أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 341

جلسة 8 من فبراير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعبداللطيف أبو النيل وعمار ابراهيم ومحمد حسين مصطفى.

(55)
الطعن رقم 15079 لسنة 59 القضائية

(1) إثبات "خبرة". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما يوفره". قتل عمد.
تمسك الدفاع عن الطاعن بان إصابه المجنى عليها كانت فى مركز الكلام واستحالة تحدثه. دفاع جوهرى. يوجب تحقيقه عن طريق المختص فنيا. ولو سكت الدفاع عن طلب ذلك.
(2) إثبات "بوجه عام" "خبرة". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما يوفره". قتل عمد.
الأصل فى تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى. موضوعى. ما دامت المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحته.
1 - لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن تمسك بأن ما أثبته ضابط المباحث بمحضره من أن المجنى عليه قد تحدث معه وأنه اتهم الطاعن باحداث إصابته هو واقع مخالف للحقيقة إذ أورى فى مرافعته "أنه أثبت فى إشارة المستشفى التى نقل إليها المجنى عليه أنه أدخل بها فى حالة غيبوبة عميقة وأن الجراح الاستكشافية اثبتت أن هناك نزيف فى المخ وتهتك، وإن إصابات المخ فى الجانب الأيسر من المخ يؤكد الاصابة فى مركز من مراكز الكلام وهو ما يؤكد استحالة التحدث سواء بتعقل أو غيره". لما كان ذلك، وكان الحكم قد استند من بين ما استند إليه فى إدانة الطاعن إلى أن المجنى عليه قد تكلم بعد اصابته وأفضى باسم الجانى إلى الضابط الذى انتقل فور ابلاغه بالواقعة واعتمد - من بين ما اعتمد عليه - فى تكوين عقيدته على اقوال هذا الشاهد دون أن يعنى بتحقيق هذا الدفاع الجوهرى عن طريق المختص فنيا - وهو الطبيب الشرعى - فان التفات الحكم عن هذا الاجراء يخل بدفاع الطاعن، ولا يقدح فى هذا أن يسكت الدفاع عن طلب دعواه اهل الفن صراحة، ذلك بان اثارة هذا الدفاع - فى خصوص الواقعة المطروحة - يتضمن فى ذاته المطالبة الجازمة بتحقيقه أو الرد عليه بما يفنده.
2 - الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة فى تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث وهى الخبير الأعلى فى كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها، إلا أن هذا مشروط بأن تكون المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحته التى لا تستطيع المحكمة بنفسها أن بشق طريقها لابداء الرأى فيها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بانه أولا - : قتل عمدا..... بأن أطلق عليه عيارا ناريا من سلاح نارى كان يحمله قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. ثانيا: أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا غير مششخن (فرد). ثالثا: أحرز ذخائر مما تستخدم فى السلاح النارى سالف الذكر (طلقتين) دون أن يكون مرخصا له فى حيازته أو إحرازه. وأحالته إلى محكمة جنايات بنها لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 234/ 1 من قانون العقوبات، 1/ 1، 6، 26/ 1، 30 من القانون رقم 394 سنة 1954 المعدل والجدول رقم 2 الملحق مع إعمال المادة 32 عقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاما ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطين.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد قد شابه الفساد فى الاستدلال والاخلال بحق الدفاع، ذلك أن المدافع عن الطاعن أثار عدم قدرة المجنى عليه عن التحدث بتعقل عقب إصابته، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع ولم يعن ببحثه وتمحيصه. مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن تمسك بأن ما أثبته ضابط المباحث بمحضره من أن المجنى عليه قد تحدث معه وأنه اتهم الطاعن باحداث إصابته هو واقع مخالف للحقيقة إذ أورى فى مرافعته "أنه فى إشارة المستشفى التى نقل إليها المجنى عليه أنه أدخل بها فى حالة غيبوبة عميقة وأن الجراح الاستكشافية اثبتت أن هناك نزيف فى المخ وتهتك، وأن إصابات المخ فى الجانب الأيسر من المخ يؤكد الاصابة فى مركز من مراكز الكلام وهو ما يؤكد استحالة التحدث سواء بتعقل أو غيره". لما كان ذلك، وكان الحكم قد استند من بين ما أستند إليه فى إدانة الطاعن إلى أن المجنى عليه قد تكلم بعد اصابته وأفضى باسم الجانى إلى الضابط الذى انتقل فور ابلاغه بالواقعة - وإعتمد من بين ما اعتمد عليه - فى تكوين عقيدته على أقوال هذا الشاهد دون أن يعنى بتحقيق هذا الدفاع الجوهرى عن طريق المختص فنيا - وهو الطبيب الشرعى - فإن التفات الحكم عن هذا الاجراء يخل بدفاع الطاعن، ولا يقدح فى هذا أن يسكت الدفاع عن طلب دعواه أهل الفن صراحة، ذلك بأن إثارة هذا الدفاع - فى خصوص الواقعة المطروحة - يتضمن فى ذاته المطالبة الجازمة بتحقيقه أو الرد عليه بما يفنده، ولا يرفع هذا العوار ما تعلل به الحكم من رد قاصر فى قوله "وأما ما اثاره الدفاع من تشكيك حول ابلاغ المجنى عليه الرائد..... من أن المتهم هو الذى أصابه فليس فى الأوراق ما يكذبه فضلاً عن أن الضابط ليس هناك ما يدفعه إلى إختلاق واقعة، ومن ثم فان المحكمة تشيح وجهها عما أثاره الدفاع لأنه ليس له أساس من قرائن الواقع أو الحقيقة" اعتباراً بأنه وإن كان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة فى تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث وهى الخبير الأعلى فى كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها، إلا أن هذا مشروط بأن تكون المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحتة التى لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لابداء الرأى فيها - كما هو الحال فى الدعوى - وكان الحكم المطعون فيه إذ رفض إجابة المدافع عن الطاعن إلى طلبه تحقيق هذا الدفاع الجوهرى عن طريق الخبير الفنى واستند فى الوقت نفسه إلى أقوال شاهد الاثبات التى يجحدها الطاعن ويطلب تحقيق دفاعه فى شأنها للقطع بحقيقة الأمر فيها، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد انطوى على إخلال بحق الدفاع فضلا عن فساده فى الاستدلال، مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة، دون حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.