أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 875

جلسة 23 من أكتوبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين أحمد فؤاد جنينه، ويعيش رشدي، وأحمد طاهر خليل، ومحمد علي بليغ.

(181)
الطعن رقم 586 لسنة 47 القضائية

قتل عمد. سبق إصرار. قصد جنائي. إثبات. "بوجه عام". فاعل أصلي. مسئولية جنائية. ارتباط. عقوبة. "تطبيقها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(1) سبق الإصرار. حالة ذهنية. استخلاصها. موضوعي.
قول الحكم إن الطاعنين أعدوا أسلحة نارية وقصدوا مكان جلوس المجني عليه الأول وبادروه بإطلاق النار عليه والضرب بعصا دون مقدمات. ثأراً لاعتداء ابن عمه صباح ذات اليوم على أحدهم. كفايته تدليلاً على توافر سبق الإصرار في حقهم.
(2) انتهاء الحكم إلى أن الطاعنين استعملوا أسلحة قاتلة بطبيعتها وأنهم أطلقوها صوب المجني عليه الأول عدة مرات فأصابه إحداها وأصابت الأخرى المجني عليهم الآخرين كفايته تدليلاً على توافر نية القتل في جانبهم وإن استعمل أحدهم عصا في الاعتداء طالما ثبت اتفاقهم جميعاً على القتل.
(3) سبق الإصرار على القتل في حق المتهمين. أثره. تضامنهم في المسئولية عن تلك الجريمة كفاعلين أصليين. المادة 39 عقوبات.
(4) بيان الحكم أن الجرائم التي ارتكبها المتهمون وقعت لغرض واحد. ومعاقبة كل منهم بعقوبة واحدة تدخل في حدود العقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم إعمالاً لحكم المادة 32 عقوبات لا ينال منه عدم ذكر الجريمة ذات العقوبة الأشد.
1 - لما كان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً وكان البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى عناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وكان لا يشترط في الدليل في المواد الجنائية أن يكون صريحاً ودالاً مباشرة على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات. ولما كان ما قاله الحكم في تدليله على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين من أنهم أرادوا الثأر للاعتداء الذي وقع صباح يوم الحادث من ابن عم المجني عليه الأول على الطاعن الثاني فكبر ذلك عند الطاعنين وأعدوا الأسلحة النارية اللازمة لذلك وقصدوا إلى مكان جلوس المجني عليه الأول وبادروا بإطلاق النار عليه وضربه بالعصا دون مقدمات، وكان ما استظهره الحكم للاستدلال على ثبوت ظرف سبق الإصرار من وقائع وأمارات كشف عنه ولها مأخذها من أوراق الدعوى هو مما يسوغ به هذا الاستخلاص، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يكون له محل.
2 - لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتتم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلاً سائغاً واضحاً في إثبات توافرها لدى الطاعنين وكان البين من مساق الحكم أن ما قاله في معرض هذا التدليل من أن الطاعنين استعملوا آلات قاتلة بطبيعتها "بندقيتين ومسدس" وأنهم أطلقوا النار منها صوب المجني عليه الأول عدة مرات فأصابه أحد الأعيرة وطاشت الأخرى فأصابت المجني عليهما الأخيرين وأنه وإن كان الطاعن الثاني استعمل العصا في الاعتداء على المجني عليه الأول فإن ظروف الحادث تفصح عن اتفاقه مع باقي الطاعنين على إزهاق روح هذا المجني عليه بسبب حادث الصباح، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم في شأن استلاله على توافر نية القتل يكون غير سديد.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين مما يرتب في صحيح القانون تضامناً بينهم في المسئولية الجنائية فإن كلاً منهم يكون مسئولاً عن جريمة الشروع في القتل التي وقعت تنفيذاً لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه باعتبارهم فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات – ويكون منعى الطاعن الثاني في هذا الشأن لا محل له. أما ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه بأنه لم يعرض لدفاعهم القائم على عدم توافر نية القتل فمردود بما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعية وحسبها أن تورد في حكمها الأدلة المنتجة التي صحت لديها على ما استخلصته من وقوع الجريمة المسندة إليه بأركانها وظروفها المشددة، ولا على الحكم إن هو التفت عن الرد صراحة على دفاع المتهم ما دام الرد يستفاد ضمناً من الأدلة التي أوردها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر نية القتل لدى الطاعنين على نحو ما تقدم فلا وجه لما يثيرونه في هذا الصدد.
4 - لما كان الحكم قد بين الجرائم التي ارتكبها الطاعنون الأول والثالث والرابع المستوجبة لعقابهم وأنها ارتكبت لغرض واحد بما يوجب الحكم على كل منهم بعقوبة واحدة هي المقررة لأشد هذه الجرائم، وكان الحكم قد قضى على كل من هؤلاء الثلاثة بعقوبة واحدة عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات فإنه يكون قد أعمل حكم هذه المادة ولا يؤثر في سلامته أنه أغفل ذكر الجريمة الأشد. لما كان كل ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم (أولاً) شرعوا في قتل........... و............ و................. عمداً مع سبق الإصرار بأن انتووا قتل.......... وعقدوا العزم على ذلك وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية مششخنة "بندقية ومسدس". وآلة راضة "عصا" وتوجهوا إليه في المكان الذي أيقنوا تواجده به وما أن ظفروا به حتى أطلق عليه المتهم الأول عياراً نارياً وعاجله المتهم الثاني بتوجيه ضربة إليه من عصا فحدثت إصاباته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي كما أطلق عليه المتهم الثالث عيارين أخطأه وأصاب أحدهما............ فحدثت إصاباته الموصوفة التقرير الطبي الشرعي. كما أطلق عليه المتهم الرابع عياراً نارياً أخطأه وأصاب.......... فحدثت إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركة المجني عليهم بالعلاج. (ثانياً) المتهمون الأول والثالث ( أ ) أحرزوا بغير ترخيص أسلحة نارية مششخنة "بندقية ومسدس". (ب) أحرزوا ذخيرة مما تستعمل في الأسلحة النارية سالفة الذكر دون أن يكون مرخصاً لهم بحيازتها أو إحرازها. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 45 و46 و230 و231 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1 و6 و26/ 2 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1985. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليهم. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة الشروع في قتل المجني عليهم مع سبق الإصرار قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم لم يقم الدليل السائغ على توافر سبق الإصرار في حق الطاعنين مما يكون له أثره في تكييف التهمة بالنسبة للطاعن الثاني الذي لم يثبت الحكم في حقه إلا أنه استعمل عصا في ضرب المجني عليه وهو ما لا يكفي لاعتباره شارعاً في قتله إذا انتفى ظرف سبق الإصرار لدى الطاعنين كما جاء الحكم قاصراً في التدليل على توافر نية القتل في حقهم ولم يرد على دفاعهم بأن الحادث وقع وليد مشاجرة طارئة هذا إلى أنه أعمل في حق الطاعنين الأول والثالث والرابع حكم المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليهم عقوبة الجريمة الأشد دون أن يفصح عن أي من الجريمتين اللتين دانهم بهما هي الأشد، كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الشروع في القتل مع سبق الإصرار التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. ولما كان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً وكان البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وكان لا يشترط في الدليل في المواد الجنائية أن يكون صريحاً ودالاً على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات. ولما كان ما قاله الحكم في تدليله على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين من أنهم أرادوا الثأر للاعتداء الذي وقع صباح يوم الحادث من ابن عم المجني عليه الأول على الطاعن الثاني فكبر ذلك عند الطاعنين وأعدوا الأسلحة النارية اللازمة لذلك وقصدوا إلى مكان جلوس المجني عليه الأول وبادروا بإطلاق النار عليه وضربه بالعصا دون مقدمات، وكان ما استظهره الحكم للاستدلال على ثبوت ظرف سبق الإصرار من وقائع وأمارات كشفت عنه ولها مأخذها من أوراق الدعوى هو مما يسوغ به هذا الاستخلاص، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتتم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلاً سائغاً واضحاً في إثبات توافرها لدى الطاعنين وكان البين من مساق الحكم أن ما قاله في معرض هذا الدليل من أن الطاعنين استعملوا آلات قاتلة بطبيعتها "بندقيتين ومسدس" وأنهم أطلقوا النار منها صوب المجني عليه الأول عدة مرات فأصابه أحد الأعيرة وطاشت الأخرى فأصابت المجني عليهما الآخرين وأنه وإن كان الطاعن الثاني استعمل العصا في الاعتداء على المجني عليه الأول فإن ظروف الحادث تفصح عن اتفاقه مع باقي الطاعنين على إزهاق روح هذا المجني عليه بسبب حادث الصباح، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم في شأن استلاله على توافر نية القتل يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين مما يرتب في صحيح القانون تضامناً بينهم في المسئولية الجنائية فإن كلاً منهم يكون مسئولاً عن جريمة الشروع في القتل التي وقعت تنفيذاً لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه باعتبارهم فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات – ويكون منعى الطاعن الثاني في هذا الشأن لا محل له. أما ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه بأنه لم يعرض لدفاعهم القائم على عدم توافر نية القتل فمردود بما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعية وحسبها أن تورد في حكمها الأدلة المنتجة التي صحت لديها على ما استخلصته من وقوع الجريمة المسندة إليه بأركانها وظروفها المشددة، ولا على الحكم إن هو التفت عن الرد صراحة على دفاع المتهم ما دام الرد يستفاد ضمناً من الأدلة التي أوردها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر نية القتل لدى الطاعنين على نحو ما تقدم فلا وجه لما يثيرونه في هذا الصدد. لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد بين الجرائم التي ارتكبها الطاعنون الأول والثالث والرابع والمستوجبة لعقابهم وأنها ارتكبت لغرض واحد بما يوجب الحكم على كل منهم بعقوبة واحدة هي المقررة لأشد هذه الجرائم، وكان الحكم قد قضى على كل من هؤلاء الثلاثة بعقوبة واحدة عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات فإنه يكون قد أعمل حكم هذه المادة ولا يؤثر في سلامته أنه أغفل ذكر الجريمة الأشد. لما كان كل ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.