أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة الثامنة والعشرون – صـ 917

جلسة 6 من نوفمبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، ومحمد وهبه، وأحمد موسى.

(191)
الطعن رقم 641 لسنة 47 القضائية

مواد مخدرة. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "قرائن". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير توافر قصد الاتجار في المواد المخدرة. موضوعي. مثال.
للمحكمة أن ترى في التحريات ما يبرر الإذن بالتفتيش وأن تطرحها فيما عناه. أساس ذلك؟
1 - من المقرر أن توافر قصد الاتجار المنصوص عليه في المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً كما أن ضآلة كمية المخدر أو كبرها هي من الأمور النسبية التي تقع في تقدير المحكمة – لما كان ذلك – وكان للمحكمة أن تجزئ تحريات الشرطة التي تعول عليها في تكوين عقيدتها فتأخذ منها ما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه، ومن سلطتها التقديرية أيضاً أن ترى في تحريات الشرطة مما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأظهر اطمئنانه إلى التحريات المسوغة لإصدار الإذن بالتفتيش ولكنه لم ير فيها وفي أقوال الضابط محررها ما يقنعه بأن إحراز المطعون ضده للمخدر كان بقصد الاتجار – وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن المطعون ضده لم يسأل بمحضر الضبط ولم يعترف بإحرازه المخدر بقصد الاتجار كما ذهبت الطاعنة – وإنما الثابت به الإجراءات التي اتبعها الضابط في القبض والتفتيش وأنه واجه المطعون ضده بالمضبوطات فاعترف له بحيازتها بقصد الاتجار وهو ما لا يعد اعترافاً منه بما أسند إليه ولا يعدو ما أثبته الضابط في هذا الشأن عن كونه مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن عدم اطمئنانها إليه في هذا الشق ومن ثم يكون هذا النعي في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه حاز وأحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً لمواد الاتهام، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و37 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم واحد المرافق بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة وبتغريمه خمسمائة جنيه والمصادرة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة إحراز مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب، ذلك بأن المحكمة استبعدت قصد الاتجار دون أن تفطن إلى توافره في حق المطعون ضده من تحريات الشرطة ومن كبر كمية المخدر المضبوط ومن اعترافه بمحضر الضبط بالاتجار فيه مما يعيب حكمها ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون ضده بين واقعة الدعوى في قوله بأنها تخلص في أن النقيب....... رئيس وحدة مباحث بولاق دلت تحرياته السرية على أن المتهم......... يحرز وشقيقته......... مواد مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، فاستصدر في 13/ 10/ 1973 إذناً من النيابة العامة بضبط وتفتيش كل منهما وفي اليوم التالي انتقل الضابط إلى كشك سجاير خاص بأولهما حيث وجده واقفاً أمامه وتجلس إلى جواره شقيقته وإذ قبض الضابط عليهما قرر المتهم أن أخته لا دخل لها بالمخدرات وطلب منها إخراج ما بجيبها فأخرجت من جيب جلبابها الأيمن السفلي كيساً من النايلون الأبيض تحتوي على لفافتين كبيرتين تحتويان على لفافات بها مادة تشبه الحشيش ولما قام الضابط بتفتيش ملابس المتهم عثر بجيب الساعة الأيمن الداخلي على لفافة من ورق السلوفان بها مادة تشبه ذات المادة وتبين فيما بعد أن المادة المضبوطة من جوهر الحشيش وتزن 76.3 جرام وإذ ذاك حرر الضابط محضراً بالإجراءات وابلغ بها جهات الاختصاص هذا ولم تسفر التحقيقات عن تحديد قصد المتهم من إحرازه المخدر المضبوط وبعد أن أورد الحكم الأدلة على ثبوت الواقعة في حق المطعون ضده عرض لقصد الاتجار بقوله: "ومن حيث إن قصد الاتجار لا يعدو الدليل عليه تحريات وأقوال الضابط وهذه وحدها مجردة مما يؤيدها تنقض عن حد الكفاية في هذا الخصوص ومن حيث إنه من جهة أخرى لم تسفر التحقيقات عما إذا كان المتهم قصد بإحرازه المخدر المضبوط تعاطياً أم استعمالاً شخصياً". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن توافر قصد الاتجار المنصوص عليه في المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً كما أن ضآلة كمية المخدر أو كبرها هي من الأمور النسبية التي تقع في تقدير المحكمة، كان للمحكمة أن تجزئ تحريات الشرطة التي تعول عليها في تكوين عقيدتها فتأخذ منها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه، ومن سلطتها التقديرية أيضاً أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأظهر اطمئنانه على التحريات المسوغة لإصدار الإذن بالتفتيش ولكنه لم ير فيها وفي أقوال الضابط محررها ما يقنعه بأن إحراز المطعون ضده للمخدر كان بقصد الاتجار – وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن المطعون ضده لم يسأل بمحضر الضبط ولم يعترف بإحرازه المخدر بقصد الاتجار - كما ذهبت النيابة الطاعنة – وإنما الثابت به الإجراءات التي اتبعها الضابط في القبض والتفتيش وأنه واجه المطعون ضده بالمضبوطات فاعترف له بحيازتها بقصد الاتجار وهو ما لا يعد اعترافاً منه بما أسند إليه ولا يعدو ما أثبته الضابط في هذا الشأن عن كونه مجرد قول الضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن عدم اطمئنانها إليه في هذا الشق ومن ثم يكون هذا النعي في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.