أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 655

جلسة 4 من مايو سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمود العمراوي، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، وطه محمد دنانة، ومصطفى الأسيوطي.

(155)
الطعن رقم 423 لسنة 40 القضائية

(أ، ب) قتل عمد. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. سبق إصرار. إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
( أ ) تقدير توافر قصد القتل. موضوعي. متى كان سائغاً.
(ب) البحث في توافر سبق الإصرار. موضوعي. صحة استنتاجه من ظروف الدعوى وعناصرها. ما دام موجبها لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج.
(ج) إثبات. "إثبات بوجه عام". "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
إثبات الحكم - استناداً إلى التقرير الطبي - وجود ثقب بواجهة منزل المجني عليه. لا خطأ في الإسناد. ولو ورد في معاينة النيابة وجود ثقبين بواجهة المنزل المذكور.
خطأ الحكم في الإسناد. لا يعيبه. ما دام لا أثر له على منطقه أو سلامة نتيجته. مثال.
(د) نقض. "أثر الطعن". "أسباب الطعن". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "إثبات بوجه عام". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
نقض الحكم. أثره: مخالفة محكمة الموضوع لقضاء النقض. لا تصح بذاتها وجهاً للطعن. إلا إذا كانت المخالفة المدعاة تصلح وجهاً للطعن على الحكم
عدم التزام المحكمة بالرد على الدفاع المرسل غير المؤيد بدليل.
(هـ) نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". ارتباط. قتل عمد. سلاح. عقوبة. "تطبيقها".
معاقبة الطاعن بعقوبة واحدة عن جرائم القتل العمد وإحراز السلاح وذخيرته. طعنه وحده في الحكم القاضي بها. نقض الحكم وإعادة المحاكمة. عدم جواز الحكم عليه بعقوبة عن جريمتي إحراز السلاح وذخيرته. حتى لا يضار بطعنه. المادة 43 من القانون 57 لسنة 1959.
1 - من المقرر أن تعمد القتل أمر داخلي يتعلق بالإرادة يرجع تقدير توافره أو عدم توافره إلى سلطة قاضي الموضوع وحريته في تقدير الوقائع متى كان ما أورده من الظروف والملابسات سائغاً يكفي لإثبات توافر هذه النية.
2 - إن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها، ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج.
3 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أثبت فعلاً من معاينة النيابة لمكان الحادث أنه وجد بواجهة منزل المجني عليه ثقبان لمقذوفات نارية، وأورد عن التقرير الطبي الشرعي أن الثقب نتيجة عيار ناري معمر بمقذوف مفرد يتعذر تعيين نوعه أو السلاح المستعمل نظراً لعدم استقرار المقذوف في الثقب، وأنه أطلق على مسافة أكثر من نصف متر وقد تصل إلى بضعة أمتار، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه من وجود ثقب بواجهة منزل المجني عليه يجوز حدوثه من عيار ناري له سنده الصحيح من معاينة الطبيب الشرعي التي ضمنها تقريره المرفق بالمفردات المنضمة، كما أنه يتفق ومؤدى ما أثبته وكيل النيابة المحقق في معاينته، مما تنحسر به عن الحكم دعوى الخطأ في الإسناد، وكان خطأ الحكم فيما قاله من أن هذا الثقب وجد من حوله "احتراق أو اسوداد أو نمش بارودي" ومن أن معاينة النيابة أثبتت وجود ثقبين بالحائط بينما دل تقرير الطب الشرعي على وجود ثقب واحد، كل ذلك لا يعيب الحكم، ما دام هذا الخطأ لا يؤثر في جوهر الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة من أن ثمة ثقب وجد بالفعل في واجهة منزل المجني عليه وقد نتج من عيار ناري أطلقه الطاعن الثالث للإرهاب على حد تصوير الشاهدين اللذين اطمأن الحكم إلى أقوالهما وآنس الصدق فيها بما لا معقب عليه، وهو عين ما انتهى إليه الطبيب الشرعي في تقريره بالرغم من عدم تخلف آثار قرب الإطلاق، ذلك أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم، ما دام لا أثر له في منطقه أو على سلامة النتيجة التي انتهى إليها.
4 - من المقرر أن القضاء بنقض الحكم وإعادة المحاكمة، يعيد الدعوى أمام المحكمة التي تعاد أمامها المحاكمة إلى حالتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض، ولا يقيدها بشيء من قضائه، فعلى فرض مخالفة محكمة الموضوع لقضاء محكمة النقض، فإن ذلك لا يصح اتخاذه وجهاً للطعن إلا إذا كان محل المخالفة المدعاة في ذاته يصح لأن يكون وجهاً للطعن على الحكم، وكان الثابت من الاطلاع على تحقيقات قضية الجناية المنضمة أنها لا تساند دفاع الطاعنين من أن المجني عليه لم يقتل بيدهم بل بيد غيرهم، فإن دفاعهم في هذا الشأن يعد والحال كذلك من أوجه الدفاع الموضوعية، وكان هذا الدفاع قد سيق مرسلاً غير مؤيد بدليل، فإن المحكمة لا تلتزم في الأصل بالرد عليه صراحة، بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أخذ بها، ويكون نعي الطاعنين على الحكم بالقصور في هذا الصدد لا محل له.
5 - إذا كان الحكم الأول الصادر بالإدانة قد قضى بمعاقبة الطاعن الثالث عن الجرائم الثلاث المسندة إليه وهي القتل عمداً مع سبق الإصرار وجريمتي إحراز السلاح المششخن والذخيرة، بعقوبة واحدة هي الأشغال الشاقة المؤبدة بالتطبيق للمادة 32 عقوبات لما بين هذه الجرائم من ارتباط لا يقبل التجزئة، بينما قضى الحكم المطعون فيه بعد نقض الحكم الأول بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة عن جناية القتل العمد مع سبق الإصرار، وبالحبس مع الشغل سنة واحدة عن جريمتي إحراز السلاح المششخن والذخيرة مستبعداً تطبيق المادة 32 عقوبات، وكان نقض الحكم السابق حاصلاً بناء على طلب هذا الطاعن وغيره من المحكوم عليهم دون النيابة العامة، وكان توقيع الحكم المطعون فيه عقوبتين - على الطاعن المذكور - بعد أن كان الحكم الأول المنقوض قد اقتصر على توقيع عقوبة واحدة عليه عن الجرائم المسندة إليه جميعاً لما بينها من ارتباط لا يقبل التجزئة، هو مما يضر بالطاعن لأنه ما كان يجوز من بعد توقيع عقوبة عليه عن جريمتي إحراز السلاح والذخيرة، إذ الأصل أنه لا يجوز أن يضار الطاعن بطعنه طبقاً للمادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في يوم 7 ديسمبر سنة 1963 بدائرة مركز أبنوب محافظة أسيوط: (أولاً) المتهمين جميعاً قتلوا محمد عبد الرحيم قناوي عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك سلاحاً نارياً وآلتين راضيتين حادتين "بندقية وبلطتين" وتوجهوا إلى حيث يوجد المجني عليه وانهال عليه الأول والثاني ضرباً بالبلطتين وكان الثالث يطلق الأعيرة النارية للإرهاب فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته (ثانياً) المتهم الثالث أيضاً ( أ ) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخن الماسورة "بندقية هندي" (ب) أحرز ذخيرة "طلقات" مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازة السلاح وإحرازه. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمادتين 230 و231 من قانون العقوبات فضلاً عن المواد 1 و6 و16 و26/ 2 - 4 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 المرافق بالنسبة إلى الثالث فقرر بذلك. وادعت صفيانة محمد عبد الرحيم "ابنة المجني عليه" مدنياً بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهمين جميعاً متضامنين. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين جمعياً والمادة 32/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الثالث بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة ومصادرة المضبوطات وإلزامهم متضامنين أن يدفعوا على سبيل التعويض إلى المدعية بالحق المدني مبلغ مائة جنيه والمصروفات المدنية. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وبتاريخ 5 ديسمبر سنة 1966 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات أسيوط لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة جنايات أسيوط بتشكيل جديد قضت في الدعوى من جديد عملاً بالمواد 230 و231 من قانون العقوبات ومعاقبة الثالث بالمواد 1 و2 و6 و26/ 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 المرفق مع تطبيق المادتين 32/ 1 و17 من قانون العقوبات (أولاً) بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة (ثانياً) بمعاقبة المتهم الثالث بالحبس مع الشغل سنة واحدة عن التهمتين الثانية والثالثة المسندتين إليه (ثالثاً) وفي الدعوى المدنية بإلزام المتهمين الثلاثة متضامنين بأن يدفعوا إلى صفيانة محمد عبد الرحيم مبلغ 100 جنيه مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت ومصروفات الدعوى المدنية. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار وأنزل بالطاعن الثالث أيضاً عقوبة مستقلة عن جريمتي إحراز سلاح ناري وذخيرة بغير ترخيص قد شابه قصور في التدليل وخطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأنه جاء قاصراً في التدليل على توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار. كما أنه انتهى - على خلاف الثابت بالأوراق - إلى أن الثقب الموجود بواجهة حائط منزل المجني عليه نتيجة الأعيرة النارية التي أطلقها الطاعن الثالث لوجود احتراق ونمش بارودي حوله في حين أن المعاينة والتقرير الطبي خلا كلاهما مما يؤيد ذلك أو يقطع به كما لم يعثر بالثقب على مقذوفات نارية مما يؤيد دفاع الطاعنين بكذب شهود الإثبات فيما نسبوه إلى الطاعن الثالث من إطلاق الأعيرة للإرهاب ساعة ارتكاب الحادث، هذا إلى أن الحكم أثبت في موضع منه أن ثقبين وجدا في الحائط ثم عاد في موضع آخر منه وقصرهما على ثقب واحد، كما أن الحكم الأول كان قد نقض لعدم الاستجابة إلى طلب الطاعنين ضم الجناية رقم 2281 سنة 1964 أبنوب والثابت بها قيام خصومات بين المجني عليه الحالي وآخرين خلاف الطاعنين بما يبعد شبهة الاتهام عنهم، إلا أن الحكم المطعون فيه على الرغم من ضم هذه الجناية لم يعرض لدفاع الطاعنين في هذا الشأن أو يرد عليه بما يسوغ إطراحه. وأخيراً فإن الحكم المطعون فيه أنزل بالطاعن الثالث عقوبة مستقلة عن جريمتي إحراز السلاح والذخيرة إلى جانب عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة التي أنزلها به عن جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار وفي ذلك تسوئ لمركزه لأن الحكم الأول المنقوض بناء على الطعن المرفوع منه دون النيابة العامة كان قد عاقبه بعقوبة واحدة عن جميع هذه الجرائم للارتباط عملاً بالمادة 32/ 1 من قانون العقوبات فلا يصح أن يضار بطعنه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعنين بيتوا النية على قتل المجني عليه أخذاً بثأر عمهم محمود محمد حسني ويحيى يونس محمد حسني الذي اتهم في قتلهما ابن المجني عليه، فأعدوا لذلك سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية" وآلتين راضتين حادتين (بلطتين) وتوجهوا في الصباح الباكر من يوم الحادث إلى منزل المجني عليه وما أن ظفروا به جالساً أمام داره حتى انهال عليه الطاعنان الأول والثاني بالضرب بالبلطتين على رأسه وعلى أجزاء أخرى من جسمه قاصدين قتله فأحدثوا به الإصابات التي أثبتها تقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته في الوقت الذي تولى فيه الطاعن الثالث إطلاق الأعيرة النارية للإرهاب ولما تم لهم ما عقدوا العزم عليه فروا هاربين، وبعد أن ساق الحكم مؤدى الأدلة التي أقام عليها قضاءه والتي استمدها من أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية وهي أدلة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، عرض لنية القتل فاستظهرها في قوله "وحيث إن نية القتل متوافرة قبل المتهمين من استعمال الأول والثاني كل منهما بلطة ولا شك أن من شأنها إحداث القتل خاصة وقد تعددت الإصابات التي أحدثاها بالمجني عليه وأغلبها في مقتل ومن الثأر القائم بين عائلتي المتهمين والمجني عليه ومن قيام المتهم الثالث بإطلاق الأعيرة النارية ولإبعاد من تسول له نفسه التدخل حتى يقوم زميلاه بإتمام الجريمة التي اتفقوا عليها، كما عرض الحكم لظرف سبق الإصرار واستظهره في قوله "إنه ثابت في حق المتهمين لما تقدم من أسباب ومن إعداد المتهمين للبلطتين والبندقية وتوجههم إلى مكان جلوس المجني عليه واعتدائهم على النحو سالف البيان". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تعمد القتل أمر داخلي متعلق بالإرادة يرجع تقدير توافره أو عدم توافره إلى سلطة قاضي الموضوع وحريته في تقدير الوقائع، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على قيام نية القتل لدى الطاعنين من الظروف والملابسات التي أوضحها هو تدليل سائغ ويكفي لإثبات توافر هذه النية، ولما كان من المقرر أيضاً أن البحث عن توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وكان البين من الحكم أنه قد عرض على استقلال لهذا الظرف وكشف عن توافره لدى الطاعنين وساق لإثباته من الدلائل والقرائن ما يكفي لتحققه طبقاً للقانون مما تعين عليه الوقائع الثابتة في الأوراق، هذا بالإضافة إلى أن العقوبة المقضي بها - وهي الأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة - داخلة في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يكون مقبولاً فضلاً عن انتفاء المصلحة فيه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه أثبت نقلاً عن معاينة النيابة لمكان الحادث أنه وجد بواجهة منزل المجني عليه ثقبان لمقذوفات نارية، وأورد عن التقرير الطبي الشرعي أن الثقب كان نتيجة عيار ناري معمر بمقذوف مفرد يتعذر تعيين نوعه أو السلاح المستعمل نظراً لعدم استقرار المقذوف في الثقب وأنه أطلق على مسافة أكثر من نصف متر وقد تصل إلى بضعة أمتار وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه من وجود ثقب بواجهة منزل المجني عليه يجوز حدوثه من عيار ناري له سنده الصحيح من معاينة الطبيب الشرعي التي ضمنها تقريره المرفق بالمفردات المنضمة، كما أنه يتفق ومؤدى ما أثبته وكيل النيابة المحقق في معاينته مما تنحسر به عن الحكم دعوى الخطأ في الإسناد، وكان خطأ الحكم فيما قاله من أن هذا الثقب وجد من حوله "احتراق أو اسوداد أو نمش بارودي" ومن أن معاينة النيابة أثبتت وجود ثقبين بالحائط بينما دل تقرير الطب الشرعي على وجود ثقب واحد" كل ذلك لا يعيبه ما دام هذا الخطأ لا يؤثر في جوهر الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة من أن ثمة ثقباً وجد بالفعل في واجهة منزل المجني عليه وقد نتج من عيار ناري أطلقه الطاعن الثالث للإرهاب على حد تصوير الشاهدين اللذين اطمئن الحكم إلى أقوالهما وآنس الصدق فيها بما لا معقب عليه وهو عين ما انتهى إليه الطبيب الشرعي في تقريره بالرغم من عدم تخلف آثار قرب الإطلاق. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما دام لا أثر له في منطقه أو على سلامة النتيجة التي انتهى إليها، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن محكمة الإعادة بعد نقض الحكم الأول قررت ضم قضية الجناية رقم 2281 سنة 1964 أبنوب وضمت بالفعل واطلع عليها الدفاع إلا أنه لم يتناولها في مرافعته بالتعليق ولم يبين وجه تأييدها لدفاع الطاعنين من أن المجني عليه لم يقتل بيدهم بل بيد غيرهم وهم خصومه في الجناية آنفة الذكر كما أنه لم يعد إلى إثارة هذا الدفاع بنصه من جديد، بل كل ما قاله بعد تجريحه لأقوال الشهود أن المجني عليه ضربه آخرون لم يعرفوا بعد" ويتضح من الاطلاع على تحقيقات قضية الجناية المنضمة أنها مقيدة ضد مجهول في حادث مقتل سيدتين وثالث يدعى عبده أبو العلا ولم يرد بها ذكر للمجني عليه في هذه الدعوى المنظورة أو إشارة لحادث قتله من قريب أو من بعيد ما يساند دفاع الطاعنين أو يظاهر دعواهم بأن المجني عليه قد قتل بيد غيرهم ومن ثم فقد اكتفى الحكم المطعون فيه بالإشارة إلى ضم قضية الجناية وبأن الدفاع لم يتناولها بالتعليق. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القضاء بنقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى أمام المحكمة التي تعاد أمامها المحاكمة إلى حالتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض ولا يقيدها بشيء من قضائه، فعلى فرض مخالفة محكمة الموضوع لقضاء محكمة النقض، فإن ذلك لا يصح اتخاذه وجهاً للطعن إلا إذا كان محل المخالفة المدعاة في ذاته يصلح لأن يكون وجهاً للطعن على الحكم الجديد. ولما كان الثابت من الاطلاع على تحقيقات قضية الجناية المنضمة أنها لا تساند دفاع الطاعنين على النحو المار ذكره، فإن دفاعهم في هذا الشأن يعد والحال كذلك من أوجه الدفاع الموضوعية، ولما كان هذا الدفاع قد سيق مرسلاً غير مؤيد بدليل - فإن المحكمة لا تلتزم في الأصل بالرد عليه صراحة بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أخذ بها الحكم. لما كان ذلك، فإن نعي الطاعنين على الحكم بالقصور في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم الأول الصادر بالإدانة قد قضى بمعاقبة الطاعن الثالث عن الجرائم الثلاث المسندة إليه وهي القتل العمد مع سبق الإصرار وجريمتي إحراز السلاح المششخن والذخيرة بعقوبة واحدة هي الأشغال الشاقة المؤبدة بالتطبيق للمادة 32 عقوبات لما بين هذه الجرائم من ارتباط لا يقبل التجزئة بينما قضى الحكم المطعون فيه، بعد نقض الحكم الأول بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة عن جناية القتل العمد مع سبق الإصرار وبالحبس مع الشغل سنة واحدة عن جريمتي إحراز السلاح المششخن والذخيرة مستبعداً تطبيق المادة 32 عقوبات. ولما كان نقض الحكم السابق حاصلاً بناء على طلب هذا الطاعن وغيره من المحكوم عليهم دون النيابة العامة، وكان في توقيع الحكم المطعون فيه عقوبتين على الطاعن - بعد أن كان الحكم الأول المنقوض قد اقتصر على توقيع عقوبة واحدة عليه عن الجرائم المسندة إليه جميعاً لما بينها من ارتباط لا يقبل التجزئة هو مما يضر بالطاعن إذ ما كان يجوز من بعد توقيع عقوبة عليه عن جريمتي إحراز السلاح والذخيرة والأصل أنه لا يجوز أن يضار بطعنه طبقاً للمادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأنه حالات وإجراءات الطعن أمام النقض، فإنه يتعين قبول هذا الوجه من الطعن ونقض الحكم لهذا السبب بالنسبة للعقوبة المحكوم بها على الطاعن الثالث في جريمتي إحراز السلاح والذخيرة وتصحيح الخطأ الذي وقع بإلغاء عقوبة الحبس المقضي بها عليه فيهما ورفض طعنه وباقي المحكوم عليهم فيما عدا ذلك، دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع طالما أن العيب الذي شاب الحكم مقصور على الخطأ في تطبيق القانون