مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الثاني (من فبراير سنة 1956 إلى آخر مايو سنة 1956) - صـ 632

(73)
جلسة 31 من مارس سنة 1956

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

القضية رقم 38 لسنة 2 القضائية

( أ ) أقدمية - القانون رقم 210 لسنة 1951 - تفويضه مجلس الوزراء في تحديد أقدمية الموظف الذي قضى فترة بإحدى الهيئات أو المؤسسات أو الأعمال الحرة التي يفيد منها خبرة - لمجلس الوزراء هذا الحق بالنسبة للموظفين الذين اكتسبوا خبرة في عملهم بالحكومة.
(ب) موظفون منسيون - لا اعتبار للأقدمية الاعتبارية في حساب مدة الخمس عشرة سنة المنصوص عليها بقرار مجلس الوزراء في 8/ 7/ 1943 - الموظفون الذين يفيدون من قانون المعادلات الدراسية لسنة 1953 يفيدون من أحكام المادة 40 مكررة من قانون الموظفين - إعمال أثر الأقدميات الاعتبارية في خصوص ترقية قدامى الموظفين منوط بالمركز القانوني الذي تحدده القوانين أو القرارات التنظيمية التي تصدر ممن يملكها في هذا الخصوص.
(ج) موظفون منسيون - المراكز القانونية التي يفيدون منها بالتطبيق للمادة 40 مكررة - تنشأ رأساً من القانون عند توافر شروطها، لا بموجب قرار إداري - أثر ذلك على ميعاد الستين يوماً الخاص بدعوى الإلغاء، وعلى ميعاد سحب القرار الإداري.
1 - يبين من مطالعة المادتين 23 و24 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة أن المشرع عني بتحديد أقدمية الموظف إذا كان قد أمضى الفترة التي قضاها خارج الحكومة مشتغلاً بإحدى الهيئات أو المؤسسات أو الأعمال الحرة التي يفيد منها خبرة، وفوض مجلس الوزراء في تحديد أقدمية هذا الموظف بمراعاة مدة خدمته في الهيئات أو المؤسسات المشار إليها، فمن باب أولى - بحكم اللزوم - يكون لمجلس الوزراء هذا الحق بالنسبة إلى الموظفين الذين اكتسبوا خبرة من ممارسة عملهم داخل الحكومة بتوجيهها وتحت إشرافها ورقابتها، وبهذه المثابة تكون أولى بالتقدير في هذا الخصوص؛ ويؤكد هذا النظر ما نصت عليه المادة 12 من القانون سالف الذكر؛ حيث أجازت إعفاء المرشح لوظيفة من الدرجة الثامنة الفنية من شرط الحصول على المؤهل العلمي إذا كان قد مارس بنجاح مدة سبع سنوات على الأقل في المصالح الحكومية أعمالاً فنية مماثلة لأعمال الوظيفة المرشح لها.
2 - إن مجلس الوزراء حين أصدر قراريه في 6 من مايو و17 من أغسطس سنة 1953 قد أكد في صراحة بأن "لا يترتب على تعديل الأقدمية أية زيادة في الماهية"، وغني عن البيان أن تطبيق المادة 40 مكررة نتيجة لتعديل الأقدمية يترتب عليه زيادة في الماهية، وقد كشف مجلس الوزراء - وهو المنشئ للمركز القانوني - عن نيته في وضوح، فأصدر تفسيراً لهذين القرارين بقراره الصادر في 24 من نوفمبر سنة 1954 مؤكداً عدم حساب الأقدمية الاعتبارية ضمن المدد التي يجوز إدخالها في تطبيق أحكام المادة 40 مكررة، وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 بشأن إنصاف الموظفين المنسيين لا يفيد منه الموظف المنسي إلا إذا كان قد قضى فعلاً قبل 30 من يونيه 1943 في درجته الحالية - أي الفعلية - خمس عشرة سنة؛ وآية ذلك أن الأقدميات الاعتبارية لم يكن لها وجود عند صدور هذا القرار وغيره من قرارات الإنصاف، وذلك بخلاف الموظفين الذين يفيدون من أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 بشأن المعادلات الدراسية، فإنهم يفيدون من أحكام المادة 40 مكررة بعد أن أكدت ذلك المذكرة الإيضاحية لهذا القانون. ومرد ذلك كله إلى أن إعمال أثر الأقدميات الاعتبارية في خصوص ترقية قدامى الموظفين منوط بالمركز القانوني الذي تحدده القوانين أو القرارات التنظيمية التي تصدر ممن يملكها في هذا الخصوص، ولما كان مجلس الوزراء هو المنشئ للمركز القانوني حسب التفويض المعطى له بمقتضى القانون، فله أن يحدد هذا المركز، ويعتبر آثاره على الوجه الذي يقدره.
3 - إن المراكز القانونية التي يفيد منها قدامى الموظفين بالتطبيق للمادة 40 مكررة لا تنشأ بموجب قرار إداري يسقط حق الطعن فيه بالإلغاء أو يمتنع سحبه بعد فوات ميعاد الستين يوماً المشار إليها في المادة 12 من القانون رقم 9 لسنة 1949 والمادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة، وإنما هي مراكز قانونية تنشأ بالقانون ذاته رأساً في حق صاحب الشأن إن توافرت شروطها. وهذا مستفاد من مدلول المادة 40 مكررة التي تقضي بأنه إذا توافرت في الموظف شروطها اعتبر مرقى إلى الدرجة التالية بصفة شخصية من اليوم التالي لانقضاء المدة الواجب توافرها، ما لم يكن التقريران الأخيران بدرجة ضعيف. وما دامت هذه المراكز القانونية تنشأ بقوة القانون، فهي من الحقوق التي لا يسري عليها ميعاد السقوط المذكور، وإنما يخضع لمدد التقادم المعتادة بالنسبة للجانبين: الموظف أو الحكومة، فيجوز للموظف بأن يطالب بتسوية وضعه القانوني على مقتضاها خلال مدد التقادم، كما يجوز للإدارة خلالها إلغاء هذه التسويات إن كانت قد تمت على خلاف القانون بصرف النظر عن ميعاد الستين يوماً المشار إليه. وفي الحق فإن القرار الذي يصدر في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون كشفاً للمركز القانوني الذي يستحقه أو لا يستحقه صاحب الشأن طبقاً للقانون.


إجراءات الطعن

في 15 من ديسمبر سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لشئون وزارة المواصلات بجلسة 16 من أكتوبر سنة 1955 في الدعوى رقم 1138 لسنة 2 القضائية المرفوعة من السيد/ يوسف أسعد يوسف ضد وزارة العدل ومصلحة الشهر العقاري والقاضي: "(أولاً) باعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الثامنة الفنية منسحبة إلى سنة 1945، (ثانياً) باعتباره مرقى إلى الدرجة السابعة بصفة شخصية من يوم 7 من مارس سنة 1953 وما يترتب على ذلك من آثار". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن: "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى، وإلزام المدعي بالمصروفات". وأعلن السيد/ يوسف أسعد يوسف بالطعن في 10 من يناير سنة 1956، وأعلن به السيد وزير العدل في 12 منه، ثم عين لنظر الطعن جلسة 10 من مارس سنة 1956، وأرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يستفاد من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1138 سنة 2 القضائية أمام المحكمة الإدارية لشئون وزارة العدل، أبان في صحيفتها أنه التحق بخدمة مصلحة المساحة في 31 من ديسمبر سنة 1927، وأسندت إليه أعمال متنوعة بتفتيش مساحة شبين الكوم حتى عام 1937، وفي سنة 1938 ألحق بقلم سجلات الأطيان لتنفيذ العقود العرفية والعقود الرسمية والأحكام والإشهادات الشرعية وهي أعمال فنية بطبيعتها، كذلك انتدب المدعي للقيام بأعمال إحصاء الزراعات المتنوعة في الغيط، وفي سنة 1944 عهد إليه القيام بأعمال قلم استعلام التفتيش إلى أن ندب في 15 من نوفمبر سنة 1948 للعمل بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق، وجميع هذه الأعمال فنية طبقاً للكتاب الدوري رقم 6124 بتاريخ 2 من يوليه سنة 1950 الصادر من المساحة التفصيلية، وطلب الحكم بتعديل أقدميته إلى الدرجة الثامنة الفنية طبقاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 6 من مايو سنة 1953 و17 من أغسطس سنة 1953 بشأن تعديل أقدمية موظفي الدرجة الثامنة الفنية الحاليين بعد مضي سبع سنوات من تاريخ تعيينهم إذا كانت مدة العمل بها غير منقطعة وكانت أعمالهم مماثلة لأعمال وظائفهم بالدرجة الثامنة الفنية، مع ما يترتب على ذلك من آثار بما في ذلك من تطبيق قواعد المنسيين وقدامى الموظفين وقد دفعت مصلحة الشهر العقاري بأن المدعي حصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية عام 1926 والتحق بخدمة مصلحة المساحة بأجر يومي قدره 70 م في 31 من ديسمبر سنة 1927، ثم عين قياساً من الدرجة الرابعة السايرة بأجر شهري قدره 200 قرش، وبتطبيق قواعد الإنصاف عليه اعتبر في الدرجة التاسعة بصفة شخصية من 31 من ديسمبر سنة 1927 وبماهية شهرية قدرها سبعة جنيهات شهرياً من أول مايو سنة 1942، وفي 31 من ديسمبر سنة 1949 نقل إلى مصلحة الشهر العقاري والتوثيق بشبين الكوم ورقي إلى الدرجة الثامنة الكتابية في أول فبراير سنة 1951، ثم نقل إلى الدرجة الثامنة الفنية في أول مارس سنة 1953، وأن الأعمال التي يقوم بها المدعي في مصلحة المساحة قبل نقله إلى مصلحة الشهر العقاري هي أعمال كتابية وبذلك لا تتوافر في حقه شروط قرار مجلس الوزراء الصادرين في 6 من مايو و17 من أغسطس سنة 1953. وقد قضت المحكمة الإدارية لشئون وزارة العدل بحكمها الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1955: "(أولاً) باعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الثامنة الفنية منسحبة إلى 1945، (ثانياً) باعتباره مرقى إلى الدرج السابعة بصفة شخصية من يوم 7 من مارس سنة 1953، وما يترتب على ذلك من آثار". وأسست قضاءها على "أن الأعمال التي كان يقوم بها المدعي بتفتيش المساحة بشبين الكوم في الفترة من سنة 1937 إلى سنة 1948 هي أعمال فنية فعلاً حسبما جاء في كتاب التفتيش رقم 16087 المؤرخ في 2 من ديسمبر سنة 1953 ويؤكد هذا النظر أن وزارة المالية وافقت في 2 من ديسمبر سنة 1950 على طلب مصلحة الشهر العقاري بنقل المدعي من السلك الكتابي إلى السلك الفني تأسيساً على ممارسته أعمالاً فنية أكثر من خمس سنوات في وقت لم يكن قد أمضى بخدمة مصلحة الشهر العقاري أكثر من سنتين الأمر الذي يؤكد أن عمله في مصلحة المساحة كان معتبراً عملاً فنياً بلا جدال"، وبذلك يحق للمدعي الإفادة من قراري مجلس الوزراء الصادرين في 6 من مايو سنة 1953 و17 من أغسطس سنة 1953 واعتبار أقدميته في الدرجة الثامنة الفنية منسحبة إلى يوم إتمامه سبع سنوات من تاريخ مزاولة العمل الفني بمكتب سجلات الأطيان سنة 1938 أي أنه يعتبر بالدرجة الثامنة منذ سنة 1948. وقالت في موضع آخر "وحيث إن المادة 40 مكررة من القانون رقم 210 لسنة 1951 المضافة بالقانون رقم 94 لسنة 1953 والمنشور في الوقائع الرسمية في 7 من مارس سنة 1953 قد نصت على أنه إذا قضى الموظف خمس عشرة سنة في درجة واحدة أو خمساً وعشرين سنة في درجتين متتاليتين أو 30 سنة في ثلاث درجات متتالية ويكون قد قضى في الدرجة الأخيرة منها أربع سنوات على الأقل ولم تكن هناك درجات خالية لترقيته إليها اعتبر مرقى إلى الدرجة التالية بصفة شخصية من اليوم التالي لانقضاء هذه المدة ما لم يكن التقريران الأخيران عنه بدرجة ضعيف.
"وحيث إنه إزاء ما انتهت إليه المحكمة من اعتبار المدعي في الدرجة الثامنة منذ سنة 1945 ولما كانت أقدميته في الدرجة التاسع منسحبة إلى يوم التحاقه بالخدمة في 31 من ديسمبر سنة 1927 بمقتضى قواعد الإنصاف فإنه يكون عند نفاذ القانون رقم 94 لسنة 1953 في 7 من مارس سنة 1953 قد قضى في الدرجتين التاسعة والثامنة أربع وعشرين سنة وفي الثامنة أربع سنوات، كما أنه بالاطلاع على ملف خدمته يبين أن آخر تقرير له في سنة 1944 قد ورد به أنه يقوم بعمله بدرجة جيدة وبالتالي فإنه يحق للمدعي الإفادة من حكم المادة 40 مكررة باعتباره مرقى إلى الدرجة السابعة من يوم 7 من مارس سنة 1953.
"وحيث إنه وإن كان مجلس الوزراء قد أصدر قراراً في 24 من نوفمبر سنة 1954 بعدم حساب الأقدمية الاعتبارية المقررة بمقتضى قرار مجلس الوزراء في 6 من مايو و17 من أغسطس سنة 1953 ضمن المدد التي يجوز إدخالها في تطبيق أحكام المادة 40 مكررة إلا أن المحكمة ترى أن هذا القرار لا يؤثر على حق المدعي في الإفادة من حكم المادة المذكورة (أولاً) لأن هذا الحكم قد جاء عاماً دون تفرقة بين الأقدمية الفعلية والأقدمية الاعتبارية ولم يثر خلاف في تطبيقه على الأقدميات الاعتبارية التي قررتها قواعد الإنصاف. (ثانياً) أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 24 من نوفمبر سنة 1954 وقد تضمن قيداً على الحكم الوارد بقراري 6 من مايو سنة 1953 و17 من أغسطس سنة 1953 فإنه لا يمكن إعمال حكمه إلا من تاريخ صدوره، والقول بأنه قرار مفسر للقرارين المشار إليهما قول لا يحتمله نص هذين القرارين (ثالثاً) أنه يوم صدور قرار 6 من مايو سنة 1953 اكتسب المدعي حقاً بمقتضى نص المادة 40 مكررة من القانون رقم 210 لسنة 1951 في اعتباره مرقى إلى الدرجة السابعة بصفة شخصية بحكم القانون رقم 210 لسنة 1951 من يوم 7 من مارس سنة 1953 طالما أنه كان متوافراً فيه الشروط المنصوص عليها في تلك المادة يوم صدور قرار مجلس الوزراء في 6 من مايو سنة 1953".
ومن حيث إن الطعن يقوم على وجهين (أولهما) أن قراري مجلس الوزراء الصادر أولهما في 6 من مايو سنة 1953 وثانيهما في 17 من أغسطس سنة 1953 قد اشتملا على أحكام مخالفة للمادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة (وثانيهما) أنه على فرض التسليم جدلاً بصحة هذين القرارين فإنه يتعين إعمالهما في حدود نصوصهما في مجال الأقدمية المعتبرة في الترقيات العادية دون أن يكون لذلك أدنى أثر في حسابها في تطبيق المادة 40 مكررة وذلك يتفق مع التفسير الذي صدر به قرار مجلس الوزراء في 24 من نوفمبر سنة 1954 كشفاً عن غرضه من إصدار القرارين سالفي الذكر.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الوجه الأول يبين من مطالعة المادتين 23 و24 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة أن المشرع عنى بتحديد أقدمية الموظف إذا كان قد أمضى الفترة التي قضاها خارج الحكومة مشتغلاً بإحدى الهيئات أو المؤسسات أو الأعمال الحرة التي يفيد منها خبرة، وفوض مجلس الوزراء في تحديد أقدمية هذا الموظف بمراعاة مدة خدمته في الهيئات أو المؤسسات المشار إليها، فمن باب أولى وبحكم اللزوم يكون لمجلس الوزراء هذا الحق بالنسبة إلى الموظفين الذين اكتسبوا خبرة من ممارسة عملهم داخل الحكومة بتوجيهها وتحت إشرافها ورقابتها، وبهذه المثابة تكون أولى بالتقدير في هذا الخصوص، ويؤكد هذا النظر ما نصت عليه المادة 12 من القانون سالف الذكر، حيث أجازت إعفاء المرشح لوظيفة من الدرجة الثامنة الفنية من شرط الحصول على المؤهل العلمي إذا كان قد مارس بنجاح مدة 7 سنوات على الأقل في المصالح الحكومية أعمالاً فنية مماثلة لأعمال الوظيفة المرشح لها.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الثاني فإن مجلس الوزراء حين أصدر قراريه في 6 من مايو و17 من أغسطس سنة 1953 قد أكد في صراحة بأن: "لا يترتب على تعديل الأقدمية أية زيادة في الماهية"، وغني عن البيان أن تطبيق المادة 40 مكررة نتيجة لتعديل الأقدمية يترتب عليه زيادة في الماهية، وقد كشف مجلس الوزراء - وهو المنشئ للمركز القانوني - عن نيته في وضوح، فأصدر تفسيراً لهذين القرارين بقراره الصادر في 24 من نوفمبر سنة 1954 مؤكداً عدم حساب الأقدمية الاعتبارية ضمن المدد التي يجوز إدخالها في تطبيق أحكام المادة 40 مكررة، وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 بشأن إنصاف الموظفين المنسيين لا يفيد منه الموظف المنسي إلا إذا كان قد قضى فعلاً قبل 30 من يونيه 1943 في درجته الحالية - أي الفعلية - خمس عشرة سنة، وآية ذلك أن الأقدميات الاعتبارية لم يكن لها وجود عند صدور هذا القرار وغيره من قرارات الإنصاف، وذلك بخلاف الموظفين الذين يفيدون من أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 بشأن المعادلات الدراسية فإنهم يفيدون من أحكام المادة 40 مكررة بعد أن أكدت ذلك المذكرة الإيضاحية لهذا القانون، ومرد ذلك كله إلى أن إعمال أثر الأقدميات الاعتبارية في خصوص ترقية قدامى الموظفين منوط بالمركز القانوني الذي تحدده القوانين أو القرارات التنظيمية التي تصدر ممن يملكها في هذا الخصوص، ولما كان مجلس الوزراء هو المنشئ للمركز القانوني حسب التفويض المعطى له بمقتضى القانون، فله أن يحدد هذا المركز ويعتبر آثاره على الوجه الذي يقدره.
ومن حيث إن ما آثاره المطعون عليه من أن الإدارة عملت على إنصاف طائفة من زملائه بمصلحة المساحة وطبقت في حقهم المادة 40 مكررة مما دعا المحكمة إلى تكليف هيئة المفوضين الاستفسار عن ذلك فردت مصلحة المساحة بأنه "جاء بكتاب ديوان الموظفين الدوري رقم 47 لسنة 1954 بتاريخ 30 من نوفمبر سنة 1954 أنه تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 24 من نوفمبر سنة 1954 بشأن الأقدمية الاعتبارية فإنه يقتضي اعتبار الترقيات التي تمت على أساس تلك الأقدمية الاعتبارية بالتطبيق للمادة 40 مكررة باطلة وغير مؤسسة على سند صحيح وبالتالي يتعين سحبها إذا لم يكن قد مضى على تاريخ صدورها ستون يوماً. ونظراً لأن جميع التسويات التي تمت طبقاً للقرار المذكور بهذه المصلحة كان قد مضى عليها أكثر من ستين يوماً فقد اعتبرت نهائية".
ومن حيث إنه يجب التنبيه إلى أن المراكز القانونية التي يفيد منها قدامى الموظفين بالتطبيق للمادة 40 مكررة لا تنشأ بموجب قرار إداري يسقط حق الطعن فيه بالإلغاء أو يمتنع سحبه بعد فوات ميعاد الستين يوماً المشار إليها في المادة 12 من القانون رقم 9 لسنة 1949 والمادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة، وإنما هي مراكز قانونية تنشأ بالقانون ذاته رأساً في حق صاحب الشأن إن توافرت شروطها. وهذا مستفاد من مدلول المادة 40 مكررة التي تقضي بأنه إذا توافرت في الموظف شروطها اعتبر مرقى إلى الدرجة التالية بصفة شخصية من اليوم التالي لانقضاء المدة الواجب توافرها، ما لم يكن التقريران الأخيران عنه بدرجة ضعيف. وما دامت هذه المراكز القانونية تنشأ بقوة القانون فهي من الحقوق التي لا يسري عليها ميعاد السقوط المذكور وإنما تخضع لمدد التقادم المعتادة بالنسبة للجانبين: الموظف أو الحكومة، فيجوز للموظف أن يطالب بتسوية وضعه القانوني على مقتضاها خلال مدد التقادم المذكورة، كما يجوز للإدارة خلالها إلغاء هذه التسويات إن كانت قد تمت على خلاف القانون بصرف النظر عن ميعاد الستين يوماً المشار إليه. وفي الحق فإن القرار الذي يصدر في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون كشفاً للمركز القانوني الذي يستحقه أو لا يستحقه صاحب الشأن طبقاً للقانون.
ومن حيث إنه يبين من كل ما تقدم أن الحكم المطعون فيه، إذ قضى باعتبار المطعون عليه مرقى إلى الدرجة السابعة بصفة شخصية من يوم 7 من مارس سنة 1953، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون متعيناً إلغاؤه في هذا الشطر من الدعوى على الوجه المبين بالمنطوق.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من اعتبار المطعون عليه مرقى إلى الدرجة السابعة بصفة شخصية من يوم 7 من مارس سنة 1953، وألزمته بالمصروفات المناسبة، وبرفض الطعن فيما عدا ذلك.