أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 853

جلسة 16 من أكتوبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد علي موسى، وأحمد طاهر خليل، ومحمد علي بليغ، ومحمد حلمي راغب.

(176)
الطعن رقم 562 لسنة 47 القضائية

(1) إثبات. "شهادة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشاهد وتقديرها. موضوعي.
حق محكمة الموضوع في اطراح أقوال الشاهد دون بيان العلة. إفصاحها عن علة إطراحها. خضوعها في ذلك لرقابة النقض.
مثال لخلاف بين شاهدي الإثبات في تحديد ساعة الضبط مما لا ينال بذاته من شهادتهما.
(2) إثبات "بوجه عام". "شهادة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". تحقيق. "إجراء التحقيق". بطلان. "بطلان إجراءات التحقيق". إجراءات. "إجراءات التحقيق".
عدم تحريز الجيب المضبوط به المخدر. لا ينال من شهادة من أجري الضبط.
وجود المخدر غير مغلف. بالجيب – لا يستتبع حتماً تخلف آثار به.
1 - من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تزن أقوال الشاهد وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه دون أن تكون ملزمة ببيان سبب إطراحها لها، إلا أنه متى أفصحت المحكمة عن الأسباب التي من أجلها لم تعول على أقوال الشاهد، فإن لمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كان من شأن هذه الأسباب أن تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها، وإذ كان ما تقدم وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تبريراً لإطراحه أقوال شاهدي الإثبات في الدعوى غير سائغ وليس من شأنه أن يؤدي إلى ما رتب عليه ذلك بأن الخلاف بين شاهدي الإثبات في تحديد ساعة ضبط المتهم في حدود ربع الساعة ليس من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه من اطراح أقوال شاهدي الإثبات جملة إذ أن وقت الضبط – وفي الدعوى المطروحة – لا أثر له على جوهر واقعة إحراز المخدر خاصة وأن الدفاع عن المطعون ضده لم يدفع بأن الضبط تم في وقت سابق على الإذن به.
2 - عدم تحريز جيب سترة المطعون ضده الذي ضبط به مخدر الحشيش لا يؤدي في الاستدلال السليم إلى اطراح أقوال الشاهد، ذلك أن وجود مخدر غير مغلف داخل جيب سترة المطعون ضده لا يلزم عنه بالضرورة تخلف آثار منه بهذا الجيب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين (حشيشاً وأفيوناً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1/ 1 و7/ 1 و34/ 1 و36 و43 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبندين 1 و12 ق الجدول رقم (1) المرفق، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من جريمة إحراز جواهر مخدرة بقصد الاتجار استناداً إلى التشكك في أقوال شاهدي الإثبات قد انطوى على فساد في الاستدلال ذلك بأن الأسباب التي ساقها الحكم لإطراح تلك الأقوال غير سائغة ولا تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها إذ استند في إطراحه لشهادتهما إلى اختلاف أقوالهما في تحديد ساعة الضبط، إذ قرر الشاهد الأول أن الضبط تم في الساعة الحادية عشرة مساء بينما قرر الثاني أن ذلك تم في الساعة الحادية عشرة والربع مساء وإلى عدم تحريز السترة التي تم ضبط المخدر بها وتفتيش عشه المطعون ضده التي أذنت النيابة بتفتيشها دون مبرر ظاهر لذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى – كما صورتها النيابة العامة – بما محصله أن تحريات الرائد........ دلت على أن المطعون ضده يتجر في المواد المخدرة وأنه أقام عشه بمنطقة الفباري لهذا الغرض، وأن تنفيذاً للإذن الصادر من النيابة المختصة بتفتيشه وتفتيش عشته، انتقل وبرفقته العريف السري....... إلى شارع الأخشيدي حيث قام بضبط المطعون ضده وتفتيشه فعثر في جيب سترته الأيسر على قطعة كبيرة الحجم نسبياً من ماد الحشيش وأخرى متوسطة من ذات المادة ولفافة سلوفانية تحوي مخدر الأفيون ومطواة بنصل واحد في جيب بنطلونه الخلفي ثبت وجود فتات دون الوزن لمخدر الحشيش على نصلها، عرض الحكم إلى الأسباب المبررة لإطراح أقوال شاهدي الإثبات وقضى ببراءة المطعون ضده بقوله: "وحيث إنه عن عدم قيام الضابط........... بتفتيش عشه المتهم التي حصل على إذن النيابة بتفتيشها رغم ما أثبته في محضر التحريات من أن المتهم أقامها لمزاولة الاتجار في المواد المخدرة دون مبرر ظاهر للتقاعس عن تفتيشها، ويضاف إلى ذلك اختلاف رواية الضابط المذكور مع رواية العريف السري المشار إليه فيما يتعلق بساعة ضبط المتهم إذ قرر الأول أن المتهم ضبط الساعة الحادية عشرة والربع مساء بينما قرر الثاني أن الضبط كان في الساعة الحادية عشر مساء – وفضلاً عن ذلك فإن جيب السترة المقال بضبط مخدر الحشيش به – والذي كان عارياً – لم يحرز للتحقق من صحة رواية الضابط بدليل مادي يساندها – وإنما يجعل المحكمة لا تطمئن لصدق رواية شاهدي الإثبات، وبالتالي تكون الجريمة المسندة إلى المتهم والمؤسسة عليها مشكوكاً في مقارفته إياها ويتعين لذلك الحكم ببراءته منها". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تزن أقوال الشاهد وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه دون أن تكون ملزمة ببيان سبب إطراحها لها، إلا أنه متى أفصحت المحكمة عن الأسباب التي من أجلها لم تعول على أقوال الشاهد، فإن لمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كان من شأن هذه الأسباب أن تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها، وإذ كان ما تقدم وكان ما أورده الحكم المطعون في تبريراً لإطراحه أقوال شاهدي الإثبات في الدعوى غير سائغ وليس من شأنه أن يؤدي ما ترتب عليه ذلك بأن الخلاف بين شاهدي الإثبات في تحديد ساعة ضبط المتهم في حدود ربع الساعة وليس من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه من اطراح أقوال شاهدي الإثبات جملة إذ أن وقت الضبط – وفي الدعوى المطروحة – لا أثر له على جوهر واقعة إحراز المخدر خاصة وأن الدفاع عن المطعون ضده لم يدفع بأن الضبط تم وقت سابق على الإذن به، كما أن عدم تحريز جيب سترة المطعون ضده الذي ضبط به مخدر الحشيش لا يؤدي في الاستدلال السليم إلى اطراح أقوال الشاهد، ذلك أن وجود مخدر غير مغلف داخل جيب سترة المطعون ضده لا يلزم عنه بالضرورة تخلف آثار منه بهذا الجيب، كما أن قعود الضابط عن تفتيش عشه المطعون ضده ليس من شأنه الشك في أقواله أو أن ينال من الدليل المستمد من تفتيش شخص المطعون ضده ومسئوليته عن واقعة إحرازه المواد المخدرة المضبوطة معه، لما كان ما تقدم، فإن الحكم يكون قد انطوى على فساد في الاستدلال بما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة دون حاجة إلى بحث الوجه الآخر من الطعن.