أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 857

جلسة 16 من أكتوبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: يعيش محمد رشدي، أحمد علي موسى؛ ومحمد علي بليغ، ومحمد حلمي راغب.

(177)
الطعن رقم 565 لسنة 47 القضائية

إثبات "بوجه عام". "شهادة". "قرائن". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". مواد مخدرة.
وزن أقوال الشاهد وتقديرها. موضوعي.
حق محكمة الموضوع في اطراح أقوال الشاهد. دون بيان العلة. إفصاحها عن العلة. خضوعها في ذلك لرقابة النقض.
كون المتهم موضوعاً تحت مراقبة الشرطة. لا يمنع في العقل. من حمله مخدرات. قول الضابط بأنه يشتبه في أن نصل المطواة المضبوط ملوث بالمخدر. ثبوت عكس ذلك. لا يشكك بذاته في شهادته.
من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تزن أقوال الشاهد وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه دون أن تكون ملزمة ببيان سبب إطراحها، إلا أنه متى أفصحت المحكمة عن الأسباب التي من أجلها لم تعول على أقوال الشاهد فإنه يلزم أن يكون ما أوردته واستدلت به مؤدياً لما رتب عليه من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر في حكم العقل والمنطق، وإن لمحكمة النقض في هذه الحالة أن تراقب ما إذا كان من شأن هذه الأسباب أن تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه تبريراً لإطراح أقوال شاهدي الإثبات في الدعوى غير سائغ من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه من الشك ذلك أن كون المطعون ضده موضوعاً تحت مراقبة الشرطة لا يمنع من حمله المخدرات كما أن مجرد إثبات الضابط في محضره أنه يشتبه في تلوث نصل المطواة بالمخدر وثبوت عكس ذلك من تقرير التحليل لا يؤدي في العقل والمنطق إلى الشك في أقواله ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد فسد استدلاله بما يعيبه ويوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و7/ 1 و34/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم (1) المرفق، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار استناداً إلى التشكك في أقوال شاهدي الإثبات. قد أنطوى على فساد في الاستدلال ذلك بأن الأسباب التي ساقها الحكم لإطراح أقوال هذين الشاهدين غير سائغة ولا تؤدي إلى النتيجة التي رتبها الحكم عليها. إذ كون المطعون ضده موضوعاً تحت مراقبة الشرطة ليس من شأنه بطريق اللزوم العقلي إلا يحرز في يده وجيبه كمية من المواد المخدرة أثناء جلوسه في الطريق العام. كما أن ثبوت خلو نصل المطواة المضبوطة مع المطعون ضده من آثار المادة المخدرة لا يستتبع الشك في أقوال الضابط مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبن من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قد ساق تبريراً لإطراح أقوال شاهدي الإثبات والقضاء ببراءة المطعون ضده قوله: "وحيث إن رواية شاهدي الإثبات غير مستساغة عقلاً ذلك أن من غير المقصود أن يجلس المتهم في الطريق العام وفي ضوء النهار قبيل الغروب كما شهد الضابط المذكور حاملاً المخدر في يده وفي جيبه بالرغم أنه موضوع تحت مراقبة الشرطة ويعلم أنه معرض وقتئذ لمرور رجال الشرطة عليه للتأكد من وجوده بمحل مراقبته فإذا ما أضيفت على ذلك ما ذكره الضابط المذكور من أن المطواة التي ضبطها مع المتهم بها آثار لمخدر الحشيش وثبوت عدم صحة هذا القول حسبما انتهى إليه تقرير التحليل وما يشير إليه هذا القول المخالف للحقيقة من تحامل على المتهم كل ذلك إنما يجعل المحكمة تشك في صدق رواية شاهدي الإثبات وبالتالي تكون التهمة المسندة إلى المتهم والمؤسسة على تلك الرواية غير ثابتة قبله ويتعين لذلك الحكم ببراءته منها عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تزن أقوال الشاهد وتقديرها التقدير الذي تطمئن إليه دون أن تكون ملزمة ببيان سبب إطراحها، إلا أنه متى أفصحت المحكمة عن الأسباب التي من أجلها لم تعول على أقوال الشاهد فإنه يلزم أن يكون ما أوردته واستدلت به مؤدياً لما رتب عليه من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق، وأن لمحكمة النقض في هذه الحالة أن تراقب ما إذا كان من شأن هذه الأسباب أن تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه تبريراً لإطراح أقوال شاهدي الإثبات في الدعوى غير سائغ وليس من شانه أن يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه من الشك ذلك أن كون المطعون ضده موضوعاً تحت مراقبة الشرطة لا يمنع من حمله المخدرات كما أن مجرد إثبات الضابط في محضره أنه يشتبه في تلوث نصل المطواة بالمخدر وثبوت عكس ذلك من تقرير التحليل لا يؤدي في العقل والمنطق إلى الشك في أقواله ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد فسد استدلاله بما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة.