مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الثاني (من فبراير سنة 1956 إلى آخر مايو سنة 1956) - صـ 624

(71)
جلسة 31 من مارس سنة 1956

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

القضية رقم 1 لسنة 2 القضائية

مؤهل دراسي - دبلوم الفنون والصنائع - المكافأة المنصوص عليها بالبند الأول من قرار مجلس الوزراء الصادر في 3/ 1/ 1929 - انصرافها إلى مدة التمرين التي تسبق الحصول على الدبلوم، دون مدة التمرين بمصلحة حكومية بعد الحصول عليه.
إن البند الأول من قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يناير سنة 1929 قد نص على منح الناجح في الامتحان النهائي لدبلوم الفنون والصنائع مكافأة قدرها ستة جنيهات شهرياً عن مدة التمرين المقررة للحصول على الدبلوم إذا كان يقضيها في إحدى المصالح الحكومية. وظاهر أن هذا الحكم خاص بمدة التمرين المقررة التي تسبق الحصول على الدبلوم، ومن ثم فلا ينصرف هذا الحكم على المدة التي يقضيها الطالب في التمرين في إحدى المصالح الحكومية بعد حصوله على الدبلوم.


إجراءات الطعن

في أول أكتوبر سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لجميع الوزارات والمصالح بالإسكندرية بجلسة 3 من أغسطس سنة 1955 في الدعوى رقم 881 لسنة 2 ق، والقاضي: "باستحقاق المدعي لمكافأة قدرها ستة جنيهات شهرياً من 7/ 12/ 1931 إلى 6/ 12/ 1932 ولمرتب، ثمانية جنيهات شهرياً من تاريخ دخوله الخدمة في 7/ 12/ 1932 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق حتى 29/ 1/ 1944 مع إلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة وبمبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة".
وطلب رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن: "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من صرف الفروق المطالب بها، والقضاء بسقوطها بالتقادم الخمسي وإلزام المطعون ضده بالمصروفات". وأعلن المدعي بالطعن في 15 من أكتوبر سنة 1955، وأعلنت به الحكومة في 11 من أكتوبر سنة 1955، ثم عين لنظر الدعوى جلسة 10 من مارس سنة 1956، وفيها سمعت إيضاحات الطرفين على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يستفاد من أوراق الطعن، تحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 881 سنة 2 ق أمام المحكمة الإدارية لجميع الوزارات والمصالح بالإسكندرية ضد الحكومة طالباً الحكم باستحقاقه لمكافأة شهرية قدرها ستة جنيهات عن مدة التمرين من ديسمبر سنة 1931 إلى 6 من ديسمبر سنة 1932 ولمرتب ثمانية جنيهات في الشهر من بدء تعيينه الحاصل في 7 من ديسمبر سنة 1932 وما يترتب على ذلك من آثار، مستنداً في ذلك إلى أنه في 3 من يناير سنة 1929 صدر قرار من مجلس الوزراء يقضي بمنح حملة دبلوم الفنون والصنائع مكافأة شهرية قدرها ستة جنيهات عن مدة التمرين ومرتباً قدره ثمانية جنيهات في الشهر مع وضعه في الدرجة الثامنة من بدء التعيين، ولما كان المدعي قد حصل على هذا المؤهل والتحق بخدمة البلدية تحت التمرين في 7 من ديسمبر سنة 1931 ثم عين بالخدمة في 7 من ديسمبر سنة 1932 باليومية فإنه تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء سالف الذكر يستحق أن يمنح مكافأة شهرية بواقع ستة جنيهات وأن يوضع في الدرجة الثامنة بمرتب ثمانية جنيهات من التاريخ المذكور. ودفعت الحكومة الدعوى بأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يناير سنة 1929 يقضي بمنح حملة دبلوم الفنون والصنائع ماهية أولية قدرها ثمانية جنيهات في الشهر إذا كان قد تم التعيين في إحدى الدرجتين الثامنة أو السابعة بحسب الخلوات فيهما، فإن لم يكن قد تم التعيين على هذا الوجه فلا يستحق حامل المؤهل لا الدرجة ولا الراتب لو كان قد عين باليومية أو على درجة خارج الهيئة، وأن تعيين حامل هذا المؤهل وقتذاك في إحدى الدرجتين المشار إليهما بالراتب المقرر لم يكن إلزامياً على الإدارة بل كان أمراً جوازياً واختياراً متروكاً لتقديرها بحسب الخلوات وأوضاع الميزانية. ثم دفعت الحكومة بسقوط الفروق المطالب بها بالتقادم الخمسي طبقاً لما ورد بالمادة 375 من القانون المدني. وقد قضت المحكمة الإدارية بجلسة 3 من أغسطس سنة 1955 "باستحقاق المدعي لمكافأة قدرها ستة جنيهات شهرياً عن مدة التمرين ولمرتب ثمانية جنيهات من تاريخ دخوله الخدمة"، وأقامت قضاءها على أنه يستحق المكافأة بواقع ستة جنيهات شهرياً والتعيين في الدرجة الثامنة براتب قدره ثمانية جنيهات طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يناير سنة 1929. وفيما يتعلق بالتقادم الخمسي على أن هذا النوع من التقادم استثناء من قاعدة التقادم العادي، وهو بهذه المثابة لا يجوز التوسع فيه، كما أنه ينبغي كي يسري هذا التقادم أن يكون الدين مستحق الأداء في مواعيد معينة يتم فيها الوفاء بصفة دورية متجددة ومع ذلك يهمل صاحب الحق المطالبة به فضلاً عن خلو الدين من النزاع لأنه إذا كان محل نزاع فإن حق المطالبة به لا يسقط إلا بمضي المدة الطويلة، وأن صفة الدورية والتجدد - وهي الشرط الأساسي لسريان التقادم الخمسي - لا تنشأ إلا من يوم أن يثبت حق المدعي بقرار وزاري يصدر من الجهة الإدارية التي تملك تعيينه على مقتضى قرار 3 من يناير سنة 1929 سالف الذكر.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن معنى الدورية الواردة بالمادة 375 من القانون المدني أن يستحق الدين في موعد دوري معين، ومعنى التجدد أن يستحق الدين في كل موعد دوري دون أن يكون لذلك نهاية، فالعبرة إذا بأصل استحقاق الحق، والمبالغ المطالب بها في أصل استحقاقها جزء من الراتب. ولا جدال في أن المرتبات من الديون الدورية المتجددة. واستناداً إلى ما تقدم فإن الحكم المطعون - فيه إذ ذهب غير هذا المذهب - يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن مثار المنازعة هو استحقاق أو عدم استحقاق المدعي لأن يمنح مكافأة عن مدة التمرين ولأن يوضع في الدرجة الثامنة براتب قدره ثمانية جنيهات منذ بدء تعيينه وعلى الرغم من أنه عين باليومية، وهل الدفع الذي أثارته الحكومة كدفاع احتياطي قائم على أساس سليم من القانون أم لا.
ومن حيث إن رئيس هيئة المفوضين قد اقتصر في طعنه على النقطة الأخيرة دون الأولى، إلا أن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن الطعن أمام المحكمة الإدارية يفتح الباب أمام تلك المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ماذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه والمنصوص عليها في المادة 15 من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة، فتلغيه ثم تنزل حكم القانون في المنازعة، أم أنه لم تقم به أية حالة من تلك الأحوال، وكان صائباً في قضائه فتبقى عليه وترفض الطعن. وأن لهيئة المفوضين أن تتقدم بطلبات أو أسباب جديدة غير تلك التي أبدتها في عريضة الطعن ما دامت ترى في ذلك وجه المصلحة العامة، كما أن للمحكمة العليا أن تنزل حكم القانون على الوجه الصحيح غير مقيدة بطلبات الهيئة أو الأسباب التي تبديها، وإنما المرد إلى مبدأ المشروعية نزولاً على سيادة القانون في روابط هي من روابط القانون العام تختلف في طبيعتها عن روابط القانون الخاص.
ومن حيث إنه فيما يتعلق باستحقاق المدعي لمكافأة عن مدة التمرين التي قضاها بالمصلحة، فإن البند الأول من قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يناير سنة 1929 قد نص على منح الناجح في الامتحان النهائي لدبلوم الفنون والصنائع مكافأة قدرها ستة جنيهات شهرياً عن مدة التمرين المقررة للحصول على الدبلوم إذا كان يقضيها في إحدى المصالح الحكومية، وظاهر أن هذا الحكم خاص بمدة التمرين المقررة التي تسبق الحصول على الدبلوم. ومن ثم فلا ينصرف هذا الحكم على المدة التي يقضيها الطالب في التمرين في إحدى المصالح الحكومية بعد حصوله على الدبلوم.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بأصل استحقاق المدعي للدرجة الثامنة براتب قدره ثمانية جنيهات على الرغم من تعيينه وقتذاك باليومية، فإن الحكم جاء قاصراً في بيان سنده القانوني. وظاهر أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يناير سنة 1929 معدلاً بقراره المؤرخ في 19 من أغسطس سنة 1941 في هذا الخصوص لم يكن يلزم جهة الإدارة بتعيين حامل دبلوم الفنون والصنائع - وهو مؤهل المدعي - في الدرجة وبالراتب المذكورين بل كان أمراً اختيارياً وجوازياً للإدارة متروكاً لتقديرها بحسب الخلوات وأوضاع الميزانية وغير ذلك من المناسبات التي تترخص فيها، وكان يجوز وقتذاك أن تعين حامل هذا المؤهل باليومية أو على درجة خارج الهيئة دون أن يكون في ذلك مخالفة للقانون، وقد تم تعيين المدعي وقتذاك باليومية، ولا تثريب عليها في ذلك وبذلك لا يستحق سوى الأجر الذي عين له بحكم مركزه القانوني عندئذ، إلى أن صدر قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944، فاستحدث مركزاً قانونياً جديداً للمدعي وطبق في شأنه، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى باستحقاقه للدرجة والمرتب من بدء التعيين - قد خالف القانون.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالدفع بسقوط الحق بالتقادم الخمسي الذي أثارته الحكومة كدفاع احتياطي طبقاً للمادة 375 من القانون المدني، فقد استقر قضاء هذه المحكمة أن المرتبات بطبيعتها من الحقوق التي تتقادم بخمس سنوات باعتبارها دورية متجددة طبقاً للمادة 375 من القانون المشار إليه، وهاتان الصفتان لا تزايلان ما تجمد منها، كما لا يغير من طبيعة المرتب - كحق دوري متجدد - قيام المنازعة في أصل الاستحقاق.
ومن حيث إنه قد مضى منذ أن استحقت العلاوات للمدعي إلى تاريخ رفع الدعوى أكثر من خمس سنوات، فإن هذه العلاوات تكون قد سقطت بالتقادم الخمسي.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد جاء مخالفاً للقانون، فيتعين إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.