي تجاوز الخمس عشرة سنة لهذا كان من الواجب تخصيص راتب تقاعدي له. 3 - واستطراداً في التدليل على رغبة الشارع في وجوب تخصيص راتب تقاعد للمدعي لا تعويض تسريح فإنه يبين من مطالعة نصوص المرسوم رقم 142 الصادر في 14 من شباط (فبراير) سنة 1939 أنها تتحدث عن الرواتب التقاعدية وكيفية حسابها عند تقاعد المجاهد من جديد دون تفريق بين مجاهد مدني وعسكري ومجاهد كان في وظيفة تابعة لحسميات التقاعد وأوجبت إعطاءهم جميعاً الراتب التقاعدي، ولما كان يبين مما تقدم جميعه أن الشارع أوجب إعطاء المدعي الراتب التقاعدي لهذا يكون القرار الضمني بعدم تخصيص راتب تقاعدي له جديراً بالإلغاء. ويتحصل رد الحكومة على الدعوى في أن المدعي سبق أن تقدم إلى وزارة الخزانة يطلب تصفية حقوقه التقاعدية عن خدمات أداها في درك محافظة السويداء وأرفق بطلبه صورة من قرار مجلس الوزراء رقم 102 المؤرخ 7 من تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1955 المتضمن اعتبار المدعي من بين من شملتهم أحكام القانون رقم 213 الصادر في 3 من آب (أغسطس) سنة 1954. وقد تبين أن خدمات المدعي مع الضمائم التابعة لها وفقا لأحكام القانون المشار إليه هي 16 يوم و8 شهور و15 سنة ولما كانت أحكام المادة الأولى من القانون رقم 213 سالف الذكر تنص على أن الموظفين الملكيين والعسكريين الذين سبقت لهم خدمة في وظيفة من وظائف الدولة أو المؤسسات واشتركوا في ثورة عام 1920 وثورة عام 1925/ 1926 أو اشتركوا في خدمة القضية الوطنية يجب أن تضم إلى مدة خدمتهم السابقة المدة التي قضوها خارج الوظيفة زمن الاحتلال حتى مبدأ الحكم الوطني، ولما كان العهد الوطني قد تحدد في يوم 21 من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1936 فقد أضيفت هذه المدة إلى خدمات المدعي، ولما كان المدعي من محافظة السويداء وقد أدى خدماته فيها فقد أصبح خاضعاً لأحكام القرار رقم 2416 المؤرخ 16 من تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1936 المتضمن نظام منح موظفي جبل الدروز تعويضات التسريح عن خدماتهم في المنطقة المذكورة، لذلك أعطي المدعي تعويض تسريح عن خدماته وفق أحكام القرار رقم 2416 سالف الذكر وذلك بموجب القرار رقم 287/ والصادر في 30 من كانون الثاني (يناير) سنة 1957. وقد رفض ديوان المحاسبات التأشير على القرار المذكور واعترض المدعي على ذلك لدى المحكمة العليا التي حكمت في 14 من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1958 بوضع القرار رقم 287/ و المشار إليه موضع التنفيذ وبناء على ذلك صدر قرار جديد برقم 968/ و في 23 من آذار (مارس) سنة 1959 بإعطاء المدعي نفس تعويض التسريح الصادر به القرار رقم 278/ و فأقام المدعي هذه الدعوى، وبعد أن استعرضت الحكومة وقائع الدعوى على الوجه المفصل آنفاً دفعت بعدم قبول الدعوى شكلاً مؤسسة دفعها على أن القرار رقم 287/ و بتخصيص تعويض تسريح للمدعي وفق أحكام القرار رقم 2416 المؤرخ 16 من تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1936 قد صدر في 30 من كانون الثاني (يناير) سنة 1957 ونظراً لعدم تأشير ديوان المحاسبات عليه ورفضه اعترض المدعي على ذلك أمام المحكمة العليا طالباً تنفيذ أحكامه غير معترض على ما جاء فيه أصولاً وفق ما جاء في القانون رقم 57، وجاء حكم المحكمة العليا بوضع القرار المذكور موضع التنفيذ فنفذت الوزارة هذا الحكم وأصدرت القرار رقم 968/ و في 23 من آذار (مارس) سنة 1959، الأمر الذي يجعل منازعة المدعي في تطبيق أحكام القرار رقم 2416 الصادر في 16 من تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1936 قد جاءت بعد مضي المدة المحددة قانوناً للاعتراض وفق ما ورد بالقانون رقم 57 مما يجعل الدعوى غير مقبولة شكلاً. وفى الموضوع قالت الحكومة ما محصله إن القرار رقم 2416 السالف الذكر لم يتضمن نصاً يجعل حكمه مقصوراً على الموظفين المدنيين بل جاء النص مطلقاً بحيث يشمل المدنيين والعسكريين لأن الموظف العسكري لا يخرج عن كونه موظفاً، هذا إلى أن منطقة جبل الدروز التي صدر في شأنها القرار المذكور كانت تتمتع بحكم مستقل إدارياً ومالياً وكان لها تشريعها الخاص كمنطقة العلويين تماماً ولذلك لا يخضع المدعي لأحكام المرسوم رقم 161 الصادر في 4 من تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1935، وقد سبق أن قضت المحكمة بذلك في أحكام سابقة. أما ما نص عليه في المادة الأولى من المرسوم رقم 142 الصادر في 14 من شباط (فبراير) سنة 1939 وتعديل هذا النص بالقانون رقم 213 الصادر في 3 من آب (أغسطس) سنة 1954 فهو خاص بإخضاع أو عدم إخضاع وظيفة المجاهد لحسميات العائدات التقاعدية فهو غير ذي موضوع في هذه الدعوى، على أن مفاد المرسوم رقم 142 سالف الذكر أن تضاف خدمة المجاهدين السابقين وتحسب بحسب أحكام التشريع النافذ في منطقة صاحب الشأن ولذلك فإن ورود العبارات المتعلقة بمعاشات التقاعد إنما يقصد بها تسوية أوضاع أصحاب الشأن بحسب نظام التقاعد الذي يخضعون له ولم يقصد به إخضاع الجميع للمرسوم التشريعي رقم 161 سالف الذكر وخلصت الحكومة من ذلك إلى طلب رفض الدعوى. وقد قدمت هيئة المفوضين تقريراً في الدعوى طلبت فيه رفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها موضوعاً وإلغاء القرار المطعون فيه. وبجلسة 28 من نيسان (إبريل) سنة 1960 حكمت المحكمة "1 - برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها. 2 - وفي الموضوع برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات" وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للدفع بعدم القبول على أن "حكم المحكمة العليا قد اقتصر على ضم مدة الجهاد دون معالجة ما إذا كان المدعي يستحق راتباً تقاعدياً بمقتضى أحكام المرسوم التشريعي رقم 161 الصادر في 4 من تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1935 أم أنه يستحق تعويض تسريح بالاستناد إلى القرار رقم 2416 المؤرخ 16 من تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1936 الخاص بمنح موظفي جبل الدروز تعويضات التسريح ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى لسابقة الحكم فيها في غير محله". وبالنسبة للموضوع على أن "حقوق المدعي إنما تحدد على ضوء القرار رقم 2416 المؤرخ في 16 من تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1936أم المتضمن نظام منح موظفي جبل الدروز تعويضات التسريح عن خدماتهم في تلك المنطقة التي كان لها تشريعها الخاص إبان استقلالها الإداري والمالي، ولما كان القرار رقم 2416 سالف الذكر لا يمنح رواتب تقاعدية بل يقتصر على تعويضات التسريح ويستوي في مجال تطبيقه الموظفون المدنيون والموظفون العسكريون في الدرك أمثال المدعي لأن نصوصه في هذا الخصوص جاءت مطلقة غير مقصورة على المدنيين من الموظفين، ومن الواضح أن المركز القانوني الذاتي للمدعي قد تحدد في ظل نفاذ ذلك القرار التشريعي، ومتى كان الأمر كذلك فإن دعوى المدعي الهادفة إلى منحه راتباً تقاعدياً بالتطبيق لأحكام المرسوم التشريعي 161 تاريخ 4/ 11/ 1935 لا تقوم على أساس من القانون ويتعين رفضها".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن تطبيق أحكام القرار رقم 2416 على المدعي وبالتالي تخصيص تعويض تسريح له بدلاً من المعاش التقاعدي يعتبر متعارضاً مع الأحكام القانونية للأسباب الآتية: 1 - أن القانون المؤرخ 24 من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1938 والمنشور بموجب المرسوم رقم 142 في 14 من شباط (فبراير) سنة 1939 قد صدر بعد بدء العهد الوطني وقد شمل سوريا بما فيها محافظة السويداء التي هي جزء من الوطن السوري ولم يستثن أحداً من السوريين الذين ينطبق عليهم القانون المذكور، 2 - أن المدعي من أهالي محافظة السويداء ولم تسلخ عنه صفة المواطن السوري وبالتالي لم يحرم مما يستفيد به غيره من السوريين من أحكام القوانين النافذة في حقهم ولو أراد المشرع استثناء المدعي وأمثاله من أحكامه لنص على ذلك صراحة أو ضمناً، وبما أنه لم يرد بالقانون شيء من ذلك فإنه يتعين اعتباره عاماً شاملاً جميع السوريين ومطلقاً يجري على إطلاقه لعدم وجود نص يقيد هذا الإطلاق وقد اعتبر الحكم المطعون فيه أن المركز القانوني الذاتي للمدعي قد تحدد في ظل نفاذ القرار رقم 2416 وهذا الاعتبار قائم على فهم خاطئ للأسباب الآتية: 1 - أن المشرع الذي ينشئ المراكز القانونية للأفراد يملك أن يعدل في هذه المراكز والقانون المؤرخ في 24 من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1939 إنما درج على هذا الأسلوب وذلك بتعديل المركز القانوني القديم ومن ثم كان يتعين أن تصدر الإدارة قراراً بمنح المدعي الراتب التقاعدي المطلوب لأنه قرار كاشف لمركز قانوني نشأ في أقرب قانون من حيث التاريخ وهو القانون المؤرخ 24 من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1939. 2 - أن قرار المحكمة العليا القاضي بإلغاء القرار الصادر من الإدارة يعني أن ما ذهبت إليه وزارة الخزانة من رفض طلب المدعي استناداً إلى الأسباب التي رفض من أجلها ديوان المحاسبات التأشير على القرار كان في غير محله وكان ينبغي على وزارة الخزانة إصدار قرار في ضوء القوانين النافذة ومنها القانون المؤرخ 24 من ديسمبر سنة 1939 وعلى الاجتهاد الوارد في قرار المحكمة العليا. ثم أضاف الطعن أن ما ورد بالحكم المطعون فيه من قرار المحكمة العليا قد أوجب ضم مدة الجهاد في خدمة المدعي السابقة دون معالجة ما إذا كان المدعي يستحق راتباً تقاعدياً بمقتضى أحكام المرسوم التشريعي رقم 161 أم أنه يستحق تعويض تسريح بالاستناد إلى القرار 2416، يناقض ما ورد بالحكم المطعون فيه من أن المدعي يستحق تعويض تسريح لا راتباً تقاعدياً، ذلك لأن قرار المحكمة العليا قد انتهى إلى أن اعتبار المدعي ممن يستحقون تعويض تسريح مخالف للقانون، فعودة محكمة القضاء الإداري إلى مخالفة قرار صادر من ذات جهاز القضاء الإداري والحكم على خلافه يعتبر مخالفة للقانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه للأسباب التي استند إليها وتضيف إليها هذه المحكمة أن القرار رقم 2416 المتضمن نظام صرف تعويض الخروج من الوظيفة أو التسريح المتوجبة للموظفين من أهالي البلد الأصليين التابعين لحكومة جبل الدروز "الصادر في 16 من تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1936 والمصدق عليه في 7 من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1936 قد جرى نص المادة الأولى منه بما يلي: "كل موظف محلى أصيل مسرح لسبب غير تأديبي يأخذ تعويض تسريح محسوب على أساس نصف راتبه الشهري الأخير لكل سنة خدمة فعلية، أن تعويض التسريح لا يمكن بأي حال ومهما كانت مدة خدمة الموظف أو المستخدم المسرح لا يمكن أن يقل عن راتب شهر عن كل شهر أو جزء من الشهر الزائد على مجموع عدد أعوام الخدمة، تخصص علاوة قدرها 12/1 من التعويض العائد لسنة كاملة..." كما جرى نص المادة الأولى من المرسوم رقم 141 بتاريخ 14 من شباط (فبراير) سنة 1939 المعدلة بالقانون رقم 213 بتاريخ 3 من آب (أغسطس) سنة 1954 بما يلي: "أن الموظفين الملكيين والعسكريين والمتقاعدين الذين سبقت لهم خدمة في وظيفة من وظائف الدولة أو المؤسسات العامة واشتركوا في ثورة 1920 وثورة 1925 و1926 أو اشتركوا في خدمة القضية الوطنية واستشهدوا أو حكم عليهم من أجلها بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ولم يستخدموا من بعد الحكم عليهم حتى مبدأ الدور الوطني تضم إلى مدة خدمتهم السابقة المدة التي بقوا فيها خارج الوظيفة في عهد الاحتلال حتى مبدأ العهد الوطني"، ونصت المادة الثانية من القانون 142 سالف الذكر على أنه "يعاد النظر في حسابات معاشات التقاعد للمتقاعدين من هؤلاء على أساس هذه الإضافة وأساس الراتب المحدد...". ويبين من مطالعة هذه النصوص أن القرار رقم 2416 قد هدف أساساً إلى تقرير تعويض تسريح للموظفين المحليين بفئات معينة عن مدة خدمتهم الفعلية، أما القانون رقم 142 الآنف الذكر فكان يهدف إلى أن تضم إلى مدة خدمة الموظفين المبينين به المدة التي بقوا فيها خارج الوظيفة في عهد الاحتلال حتى مبدأ العهد الوطني لا إلى تقرير معاشات تقاعد لهؤلاء الموظفين، وإنما يستتبع هذا الضم بطبيعة الحال إعادة النظر في حسابات معاشات التقاعد للمتقاعدين من هؤلاء الموظفين على أساس هذه الإضافة، وقد طبقت الجهة الإدارية القرار رقم 2416 والقانون رقم 142 في حق المدعي كل في مجال تطبيقه، فضمت إلى مدة خدمته الفعلية المدة المنصوص عليها في القانون رقم 142 ثم قدرت تعويض التسريح بالتطبيق للقرار رقم 2416 على أساس المدة المضمومة، ومن ثم يكون الطعن قد قام على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.