مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الثاني (من فبراير سنة 1956 إلى آخر مايو سنة 1956) - صـ 651

(75)
جلسة 7 من أبريل سنة 1956

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

القضية رقم 56 لسنة 2 القضائية

علاوة التلغراف - قرار مجلس الوزراء في 3/ 5/ 1950 برفع علاوة التلغراف من 500 م إلى 500 م و1 ج - لا يفيد منه إلا من يتولى أو سيتولى أعمال التلغراف دون من انقطعت صلتهم بهذا النوع من العمل.
إن رفع علاوة التلغراف من 500 م إلى 500 م و1 ج بمقتضى القرار الصادر من مجلس الوزراء في 3 من مايو سنة 1950 الذي يستند إليه المدعي، إنما قام أساساً على تشجيع الالتحاق بمدرسة التلغراف. ومن ثم لا يفيد من هذا التعديل إلا من يتولى أو سيتولى أعمال التلغراف، أما من انقطعت صلتهم بهذا النوع من العمل فلا حق لهم في تلك العلاوة؛ إذ هي لم تقرر إلا لمن يتولى مهنة التلغرافجي. فإذا كان الثابت أن المدعي كان قد انقطعت صلته بأعمال التلغراف منذ أن نقل من مصلحة السكة الحديد إلى مصلحة الأموال المقررة في وظيفة كتابية اعتباراً من أول مارس سنة 1949، فلا حق له في المطالبة بالعلاوة المعدلة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من مايو سنة 1950.


إجراءات الطعن

في 8 من يناير سنة 1956 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المالية والاقتصاد بجلسة 9 من نوفمبر سنة 1955 في الدعوى رقم 395 لسنة 2 ق المرفوعة من محمد السيد محمد أبو السعيد ضد وزارة المالية والاقتصاد، القاضي: "أولاً - بأحقية المدعي في علاوة قدرها 500 م و1 ج شهرياً اعتباراً من 3 من مايو سنة 1950 بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في هذا التاريخ وما يترتب على ذلك من آثار، وثانياً - برفض ما عدا ذلك من الطلبات". وطلب رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من أحقية المدعي في علاوة دبلوم مدرسة التلغراف، والقضاء برفض الدعوى في هذا الشق، وإلزام المدعي بالمصروفات".
وأعلن المدعي بالطعن في 15 من يناير سنة 1956، وأعلنت به الحكومة في 12 من يناير سنة 1956، ثم عين لنظر الطعن جلسة 17 من مارس سنة 1956، وفيها سمعت ملاحظات الطرفين على النحو المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجئ إصدار الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 395 سنة 2 ق أمام المحكمة الإدارية لوزارة المالية والاقتصاد طالباً منحه الفروق المترتبة على رفع مكافأة التلغراف من 500 م شهرياً إلى 500 م و1 ج شهرياً اعتباراً من 26 من أغسطس سنة 1947 إلى 22 من يوليه سنة 1953 تاريخ نفاذ القانون رقم 371 لسنة 1953 وتسوية حالته طبقاً للقانون رقم 371 لسنة 1953 بمنحه الدرجة السابعة من تاريخ حصوله على دبلوم التلغراف والتحاقه بالعمل بوظيفة معاون محطة في 2 من نوفمبر سنة 1943 وما يترتب على ذلك من آثار. وقال بياناً لذلك إنه حصل على دبلوم مدرسة الحركة والتلغراف في سنة 1943 وعين في وظيفة معاون محطة بمصلحة السكة الحديد ثم نقل إلى مصلحة الأموال المقررة اعتباراً من أول مارس سنة 1949 بدرجته وماهيته، وإن قواعد الإنصاف كانت تقضي بمنح الحاصلين على الدبلوم المذكور علاوة شهرية قدرها 500 م زيدت إلى 500 م و1 ج بقرار من مجلس الوزراء صادر في 3 من مايو سنة 1950، وأن مصلحة الأموال المقررة ظلت تصرف إليه علاوة الدبلوم بواقع 500 م شهرياً حتى 28 من فبراير سنة 1951 ثم امتنعت عن الصرف بدون مبرر، وإنه في 3 من مايو سنة 1950 أصدر مجلس الوزراء قراراً عاماً يقضي برفع علاوة الدبلوم إلى 500 م و1 ج لمعالجة الغبن الواقع على حاملي هذا المؤهل ولتلافي ظاهرة إحجام الطلاب عن الالتحاق بمدرسة التلغراف، ومن ثم فهو يفيد من أحكام قرار 3 من مايو سنة 1950 المشار إليه. ودفعت الحكومة بعدم أحقية المدعي لعلاوة التلغراف، مستندة في ذلك إلى فتوى وردت إليها من ديوان الموظفين، حاصلها أنه لما كان المدعي قد "نقل إلى وظيفة كاتب بمصلحة الأموال المقررة من أول مارس سنة 1949 وهي وظيفة بعيدة كل البعد عن أعمال التلغراف فضلاً عن أن تاريخ نقله سابق على صدور قرار مجلس الوزراء في 3 من مايو سنة 1950 كما أن القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية نص فيه على أن التقدير الوارد به بشأن دبلوم التلغراف خاص بالموظفين في وظائف خريجي مدرسة الحركة والتلغراف لذلك يرى الديوان أن المدعي غير محق في طلبه"، وقد قضت المحكمة الإدارية لوزارة المالية بجلسة 9 من نوفمبر سنة 1955 "أولاً - بأحقية المدعي في علاوة قدرها 500 م و1 ج شهرياً اعتباراً من 3 من مايو سنة 1950 بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في هذا التاريخ وما يترتب على ذلك من آثار، وثانياً - برفض ما عدا ذلك من الطلبات"، وأقامت المحكمة قضاءها على أن "قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من مايو سنة 1950 جاء عاماً ومطلقاً ولم يرد فيه ما يفيد أن تطبيقه قاصر على خريجي تلك المدرسة الذين يزاولون أعمالاً معينة لذلك فلا محل لقصر أثره على فئة من الموظفين دون غيرهم".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه يبين من مراجعة أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من مايو سنة 1950 أن الدافع إلى استصدار هذا القرار "هو تشجيع الإقبال على مدرسة الحركة والتلغراف لمواجهة النقص الذي عانته المصلحة في الوظائف التي تتطلب الإلمام الفني ولذلك فإن مجال تطبيق أحكام هذا القرار إنما يجد حدوده بين شاغلي تلك الوظائف بحيث لا يمكن أن يتسع لغيرهم من الموظفين لما في تطبيقها على غير شاغلي تلك الوظائف المشار إليها من خروج على أحكامها ومجاوزة لأغراضها."، وأنه "لما كان الثابت أن المدعي نقل إلى مصلحة الأموال المقررة ويشغل وظيفة كتابية لا علاقة لها بدراسات تلك المدرسة فإنه لا يكون له الحق في المطالبة بالعلاوة محل النزاع"، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه يبين من استقراء قرارات مجلس الوزراء الصادر في شأن رفع علاوة التلغراف من 500 م إلى 500 م و1 ج أنه في 23 من يوليه سنة 1947 تقدم المدير العام لمصلحة سكك حديد الحكومة بمذكرة إلى مجلس إدارة المصلحة بشأن تحسين حالة موظفي التلغراف بالمصلحة استهلها بالإشارة إلى أن خريجي مدرسة التلغراف كانوا ينتخبون من حملة مؤهلات مختلفة، فكان منهم حملة البكالوريا والتوجيهية ودبلوم الفنون والصناعات كما كان منهم حملة شهادة الكفاءة وكان هؤلاء جميعاً يتساوون في التعيين في وظائف التلغراف من حيث الدرجة فكانوا يعينون في الدرجة الثامنة الفنية بمرتب ستة جنيهات شهرياً تزاد إلى سبعة جنيهات بعد انقضاء سنة من تاريخ التعيين. فلما أن صدرت قواعد الإنصاف منح حملة كل مؤهل الدرجة والمرتب المقررين لمؤهله فترتب على ذلك تفرقة في المعاملة من حيث الدرجة والمرتب لمن يشغلون وظيفة واحدة تبعاً لاختلاف مؤهل كل منهم مما حفز قدامى الموظفين إلى الشكوى والمطالبة بتحسين حالتهم بالقدر الذي تزول معه هذه التفرقة. وقد اقترح المدير العام لمصلحة السكك الحديدية مقترحات معينة بقصد تحسين حالة موظفي التلغراف وإجراء المساواة بينهم جميعاً. وقد بحث مجلس إدارة المصلحة هذه المذكرة بجلسة 30 من يوليه سنة 1947 وأصدر القرار التالي: "بعد أن استعرض المجلس بجلسته المنعقدة في 30 من يوليه سنة 1947 حالة موظفي التلغراف وإلى أن تتقدم المصلحة باقتراحاتها لتنسيق الكادر الحالي لهذه الطائفة رفعه إلى البرلمان في دورته القادمة قرر رفع علاوة التلغراف من 500 م إلى 500 م و1 ج في الشهر لجميع المشتغلين بأعمال التلغراف في جميع الدرجات ولا تخصم منهم عند الترقية بأي حال وستكون هذه العلاوة موضع النظر عند وضع كادر جديد لهم". وقد وافق مجلس الوزراء على ذلك في 12 من أغسطس سنة 1947. وفي 4 من أغسطس سنة 1947 تقدم مدير عام مصلحة السكك الحديدية إلى مجلس إدارة المصلحة بمذكرة أخرى في هذا الصدد طلب فيها الموافقة على منح علاوة التلغراف التي قرر المجلس رفعها إلى 500 م و1 ج لنظار ومعاوني المحطات من خريجي مدرسة التلغراف الذين يقومون بأعمال التلغراف في دائرة اختصاصهم، فوافق مجلس الإدارة على ذلك في 12 من أغسطس سنة 1947 كما وافق مجلس الوزراء على رأي مجلس الإدارة في 26 من أغسطس سنة 1947. وفي 23 من أبريل سنة 1950 قدم مدير عام مصلحة السكك الحديد مذكرة إلى مجلس إدارة المصلحة أشار فيها إلى تنوع مؤهلات من كانوا يلتحقون بمدرسة التلغراف على ما سبق البيان وإلى أنه "لما صدرت قواعد الإنصاف تقرر منح خريجي هذه المدرسة الماهيات التي حددت لشهاداتهم مضافاً إليها 500 م قيمة العلاوة التي تقررت لهم وتعيينهم في الدرجات التي خصصت لكل شهادة أي يوضع حملة دبلوم الفنون والصناعات في الدرجة السابعة بماهية شهرية قدرها 500 م و10 ج وحملة البكالوريا في الدرجة الثامنة بماهية قدرها 8 ج شهرياً، وقد أعرض حملة هذين المؤهلين عن التقدم لهذه المدرسة ولم يعد هناك سبيل للحصول على المرشحين الكافين لإلحاقهم بها إلى أن أفتت وزارة المالية بكتابها رقم 234/ 3/ 8 بتاريخ 18 من مايو سنة 1950 بأن شهادة الثقافة تجيز التعيين في الدرجة الثامنة الكتابية بأول مربوطها وعلى ذلك أباحت المصلحة لحملة الثقافة العامة الالتحاق بالمدرسة ومنحهم عند تخرجهم الماهية المحددة لهذه الشهادة وهي 500 م و6 ج مضافاً إليها ال1500 م المقررة لخريجي هذه المدرسة. استمر الإحجام عن الالتحاق بالمدرسة رغم كثرة الإعلان بالجرائد وهذا يرجع لتفضيل حملة الثقافة الالتحاق بالوظائف الكتابية دون انتظار فترة الدراسة بالمدرسة بدون مرتب طالما أن الطالب سيحصل على نفس هذه الماهية بغض النظر عن ال500 م قيمة علاوة التلغراف التي لا تعتبر في نظره إغراء كافياً. وعلاجاً لهذه الحالة وتلافياً لقلة عدد المتقدمين لهذه المدرسة فإني اقترح إدخال التعديلات الموضحة بعد على اللائحة للتشجيع على الالتحاق بمدرسة التلغراف:
1 - منح الطالب مكافأة شهرية قدرها 5 جنيه خلال فترة الدراسة.
2 - رفع علاوة الحركة والتلغراف من 500 م إلى 500 م و1 ج. 3 - اعتبار الأقدمية في الدرجة الثامنة من تاريخ الالتحاق بالمدرسة....."، وقد وافق مجلس إدارة المصلحة على هذه المقترحات، كما وافق عليها مجلس الوزراء في 3 من مايو سنة 1950.
ومن حيث إنه ظاهر مما سبق بيانه أن رفع علاوة التلغراف من 500 م إلى 500 م و1 ج بمقتضى القرار الصادر من مجلس الوزراء في 3 من مايو سنة 1950 الذي يستند إليه المدعي، إنما قام أساساً على تشجيع الالتحاق بمدرسة التلغراف، ومن ثم لا يفيد من هذا التعديل إلا من يتولى أو سيتولى أعمال التلغراف، أما من انقطعت صلتهم بهذا النوع من العمل فلا حق لهم في تلك العلاوة؛ إذ هي لم تقرر إلا لمن يتولى مهنة التلغرافجي.
ومن حيث إن المدعي كان قد انقطعت صلته بأعمال التلغراف منذ أن نقل من مصلحة السكة الحديد إلى مصلحة الأموال المقررة في وظيفة كتابية اعتباراً من أول مارس سنة 1949، فمن ثم لا حق له في المطالبة بالعلاوة المعدلة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من مايو سنة 1950، ويكون الحكم المطعون فيه قد جاء - والحالة هذه - مخالفاً للقانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.