أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 881

جلسة 23 من أكتوبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه, ويعيش محمد رشدي. ومحمد محمد وهبه. وأحمد علي موسى.

(182)
الطعن رقم 588 لسنة 47 القضائية

إثبات. "بوجه عام". قتل عمد . قصد جنائي.
تسجيل الحكم أن الحادث ارتكب أخذاً بثأر ابن عم الطاعن. لا يكفي بذاته لتوافر قصد الاعتداء أو نية إزهاق روح المجني عليه لديه. ما دام أن كل ما استند إليه هو مجرد مصاحبته لمن أطلق النار فجأة على المجني عليه فأراده قتيلاً.
لما كان الحكم المطعون فيه قد يبين واقعة الدعوى في قوله: حيث إن وقائع الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من الاطلاع على الأوراق وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تجمل في أنه في يوم 27/ 11/ 1972 تناول......... وشقيقه........... المجني عليه – طعام العشاء ثم توجها إلى محل الأول وبعد قليل حضر إليهما المتهمان "الطاعنان" واشترى كل منهما خمس سجاير وكان أولهما الطاعن الأول – يحمل فرد خرطوش وفي هذه الأثناء كان......... المجني عليه – ينتظر أخاه خارج المحل وقد ولى وجهه شطر المحل ولما خرج المتهمان من المحل اقترب............ – الطاعن الأول – من المجني عليه حتى أصبح قبالته وعلى يمينه ثم صوب الفرد ناحيته من قرب وأطلق عليه عياراً نارياً أصابه بيمين مقدم الصدر أسفل حلمة الثدي اليمنى وكان... – شقيق المجني عليه – يقف وقتئذ في مدخل محله حاملاً لمبة نمرة 10 تضيء ما أمامها وكانت إصابة المجني عليه قاتلة فما لبث أن لفظ أنفاسه الأخيرة" وأورد الحكم على لسان شقيق المجني عليه أن الحادث ارتكب أخذاً بالثأر – لاتهام والده وعمه بقتل ابن عم الطاعن الثاني وهو نسيب الطاعن الأول منذ خمسة عشرة عاماً – ثم تحدث الحكم عن نية القتل وظرف سبق الإصرار بقوله: "وحيث إن نية القتل ثابتة قبل المتهمين – الطاعنين - من استعمال سلاح قاتل بطبيعته – فرد خرطوش – ومن إطلاقه من مسافة قريبة جداً وفي مقتل ومن أن الحادث ارتكب أخذاً بالثأر. وحيث إن ركن سبق الإصرار ثابت قبل المتهمين من ارتكابهما الحادث على النحو المفاجئ الذي حدث ودون حدوث مشادة أو استفزاز من جانب المجني عليه مما يفصح عن نيتهما بقتل المجني عليه بمجرد أن واتتهما الفرصة المناسبة لذلك." لما كان ذلك وكان لا يبين من هذا الذي أورده الحكم – سواء في مقام بيانه واقعة الدعوى، أو معرض حديثه عن نية القتل وظرف سبق الإصرار توافر نية القتل في حق الطاعن الثاني, ذلك بأنه لا يكفي في إثبات هذه النية في حقه ما سجله الحكم من أن الحادث قد ارتكب أخذاً بثأر ابن عمه ما دام قصارى ما أسنده إليه الحكم إنما هو مجرد وجوده بصحبة الطاعن الأول في غضون ارتكاب الحادث وأثناء إطلاق الأخير العيار الناري فجأة على المجني عليه وهو ما لا يتوافر به – في حد ذاته الدليل على تعمد الطاعن الثاني وقوع الاعتداء على المجني عليه, فضلاً عن تعمده المساهمة في إزهاق روحه. لما كان ذلك, فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في التدليل على توافر نية القتل في حق الطاعن الثاني مما يوجب نقضه – بالنسبة إلى الطاعنين – والإحالة, وذلك لوحدة الواقعة لحسن سير العدالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما (أولاً) قتلا.......... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدا العزم على قتله وأعدا لذلك سلاحين ناريين وما أن ظفر به حتى أطلق عليه المتهم الأول عياراً نارياً قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. (ثانياً) أحرزا بغير ترخيص سلاحين ناريين غير مششخنين في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.(ثالثاً) أحرزا ذخيرة مما تستعمل في السلاحين الناريين سالفي الذكر دون أن يكون مرخصاً لهما في حيازتهما واحرازهما. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمادتين 230 و231 من قانون العقوبات والمواد 1/1 و6 و26/1 و45 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 2 الملحق, فقرر ذلك وادعى والد المجني عليه مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام (أولاً) بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة عن التهم المسندة إليه. (ثانياً) بمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر سنة عن التهمة الأولى المسندة إليه وببراءته من التهمتين الثانية والثالثة المسندين إليه (ثالثاً) بإلزام المتهمين متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة قتل عمد مع سبق الإصرار, قد شابه قصور في التدليل على توافر نية القتل في حقهما.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "حيث إن وقائع الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من الاطلاع على الأوراق وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تجمل في أنه في يوم 27/ 11/ 1972 تناول........ وشقيقه........... المجني عليه – طعام العشاء ثم توجها إلى محل الأول وبعد قليل حضر إليهما المتهمان.......... و .......... – الطاعنان - واشترى كل منهما خمس سجاير وكان أولهما - الطاعن الأول – يحمل فرد خرطوش وفي هذه الأثناء كان........... - المجني عليه – ينتظر أخاه خارج المحل وقد ولى وجهه شطر المحل ولما خرج المتهمان من المحل اقترب............. – الطاعن الأول – من المجني عليه حتى أصبح قبالته وعلى يمينه ثم صوب الفرد ناحيته من قرب وأطلق عليه عياراً نارياً أصابه بيمين مقدم الصدر أسفل حلمة الثدي اليمنى وكان........... – شقيق المجني عليه – يقف وقتئذ في مدخل محله حاملاً لمبة نمرة 10 تضيء ما أمامها وكانت إصابة المجني عليه قاتلة فما لبث أن لفظ أنفاسه الأخيرة". وأورد الحكم على لسان شقيق المجني عليه أن الحادث ارتكب أخذاً بالثأر – لاتهام والده وعمه بقتل ابن عم الطاعن الثاني وهو نسيب الطاعن الأول منذ خمسة عشر عاماً – ثم تحدث الحكم عن نية القتل وظروف سبق الإصرار بقوله: "وحيث إن نية القتل ثابتة قبل المتهمين – الطاعنين من استعمال سلاح قاتل بطبيعته – فرد خرطوش – ومن إطلاقه من مسافة قريبة جداً وفي مقتل ومن أن الحادث ارتكب أخذاً بالثأر. وحيث إن ركن سبق الإصرار ثابت قبل المتهمين من ارتكابهما الحادث على النحو المفاجئ الذي حدث ودون حدوث مشادة أو استفزاز من جانب المجني عليه مما يفصح عن نيتهما المبيتة لقتل المجني عليه بمجرد أن واتتهما الفرصة المناسبة لذلك." لما كان ذلك وكان لا يبين من هذا الذي أورده الحكم – سواء في مقام بيانه واقعة الدعوى، أو معرض حديثه عن نية القتل وظرف سبق الإصرار توافر نية القتل في حق الطاعن الثاني, ذلك بأنه لا يكفي في إثبات هذه النية في حقه ما سجله الحكم من أن الحادث قد ارتكب أخذاً بثأر ابن عمه ما دام قصارى ما أسنده إليه الحكم إنما هو مجرد وجوده بصحبة الطاعن الأول في غضون ارتكاب الحادث وأثناء إطلاق الأخير العيار الناري فجأة على المجني عليه وهو ما لا يتوافر به – في حد ذاته الدليل على تعمد الطاعن الثاني وقوع الاعتداء على المجني عليه, فضلاً عن تعمده المساهمة في إزهاق روحه. لما كان ذلك, فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في التدليل على توافر نية القتل في حق الطاعن الثاني مما يوجب نقضه – بالنسبة إلى الطاعنين – والإحالة, وذلك لوحدة الواقعة لحسن سير العدالة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.