مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الثاني (من فبراير سنة 1956 إلى آخر مايو سنة 1956) - صـ 475

(58)
جلسة 4 من فبراير لسنة 1956

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

القضية رقم 24 سنة 2 القضائية

مؤهل دراسي - الملاحظون الصحيون حملة شهادة المعهد الصحي - حساب أقدميتهم، عملاً بقرار مجلس الوزراء المؤرخ 3/ 1/ 1940، من تاريخ إلحاقهم بذلك المعهد - التسوية في ذلك بين من كان يشغل منهم الدرجة السابعة عند صدور ذلك القرار وبين من عين في الدرجة الثامنة الكاملة وفقاً لأحكامه - قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 - إلغاؤه للقرار سالف الذكر - تعديله المرتب المقدر لحملة ذلك المؤهل، وتحديده لأقدميتهم من تاريخ تعيينهم بالحكومة لا من تاريخ التحاقهم بالمعهد الصحي.
إن نص الفقرة الأخيرة من قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يناير سنة 1940 على حساب أقدمية الملاحظين الصحيين من تاريخ إلحاقهم بالمعهد الصحي قد جاء عاماً مطلقاً دون تخصيص طائفة بذاتها، ومن ثم فهو يتناول كلتا الطائفتين: طائفة الملاحظين الصحيين الذين كانوا يشغلون الدرجة السابعة عند صدوره، وطائفة الملاحظين الذين يعينون مستقبلاً في الدرجة الثامنة الكاملة وفقاً لأحكامه. على أن قرار مجلس الوزراء المشار إليه قد ألغي إلغاءً ضمنياً بالقانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية، سواءً في تقدير الدرجة المالية المخصصة لحملة شهادة المعهد الصحي، وهم الملاحظون الصحيون، أو في تحديد أقدميتهم في تلك الدرجة، ذلك أن الجدول المرافق للقانون المشار إليه قد تضمن تقدير درجة وراتب للدبلوم العادي للمعهد الصحي ولشهادة قسم التخصص به، فقدر للمؤهل الأول راتباً مقداره عشرة جنيهات شهرياً في الدرجة السابعة، وللمؤهل الثاني راتباً مقداره أحد عشر جنيهاً شهرياً في الدرجة ذاتها، كما نصت الفقرة الأولى من المادة الأولى على تحديد أقدمية حملة المؤهلات الواردة بالجدول المذكور في الدرجات المحددة لكل مؤهل من تاريخ تعيينه بالحكومة لا من تاريخ التحاقهم بأي معهد من المعاهد التي تخرجوا فيها.


إجراءات الطعن

في 10 من نوفمبر سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "الهيئة الثانية" بجلستها المنعقدة في 28 من سبتمبر سنة 1955 في الطعن رقم 111 لسنة 8 ق المقدم من وزارة الصحة العمومية في القرار الصادر في 22 من يوليه سنة 1953 من اللجنة القضائية لوزارة الصحة العمومية في التظلم رقم 2490 لسنة 1 ق المقدم من محمد صالح محمد ضد الوزراء المشار إليها، ويقضي هذا القرار بضم مدة دراسة المتظلم بالمعهد الصحي في أقدمية الدرجة السابعة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يناير سنة 1940، ويقضي ذلك الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتأييد قرار اللجنة القضائية وبإلزام الحكومة بالمصروفات. وقد طلب رئيس هيئة مفوضي الدولة قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض التظلم مع إلزام المتظلم بالمصروفات.
وقد أعلنت صحيفة الطعن إلى المطعون عليه في 13 من نوفمبر سنة 1955، وإلى الحكومة في 14 من هذا الشهر، وعين لنظر الطعن جلسة 14 من يناير سنة 1956، وفيها سمعت إيضاحات الطرفين على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجي إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن محمد صالح محمد قدم إلى اللجنة القضائية لوزارة الصحة تظلماً جاء به أنه التحق بالمعهد الصحي في أول أكتوبر سنة 1931، ثم عين ملاحظاً صحياً في الدرجة السابعة في 13 من يناير سنة 1933، وانتهى إلى طلب اعتبار أقدميته في الدرجة المشار إليها من تاريخ التحاقه بالمعهد الصحي وفقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يناير سنة 1940. وقد دفعت وزارة الصحة العمومية هذا التظلم قائلة إنها سبق أن أرسلت إلى اللجنة المالية كتاباً بشأن حساب أقدمية المعاونين الصحيين من تاريخ الالتحاق بالمعهد الصحي فلم توافق على ذلك بجلستها المنعقدة في 30 من يونيه سنة 1946، وقد قررت اللجنة القضائية في 22 من يوليه سنة 1953 ضم مدة دراسة المتظلم بالمعهد الصحي في أقدمية الدرجة السابعة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يناير سنة 1940. فطعنت وزارة الصحة العمومية في هذا القرار بصحيفة أودعتها سكرتيرية القضاء الإداري في 7 من أكتوبر سنة 1953، وطلبت الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء القرار المشار إليه لمخالفته القانون؛ لأن المطعون عليه التحق بالمعهد الصحي في أكتوبر سنة 1931 ولم يعين ملاحظاً صحياً إلا في 13 من يناير سنة 1933، وقد قضت المحكمة بجلستها المنعقدة في 28 من سبتمبر سنة 1955 بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتأييد قرار اللجنة القضائية وألزمت الحكومة بالمصروفات. وقد بنت المحكمة قضاءها على ذات الأسباب التي استند إليها القرار المطعون فيه، وحاصلها أن مجلس الوزراء أصدر في 3 من يناير سنة 1940 قراراً يقضي بأن المعاونين الصحيين المعينين في الدرجة السابعة يبقون فيها بصفة شخصية مع حساب أقدميتهم فيها من تاريخ التحاقهم بالمعهد الصحي، ولم يصدر قانون أو قرار من مجلس الوزراء ينسخ هذه القاعدة. وقد طعن رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم للأسباب المبينة بصحيفة الطعن، وحاصلها أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يناير سنة 1940 ينص على أن الملاحظين الصحيين يعينون في الدرجة الثامنة الكاملة (72 - 120 ج) ويمنحون بدايتها بزيادة قدرها 18 ج سنوياً، أما الحاليون الذين في الدرجة السابعة فيظلون فيها بصفة شخصية مع احتساب أقدميتهم من تاريخ إلحاقهم بالمعهد الصحي، ويؤخذ من ذلك أن هذا القرار إنما يستهدف تخفيض الدرجة المخصصة لوظيفة ملاحظ صحي من السابعة إلى الثامنة حسبما رآه متفقاً مع مسئوليات هذه الوظيفة. وقد عني في الفقرة الثانية منه بتنظيم أقدمية هذه الدرجة دون أقدمية الدرجة السابعة التي احتفظ بها بصفة شخصية للملاحظين الصحيين الذين كانوا يشغلونها عند صدوره، إذ لم يكن من المقبول عقلاً أن يلجأ المشرع إلى تخفيض الدرجة المقررة لوظيفة ملاحظ صحي، ومع ذلك يضيف أقدمية اعتبارية لشاغلي الدرجة السابعة التي رأى أنها تزيد عما تقتضيه هذه الوظيفة من جهد ومسئولية، ومن ثم لا يجوز حساب أقدمية الملاحظين الصحيين الذين كانوا يشغلون الدرجة السابعة عند صدور ذلك القرار من تاريخ التحاقهم بالمعهد الصحي. وفي جلسة 14 من يناير سنة 1956 أضاف ممثل هيئة المفوضين إلى ما تقدم أن أقدمية المطعون عليه في الدرجة السابعة تحدد من تاريخ تعيينه بالحكومة؛ وذلك وفقاً لأحكام المواد الأولى والثانية والتاسعة من القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية.
ومن حيث إنه يبين من تقصي القواعد المنظمة لوظائف الملاحظين الصحيين منذ تعديل الدرجات في سنة 1921، أنهم كانوا يعينون في الدرجة السابعة على اختلاف مربوطها بداية ونهاية تبعاً لاختلاف الأنظمة وتطورها، وقد أقر كادر سنة 1939 هذه القاعدة؛ إذ أجاز تعيينهم استثناءً في الدرجة السابعة. وفي 30 من ديسمبر سنة 1939 تقدمت وزارة الصحة إلى مجلس الوزراء بمذكرة اقترحت فيها تعيين بعض طوائف موظفيها برواتب ثابتة بدلاً من الدرجات ذات البداية والنهاية التي خصصت لهم في ميزانية سنة 1939 - 1940 إثر نفاذ كادر سنة 1939. وكان فيما اقترحته تعيين الملاحظين الصحيين براتب سنوي مقداره 90 ج يرفع إلى 96 ج من أول مايو التالي لتاريخ التعيين، وقد عدلت اللجنة المالية مقترحات الوزارة في هذا الصدد بأن يكون تعيينهم في الدرجة الثامنة كاملة (72 - 120 ج) سنوياً ويمنحون بدايتها مضافاً إليها 18 ج سنوياً، أما الحاليون الذين في الدرجة السابعة فيظلون فيها بصفة شخصية مع حساب أقدميتهم من تاريخ إلحاقهم بالمعهد الصحي، وقد وافق مجلس الوزراء على هذه المذكرة بعد تعديلها على هذا النحو في 3 من يناير سنة 1940. وأخيراً صدر القانون قم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية، وقد نصت المادة الأولى منه على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة يعتبر حملة المؤهلات المحددة في الجدول المرافق لهذا القانون في الدرجة وبالماهية أو المكافأة المحددة لمؤهل كل منهم وفقاً لهذا الجدول - وتحدد أقدمية كل منهم في تلك الدرجة من تاريخ تعيينه بالحكومة أو من تاريخ حصوله على المؤهل أيهما أقرب تاريخاً..." ونصت المادة الثانية على أنه "لا يسري حكم المادة السابقة إلى على الموظفين الذين عينوا قبل أول يوليه سنة 1952 وكانوا قد حصلوا على المؤهلات المشار إليها في المادة السابقة قبل ذلك التاريخ أيضاً وبشرط أن يكونوا موجودين بالفعل في خدمة الحكومة وقت نفاذ هذا القانون"، كما قضت المادة التاسعة بسريان أحكام هذا القانون على الدعاوي المنظورة أمام اللجان القضائية أو أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، وأخيراً نصت المادة العاشرة على أن يعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وقد تم هذا النشر يوم صدور القانون، ومن ثم يكون القانون المشار إليه قد قرر بنص خاص فيه انطباقه بأثر رجعي على المنازعات القائمة طالما لم يصدر فيها حكم يكون قد حاز قوة الشيء المحكوم فيه قبل تاريخ العمل بهذا القانون.
ومن حيث إن نص الفقرة الأخيرة من قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 يناير سنة 1940 على حساب أقدمية الملاحظين الصحيين من تاريخ إلحاقهم بالمعهد الصحي، قد جاء عاماً مطلقاً دون تخصيص طائفة بذاتها، ومن ثم فهو يتناول كلتا الطائفتين: طائفة الملاحظين الصحيين الذين كانوا يشغلون الدرجة السابعة عند صدوره، وطائفة الملاحظين الذين يعينون مستقبلاً في الدرجة الثامنة الكاملة وفقاً لأحكامه. على أن قرار مجلس الوزراء المشار إليه قد ألغي إلغاء ضمنياً بالقانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية، سواء في تقدير الدرجة المالية المخصصة لحملة شهادة المعهد الصحي، وهم الملاحظون الصحيون، أو في تحديد أقدميتهم في تلك الدرجة؛ ذلك أن الجدول المرافق للقانون المشار إليه قد تضمن تقدير درجة وراتب للدبلوم العادي للمعهد الصحي ولشهادة قسم التخصص به؛ فقدر للمؤهل الأول راتباً مقداره عشرة جنيهات شهرياً في الدرجة السابعة، وللمؤهل الثاني راتباً مقداره أحد عشر جنيهاً شهرياً في الدرجة ذاتها، كما نصت الفقرة الأولى من المادة الأولى على تحديد أقدمية حملة المؤهلات الواردة بالجدول المذكور في الدرجات المحددة لكل مؤهل من تاريخ تعيينه بالحكومة، لا من تاريخ التحاقهم بأي معهد من المعاهد التي تخرجوا فيها.
ومن حيث إن المطعون عليه قد حصل على دبلوم المعهد الصحي في شهر أكتوبر سنة 1932 والتحق بوظيفة ملاحظ صحي في 13 من يناير سنة 1933، وكلا التاريخين سابق على أول يوليه سنة 1952 - وهو التاريخ المشار إليه بالمادة الثانية من قانون المعادلات باعتباره حداً فاصلاً بين من يسري في حقهم قانون المعادلات، وهم المعينون قبل تاريخ نفاذ القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، ومن لا ينطبق عليهم، وهم المعينون بعد هذا التاريخ - وفضلاً عن ذلك فقد كان المطعون عليه موجوداً في خدمة الحكومة وقت نفاذ قانون المعادلات، كما أن الدعوى كانت لا تزال وقتئذ منظورة أمام القضاء الإداري بمجلس الدولة، ومن ثم فإن أحكام هذا القانون تسري في حقه، ومنها اعتبار أقدميته في درجته من تاريخ تعيينه بالحكومة لا من تاريخ التحاقه بالمعهد الصحي كما كان يقضي بذلك قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يناير سنة 1940. وعلى مقتضى ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى باعتبار أقدميته في الدرجة السابعة من تاريخ التحاقه بالمعهد الصحي - مخالفاً للقانون متعيناً إلغاؤه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت الحكومة بالمصروفات.