مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الثاني (من فبراير سنة 1956 إلى آخر مايو سنة 1956) - صـ 522

(64)
جلسة 18 من فبراير سنة 1956

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة: بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

القضية رقم 32 لسنة 2 القضائية

موظف - تثبيته - جوازي للإدارة - ترخص الإدارة في تقدير ملاءمة التثبيت بلا معقب عليها ما دام قرارها خلا من إساءة استعمال السلطة - القانون رقم 331 لسنة 1953 - النص فيه على عدم جواز التثبيت.
يبين من استقراء نصوص قرارات مجلس الوزراء الصادرة بشأن جواز تثبيت الموظفين أنها جعلت التثبيت جوازياً للإدارة، لا حقاً للموظف المؤقت، وعلى ذلك تترخص الإدارة في تقدير ملاءمة التثبيت بحسب إمكانيات الميزانية وصالح العمل على هدي المصلحة العامة في هذا الشأن بلا معقب عليها، ما دام تصرفها قد خلا من إساءة استعمال السلطة، وفوق ذلك فإن المادة الرابعة من القانون رقم 331 لسنة 1953 نصت على أنه "لا تسري الأحكام الخاصة بالتثبيت وتقرير وربط المعاشات ومكافآت ترك الخدمة المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 والقوانين رقم 59 لسنة 1930 و140 لسنة 1944 و30 لسنة 1948 و9 لسنة 1949 و114 لسنة 1950 و220 لسنة 1951 والمرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 المشار إليه بالنسبة إلى الموظفين المدنيين، والعسكريين الذين يعينون ابتداءً من تاريخ العمل بهذا القانون، وذلك مع عدم الإخلال بالأحكام الخاصة بمكافآت ترك الخدمة للموظفين الذين لم تشملهم أحكام المرسوم بقانون رقم 316 لسنة 1952 والقوانين المعدلة له.
ولا يجوز تثبيت أي موظف من الموظفين الحاليين غير المثبتين ولو كانوا من الطوائف المشار إليها في الفقرة السابقة". وغني عن البيان أن دعوى المطعون عليه قد أصبحت - والحالة هذه - غير ذات موضوع بعد صدور هذا القانون.


إجراءات الطعن

في أول ديسمبر سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لمصالح الحكومة بالإسكندرية بجلستها المنعقدة في 12 من أكتوبر سنة 1955 في الدعوى رقم 659 لسنة 2 القضائية المرفوعة من أحمد رمضان صادق ضد وزارتي الداخلية والمالية، ويقضي هذا الحكم باعتبار المدعي مثبتاً بشرط القيام بما يكون مطلوباً منه من احتياطي المعاش طبقاً للقانون والقواعد المعمول بها مع إلزام الجهة الإدارية بالمصاريف ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطلب رئيس هيئة المفوضين قبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض الدعوى، وإلزام المدعي بالمصروفات.
وقد أعلن الطعن إلى الحكومة في 5 من ديسمبر سنة 1955، وإلى المطعون عليه في 8 منه، ثم عين لنظر الدعوى جلسة 14 من يناير سنة 1956، وأرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يستفاد من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 659 لسنة 2 القضائية أمام المحكمة الإدارية لمصالح الحكومة بالإسكندرية طالباً الحكم بتثبيته في وظيفته وما يترتب على ذلك من استحقاقه معاشاً عن مدة خدمته. وقال بياناً للدعوى إنه عين بوزارة الداخلية عام 1907 في وظيفة كتابية، وفي أول أبريل سنة 1920 عين على وظيفة دائمة، وتدرج بعد ذلك حتى شغل وظيفة رئيس قلم البوليس بمديرية البحيرة، ثم أعفي من الخدمة بموجب قرار مجلس الوزراء الصادر في 4 من نوفمبر سنة 1952 إعمالاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 بشأن فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي. وقال إن وزارة الداخلية سبق أن أوقعت الكشف الطبي عليه عام 1929 توطئة لتثبيته، ورغم نجاحه في الكشف الطبي فإنه لم يثبت، ثم عاودت طلب توقيع الكشف الطبي عليه مرة أخرى عام 1939، فرفض أن يعاد الكشف الطبي عليه معتصماً في ذلك بمنشور المالية رقم 2 لسنة 1939. وقد دفعت الحكومة الدعوى قائلة إن المدعي لا يجوز تثبيته طبقاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 3 من يناير و28 من مايو سنة 1929؛ إذا اشترطت أحكامها عدم تثبيت الموظف المؤقت الغير حاصل على مؤهل دراسي من أمثال المدعي إلا إذا كان قد أمضى خمس عشرة سنة على الأقل في وظيفة دائمة، ولم يكن المدعي قد أمضى تلك المدة في ذلك الوقت، وقد أوقف التثبيت بعد ذلك بقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من يناير سنة 1935. وبمناسبة صدور قرار مجلس الوزراء في 21 من يونيه سنة 1938 أحيل المدعي إلى الكشف الطبي في 29 من مارس سنة 1939 فوجد غير لائق، وإنه وإن كان قد صدر قرار آخر من مجلس الوزراء في 27 من يناير سنة 1945 في شأن تثبيت الموظفين الذين لم ينجحوا في الكشف الطبي، إلا أن المدعي لم يقدم طلباً للانتفاع بأحكام ذلك القرار في الموعد المحدد به.
وقد قضت المحكمة الإدارية بحكمها الصادر في 12 من أكتوبر سنة 1955 "باعتبار المدعي مثبتاً وذلك بشرط القيام بأداء ما يكون مطلوباً منه من الاحتياطي طبقاً للقانون والقواعد المعمول بها مع إلزام الجهة الإدارية بالمصاريف ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة". وقد بنت المحكمة قضاءها هذا على قراري مجلس الوزراء الصادرين في 3 من يناير و28 من مايو سنة 1929، فضلاً عن توافر شروط التثبيت طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من يونيه سنة 1938.
ومن حيث إن مبنى الطعن أنه يشترط لتثبيت الموظف نهائياً في وظيفته ضرورة استيفائه للشروط المقررة، فإذا ما توافرت له كان للإدارة بما لها من سلطة تقديرية أن تثبته نهائياً أو لا تثبته في وظيفته بلا معقب عليها، ما دام خلا تصرفها من إساءة استعمال السلطة. وجميع القرارات التي أصدرها مجلس الوزراء في هذا الشأن نصت على أن التثبيت جوازي للمصالح لا حق للموظف، بحيث لا ينشأ للموظف حق في اعتباره موظفاً مثبتاً إلا إذا صدر القرار الفردي بتثبيته دون إلزام على الجهة الإدارية.
ومن حيث إنه يبين من استقراء نصوص قرارات مجلس الوزراء الصادرة بشأن جواز تثبيت الموظفين أنها جعلت التثبيت جوازياً للإدارة، لا حقاً للموظف المؤقت، وعلى هدي ما تقدم تترخص في تقدير ملاءمة التثبيت بحسب إمكانيات الميزانية وصالح العمل على هدي المصلحة العامة في هذا الشأن، لا معقب عليها، ما دام قرارها قد خلا من إساءة استعمال السلطة، وفوق ذلك فإن المادة الرابعة من القانون رقم 331 لسنة 1953 نصت على أنه "لا تسري الأحكام الخاصة بالتثبيت وتقرير وربط المعاشات ومكافآت ترك الخدمة المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 والقوانين رقم 59 لسنة 1930 و140 لسنة 1944 و30 لسنة 1948 و9 لسنة 1949 و114 لسنة 1950 و220 لسنة 1951 والمرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 المشار إليه بالنسبة إلى الموظفين المدنيين، والعسكريين الذين يعينون ابتداء من تاريخ العمل بهذا القانون وذلك مع عدم الإخلال بالأحكام الخاصة بمكافآت ترك الخدمة للموظفين الذين لم تشملهم أحكام المرسوم بقانون رقم 316 لسنة 1952 والقوانين المعدلة له.
ولا يجوز تثبيت أي موظف من الموظفين الحاليين غير المثبتين ولو كانوا من الطوائف المشار إليها في الفقرة السابقة". وغني عن البيان أن دعوى المطعون عليه قد أصبحت - والحالة هذه - غير ذات موضوع بعد صدور هذا القانون.
ومن حيث إنه يبين من كل ما تقدم أن الحكم المطعون فيه - إذ قضى باعتبار المطعون عليه مثبتاً - يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فيتعين إلغاؤه، ورفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.