أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 330

جلسة 7 من فبراير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ ابراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجى اسحق وفتحى خليفة وأحمد عبد البارى وبدر الدين السيد.

(54)
الطعن رقم 22443 لسنة 59 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. ايداعها".
التقرير بالطعن بالنقض فى الميعاد. دون تقديم اسبابه - أثره. عدم قبول الطعن شكلا.
(2) نيابة عامة. نقض "ميعاده". إعدام.
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالاعدام. دون التقيد بميعاد محدد. اساس ذلك ؟
(3) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماه. وكاله. دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
ندب محامياً للدفاع عن المتهم لعدم توكيله محامياً عن أو طلبه التأجيل لتوكيل محام. ترافع المحامى المنتدب وابداء ما عن له من دفاع. لا اخلال بحق الدفاع.
استعداد المدافع أو عدم استعداده. أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحى به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته.
(4) إثبات "اعتراف. اكراه. استدلال. إجراءات "إجراءات التحقيق". مأمورو الضبط القضائى. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال. لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الاثبات.
حقها فى الأخذ باعتراف المتهم فى أى دور من التحقيق. ولو عدل عنه بعد ذلك.
حضور ضابط الشرطه للتحقيق لا يعيب اجراءاته. سلطان الوظيفة ذاته لا يعدو اكراها طالما لم يستطل بأذى ماديا كان أن معنويا. مجرد الخشية منه لا تعد قرين الاكراه المبطل للإعتراف.
(5) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات " شهود" "خبرة " إعتراف. اكراه.
نفى الحكم الصلة بين إصابات المتهم واعترافه وإرجاع حدوثها إلى مقاومة المجنى عليها الثانية. دون أن يستند فى ذلك إلى دليل فنى. لا يعيبه. ما دام قد عول فى بيان حدوثها على أقوال المتهم نفسه.
(6) قصد جنائى. قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر بل الظروف المحيطه بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه.
استخلاص ذلك القصد. موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديريه.
مثال لاستخلاص سائغ لتوافر نية القتل.
(7) سبق اصرار. ترصد. ظروف مشددة. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". قتل عمد.
البحث فى توافر سبق الاصرار والترصد من اطلاقا قاضى الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها.
مثال لتسبيب كاف لاثبات توافر ظرفي سبق الاصرار والترصد فى جريمة قتل عمد.
(8) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". عقوبة. اعدام. قتل عمد.
الحكم الصادر بالاعدام. ما يلزم من تسبيب لاقراره ؟
عدم النص فى الحكم على طريقه الاعدام. لا عيب. علة ذلك: طريقة الاعدام من اعمال سلطة التنفيذ ولا شأن فيه لسلطة الحكم.
1 - إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض فى الميعاد إلا أنه لم يقدم اسبابا لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلا، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله وان التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معا وحدة اجرائيه لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه.
2 - أن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من اعدام المحكوم عليه، دون اثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعى عرض القضية فى ميعاد الأربعين يوما المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بالرأى الذى ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
3 - لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المتهم لم يوكل محاميا للدفاع عنه، ولم يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام، فندبت المحكمة له محاميا ترافع فى الدعوى وأبدى ما عن له من دفاع فيها، فان المحكمة تكون قد وفرت للمتهم حقه فى الدفاع وإذ كان استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوجى به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته، فانه لا وجه للقول بخلو محضر الجلسة مما يفيد أن المحكمة قد أعطت المحامى المنتدب الوقت الكافى للاطلاع على أوراق الدعوى وتحضير دفاعه خاصة وقد ثبت بمحضر جلسة المحاكمة أن المحامى شرح وقائع الدعوى ودوافع الجريمة وطلب استعمال الرأفة لصغر سن المتهم وعدم وجود سوابق له.
4 - من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الاثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ولها سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى أى دور من التحقيق، ولا يغير من ذلك عدول الطاعن من اعترافه وانكاره بجلسة المحاكمة الاتهام المسند اليه لما هو مقرر من أنه لا على الحكم أن يأخذ باعتراف المتهم فى تحقيقات النيابة لبراءته مما يشوبه من عيب الاكراه واطمئنانا من المحكمة إلى صدقه ومطابقته للواقع ولو عدل عنه بعد ذلك، ولا يؤثر فى ذلك أن يكون المتهم قد أدلى باعترافه فى تحقيق النيابة فى حضور ضابط الشرطة - لأن مجرد حضور ضابط الشرطة التحقيق - بفرض حصوله - ليس فيه ما يعيب اجراءاته إذ أن - سلطان الوظيفة فى ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وامكانات لا يعد اكراها ما دام هذا السلطان لم يستطل على المتهم بالأذى ماديا أو معنويا كما أن مجرد الخشية لا يعد قرين الاكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكما.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم قد خلص على عدم قيام صلة بين اصابات المتهم واعترافه. وانتهى إلى سلامة هذا الاعتراف مما يشوبه واطرح الدفع بصدوره نتيجة اكراه بماله اصله فى الأوراق، فانه يكون قد اقترن بالصواب، ولا ينال من ذلك أن الحكم لم يستند إلى دليل فنى فيما ذهب اليه من أن اصابات المتهم حدثت من مقاومة المجنى عليها الثانية له ما دام الحكم قد عول فى بيان كيفية حدوثها على اقوال المتهم نفسه.
6 - لما كان الحكم قد استظهر نية القتل فى حق المحكوم عليه بقوله
"وحيث أنه عن نية القتل فالثابت من الأوراق تربص المتهم بالمجنى عليها الأولى.......... بالطريق الذى اعتادت أن تسلكه واستدرجها إلى غرفة الكنب بمنزله بعد أن اغراها بقطعة من الحلوى ثم قام بكتم انفاسها بان اغلق فتحتى الأنف والفم بيديه حتى فارقت الحياة انتقاما من والدها بعد أن شهد عليه فى مجلس عرفى بسرقة جهاز تسجيل الأمر الذى ينبئ عن انصراف نيته إلى ازهاق روح المجنى عليها. وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطه بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع وفى حدود سلطته التقديرية، و كان ما أورده الحكم فيما سلف كافيا فى استظهار نية القتل، فإنه يكون قد اصاب صحيح القانون.
7 - من المقرر أن البحث فى توافر سبق الاصرار والترصد من إطلاقات قاضى الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلا مع ذلك الاستنتاج، وكان الحكم قد بين ظرف سبق الاصرار بقوله "وحيث أنه عن سبق الاصرار بالنسبة للمجنى عليها الأولى...... فثابت فى حقه من توافر الباعث على القتل وهو الضغينة التى يحملها المتهم لوالد المجنى عليها منذ أن شهد عليه فى واقعة سرقة جهاز التسجيل ومن ساعتها عقد العزم وبيت النيه على الانتقام منه بقتل أحد أولاده وقد أعمل فكره فى هدوء وروية فى تدبير خطته التى رسمها لتنفيذ جريمته باستدراج المجنى عليها إلى مسكنه وقتلها" ودلل على ثبوت ظرف الترصد من قيام المتهم بترصد خطوات المجنى عليها بالطريق الذى تسلكه عادة أمام منزله فولدت لديه رغبة الانتقام من أبيها وما أن ظفر بها حتى استدرجها إلى مسكنه مغريا إياها بقطعة حلوى بعثت فى نفسها الأمان والاطمئنان حتى أنفذ ما انتواه بالنسبة لها. فان ما أورده الحكم - فيما سلف - يتحقق به ظرفا سبق الاصرار والترصد على النحو المعروف قانونا.
8 - لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان المحكوم عليه بالاعدام بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها فى الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالاعدام باجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأى مفتى الجمهورية قبل اصدار الحكم و فقا للمادة 381/ 2 من قانون الاجراءات الجنائية - ولا ضير على المحكمة عدم النص على طريقة الاعدام لان هذا من أعمال سلطة التنفيذ ولا شأن فيه لسلطة الحكم - كما جاء الحكم خلوا من مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى لم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى يغير مما انتهى إليه هذا الحكم، و من ثم يتعين معه قبول عرض النيابة وإقرار الحكم الصادر باعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه 1 - قتل........ عمدا مع سبق الاصرار والترصد بان بيت النية على قتلها وترصدها فى المكان الذى أيقن مرورها فيه وما أن ظفر بها حتى استدرجها إلى داخل منزله وكم أنفاسها بكلتا يديه قاصدا من ذلك قتلها فأحدث بها الحالة العصبية الموصوفه بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها. 2 - سرق القرط الذهبى المبين وصفا وقيمة بالتحقيقات المملوكه للمجنى عليها سالفه الذكر وكان ذلك أثناء تواجدها بمسكنه. 3 - شرع فى قتل...... بأن اطبق عليها بكلتا يديه على عنقها قاصدا من ذلك قتلها فأحدث بها الاصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لارادته فيه هو فقدانها الوعى واعتقاده أنها فارقت الحياة وتمكنها من الهرب بعد أن استردت وعيها وكان القصد من هذه الجناية التأهب لفعل جنحة وارتكابها بالفعل بأن شرع فى سرقة الحلى الذهبية المبينه الوصف والقيمة بالتحقيقات المملوكة للمجنى عليها من سالفة الذكر وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لارادته فيه هو تمكن المجنى عليها من الهرب بعد أن استردت. وعيها وأحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة والمحكمة المذكورة قررت بجلسة...... بإجماع الآراء بإحالة الأوراق لفضيلة مفتى الجمهورية لابداء الرأى وحددت للنطق بالحكم جلسة...... وبالجلسة المحدده قضت المحكمة المذكورة حضوريا عملاً بالمواد 230، 231، 232، 234/ 3، 45، 46، 47، 318، 321 من قانون العقوبات. أولا: باجماع الآراء بمعاقبة المتهم عن التهمة الأولى المسندة إليه. ثانيا: الحبس مع الشغل لمدة سنتين عن التهمة الثانية المسندة إليه. ثالثا بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عن التهمة الثالثة.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض....... الخ. وكما عرضت النيابة الصادرة القضية بمذكرة مشفوعه بالرأى.


المحكمة

من حيث إن المحكوم وإن قرر بالطعن بالنقض فى الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابا لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلا، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معا وحدة اجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه.
ومن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من اعدام المحكوم عليه، دون اثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعى عرض القضية فى ميعاد الأربعين يوما المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بالرأى الذى ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
ومن حيث إن الحكم حصل واقعة الدعوى فى قوله "أنه نظرا للضغينة التى يحملها المتهم..... للمواطن...... لشهادته ضده فى سرقة جهاز تسجيل مملوك للمواطن....... فى مجلس عرفى بالقرية ألحق به الخزى والعار بين ذويه وأهل عزبته فقد عقد العزم منذ ذلك الحين على الانتقام منه وبيت النيه قتل أحد أبنائه والذين اعتادوا المرور أمام منزله وأخذ يفكر فى هدوء ورويه فى انفاذ ما عقد العزم عليه وتربص بالمجنى عليها...... بالطريق الذى أيقن مرورها فيه حتى ظفر بها قبيل صلاة الجمعة يوم...... واستدرجها إلى حجرة يطلق عليها حجرة الكنب بعد أن أغراها بقطعة حلوى وغلق الأبواب وباغتها بأن كم انفاسها ولم يتركها إلا بعد أن أيقن أنها فارقت الحياة فقام بالاستيلاء على قرطها الذهبى ثم قام بدفنها أسفل إحدى الأرائك بالحجرة وتوجه إلى.... حيث باع القرط الذهبى للمواطن...... وبتاريخ....... وحال وقوف المتهم أمام باب منزله أبصر المجنى عليها........ قادمة ودار بينهما حديث حول غياب أختها....... وشهرتها...... - والتى تبين فيما بعد أنه قتلها - وأوهمها بان زوجته لديها معلومات عن غيابها واستدرجها إلى غرفة الكنب وباغتها وأطبق بيديه على عنقها قاصدا من ذلك قتلها لسرقة ما تتزين به من حلى فسقطت على أيكه مغشيا عليها فظن انها فارقت الحياة فتركها بالغرفة ليستريح قليلاً ثم يعود اليها ليستولى على مصاغها ويواريها التراب تحت الأرائك ولكن خاب فأله إذ أقامت المجنى عليها بعد قليل لتجد نفسها وحيدة فاسرعت بالفرار إلى الطريق تستغيث حيث هرع اليها بعض أهل القرية وطير الخبر للشرطة حيث ثم ضبط المتهم واعترف تفصيلا بتحقيقات النيابة بما اسند اليه من اتهام وحال قيام السيد وكيل النيابة المحقق بمعاينة مكان اعتداء المتهم على المجنى عليها الأخيرة...... عثر على جثة الطفلة....... وقد وراها المتهم التراب أسفل إحدى أرائك الغرفة وقام بتمثيل الواقعة كما أتاها. وقد ساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من أقوال الشهود الذين أورد الحكم ذكرهم واعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة ومما ثبت بتقرير الصفة التشريحية والتقرير الطبى الشرعى، وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلا سليما له أصله الثابت فى الأوراق - وعلى ما تبين من الاطلاع على المفردات - ثم خلص إلى إدانة المتهم بجريمة قتل..... عمدا مع سبق الاصرار والترصد، وسرقة قرطها الذهبى، وبالشروع فى قتل..... بقصد سرقة حليها وأنزل عليه العقاب المنصوص عليه فى المواد 230، 231، 232، 234/ 3، 45، 46، 47، 318، 321 من قانون العقوبات. ولما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المتهم لم يوكل محاميا للدفاع عنه، ولم يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام، فندبت المحكمة له محاميا ترافع فى الدعوى وأبدى ما عن له من دفاع فيها، فان المحكمة تكون قد وفرت للمتهم حقه فى الدفاع وإذ كان استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوجى به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته، فإنه لا وجه للقول بخلو محضر الجلسة مما يفيد أن المحكمة قد أعطت المحامى المنتدب الوقت الكافى للاطلاع على أوراق الدعوى وتحضير دفاعه خاصة وقد ثبت بمحضر جلسة المحاكمة أن المحامى شرح وقائع الدعوى ودوافع الجريمة وطلب استعمال الرأفة لصغر سن المتهم وعدم وجود سوابق له. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع المتهم ببطلان اعترافه بتحقيق النيابة لأنه جاء وليد اكراه ورد عليه بقوله أن البين من الأوراق أن اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة صدر منه عن طواعية واختيار وجاء مطابقا للواقع وصادقته الماديات والعثور على جثة المجنى عليها الأولى بمسكنه ولم يزعم أن ثمة اعتداء وقع عليه لكى يدلى بهذا الاعتراف سيما وأن ما لوحظ به من اصابات عند سؤاله بالتحقيقات تؤكد أنها ناجمة عن مقاومة المجنى عليها الثانية له وكما قرر هو بنفسه فى التحقيقات وقول المتهم أن اعترافه كان وليد اكراه لوجوده واحد من الضباط بسراى النيابة عند سؤاله محض قول مرسل، إذ أنه حتى لو صح ذلك فانه لا يبطل الاعتراف ما دام هذا الوجود لم يستطل إلى المتهم من اكراه مادى أو معنوى ومن ثم تطرح هذا القول من المتهم جانبا ولا تعول عليه بعد أن اطمأنت لصحة اعترافه بتحقيقات النيابة ومطابقتها للحقيقة والواقع. وكان من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الاثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة، ولها سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى أى دور من التحقيق، ولا يغير من ذلك عدول الطاعن من اعترافه وانكاره بجلسة المحاكمة الاتهام المسند اليه لما هو مقرر من أنه لا على الحكم أن يأخذ باعتراف المتهم فى تحقيقات النيابة لبراءته مما يشوبه من عيب الاكراه واطمئنانا من المحكمة إلى صدقه ومطابقته للواقع ولو عدل عنه بعد ذلك، ولا يؤثر فى ذلك أن يكون المتهم قد أدلى باعترافه فى تحقيق النيابة فى حضور ضابط الشرطة - لأن مجرد حضور ضابط الشرطة التحقيق - بفرض حصوله - ليس فيه ما يعيب اجراءاته إذ أن - سلطان الوظيفة فى ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وامكانات لا يعد اكراها ما دام هذا السلطان لم يستطل على المتهم بالأذى ماديا أو معنويا كما أن مجرد الخشية لا يعد قرين الاكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكما، وإذ كان الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم قد خلص على عدم قيام صلة بين اصابات المتهم واعترافه. وانتهى إلى سلامة هذا الاعتراف مما يشوبه واطرح الدفع بصدوره نتيجة اكراه بماله اصله فى الأوراق، فانه يكون قد اقترن بالصواب، ولا ينال من ذلك أن الحكم لم يستند إلى دليل فنى فيما ذهب اليه من أن اصابات المتهم حدثت من مقاومة المجنى عليها الثانية له ما دام الحكم قد عول فى بيان كيفية حدوثها على اقوال المتهم نفسه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل فى حق المحكوم عليه بقوله "وحيث إنه عن نية القتل فالثابت من الأوراق تربص المتهم بالمجنى عليها الأولى..... بالطريق الذى اعتادت أن تسلكه واستدرجها إلى غرفة الكنب بمنزله بعد أن أغراها بقطعة من الحلوى ثم قام بكتم انفاسها بان اغلق فتحتى الأنف والفم بيديه حتى فارقت الحياة انتقاما من والدها بعد أن شهد عليه فى مجلس عرفى بسرقة جهاز تسجيل الأمر الذى ينبئ عن انصراف نيته إلى ازهاق روح المجنى عليها". وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع وفى حدود سلطته التقديرية، و كان ما أورده الحكم فيما سلف كافيا فى استظهار نية القتل، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن البحث فى توافر ظرفي سبق الاصرار والترصد من اطلاقات قاضى الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلا مع ذلك الاستنتاج، وكان الحكم قد بين ظرف سبق الاصرار بقوله "وحيث أنه عن سبق الاصرار بالنسبة للمجنى عليها الأولى...... فثابت فى حقه من توافر الباعث على القتل وهو الضغينة التى يحملها المتهم لوالد المجنى عليها منذ أن شهد عليه فى واقعة سرقة جهاز التسجيل ومن ساعتها عقد العزم وبيت النية على الانتقام منه بقتل أحد أولاده وقد أعمل فكره فى هدوء وروية فى تدبير خطته التى رسمها لتنفيذ جريمته باستدراج المجنى عليها إلى مسكنه وقتلها. ودلل على ثبوت ظرف الترصد من قيام المتهم بترصد خطوات المجنى عليها بالطريق الذى تسلكه عادة أمام منزله فولدت لديه رغبة الانتقام من أبيها وما أن ظفر بها حتى استدرجها إلى مسكنه مغريا إياها بقطعة حلوى بعثت فى نفسها الأمان والاطمئنان حتى أنفذ ما انتواه بالنسبة لها. فان ما أورده الحكم - فيما سلف - يتحقق به ظرفا سبق الاصرار والترصد على النحو المعروف قانونا. لما كان ما تقدم، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان المحكوم عليه بالاعدام بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى اصلها فى الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم الاعدام باجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأى مفتى الجمهورية قبل اصدار الحكم و فقا للمادة 381/ 2 من قانون الاجراءات الجنائية - ولا ضير على المحكمة عدم النص على طريقة الإعدام لأن هذا من أعمال سلطة التنفيذ ولا شأن فيه لسلطة الحكم - كما جاء الحكم خلوا من مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى لم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى يغير مما انتهى إليه هذا الحكم، و من ثم يتعين معه قبول عرض النيابة وإقرار الحكم الصادر باعدام المحكوم عليه.