أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 677

جلسة 10 من مايو سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وأنور خلف، ومحمود عطيفه، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(160)
الطعن رقم 444 لسنة 40 القضائية

(أ، ب) تموين. قانون "تطبيقه". عقوبة. "تطبيقها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع. "سلطتها في تطبيق القانون على وقائع الدعوى". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
( أ ) وجوب إثبات البيانات المنصوص عليها في المادة 14 من قرار وزير التموين رقم 112 لسنة 1966. فور صرف المواد التموينية.
(ب) تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى. واجب على المحكمة. ما دامت لم تخرج عن حدود الواقعة المطروحة. عدم لفت نظر الدفاع إلى ذلك. لا إخلال بحقه في الدفاع.
معاقبة المتهم بمواد اتهام غير تلك المرفوعة بها الدعوى. دون لفت نظره. لا إخلال.
(ج، د) حكم. "وصف الحكم". "إصداره والنطق به". إجراءات المحاكمة. محكمة الموضوع. "الإجراءات أمامها". قانون "تطبيقه".
(ج) ثبوت أن المتهم لم يتخلف إلا عن حضور الجلسات التي تأجل إليها النطق بالحكم. دون سبب قهري. وصف الحكم بأنه حضوري. صحيح.
(د) اشتراط إجماع القضاة في حالة إلغاء حكم البراءة أو تشديد العقوبة. قصره على حالات الخلاف في تقدير الأدلة والوقائع والعقوبة.
النظر في استواء حكم القانون. لا يتطلب إجماعاً.
1 - مؤدى نص المادة 14 من قرار وزير التموين رقم 112 لسنة 1966 بشأن بطاقات التموين، أن البيانات المشار إليها فيه، يجب إثباتها في السجل - الخاص بتوزيع المواد التموينية - فور اقتضاء موجبها، ومن ثم فإن ما يدعيه الطاعن من أن حقه أن لا يستوفي البيانات إلا عند تقديم السجل لمكتب التموين في الأسبوع الأول من الشهر التالي للتوزيع، يكون غير صحيح في القانون.
2 - إنه من الواجب على المحكمة أن تطبق القانون تطبيقاً صحيحاً على الوقائع الثابتة في الدعوى، ما دامت لم تخرج عن حدود الواقعة المرفوعة بها الدعوى أصلاً ولم تفقد نطاق عناصرها القانونية، وهو واجب عليها أن تمارسه حتماً قبل قضائها في الدعوى دون لفت نظر الدفاع، ولا يعطي ذلك للطاعن حقاً في إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع فمن واجب المتهم أن يضمن دفاعه القانون الذي يعاقب على الواقعة المسندة، ومن ثم يكون إدعاء الطاعن أن الحكم قد انطوى على الإخلال بحقه في الدفاع لأن النيابة طلبت عقابه بالمادتين 4/ 2، 54 من قرار التموين رقم 54 لسنة 1945، ولكن المحكمة أوقعت عليه العقوبة المقررة بالمادتين 14، 26/ 2 من قرار التموين رقم 112 لسنة 1966، يكون غير سديد.
3 - متى كان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية، أن الطاعن لم يتخلف إلا عن حضور الجلسات التي تأجل إليها النطق بالحكم ولم يدع أن تخلفه عنها كان لسبب قهري، فإن وصف الحكم بأنه حضوري يكون في محله.
4 - جرى قضاء محكمة النقض على أن مراد الشارع من النص في المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية على وجوب إجماع قضاة المحكمة عند تشديد العقوبة أو إلغاء حكم البراءة، إنما هو مقصور على حالات الخلاف بينها وبين محكمة أول درجة في تقدير الوقائع والأدلة، وأن تكون هذه الوقائع والأدلة كافية في تقرير مسئولية المتهم واستحقاقه للعقوبة، أو إقامة التناسب بين هذه المسئولية وتقدير العقوبة، وكل ذلك في حدود القانون إيثاراً من الشارع لمصلحة المتهم، فاشتراط إجماع القضاة قاصر على حالة الخلاف في تقدير الوقائع والأدلة وتقدير العقوبة، أما النظر في استواء حكم القانون فلا يصح أن يرد عليه خلاف والمصير إلى تطبيقه على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى إجماع، بل لا يتصور أن يكون الإجماع ذريعة إلى تجاوز حدود القانون أو إغفال حكم من أحكامه، ومن ثم فإنه إذا كان حكم محكمة أول درجة قد طبق نصوصاً ملغاة وأعمل الحكم المطعون فيه النصوص التي تسري على واقعه، فإنه يكون قد اقتصر على تطبيق القانون تطبيقاً سليماً، ولا يشترط لذلك إجماع قضاة المحكمة [(1)].


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية الطاعن بأنه في يوم 17/ 3/ 1968 بدائرة سنورس محافظة الفيوم: (أولاً) تصرف في مواد التموين (كوبونات كيروسين) لغير المستهلكين. (ثانياً) لم يثبت في السجل الخاص بمواد التموين مقادير أصناف السلع التموينية الخاصة لكل مستهلك والكميات الواردة إليه. (ثالثاً) لم يبين في مكان ظاهر من محله عن وصول مواد التموين. وطلبت عقابه بالمواد 4 و42 و54 من قرار وزير التموين رقم 504 لسنة 1945 والمادتين 57 و58 من القرار رقم 269 لسنة 1961 و56 و57 من القانون رقم 55 لسنة 1945. ومحكمة جنح سنورس الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بالنسبة للتهمتين الثانية والثالثة والمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى التهمة الأولى ببراءة المتهم عن التهمة الأولى وبتغريم المتهم خمسة جنيهات عن كل تهمة من التهمتين الثانية والثالثة بلا مصروفات. فاستأنفت النيابة هذا الحكم. ومحكمة الفيوم الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع (أولاً) برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من براءة المتهم عما أسند إليه في التهمة الأولى. (ثانياً) بإلغاء الحكم المستأنف فيما عدا ذلك وبحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وتغريمه مائة جنيه عن التهمة الثانية وبتغريمه مائة جنيه عن التهمة الثالثة. فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي عدم إثباته - في سجل توزيع مواد التموين مقادير السلع التموينية الخاصة بكل مستهلك والكميات الواردة إليه وتاريخ ورودها، وعدم إعلانه في مكان ظاهر من محله عن وصول مواد التموين، قد انطوى على الإخلال بحق الدفاع والبطلان والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن النيابة طلبت عقابه بالمادتين 4/ 2 و54 من قرار التموين رقم 504 سنة 1945 ولكن المحكمة أوقعت عليه العقوبة المقررة بالمادتين 14 و26/ 2 من قرار التموين رقم 112 لسنة 1966 دون أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك، رغم أن العقوبة المقررة في القرار الأخير أشد من العقوبة المنصوص عليها في القرار الذي طلبت النيابة تطبيقه. كما أن الحكم المطعون فيه هو في حقيقته حضوري اعتباري، وكان يحق له المعارضة فيه، إلا أن النيابة حالت بينه وبين المعارضة فيه، ثم إن المحكمة الاستئنافية شددت العقوبة المحكوم بها على الطاعن دون أن يتضمن حكمها أن ذلك تم بإجماع آراء قضاتها، كما أن جريمة عدم إثبات البيانات في سجل توزيع مواد التموين لم تكن أركانها قد توافرت، ذلك بأنه يحق للطاعن استيفاء بيانات السجل إلى حين تقديمه لمكتب التموين في الأسبوع الأول من الشهر التالي للتوزيع.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به أركان الجريمتين اللتين دان بهما الطاعن وأورد على ثبوتهما في حقه على أدلة سائغة. لما كان ذلك وكان من الواجب على المحكمة أن تطبق القانون تطبيقاً صحيحاً على الوقائع الثابتة في الدعوى، ما دامت لم تخرج عن حدود الواقعة المرفوعة بها الدعوى أصلاً ولم تفقد نطاق عناصرها القانونية وهو واجب عليها أن تمارسه حتماً قبل قضائها في الدعوى دون لفت نظر الدفاع. ولا يعطي ذلك للطاعن حقاً في إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع فمن واجب المتهم أن يضمن دفاعه القانون الذي يعاقب على الواقعة المسندة إلى المتهم. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن لم يتخلف إلا عن حضور الجلسات التي تأجل إليها النطق بالحكم ولم يدع أن تخلفه عنها كان لسبب قهري ومن ثم يكون وصف الحكم بأنه حضوري في محله ويكون منعاه في هذا الصدد على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن مراد الشارع من النص في المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية على وجوب إجماع قضاة المحكمة عند تشديد العقوبة أو إلغاء حكم البراءة، إنما هو مقصور على حالات الخلاف بينها وبين محكمة أول درجة في تقدير الوقائع والأدلة، وأن تكون هذه الوقائع والأدلة كافية في تقرير مسئولية المتهم واستحقاقه للعقوبة أو إقامة التناسب بين هذه المسئولية ومقدار العقوبة، وكل ذلك في حدود القانون إيثاراً من الشارع لمصلحة المتهم، فاشتراط إجماع القضاة قاصر على حالة الخلاف في تقدير الوقائع والأدلة وتقدير العقوبة، أما النظر في استواء حكم القانون، فلا تصح أن يرد عليه خلاف والمصير إلى تطبيقه على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى إجماع، بل لا يتصور أن يكون الإجماع ذريعة إلى تجاوز حدود القانون أو إغفال حكم من أحكامه، وإذ ما كان حكم محكمة أول درجة قد طبق نصوصاً ملغاة، وأعمل الحكم المطعون فيه النصوص التي تسري على واقعة الدعوى، فإنه يكون قد اقتصر على تطبيق القانون تطبيقاً سليماً ولا يشترط لذلك إجماع قضاة المحكمة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، وكانت المادة 14 من قرار التموين رقم 112 لسنة 1966 بشأن بطاقات التموين والتي طبقتها المحكمة تنص على أنه "تحدد وزارة التموين جهات صرف المواد التموينية لجميع المستهلكين ولا يجوز لهذه الجهات أن تصرف مواد التموين لغيرهم وبالمقادير المقررة لكل منهم، ويجب عليها وعلى المسئولين عن إدارتها أن يمسكوا سجلاً طبقاً للنموذج المرافق يقيدون فيه أرقام البطاقات التموينية وأسماء أصحابها وأرقام بطاقاتهم العائلية أو الشخصية أو الإقامة حسب الأحوال ومحال إقامتهم ومقادير الأصناف المخصصة لكل مستهلك واسم المستلم وصفته وتوقيعه وتاريخ البيع فور صرفه، وكذلك مقادير الأصناف التي ترد إليهم وتاريخ وجهة ورودها وأماكن تخزينها ومقدار المبيع منها والرصيد المتبقي منها، ويجب أن يكون الرصيد المتبقي من المواد التموينية مطابقاً للرصيد الفعلي، ويتعين أن تكون صفحات هذه السجلات مرفقة ومختومة بخاتم إدارة التموين المختصة قبل إثبات البيانات بها، ولا يجوز الكشط أو المحو فيها وفي حالة الضرورة يكون التعديل بطريق الشطب أو الإضافة مع إثبات التعديل وتاريخه، وتوقيع صاحب الشأن، ويحظر نزع ورقة من أوراق هذا السجل أو إضافة أوراق أخرى إليه، وفي حالة فقد هذا السجل يجب تبليغ أقرب جهة شرطة وتقديم سجل جديد إلى إدارة التموين المختصة لترقيم صفحاته وختمه بخاتم المكتب - وذلك خلال أسبوع على الأكثر من تاريخ فقد السجل - ويتعين أن يكون السجل مطابقاً لسجل الربط والمحفوظ لدى إدارة التموين، وعلى الجهات المشار إليها عند صرف المقررات التموينية أن تؤشر على بطاقات التموين بما يقيد الصرف وتاريخه". ومؤدى هذا النص أن البيانات التي يجب إثباتها في السجل يجب أن تثبت به فور اقتضاء موجبها، ومن ثم فإن ما يدعيه الطاعن من أن من حقه أن لا يستوفي هذه البيانات إلا عند تقديم السجل لمكتب التموين في الأسبوع الأول من الشهر التالي للتوزيع غير صحيح في القانون. لما كان ما سبق، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس واجب الرفض موضوعاً.


[(1)] (نفس المبدأ مقرر في الطعن رقم 1554 لسنة 29 ق جلسة 1/ 3/ 1960 السنة 11 ص 201، والطعن رقم 1879 لسنة 34 ق جلسة 16/ 2/ 1965 السنة 16 ص 144، والطعن رقم 1939 لسنة 35 ق جلسة 21/ 2/ 1966 السنة 17 ص 169، والطعن رقم 1266 لسنة 36 ق جلسة 14/ 2/ 1967 السنة 18 ص 200).