مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الثاني (من فبراير سنة 1956 إلى آخر مايو سنة 1956) - صـ 509

(62)
جلسة 11 من فبراير سنة 1956

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

القضية رقم 310 لسنة 1 القضائية

عمال الجيش البريطاني - الدرجات المشار إليها بتقرير اللجنة المشكلة لإعادة توزيعهم على الوزارات والمصالح - اعتبارها درجات مستقلة عن بعضها يجري التعيين فيها تبعاً لقدرة العامل حسب نتيجة امتحانه أمام اللجنة المختصة.
يبين من الاطلاع على تقرير اللجنة المشكلة بوزارة المالية لإعادة توزيع عمال القنال على وزارات الحكومة ومصالحها، أن كلاً من الدرجات المشار إليها فيه - ومن بينها درجة مساعد صانع وعامل غير دقيق وعامل دقيق - تعتبر درجة مستقلة يكون التعيين فيها تبعاً لقدرة العامل وكفايته حسبما يبين من نتيجة الامتحان الذي يؤديه أمام اللجنة المختصة.
فإذا ثبت أن اللجنة التي قامت بامتحان المدعي قدرت أن كفايته في العمل لم ترق إلى درجة عامل غير دقيق، وأنها لا تتعدى درجة مساعد صانع في الدرجة من 150/ 300 م فعينته مساعد نجار في الدرجة المذكورة، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون إذ قضى بأحقيته في تسوية حالته في درجة نجار صانع غير دقيق 200/ 360 م. ولا يعترض على ذلك بأن كشوف كادر عمال القنال قد خلت من ذكر مساعد نجار على التخصيص ولم تتضمن سوى نجار في درجة عامل غير دقيق 200/ 360 م، ونجار في درجة عامل دقيق 360/ 500 م - لا يعترض بذلك؛ لأن عدم بلوغ المطعون عليه في الامتحان درجة الصانع الدقيق لا يستلزم وضعه في درجة الصانع غير الدقيق، لأن ثمة درجة أخرى هي درجة مساعد الصانع ومناط التعيين في درجات كادر عمال القنال هو - كما سبق القول - بدرجة نجاح العامل في الامتحان لإحدى هذه الدرجات، وقد قدرتها اللجنة بأنها لا تتعدى مساعد صانع، وليس يقبل أن يفيد المدعي من إغفال ذكر مساعد نجار على التخصيص ضمن الكشوف الملحقة بالكادر المذكور، وكل ما قد يؤدي إليه ذلك أن يوضع في الدرجة المساوية لدرجته طبقاً لقواعد كادر عمال الحكومة الذي اتخذته اللجنة أساساً لتقديراتها لدرجة العامل وتحديد أجره، فيوضع في درجة مساعد صانع التي نجح في امتحانها.


إجراءات الطعن

في 31 من أغسطس سنة 1955 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية بجلسة 4 من يوليه سنة 1955 في القضية رقم 4545 لسنة 2 ق، القاضي: "بأحقية المدعي في أن تسوى حالته في درجة نجار صانع غير دقيق 200/ 360 م بأجر يومي قدره 200 م وما يترتب على ذلك من آثار على ألا تصرف الفروق المترتبة على التسوية إلا في 1/ 4/ 1952". وطلب رئيس هيئة مفوضي الدولة للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض التظلم وإلزام المتظلم بالمصروفات".
وأعلن المدعي بالطعن في 8 من سبتمبر سنة 1955، وأعلنت به الحكومة في 3 من سبتمبر سنة 1955، ثم عين لنظر الدعوى جلسة 21 من يناير سنة 1956، وفيها سمعت إيضاحات الطرفين على الوجه المبين بالمحضر، ثم أرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يستفاد من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعي قدم تظلماً إلى اللجنة القضائية لوزارتي الأشغال والحربية قيد برقم 4545 سنة 2 ق طالباً تقرير أحقيته في أن يوضع في الدرجة 300/ 500 م من أول أبريل سنة 1952 - تاريخ اعتماد كادر عمال القنال - مع صرف الفروق المترتبة على هذه التسوية، واستند في طلبه إلى أنه كان من عمال القنال الذين تركوا العمل في الجيش البريطاني، وأنه التحق بعد ذلك بسلاح الصيانة في ديسمبر سنة 1951 في حرفة نجار بأجر يومي قدره 150 م، ولما كان كادر عمال القنال يقضي بوضعه في الدرجة 300/ 500 م بأجر يومي قدره 300 م، فإنه يستحق طبقاً لذلك أن يوضع في هذه الدرجة. وقد دفعت الحكومة الدعوى بأن المدعي التحق بخدمة سلاح الصيانة في 10 من ديسمبر سنة 1951، وشكلت لجنة فنية لاختباره وقدرت له أجراً 150 م في اليوم حسب قدرته العلمية وكفايته الفنية بدرجة مساعد نجار. أما ما يدعيه المدعي من أن كادر العمال يقضي بوضعه في الدرجة 300/ 500 م ببداية 300 م فقول يجانب الحق؛ إذ لم يتعد المدعي درجة مساعد صانع في الدرجة 150/ 300 م. وقد قضت المحكمة بجلسة 4 من يوليه سنة 1955 "بأحقية المدعي في أن تسوى حالته في درجة نجار صانع غير دقيق 200/ 360 م بأجر يومي قدره 200 م وما يترتب على ذلك من آثار على ألا تصرف الفروق المترتبة على التسوية إلا من 1/ 4/ 1952". وأقامت المحكمة قضاءها على أن "كادر عمال القنال قد جرى على وضع كل حرفة في درجة معينة أي أن كل درجة تدرج تحتها حرف معينة على سبيل الحصر"، وأن "درجة مساعد الصانع لم يندرج تحت مساعد النجار، وإنما وضع النجار، إما عن درجة الصانع غير الدقيق 200/ 360 م، وإما تحت درجة الصانع الدقيق 300/ 500 م"، وأن "المصلحة تقرر أن المدعي امتحن في مهنة نجار ولم تصل كفايته لدرجة صانع دقيق"، وأن "الدرجة المقررة للنجار قبل الصانع الدقيق هي صانع غير دقيق 200/ 360 م فمن ثم يلزم وضع المدعي في هذه الدرجة".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن قواعد كادر عمال القنال تنص على وجوب تأدية هؤلاء العمال امتحاناً في حرفهم بوساطة اللجان المشكلة لهذا الغرض في مختلف الوزارات والمصالح لمعرفة الدرجة التي يوضع فيها كل منهم حسب قدرته على العمل، والثابت أن اللجنة التي اختبرت المدعي قدرت أهليته في حرفته بدرجة مساعد نجار، ولما كان مساعد النجار يعتبر مساعد صانع؛ فإنه يتعين وضعه في درجة مساعد صانع 150/ 300 التي وردت في كادر العمال. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب، فإنه يكون قد بني على مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على تقرير اللجنة المشكلة بوزارة المالية لإعادة توزيع عمال القنال على وزارات الحكومة ومصالحها أنها "قدرت أجور أرباب الحرف بما يطابق درجات كادر العمال الحكومي وبمقتضى الكشوف حرف "ب" الملحقة بالكادر حتى يعامل الجميع على قدم المساواة موزعة على الدرجات الآتية:"
"1 - ...........، 2 - ............، 3 - مساعد وصناع 150/ 300، 4 - .........، 5 - .........، 6 - عامل غير دقيق 200/ 360، 7 - عامل دقيق 300/ 500 ببداية 240 م، 8 - عامل دقيق 300/ 500، 9 - ........."
كما أوجبت اللجنة أداء العمال "امتحاناً في حرفهم بمعرفة لجنة مشكلة لهذا الغرض في مختلف الوزارات والمصالح للوقوف على كفايتهم في العمل واستحقاقهم للدرجات المقدرة لهم في الكادر".
ومن حيث إنه يظهر مما تقدم أن كلاً من الدرجات المشار إليها ومن بينها درجة مساعد صانع وعامل غير دقيق وعامل دقيق تعتبر درجة مستقلة يكون التعيين فيها تبعاً لقدرة العامل وكفايته حسبما يبين من نتيجة الامتحان الذي يؤديه أمام اللجنة المختصة.
ومن حيث إنه قد بان للجنة التي قامت بامتحان المدعي أن كفايته في العمل لم ترق إلى درجة عامل غير دقيق وأنها لا تتعدى درجة مساعد صانع في الدرجة 150/ 300 م فعينته مساعد نجار في الدرجة المذكورة.
ومن حيث إنه ولئن كانت كشوف كادر عمال القنال قد خلت من ذكر مساعد نجار على التخصيص ولم تتضمن سوى نجار في درجة عامل غير دقيق 200/ 360 م ونجار في درجة عامل دقيق 360/ 500 م، إلا أن عدم بلوغ المطعون عليه في الامتحان درجة الصانع الدقيق لا تستلزم وضعه في درجة الصانع غير الدقيق؛ لأن ثمة درجة أخرى هي درجة مساعد المصانع، ومناط التعيين في درجات كادر عمال القنال هو - كما سبق القول - بدرجة نجاح العامل في الامتحان لإحدى هذه الدرجات وقد قدرتها اللجنة بأنها لا تتعدى مساعد صانع، وليس يقبل أن يفيد المدعي من إغفال ذكر مساعد نجار على التخصيص ضمن الكشوف الملحقة بالكادر المذكور، وكل ما قد يؤدي إليه ذلك أن يوضع في الدرجة المساوية لدرجته طبقاً لقواعد كادر عمال الحكومة الذي اتخذته اللجنة أساساً لتقديراتها لدرجة العامل وتحديد أجره فيوضع في درجة مساعد صانع التي نجح في امتحانها، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه - والحالة هذه - قد خالف القانون متعيناً إلغاؤه - وتكون الدعوى واجبة الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.