أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 640

جلسة 3 من مايو سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وأنور خلف، ومحمود عطيفه، والدكتور محمد محمد حسنين.

(151)
الطعن رقم 411 لسنة 40 القضائية

(أ، ب، ج) تسعير جبري. ارتباط. عقوبة. "عقوبة الجرائم المرتبطة". نقض. "حالات الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون". "الحكم في الطعن". تموين.
(أ و ب) وجود السلعة في محل التجارة ولو لم تكن في مكان ظاهر للعيان. صحة اعتباره عرضاً للبيع. إنكار وجودها أو إخفاؤها وحبسها عن التداول من جانب البائع. صحة عدة امتناعاً عن البيع.
(ج) قيام ارتباط بين جريمتي عرض سلعة مسعرة للبيع بأكثر من السعر المقرر والامتناع عن بيعها بالسعر المقرر. وجوب اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما، مخالفة الحكم هذا النظر. خطأ في تطبيق القانون.
1 - إن وجود السلعة في محل التجارة ولو لم يكن في مكان ظاهر للعيان يصح اعتباره عرضاً للبيع، وإنكار وجودها من جانب البائع يصح عده امتناعاً عن البيع.
2 - إن نص المرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1950 المعدل بالقانون رقم 28 لسنة 1957 في المادة التاسعة منه بإطلاق على معاقبة من يمتنع عن بيع سلعة مسعرة بالسعر المقرر، فقد فرض بذلك على التجار عرض هذه السلع للبيع متى توافرت لهم حيازتها بحيث إذا امتنعوا عن البيع منكرين أمر وجود السلعة أو مخفين لها حابسينها عن التداول اعتبروا ممتنعين عن بيعها بالسعر المحدد لها جبراً ما دام تحديد السعر لا يعرض بداهة عند إخفاء السلعة أو إنكار وجودها البتة وإلا كانت النتيجة أن يعفوا من العقاب كلما أنكروا وجود السلعة المسعرة أو امتنعوا عن بيعها لمن يقصد في طلبها من المشترين إلا الذين يأنسون فيهم أن يشتروها بأكثر من السعر المقرر وهو ما لا يمكن أن يكون الشارع قد قصد إليه.
3 - متى كان ما أورده الحكم في بيان الواقعة يتحقق به معنى الارتباط الوارد بالمادة 32/ 2 من قانون العقوبات، لأن الجريمتين (عرض سلعة مسعرة للبيع بأكثر من السعر المقرر والامتناع عن بيعها بالسعر المقرر) وقعتا لغرض واحد وكانتا مرتبطتين ببعضهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة مما يقتضي وجوب اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما، وكان الحكم قد قضى بعقوبة عن كل تهمة من التهمتين المسندتين إلى الطاعن، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لذلك قبول هذا الوجه ونقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه وفق القانون واعتبار الجريمتين جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما وذلك بالنسبة إلى الطاعن وإلى المحكوم عليه الثاني الذي لم يقدم طعناً لاتصال هذا الوجه الذي بنى عليه النقض به، وذلك عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة 32 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 6/ 5/ 1967 بدائرة قسم مصر الجديدة: (1) عرضا للبيع سلعة مسعرة (قماش زفير) أزيد من السعر المقرر قانوناً. (2) امتنعا عن بيع سلعة مسعرة (قماش زفير) بالسعر المقرر قانوناً. وطلبت معاقبتهما بأحكام القانون رقم 163 لسنة 1950. ومحكمة مصر الجديدة الجزئية قضت حضورياً للأول وغيابياً للثاني عملاً بمواد الاتهام بتغريم كل من المتهمين مائة جنيه والمصادرة عن كل تهمة وشهر ملخص الحكم على واجهة المحل لمدة شهر. فاستأنف المتهمان هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن وكيل الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة عرض سلعة مسعرة بسعر يزيد عن السعر المقرر قانوناً وامتناع عن بيعها بالسعر المقرر قد شابه فساد في الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الأقمشة التي نسب إليه عرضها للبيع بسعر يزيد عن السعر المقرر كانت "برف" مغطى يستعمل كمخزن للمحل ولم تكن معروضة للبيع وكان بيان الأسعار الزائدة عن المقرر غير ظاهر عليها مما يقطع بأن المبلغ هو الذي دس بيان هذه الأسعار بدون علمه للنيل منه كما أن تلك الأقمشة تحمل أختاماً باسم زفير الشوربجي، مما لا يتسنى معه إخفاء سعرها المحدد قانوناً عن المشتري خاصة وأن الطاعن قد عرض للبيع بعض قطع أخرى من هذا النوع على مفتش التموين، هذا وقد أخطأ الحكم في القانون إذ اعتبر جريمتي الامتناع عن البيع والعرض للبيع بأكثر من السعر المحدد منفصلتان كل منهما عن الأخرى رغم قيام الارتباط بينهما مما كان يتعين معه تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات والحكم بالعقوبة المقررة لأشد الجريمتين بدلاً من الحكم على الطاعن بعقوبتين مستقلتين.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى، بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بارتكابهما وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال مفتش التموين والمبلغ كمال الدين زكي. لما كان ذلك، وكان وجود السلعة في محل التجارة ولو لم يكن في مكان ظاهر للعيان يصح اعتباره عرضاً للبيع وإنكار وجودها من جانب البائع يصح عده امتناعاً عن البيع وكان المرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 28 لسنة 1957، إذ نص في المادة التاسعة منه بإطلاق على معاقبة من يمتنع عن بيع سلعة مسعرة بالسعر المقرر فقد فرض بذلك على التجار عرض هذه السلع للبيع متى توافرت لهم حيازتها بحيث إذا امتنعوا عن البيع منكرين أمر وجود السلعة أو مخفين لها حابسينها عن التداول اعتبروا ممتنعين عن بيعها بالسعر المحدد لها جبراً ما دام تحديد السعر لا يعرض بداهة عند إخفاء السلعة أو إنكار وجودها البتة وإلا كانت النتيجة أن يعفوا من العقاب كلما أنكروا وجود السلعة المسعرة أو امتنعوا عن بيعها لمن يقصد في طلبها من المشترين، إلا الذين يأنسون فيهم أن يشتروها بأكثر من السعر المقرر وهو ما لا يمكن أن يكون الشارع قد قصد إليه. لما كان ما تقدم وكان ما يثيره الطاعن في شأن الأختام الموضوعة على الأقمشة وعرضه على مفتش التموين بعض قطع من الأقمشة بالسعر المقرر ودس المبلغ لبيان الأسعار الزائدة عن المقرر ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي فيما اطمأنت إليه محكمة الموضوع من أدلة الدعوى، مما لا يسوغ مصادرتها بشأنه أو الخوض فيه لدى محكمة النقض فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من هذه الناحية يكون غير سديد. أما ما ينعاه الطاعن بشأن إغفال المحكمة تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات فهو سديد في القانون، ذلك بأن ما أورده الحكم في بيان الواقعة يتحقق به معنى الارتباط الوارد بالمادة 32/ 2 من قانون العقوبات لأن الجريمتين وقعتا لغرض واحد وكانتا مرتبطتين ببعضهما ارتباطاً لا يقبل للتجزئة، مما يقتضي وجوب اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما. لما كان ذلك، وكان الحكم قد قضى بعقوبة عن كل تهمة من التهمتين المسندتين إلى الطاعن فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ويتعين لذلك قبول هذا الوجه ونقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه وفق القانون واعتبار الجريمتين جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما وذلك بالنسبة إلى الطاعن وإلى المحكوم عليه الثاني الذي لم يقدم طعناً لاتصال هذا الوجه الذي بنى عليه النقض به، وذلك عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة 32 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.