مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الثاني (من فبراير سنة 1956 إلى آخر مايو سنة 1956) - صـ 607

(69)
جلسة 24 من مارس سنة 1956

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي بغدادي المستشارين.

القضية رقم 8 لسنة 2 القضائية

( أ ) عمال الجيش البريطاني - اللجنة المشكلة لإعادة توزيعهم على الوزارات والمصالح - تقديرها أجور أرباب الحرف بما يطابق كادر العمال الحكومي وبمقتضى الكشوف حرف (ب) الملحقة بكادر العمال - اشتراطها أن يؤدي العمال أو الصناع الفنيون امتحاناً في حرفهم بمعرفة اللجان المشكلة لذلك.
(ب) عمال الجيش البريطاني - المناط في تقدير درجة الصانع وأجره هو بنتيجة الامتحان الذي يؤديه أمام اللجنة المختصة - الدرجة ومقدار الأجر اللذان يستحقهما طبقاً لأحكام الكادر - اعتبارهما من المراكز القانونية التي يستمد حقه فيها من القانون رأساً عند توافر شرائط انطباقها - القضاء بها بصرف النظر عن طلباته القائمة على الخطأ في فهم القانون.
1 - يبين من الاطلاع على تقرير اللجنة المشكلة بوزارة المالية لإعادة توزيع عمال القنال على وزارات الحكومة ومصالحها أنها قد قدرت أجور أرباب الحرف بما يطابق كادر العمال الحكومي وبمقتضى الكشوف حرف (ب) الملحقة بكادر العمال حتى يعامل الجميع على قدم المساواة موزعة على الدرجات الآتية:
1 - ...... 2 - ...... 3 - .....
4 - ..... 5 - ..... 6 - عامل غير دقيق 200/ 360 م
7 - عامل دقيق 300/ 500 م ببداية 240 م 8 - عامل دقيق 300/ 500 م كما أوجبت اللجنة أن يؤدي العمال والصناع الفنيون امتحاناً في حرفهم بمعرفة اللجان المشكلة لهذا الغرض في مختلف الوزارات والمصالح، وذلك لمعرفة الدرجة التي يوضع فيها كل منهم حسب قدرته على العمل، وللوقوف على كفايتهم واستحقاقهم للدرجات المقدرة لهم في الكادر.
2 - إن المناط في تقدير درجة الصانع ومقدار أجره هو بنتيجة الامتحان الذي يؤديه أمام اللجنة المختصة، كما أن الدرجة ومقدار الأجر اللذين يستحقهما طبقاً لأحكام الكادر، هما من المراكز القانونية، التي تنطبق عليه ويستمد حقه فيها من القانون رأساً متى توافر فيه شرط انطباقها، فتقضي له المحكمة باستحقاقه للمركز القانوني الذي ينطبق عليه قانوناً بصرف النظر عن طلباته إذا قامت على الخطأ في فهم القانون، ذلك لأن علاقة الحكومة بالموظف هي علاقة قانونية مردها إلى القوانين واللوائح التي تنظمها وتحكمها.


إجراءات الطعن

في 13 من أكتوبر سنة 1955 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لجميع الوزارات والمصالح بالإسكندرية بجلسة 17 من أغسطس سنة 1955 في الدعوى رقم 1011 لسنة 2 ق المرفوعة من محمد علي عثمان ضد وزارة التربية والتعليم، القاضي: "باستحقاق المدعي لأجر 240 م من 1/ 5/ 1952 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق في حدود مبلغ 50 ج مع إلزام المدعى عليها بالمصروفات المناسبة..." وطلب رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن: "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء باستحقاق المدعي لأجر قدره 300 م يومياً اعتباراً من أول أبريل سنة 1952 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الحكومة بالمصروفات". وأعلن الطعن للمدعي في 24 من أكتوبر سنة 1955، وأعلن للحكومة في 17 من أكتوبر سنة 1955، ثم عين لنظر الدعوى جلسة 24 من مارس سنة 1956 وفيها سمعت الإيضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجى إصدار الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يستفاد من الطعن، في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1011 سنة 2 ق أمام المحكمة الإدارية لجميع الوزارات والمصالح بالإسكندرية طالباً الحكم بأحقيته لأجر يومي قدره 240 م بخلاف إعانة الغلاء اعتباراً من أول مايو سنة 1952 وصرف ما يستحق له في حدود مبلغ 50 ج. وقال بياناً لذلك إنه كان من عمال القتال الذين تركوا خدمة الجيش البريطاني بعد إلغاء معاهدة سنة 1936، والتحق بمدرسة الصناعات البحرية بالسويس في أول نوفمبر سنة 1951 وأجرى له امتحان أمام لجنة فنية قدرت له أجراً قدره 240 م يومياً بخلاف إعانة الغلاء، وفي 4 من مارس سنة 1952 نقل إلى منطقة الإسكندرية التعليمية بوظيفة سمكري بمدرسة الإسكندرية الصناعية الثانوية وامتحن أمام لجنة فنية أخرى قدرت له أجراً قدره 240 م بخلاف إعانة الغلاء، وفي أول مايو سنة 1952 خفض أجره إلى 200 م، فأقام هذه الدعوى. وقد ردت الحكومة عليها بأن منطقة الإسكندرية التعليمية شكلت لجنة لتقدير أجور العمال بناء على تعليمات الوزارة فقدرت اللجنة للمدعي أجراً قدره 200 م يومياً وهو الأجر المناسب للعمل المسند إليه. وقد قضت المحكمة بجلسة 17 من أغسطس سنة 1955 باستحقاق المدعي لأجر قدره 240 م يومياً من أول مايو سنة 1952 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق في حدود مبلغ 20 ج مع إلزام الحكومة بالمصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أنه: "يبين من ملف خدمة المدعي أن الوظيفة المعين فيها هي وظيفة سمكري وقد أدى لها امتحاناً واجتازه وسبق أن قدر له أجر 240 م ووردت هذه المهنة في الكشف رقم 6 من كشوف حرف "ب" الملحقة بكادر العمال من بين المهن التي تحتاج إلى دقة، ويطلق على شاغلها عامل دقيق، وقد خصصت لها لجنة إعادة تقدير الأجور الخاصة بعمال القنال الدرجة 300/ 500 م بأجر أولى قدره 240 م وهذا التقدير تتقيد به مختلف الوزارات والمصالح ومن ثم لا تملك المدعي عليها أية سلطة تقديرية في تحديد أجور عمال القنال الملحقين بها... فإذا أسندت المدعى عليها إلى المدعي وظيفة وردت في كشوف هذا الكادر بوصف معين - وهو عامل دقيق - بعد تأدية الامتحان، فلا يجوز لها أن تقدر الأجر على أساس درجة عامل غير دقيق وهي دون الأولى في المرتبة والأجر، وما دام المدعي يشغل وظيفة سمكري ويعتبر شاغلها في حكم كادر العمال في درجة دقيق، وقدرت له لجنة تقدير أجور عمال القنال الدرجة 300/ 500 م بأجر أولي قدره 240 م فإن طلب المدعي منحه هذا الأجر من أول مايو سنة 1952 - تاريخ تنزيل أجره إلى ما دون ذلك - مما يتفق مع التطبيق السليم لأحكام كادر العمال".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه "بالرجوع إلى جدول المهن والدرجات رقم 2 الملحق بتقرير لجنة إعادة توزيع عمال الجيش البريطاني يبين أن مهنة سمكري من بين المهن الواردة تحت البند 8 في قسم الدقة من فئة الصناع والعمال الفنيين ويحدد لها الجدول الدرجة (300/ 500 م) أي بأجر مبدئي قدره 300 م يومياً اعتباراً من أول أبريل سنة 1952 عملاً بكتاب المالية ف 234/ 9/ 7 المؤرخ 25 من مارس سنة 1952 بتنفيذ القواعد الخاصة بعمال القنال وتحديد أجورهم اعتباراً من التاريخ المشار إليه ما لم تكن قد نفذت من قبل ذلك. غير أن اللجنة التي تشكلت بمنطقة الإسكندرية التعليمية قدرت للمدعي الدرجة (200/ 360 م) بأجر مبدئي قدره 200 م وصدر القرار بتعيين المدعي سمكرياً في تلك الدرجة وبهذا الأجر. فنازع المدعي في الأجر بعد تخفيضه وطرح النزاع على المحكمة الإدارية المختصة فقضت باستحقاقه لأجر يومي قدره 240 م اعتباراً من أول مايو سنة 1952، وكان يتعين على المحكمة أن تقدر للمدعي الدرجة (300/ 500 م) المقررة لمهنته وأن تقضي له على ذلك بأجر قدره 300 م يومياً اعتباراً من أول أبريل سنة 1952، وليس في هذا الأمر تجاوز للطلبات المقامة بها الدعوى أو قضاء للمدعي بأكثر مما طلب؛ ذلك أن أحقية المدعي في هذا الأجر إنما يستمدها من القوانين واللوائح، فالأجر يخضع لعلاقة تنظيمية عامة تقوم على النظام العام، وإذا تعرض له القاضي الإداري في صدد المنازعة فيه وقضى به وفقاً للقانون فلا يكون قد قضى بشيء لم يطلب منه، بل يكون في الواقع ملتزماً طلبات المدعي الذي هو عامل المرفق العام في حدود الأوضاع القانونية السليمة الخاصة بالوظيفة العامة. على أن طلب المدعي أمام المحكمة الإدارية لا يعدو في حقيقته أن يكون طلب الأجر المقرر له قانوناً، فإذا أخطأ في التعرف على هذا الأجر فلا يغير ذلك من جوهر وحقيقة طلبه وهو الأجر المقرر له قانوناً.
ومن حيث إنه يبين من استظهار حالة المدعي أنه كان من بين عمال الجيش البريطاني الذين تركوا الخدمة بعد إلغاء معاهدة سنة 1936، وقد التحق في أول نوفمبر سنة 1951 بمدرسة الصناعات البحرية الثانوية بالسويس في وظيفة سمكري وأجري له امتحان ووضع في درجة عامل غير دقيق فئة 240/ 400 م بأجر قدره 240 م يومياً، وفي 4 من مارس سنة 1952 نقل إلى المدرسة الصناعية الثانوية الجديدة بالإسكندرية فأجرت له المدرسة امتحاناً آخر واقترح له أجراً 240 م يومياً، وفي أكتوبر سنة 1952 أعادت منطقة الإسكندرية التعليمية تقدير أجره بناء على كتاب دوري المالية رقم ف 234 - 9/ 77 المؤرخ 19 من مارس سنة 1952 الخاص بالقواعد النهائية لتقدير أجور عمال القنال، فوضعته في الدرجة 200/ 360 م بأجر يومي قدره 200 م اعتباراً من أول أبريل سنة 1952، وفي أكتوبر سنة 1954 امتحن المدعي ووضع في درجة سمكري دقيق بأجر يومي قدره 300 م.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على تقرير اللجنة المشكلة بوزارة المالية لإعادة توزيع عمال القنال على وزارات الحكومة ومصالحها أنها قد قدرت أجور أرباب الحرف بما يطابق كادر العمال الحكومي وبمقتضى الكشوف حرف ب الملحقة بكادر العمال حتى يعامل الجميع على قدم المساواة موزعة على الدرجات الآتية:
1 - ...... 2 - ...... 3 - ...... 4 - ...... 5 - ..... 6 - عامل غير دقيق 200/ 360 م 7 - عامل دقيق 300/ 500 م ببداية 240 م 8 - عامل دقيق 300/ 500 م.
كما أوجبت اللجنة أن يؤدي العمال والصناع الفنيون امتحاناً في حرفهم بمعرفة اللجان المشكلة لهذا الغرض في مختلف الوزارات والمصالح؛ وذلك لمعرفة الدرجة التي يوضع فيها كل منهم حسب قدرته على العمل وللوقوف على كفايتهم واستحقاقهم للدرجات المقدرة لهم في الكادر.
ومن حيث إن المناط في تقدير درجة الصانع ومقدار أجره، هو بنتيجة الامتحان الذي يؤديه أمام اللجنة المختصة، كما أن الدرجة ومقدار الأجر اللذين يستحقهما طبقاً لأحكام الكادر، هما من المراكز القانونية التي تنطبق عليه ويستمد حقه فيها من القانون رأساً متى توافر فيه شرط انطباقها، فتقضي له المحكمة باستحقاقه للمركز القانوني الذي ينطبق عليه قانوناً بصرف النظر عن طلباته إذا قامت على الخطأ في فهم القانون؛ ذلك لأن علاقة الحكومة بالموظف هي علاقة قانونية مردها إلى القوانين واللوائح التي تنظمها وتحكمها.
ومن حيث إن اللجنة التي قامت بامتحان المدعي في نوفمبر سنة 1951 عند التحاقه بمدرسة الصناعات البحرية الثانوية بالسويس وإن قدرته بدرجة عامل غير دقيق إلا أنها وضعته في الفئة 240/ 400 م بأجرة قدرها 240 م، كما وضعته فيها كذلك المدرسة الصناعية الثانوية الجديدة بالإسكندرية عند التحاقه بها في مارس سنة 1952، بينما أنه مقدر لدرجة عامل غير دقيق في كادر عمال القنال - حسبما سبق البيان - الدرجة 200/ 360 م، فلذلك تكون منطقة الإسكندرية التعليمية على حق، إذ أصرت على وضع المدعي بما يطابق أحكام كادر عمال القنال بأن قدرت له أجراً قدره 200 م وهو بداية درجة العامل غير الدقيق الذي وضع فيها بعد امتحانه، ويكون قرار اللجنة القضائية المطعون فيه - إذ قضى بمنح المدعي أجراً قدره 240 م في درجة صانع دقيق وهي درجة لم ترق إليها كفاية المدعي حسبما بان من نتيجة امتحانه - قد خالف القانون، كما أن الطعن - إذ قام على أساس منح المدعي أجراً قدره 300 م في درجة عامل دقيق - يكون قد قام على أساس غير سليم من القانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباستحقاق المدعي تسوية حالته باعتباره في درجة صانع غير دقيق من 200 - 360 م وألزمته بالمصروفات.