أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 707

جلسة 11 من مايو سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني، وعضوية السادة المستشارين: محمد السيد الرفاعي، وطه الصديق دنانه، ومصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد ماهر محمد حسن.

(167)
الطعن رقم 533 لسنة 40 القضائية

( أ ) اختصاص. "الاختصاص المحلي". قانون. "تفسيره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفوع. "الدفع بعدم الاختصاص المحلي".
الأماكن الواردة في المادة 217 إجراءات. قسائم متساوية في تحديد الاختصاص المحلي ولا تفاضل بينها. مثال.
(ب، ج، د) شيك بدون رصيد. دعوى مدنية. "قبولها". تعويض. وصف التهمة. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". دفوع. الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية".
(ب) صدور الشيك لأمر شخص معين وإذنه. تداوله. يكون بالطرق التجارية تظهيره. يطهره من الدفوع. حق المظهر إليه في الادعاء مدنياً أمام القضاء الجنائي بالتعويض عن عدم صرفه. دفع المتهم بعدم قبول الدعوى المدنية منه. غير مقبول.
(ج) قضاء الحكم بالتعويض على أساس ثبوت الجريمة المرفوعة بها الدعوى. صحيح. ولو قال بثبوت جريمة أخرى. مثال.
الخطأ في وصف التهمة. لا يمس الدعوى المدنية. متى توافرت عناصرها.
(د) كون التعويض المقضي به لا يمثل قيمة الشيك أو جزءاً منه. بل عن جريمة إصداره بدون رصيد. لا خطأ.
(هـ) دعوى جنائية. "نظرها والحكم فيها". شيك بدون رصيد. نصب. عقوبة. "العقوبة المبررة" نقض "المصلحة في الطعن".
إقامة الدعوى الجنائية عن جريمة إصدار شيك بدون رصيد. إدانة المتهم عنها وعن جريمة نصب لم ترفع بها الدعوى. خطأ. يبرره أن العقوبة المقضي بها تدخل في عقوبة الجريمة المرفوعة بها الدعوى. انتفاء المصلحة في الطعن على هذا الحكم لهذا السبب.
(و) حكم. "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
تزيد المحكمة خطأ بما لا يؤثر في صحة حكمها. لا يعيبه.
1 - جرى نص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو يقبض عليه فيه" وهذه الأماكن قسائم متساوية في القانون ولا تفاضل بينها، ومن ثم فإن ما ساقه الحكم من ضبط الطاعن ببندر دمياط كاف وحده لحمل قضائه للرد على الدفع بعدم اختصاص محكمة دمياط بنظر الدعوى.
2 - من المقرر أن الشيك متى صدر لحامله أو صدر لأمر شخص معين وإذنه، فإن تداوله يكون بالطرق التجارية ومن شأنه تظهيره - متى وقع صحيحاً - أن ينقل ملكية قيمته إلى المظهر إليه ويخضع لقاعدة التطهير من الدفوع، مما يجعل العلاقة في شأنه غير مقصورة على الساحب والمستفيد الذي حرر الشيك لأمره، إنما يتعداه إلى المظهر إليه الذي يصبح مالكاً لقيمته فور تظهيره، ومن ثم فإن الجريمة المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات تقع على المظهر إليه طالماً أنه قد أصابه ضرر ناشئ منها ومتصل بها اتصالاً سببياً مباشراً. وإذ كان ذلك، وكان الظاهر من مدونات الحكم المطعون فيه أن الشيك موضوع التهمة صدر لأمر المستفيد وإذنه - وهو ما لم ينازع فيه الطاعن - وقام المستفيد بتظهيره للمدعي المدني، فإن هذا الأخير يكون هو المضرور من الجريمة، ويكون ما أثاره الطاعن من دفع بعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها من المظهر إليه لا محل له.
3 - متى كان الحكم قد قضى بالتعويض المؤقت على أساس ثبوت جريمة إصدار شيك بدون رصيد، وهي ذات الواقعة الجنائية المعروضة على المحكمة والمطلوب محاكمة الطاعن وإلزامه بالتعويض عنها، فإن هذا حسب الحكم كي يستقيم قضاؤه في الدعوى المدنية، ولا يقدح في صحة الحكم تزيد محكمة الدرجة الثانية إلى ثبوت جريمة النصب أيضاً في حق الطاعن، إذ الخطأ في وصف التهمة ليس من شأنه المساس بالدعوى المدنية متى توافرت عناصرها.
4 - إذا كان التعويض المؤقت قد قضى به عما أصاب المدعي المدني من ضرر مباشر عن جريمة إصدار الشيك بدون رصيد - وهو لا يمثل قيمة الشيك أو جزءاً منها - فإن الحكم تنحسر عنه دعوى الخطأ في القانون.
5 - لئن كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة إصدار شيك بدون رصيد التي رفعت بها الجنحة المباشرة ضده، كما دانه بجريمة النصب التي رفعت بها الدعوى ضد متهم آخر، إلا أنه لم يوقع على الطاعن سوى عقوبة واحدة هي عقوبة إصدار شيك بدون رصيد التي ثبت لمحكمة الموضوع ارتكابه لها، ومن ثم فإن مصلحته في النعي على الحكم بالبطلان لإضافته إلى جريمة إصدار شيك بدون رصيد المرفوعة بها الدعوى جريمة النصب التي لم ترفع بها الدعوى عليه تكون منتفية، إذ المقرر أنه إذا أخطأ الحكم فأسند إلى المتهم مع الجريمة الثابت وقوعها منه جريمة أخرى، وعاقبه على الجريمتين معاً بعقوبة واحدة داخلة في حدود المادة المنطبقة على الجريمة الواجب معاقبته من أجلها، فإنه تنتفي مصلحته في الطعن.
6 - من المقرر أنه إذا تزيدت المحكمة الاستئنافية بما لا يؤثر في صحة الحكم المؤسس على قاعدة سليمة، فهذا التزيد مهما جاء فيه من خطأ، لا يعيب الحكم.


الوقائع

أقام المدعي بالحق المدني (.........) دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة دمياط الجزئية ضد....... (الطاعن) و....... متهماً إياهما بأنه في يوم 15 أغسطس سنة 1960 بدائرة قسم دمياط: أعطى المتهم الأول للمتهم الثاني شيكاً على البنك الأهلي المصري فرع دمياط بمبلغ 600 ج خصماً من حسابه الجاري وقد تقدم المتهم الثاني للمدعي بالحق المدني بهذا الشيك موهماً إياه بأنه صحيح وصادر من المتهم الأول وقد تسلم قيمته من المدعي بالحق المدني وبتاريخ 16 يناير سنة 1966 تقدم المدعي بالحق المدني لصرف الشيك من البنك المسحوب عليه ففوجئ بإفادة البنك بأنه ليس للمتهم الأول حساب جاري لدى البنك فتقدم المدعي بالحق المدني ببلاغ للنيابة العامة بشأن الإبلاغ عن الشيك فأنكر المتهم الأول توقيعه على الشيك أو صدوره منه الأمر الذي يشكك في تصرف المتهم الثاني إيهامه المدعي بالحق المدني بوجود سند دين غير صحيح واستلام قيمته منه. وطلب معاقبتهما بالمادتين 336 و337 من قانون العقوبات وإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً اعتبارياً (أولاً) رفض الطعن بالتزوير وتغريم المتهم الأول خمسة وعشرين جنيهاً (ثانياً) بحبس المتهم الأول سنة مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ وبإلزامه أن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت ومصاريف الدعوى المدنية ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. (ثالثاً) براءة المتهم الثاني ورفض الدعوى المدنية مع إلزام رافعها المصاريف. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة دمياط الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت (أولاً) بقبول الاستئناف شكلاً - (ثانياً) برفض الدفع المبدي بعدم اختصاص محكمة أول درجة محلياً وباختصاصها (ثالثاً) برفض الدفع ببطلان الإجراءات أمام محكمة أول درجة. (رابعاً) وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك بلا مصاريف جنائية. فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إصدار شيك بدون رصيد قد أخطأ في تطبيق القانون وانطوى على الخطأ في الإسناد، ذلك بأن الطاعن دفع أمام محكمة الدرجة الثانية بعدم اختصاص محكمة بندر دمياط بنظر الدعوى إلا أنها رفضت هذا الدفع بما لا يسوغ به رفضه، فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه دان الطاعن بجريمة النصب بالإضافة إلى جريمة إصدار شيك بغير رصيد التي كانت وحدها موجهة إليه، أما النصب فلم ترفع بشأنه دعوى ضده، كما أن الطاعن دفع بعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها من المظهر إليه إذ أنها لا تقبل إلا من المستفيد إلا أن المحكمة رفضت هذا الدفع قولاً بقيام جريمة النصب وهي - كما تقدم - لم ترفع بها الدعوى، ثم قضت بالتعويض المؤقت عن جريمة إصدار الشيك بدون رصيد مع أن هذه الجريمة لا ينشأ عنها ضرر مباشر، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه عرض للدفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى، وعول في رفضه على ضبط الطاعن ببندر دمياط، وهو ما لا ينازع فيه. لما كان ذلك، وكانت المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أنه "يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه"، وهذه الأماكن قسائم متساوية في القانون لا تفاضل بينها، فإن ما ساقه الحكم من ضبط الطاعن ببندر دمياط كاف وحده لحمل قضائه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن دان الطاعن بجريمة إصدار شيك بدون رصيد وجريمة النصب - التي رفعت بها الجنحة المباشرة ضده وضد متهم آخر - إلا أنه لم يوقع على الطاعن سوى عقوبة واحدة هي عقوبة إصدار شيك بدون رصيد التي ثبت لمحكمة الموضوع ارتكابه لها، ومن ثم فإن مصلحته في النعي على الحكم بالبطلان تكون منتفية، إذ من المقرر أنه إذا أخطأ الحكم فأسند إلى المتهم مع الجريمة الثابت وقوعها منه جريمة أخرى، وعاقبه على الجريمتين معاً بعقوبة واحدة داخلة في حدود المادة المنطبقة على الجريمة الواجب معاقبته من أجلها، فإنه بذلك تنتفي مصلحة الطاعن في التمسك بالخطأ الذي وقع فيه الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر كذلك أن الشيك متى صدر لحامله أو صدر لأمر شخص معين وإذنه، فإن تداوله يكون بالطرق التجارية، ومن شأن تظهيره - متى وقع صحيحاً - أن ينقل ملكية قيمته إلى المظهر إليه ويخضع لقاعدة التطهير من الدفوع مما يجعل العلاقة في شأنه غير مقصورة على الساحب والمستفيد الذي حرر الشيك لأمره وإنما يتعداه إلى المظهر إليه الذي يصبح مالكاً لقيمته فور تظهيره، ومن ثم فإن الجريمة المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات تقع على المظهر إليه طالما أنه قد أصابه ضرر ناشئ منها ومتصل بها اتصالاً سببياً مباشراً. ولما كان الظاهر من مدونات الحكم المطعون فيه أن الشيك موضوع التهمة صدر لأمر المستفيد وإذنه - وهو ما لم ينازع فيه الطاعن وقام المستفيد بتظهيره للمدعي المدني، فإن هذا الأخير يكون هو المضرور من الجريمة، ومن ثم فلا محل لما أثاره الطاعن في هذا الصدد ولا وجه لما نعاه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بالتعويض المؤقت على أساس ثبوت جريمة إصدار شيك بدون رصيد وهي ذات الواقعة الجنائية المعروضة على المحكمة والمطلوب محاكمة الطاعن وإلزامه بالتعويض عنها، فإن هذا حسب الحكم كي يستقيم قضاؤه في الدعوى المدنية ولا يقدح في صحة الحكم تزيد محكمة الدرجة الثانية إلى ثبوت جريمة النصب أيضاً في حق الطاعن، إذ الخطأ في وصف التهمة ليس من شأنه المساس بالدعوى المدنية متى توافرت عناصرها، كما أنه من المقرر أنه إذا تزيدت المحكمة الاستئنافية بما لا يؤثر في صحة الحكم المؤسس على قاعدة سليمة، فهذا التزيد مهما جاء فيه من خطأ لا يعيب الحكم. ولما كان التعويض المؤقت قضى به عما أصاب المدعي المدني من ضرر مباشر عن جريمة إصدار الشيك بدون رصيد - وهو لا يمثل قيمة الشيك أو جزءاً منها، فإن الحكم تنحسر عنه دعوى الخطأ في القانون، ومن ثم يكون الطعن كله على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً