مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الثاني (من فبراير سنة 1956 إلى آخر مايو سنة 1956) - صـ 676

(79)
جلسة 14 من أبريل سنة 1956

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

القضية رقم 250 لسنة 2 القضائية

( أ ) معادلات دراسية - الموظفون الذين يفيدون من أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 مفسراً بالقانون رقم 151 لسنة 1955 هم الموظفون الدائمون في حكم قانون نظام موظفي الدولة بصرف النظر عن تثبيتهم من عدمه - لا يفيد من أحكامه الموظفون المؤقتون؛ إما لأنهم معينون على وظائف موصوفة في الميزانية بالتوقيت، أو لأعمال مؤقتة ولو كان اعتمادها مقسماً لدرجات، وإما لأنهم خارج الهيئة أو عمال باليومية - دليل ذلك.
(ب) معادلات دراسية - الأوضاع التي استحدثها القانون رقم 78 لسنة 1956 في شأن الموظفون الذين يفيدون من أحكام قانون المعادلات الدراسية المفسر بالقانون رقم 151 لسنة 1955 - إفادة المعينين على اعتمادات مقسمة إلى درجات، واحترام التسويات النهائية التي تمت من جانب الإدارة من تلقاء نفسها قبل العمل بالقانون رقم 151 لسنة 1955 وكانت قد ألغيت تنفيذاً له.
(ج) معادلات دراسية - الشروط اللازم توافرها في التسوية حتى تكتسب الحصانة التي ينص عليها القانون رقم 78 لسنة 1956 - تمامها نهائياً من جانب الإدارة من تلقاء نفسها قبل نفاذ القانون رقم 151 لسنة 1955، واعتمادها قبل هذا التاريخ ممن يملك ذلك قانوناً، وانعدام المنازعة القضائية في شأنها أمام أية درجة من درجات التقاضي.
(د) قدامى الموظفين - إفادتهم من المادة 40 مكررة من القانون رقم 210 لسنة 1951 - منوطة بتوافر شروط تلك المادة على مقتضى التسوية التي تتم بالتطبيق لقانون المعادلات الدراسية مفسراً بالقانون رقم 78 لسنة 1956.
(هـ) معادلات دراسية - سريان القانون رقم 371 لسنة 1953 مفسراً بالقانون رقم 78 لسنة 1956 في حق موظفي المجالس البلدية والقروية - أساس ذلك.
1 - إن المناط في نظر القانون رقم 151 لسنة 1955 عند تحديده الموظفين الذي يفيدون من قانون المعادلات الدراسية هو أن يكون هؤلاء معتبرين في حكم القانون رقم 210 لسنة 1951 معينين بصفة دائمة على وظائف دائمة داخل الهيئة، والمناط في دائمية الوظيفة - التي تضفي بدورها صفة الدائمية على الموظف - هو بحسب وصفها الوارد في الميزانية في سلك الدرجات الداخلية في الهيئة من الأولى إلى التاسعة، لا أن يكون الموظف مثبتاً أو غير مثبت. فإذا وصفت الدرجة التاسعة أو غيرها بأنها مؤقتة زايلت الموظف الذي يشغلها صفة الدائمية، أما إذا اندرجت في سلك الدرجات الدائمة ولم توصف بالتأقيت اعتبر شاغلها موظفاً دائماً، ومن جهة أخرى فإن من عدا هؤلاء من الموظفين لا يفيدون من أحكام قانون المعادلات، وهم الموظفون المعينون بصفة مؤقتة، إما لأنهم على وظائف مؤقتة موصوفة كذلك في الميزانية سواء أكانت الدرجة التاسعة أم غيرها، وإما لأنهم معينون لأعمال مؤقتة حتى ولو كان الاعتماد المخصص لهذه الأعمال مقسماً إلى درجات؛ لأن تقسيمه هكذا لا ينفي عن التعيين صفة التأقيت، وإما لأنهم خارج الهيئة أو على أعمال باليومية. وعلة إخراجهم جميعاً من عداد الموظفين الذين تسري عليهم أحكام قانون المعادلات الدراسية هي - كما كشفت عن ذلك المذكرة الإيضاحية - أن هذه الطوائف تنظم قواعد توظيفهم أحكام خاصة لا تتفق في مجموعها والقواعد التي استنها ذلك القانون. فالمعينون على وظائف مؤقتة أو لأعمال مؤقتة هم الذين نصت المادة 26 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على أن قواعد توظيفهم تنظمها أحكام خاصة يصدر بها قرار من مجلس الوزراء، وقد صدر هذا القرار الذي وضع صيغة لعقد الاستخدام الذي يوقعونه لمدة محدودة، وطبيعة هذه العلاقة الموقوتة لا تتلاءم مع تطبيق أحكام قانون المعادلات التي يقتضي أساساً درجات دائمة تتم التسوية عليها، أما المستخدمون خارج الهيئة وعمال اليومية، فعلة إخراجهم أنهم ليسوا في نظام درجات تتسق مع الدرجات المقدرة في قانون المعادلات لذوي المؤهلات، هذا فضلاً عن أن طبيعة عملهم لا تتفق أساساً مع تقدير هذه المؤهلات.
2 - في 14 من مارس سنة 1956 صدر القانون رقم 78 لسنة 1956 مستبدلاً بأحكام المادة الأولى من القانون رقم 151 لسنة 1955 الحكم الآتي: "تضاف إلى المادة 2 من القانون رقم 371 لسنة 1953 فقرة جديدة نصها كالآتي: "ويقصد بالموظفين المنصوص عليهم في الفقرة السابقة الموظفون المعينون على وظائف دائمة داخل الهيئة أو على اعتمادات مقسمة إلى درجات دون الموظفين المعينين على وظائف مؤقتة والمستخدمين الخارجين عن الهيئة أو عمال اليومية". كما قضى في مادته الثانية بأن يستبدل بأحكام المادة الثانية من القانون رقم 151 لسنة 1955 النص الآتي: "ولا تخل أحكام المادة السابقة بالأحكام النهائية الصادرة من محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية والقرارات النهائية الصادرة من اللجان القضائية وجهات الإدارة". ويبين من هذا القانون الأخير - في ضوء مذكرته الإيضاحية - أنه قنن التفسير الذي انتهت إليه هذه المحكمة في حكمها الصادر بالقضية رقم 57 لسنة 2 القضائية بجلسة 25 من فبراير سنة 1956، واستحدث حكمين جديدين، أولهما: أنه يفيد من أحكام قانون المعادلات الدراسية الموظفون المعينون على اعتمادات مقسمة إلى درجات، وذلك بأثر رجعي منسحب إلى تاريخ العمل بالقانون رقم 151 لسنة 1955، باعتبار أن حكم هذه الاعتمادات كحكم الوظائف الدائمة من حيث استمرارها، وثانيهما: احترام التسويات النهائية التي تمت من جانب جهات الإدارة المختلفة من تلقاء نفسها قبل نفاذ القانون رقم 151 لسنة 1955 وكانت قد ألغيت تنفيذاً لهذا القانون، وكانت تشمل طائفة كبيرة من الموظفين وعمال اليومية والمستخدمين الخارجين عن الهيئة غير الحاصلين على أحكام نهائية، وكان بعضهم قد رقي إلى درجات أعلى مما أوجد اضطراباً كبيراً في حالاتهم ونشأت عنه تفرقة بين من خاصم الحكومة فحصل على حقه بطريق القضاء، وبين من فضل انتظار وصول هذا الحق إليه في يسر ومسالمة. ويترتب على احترام هذه التسويات إعادة حالة أصحابها إلى ما كانت عليه قبل الإلغاء مع رد الفروق المالية التي تكون قد حصلت منهم، وذلك كله رغبة في تحقيق المساواة بين من صدرت لهم أحكام نهائية ومن تمت في حقهم تسويات نهائية من جانب جهات الإدارة المختلفة من تلقاء نفسها.
3 - إن التسويات التي تكتسب الحصانة المعنية بنص القانون رقم 78 لسنة 1956 هي تلك التي تكون قد تمت نهائياً من جانب جهات الإدارة من تلقاء نفسها قبل نفاذ القانون رقم 151 لسنة 1955، واعتمدت نهائياً قبل هذا التاريخ ممن يملك قانوناً، وألا يكون قائماً بشأنها أية منازعة قضائية ما زالت منظورة في أية درجة من درجات التقاضي؛ إذ أن قيام مثل هذه المنازعة ينفي عن التسوية صفة النهائية والاستقرار، ومن ثم تكون الكلمة في شأنها للقضاء.
4 - إن إفادة الموظفين في المادة 40 مكررة من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة في خصوص قدامى الموظفين منوطة بتوافر الشروط المنصوص عليها في هذه المادة على مقتضى نتيجة التسوية التي تتم في حق الموظف بالتطبيق لأحكام قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 مفسراً بالقانون رقم 78 لسنة 1956.
5 - يبين من الاطلاع على اللائحة الصادرة في 15 من مايو سنة 1945 بشروط توظف موظفي المجالس البلدية والقروية ومستخدميها وعمالها التي وافق عليها مجلس الوزراء في 9 من يونيه سنة 1945، أن المادة الأولى منها قد نصت على أنه: "تتبع بالنسبة لموظفي ومستخدمي وعمال المجالس البلدية والقروية جميع القواعد المقررة أو التي ستقرر لموظفي ومستخدمي وعمال الحكومة فيما يتعلق بشروط التعيين ومنح العلاوات والترقيات والنقل والإجازات وبدل السفر وذلك بغير إخلال بالأحكام الخاصة الواردة في هذه اللائحة"، ونصت المواد من 2 إلى 5 على المؤهلات التي يجب توافرها فيمن يشغلون وظائف المجالس المختلفة وهي في جملتها تتفق والمؤهلات اللازمة للتعيين في وظائف الحكومة المماثلة، ونصت المادة السادسة على أنه: "لا يجوز تعيين موظف أو ترقيته إلا إذا كانت الدرجة التي سيشغلها مدرجة في الميزانية وخالية"، كما تنص المادة 16 على أنه: "تسري على موظفي ومستخدمي المجالس البلدية والقروية القواعد المعمول بها في الحكومة فيما يتعلق بحساب مدد الخدمة السابقة في الأقدمية وتحديد الماهية على أن يراعى ضم مدة الخدمة السابقة بأكملها إذا كانت بإحدى المصالح الحكومية أو أحد مجالس المديريات". وأخيراً تنص المادة 17 على أنه: "يعتبر الموظف دائماً إذا كان يشغل وظيفة دائمة مدرجة في ميزانية المجلس ذات مرتب شهري وممن يجوز لهم الانتفاع بصندوق التوفير وذلك بعد تثبيته ويستثنى من ذلك المستخدمون الذين يشغلون وظائف المحصلين ومعاوني السلخانات فإنهم يعتبرون مؤقتين". ويبين مما تقدم أن نظم التوظف في المجالس البلدية والقروية إنما تسير على هدي النظم الحكومية سواء بسواء؛ بحيث تسري على موظفي تلك المجالس النظم والقواعد المعمول بها في الحكومة أو التي ستقرر فيها بعد، ومن ثم فإن القانون رقم 371 لسنة 1953 - بحسبانه منظماً حساب الأقدمية في التعيين، ومقدراً قيمة المؤهلات الدراسية المختلفة، ومبيناً شروط إفادة الموظفين من هذه القواعد - يسري في حق موظفي المجالس البلدية والقروية، شأنهم في ذلك شأن موظفي الحكومة، بالشروط والقيود المنصوص عليها في ذلك القانون مفسراً بالقانون رقم 78 لسنة 1956.


إجراءات الطعن

في 14 من فبراير سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") بجلسة 19 من ديسمبر سنة 1955 في الدعوى رقم 9401 لسنة 8 القضائية المقامة من وزارة الشئون البلدية والقروية ضد: محمد أمين صالح، القاضي: "بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون، وإلزام الحكومة بالمصروفات".
وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند عليها في عريضة طعنه: "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وقرار اللجنة القضائية، والقضاء بتسوية حالة المطعون لصالحه بالتطبيق لأحكام قانون المعادلات، مع إلزام الحكومة بالمصروفات".
وقد أعلن هذا الطعن إلى الجهة الإدارية في 6 من مارس سنة 1956، وإلى المطعون لصالحه في 11 من مارس سنة 1956، وعين لنظره جلسة 14 من أبريل سنة 1956، وأبلغ الطرفان في 2 من أبريل سنة 1956 بميعاد هذه الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما أرت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه رفع إلى اللجنة القضائية لوزارة الشئون البلدية والقروية التظلم رقم 1471 لسنة 1 القضائية طالباً تسوية حالته بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 2 من ديسمبر سنة 1951. وبجلسة 31 من مايو سنة 1953 أصدرت اللجنة القضائية قرارها بإجابة المتظلم إلى طلبه. وبعريضة مودعة سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 30 من يونيه سنة 1954 طعنت الحكومة في هذا القرار بالدعوى رقم 9401 لسنة 8 القضائية طالبة الحكم: "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع (أولاً) بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، (ثانياً) تسوية حالة المطعون ضده بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية المعدل بالقانون رقم 377 لسنة 1953 مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات". وبجلسة 19 من ديسمبر سنة 1955 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") في هذه الدعوى: "بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون، وإلزام الحكومة بالمصروفات". وأقامت قضاءها على أن أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 لا تتوافر في المطعون عليه لكونه موظفاً غير دائم لا يجرى على راتبه استقطاع احتياطي المعاش، حيث أصبح لا يفيد من أحكام هذا القانون إلا الموظف المثبت، وذلك نزولاً على أحكام القانون رقم 151 لسنة 1955. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 14 من فبراير سنة 1956 طالباً: "قبول هذا الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وقرار اللجنة القضائية، والقضاء بتسوية حالة المطعون لصالحه بالتطبيق لأحكام قانون المعادلات، مع إلزام الحكومة بالمصروفات."، مستنداً في ذلك إلى أن الشارع أراد في القانون رقم 151 لسنة 1955 أن يجلو الغموض الذي شاب في التطبيق تحديد الموظفين الذي يسري قانون المعادلات الدراسية في حقهم، ولم يقصد إلى أن يقصر الإفادة من أحكام قانون المعادلات الدراسية على طائفة الموظفين المثبتين وحدهم.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن النقطة القانونية مثار النزاع هي تحديد مقصود الشارع بالموظفين الذين يفيدون من أحكام قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 مفسراً بالقانون رقم 151 لسنة 1955، وهل ينصرف مدلول الفقرة التي أضافها القانون الأخير إلى المادة الثانية من القانون الأول تحديداً لهؤلاء الموظفين إلى الموظفين المثبتين وحدهم - كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه - أم ينصرف كذلك إلى الموظفين الذين اكتسبت وظائفهم ذات الدرجات المقدرة صفة الدوام والاستقرار - على النحو الذي فصله الطعن.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت في الطعن رقم 57 لسنة 2 القضائية بجلسة 25 من فبراير سنة 1956 بأن المناط في نظر القانون رقم 151 لسنة 1955 عند تحديده الموظفين الذي يفيدون من قانون معادلات الدراسية هو أن يكون هؤلاء معتبرين في حكم القانون رقم 210 لسنة 1951 معينين بصفة دائمة على وظائف دائمة داخل الهيئة، والمناط في دائمية الوظيفة - التي تضفي بدورها صفة الدائمية على الموظف - هو بحسب وصفها الوارد في الميزانية في سلك الدرجات الداخلية في الهيئة من الأولى إلى التاسعة، لا أن يكون الموظف مثبتاً أو غير مثبت. فإذا وصفت الدرجة التاسعة أو غيرها بأنها مؤقتة، زايلت الموظف الذي يشغلها صفة الدائمية، أما إذا اندرجت في سلك الدرجات الدائمة - ولم توصف بالتأقيت - اعتبر شاغلها موظفاً دائماً. ومن جهة أخرى، فإن من عدا هؤلاء من الموظفين لا يفيدون من أحكام قانون المعادلات وهم الموظفون المعينون بصفة مؤقتة، إما لأنهم على وظائف مؤقتة موصوفة كذلك في الميزانية سواء أكانت الدرجة التاسعة أم غيرها، وإما لأنهم معينون لأعمال مؤقتة حتى ولو كان الاعتماد المخصص لهذه الأعمال مقسماً إلى درجات؛ لأن تقسيمه هكذا لا ينفي عن التعيين صفة التأقيت، وإما لأنهم خارج الهيئة أو على أعمال باليومية. وعلة إخراجهم جميعاً من عداد الموظفين الذين تسري عليهم أحكام قانون المعادلات الدراسية هي - كما كشفت عن ذلك المذكرة الإيضاحية - أن هذه الطوائف تنظم قواعد توظيفهم أحكام خاصة لا تتفق في مجموعها والقواعد التي استنها ذلك القانون: فالمعينون على وظائف مؤقتة أو لأعمال مؤقتة هم الذين نصت المادة 26 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على أن قواعد توظيفهم تنظمها أحكام خاصة يصدر بها قرار من مجلس الوزراء، وقد صدر هذا القرار الذي وضع صيغة لعقد الاستخدام الذي يوقعونه لمدة محدودة، وطبيعة هذه العلاقة الموقوتة لا تتلاءم مع تطبيق أحكام قانون المعادلات التي يقتضي أساساً درجات دائمة تتم التسوية عليها، أما المستخدمون خارج الهيئة وعمال اليومية فعلة إخراجهم أنهم ليسوا في نظام درجات تتسق مع الدرجات المقدرة في قانون المعادلات لذوي المؤهلات، هذا فضلاً عن أن طبيعة عملهم لا تتفق أساساً مع تقدير هذه المؤهلات.
ومن حيث إنه صدر بعد ذلك القانون رقم 78 لسنة 1956 في 14 من مارس سنة 1956 مستبدلاً بأحكام المادة الأولى من القانون رقم 151 لسنة 1955 الحكم الآتي: "تضاف إلى المادة 2 من القانون رقم 171 لسنة 1953 فقرة جديدة نصها كالآتي:
"ويقصد بالموظفين المنصوص عليهم في الفقرة السابقة الموظفون المعينون على وظائف دائمة داخل الهيئة أو على اعتمادات مقسمة إلى درجات دون الموظفين المعينين على وظائف مؤقتة والمستخدمين الخارجين عن الهيئة أو عمال اليومية".
كما قضى في مادته الثانية بأن تستبدل بأحكام المادة الثانية من القانون رقم 151 لسنة 1955 النص الآتي:
"ولا تخل أحكام المادة السابقة بالأحكام النهائية الصادرة من محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية والقرارات النهائية الصادرة من اللجان القضائية وجهات الإدارة".
ومن حيث إنه يبين من هذا القانون الأخير في ضوء مذكرته الإيضاحية أنه قنن التفسير الذي انتهت إليه هذه المحكمة في حكمها السابق، واستحدث حكمين جديدين، أولهما: أنه يفيد من أحكام قانون المعادلات الدراسية الموظفون المعينون على اعتمادات مقسمة إلى درجات، وذلك بأثر رجعي منسحب إلى تاريخ العمل بالقانون رقم 151 لسنة 1955، باعتبار أن حكم هذه الاعتمادات كحكم الوظائف الدائمة من حيث استمرارها. وثانيهما: احترام التسويات النهائية التي تمت من جانب جهات الإدارة المختلفة من تلقاء نفسها قبل نفاذ القانون رقم 151 لسنة 1955 وكانت قد ألغيت تنفيذاً لهذا القانون وكانت تشمل طائفة كبيرة من الموظفين وعمال اليومية والمستخدمين الخارجين عن الهيئة غير الحاصلين على أحكام نهائية، وكان بعضهم قد رقي إلى درجات أعلى مما أوجد اضطراباً كبيراً في حالاتهم ونشأت عنه تفرقة بين من خاصم الحكومة فحصل على حقه بطريق القضاء، وبين من فضل انتظار وصول هذا الحق إليه في يسر ومسالمة. ويترتب على احترام هذه التسويات إعادة حالة أصحابها إلى ما كانت عليه قبل الإلغاء مع رد الفروق المالية التي تكون قد حصلت منهم، وذلك كله رغبة في تحقيق المساواة بين من صدرت لهم أحكام نهائية ومن تمت في حقهم تسويات نهائية من جانب جهات الإدارة المختلفة من تلقاء نفسها.
ومن حيث إنه لا ريب في أن التسويات التي تكتسب الحصانة المعنية بالنص سالف الذكر هي تلك التي تكون قد تمت نهائياً من جانب جهات الإدارة من تلقاء نفسها قبل نفاذ القانون رقم 151 لسنة 1955، واعتمدت نهائياً قبل هذا التاريخ ممن يملك قانوناً، وألا يكون قائماً بشأنها أية منازعة قضائية، ما زالت منظورة في أية درجة من درجات التقاضي؛ إذ أن قيام مثل هذه المنازعة ينفي عن التسوية صفة النهائية والاستقرار، ومن ثم تكون الكلمة في شأنها للقضاء.
ومن حيث إن إفادة الموظفين في المادة 40 مكررة من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة في خصوص قدامى الموظفين، منوطة بتوافر الشروط المنصوص عليها في هذه المادة على مقتضى نتيجة التسوية التي تتم في حق الموظف بالتطبيق لأحكام قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 مفسراً بالقانون رقم 78 لسنة 1956.
ومن حيث إنه قد بان من الأوراق أن المطعون لصالحه حاصل على دبلوم المدارس الصناعية نظام 5 سنوات قديم سنة 1918 والتحق بخدمة المجالس البلدية في 26 من نوفمبر سنة 1926 في الدرجة التاسعة ثم منح الدرجة الثامنة في أول يناير سنة 1938 والدرجة السابعة في أول يوليه سنة 1943.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بسريان قانون المعادلات الدراسية على المدعي - وهو من موظفي المجالس البلدية - فإنه يبين من الاطلاع على اللائحة الصادرة في 15 من مايو سنة 1945 بشروط توظف موظفي المجالس البلدية والقروية ومستخدميها وعمالها التي وافق عليها مجلس الوزراء في 9 من يونيه سنة 1945 – يبين من الاطلاع على هذه اللائحة أن المادة الأولى منها قد نصت على أنه: "تتبع بالنسبة لموظفي ومستخدمي وعمال المجالس البلدية والقروية جميع القواعد المقررة أو التي ستقرر لموظفي ومستخدمي وعمال الحكومة فيما يتعلق بشروط التعيين ومنح العلاوات والترقيات والنقل والإجازات وبدل السفر وذلك بغير إخلال بالأحكام الخاصة الواردة في هذه اللائحة"، ونصت المواد من 2 إلى 5 على المؤهلات التي يجب توافرها فيمن يشغلون وظائف المجالس المختلفة، وهي في جملتها تتفق والمؤهلات اللازمة للتعيين في وظائف الحكومة المماثلة، ونصت المادة السادسة على أنه: "لا يجوز تعيين موظف أو ترقيته إلا إذا كانت الدرجة التي سيشغلها مدرجة في الميزانية وخالية"، كما تنص المادة 16 على أنه: "تسري على موظفي ومستخدمي المجالس البلدية والقروية القواعد المعمول بها في الحكومة فيما يتعلق بحساب مدد الخدمة السابقة في الأقدمية وتحديد الماهية على أن يراعى ضم مدة الخدمة السابقة بأكملها إذا كانت بإحدى المصالح الحكومية أو أحد مجالس المديريات". وأخيراً تنص المادة 17 على أنه: "يعتبر الموظف دائماً إذا كان يشغل وظيفة دائمة مدرجة في ميزانية المجلس ذات مرتب شهري وممن يجوز لهم الانتفاع بصندوق التوفير وذلك بعد تثبيته ويستثنى من ذلك المستخدمون الذين يشغلون وظائف المحصلين ومعاوني السلخانات فإنهم يعتبرون مؤقتين".
ومن حيث إنه ظاهر مما تقدم أن نظم التوظف في المجالس البلدية والقروية إنما تسير على هدى النظم الحكومية سواء بسواء؛ بحيث تسري على موظفي تلك المجالس النظم والقواعد المعمول بها في الحكومة أو التي ستقرر فيما بعد، ومن ثم فإن القانون رقم 371 لسنة 1953 - بحسبانه منظماً حساب الأقدمية في التعيين، ومقدراً قيمة المؤهلات الدراسية المختلفة، ومبيناً شروط إفادة الموظفين من هذه القواعد - يسري في حق موظفي المجالس البلدية والقروية، شأنهم في ذلك شأن موظفي الحكومة، بالشروط والقيود المنصوص عليها في ذلك القانون مفسراً بالقانون رقم 78 لسنة 1956.
ومن حيث إن المدعي معين على وظيفة دائمة بالمجالس البلدية، ومن ثم تنطبق عليه أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 مفسراً بالقانون رقم 78 لسنة 1956.
ومن حيث إنه يتضح مما تقدم أن الحكم المطعون فيه - إذ قضى بعدم انطباق أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية على المطعون لصالحه بمقولة إنه موظف غير مثبت فلا يفيد من أحكام هذا القانون - قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، فيتعين إلغاءه، والقضاء باستحقاق المدعي تسوية حالته بالتطبيق لأحكام قانون المعادلات المشار إليه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباستحقاق المدعي تسوية حالته بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية، وألزمت الحكومة بالمصروفات.