مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الثاني (من فبراير سنة 1956 إلى آخر مايو سنة 1956) - صـ 687

(80)
جلسة 14 من أبريل سنة 1956

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

القضية رقم 789 لسنة 2 القضائية

( أ ) قرار تأديبي - وجوب قيامه على سبب يبرره - رقابة القضاء الإداري لصحة قيام الوقائع القانونية المبررة لتوقيع الجزاء، وصحة تكييفها القانوني - حرية الإدارة في تقدير أهمية الحالة والخطورة الناجمة عنها والجزاء المناسب لها في حدود نصاب القانون.
(ب) جامعة - إخلال الطالب بحسن السير والسلوك داخل الجامعة وخارجها - صدور قرار لجنة التأديب بفصله حتى نهاية العام - صحيح قانوناً - عدم تسبيب هذا القرار - ليس سبباً لبطلانه - دليل ذلك.
1 - إنه وإن كان القرار التأديبي - كأي قرار إداري آخر - يجب أن يقوم على سبب يبرره، فلا تتدخل الإدارة لتوقيع الجزاء إلا إذا قامت حالة واقعية أو قانونية تسوغ تدخلها، وللقضاء الإداري أن يراقب صحة قيام هذه الوقائع، وصحة تكييفها القانوني، إلا أن للإدارة حرية تقدير أهمية هذه الحالة والخطورة الناجمة عنها، وتقدير الجزاء الذي تراه مناسباً في حدود النصاب القانوني المقرر، ورقابة القضاء الإداري لصحة الحالة الواقعية أو القانونية تجد حدها الطبعي في التحقيق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار في هذا الشأن مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً أو قانوناً، فإذا كانت هذه النتيجة مستخلصة على هذا النحو، فقد قام القرار على سببه وكان مطابقاً للقانون.
2 - إذا كان الثابت أن الذنب المنسوب إلى الطالبة المطعون عليها هي أنها وشريكها قد أخلا بحسن السير والسلوك داخل الجامعة وخارجها مما يقع تحت طائلة الفقرة ج من المادة 46 من لائحة النظام الدراسي والتأديبي لطلاب الجامعات، وقد بان للمحكمة من محضر التحقيق الأول ومن محضر لجنة التأديب، أن هذه اللجنة قد استخلصت هذه النتيجة استخلاصاً سائغاً، وأن العقوبة التي أوقعتها بفصلها حتى نهاية العام تدخل في حدود النصاب القانوني المقرر، وأنه وإن كان قرارها غير مسبب، إلا أن عدم تسبيبه لا يعيبه؛ لأن اللائحة لم تشترط التسبيب، كما فعلت في أحوال تأديبية أخرى، كتأديب أعضاء هيئة التدريس. والأصل أن الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها إلا حيث يوجب القانون ذلك عليها.


إجراءات الطعن

أقامت الآنسة مديحه عبد الحميد لطفي الدعوى رقم 785 لسنة 10 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعت سكرتيريتها في أول نوفمبر سنة 1955 تطلب وقف تنفيذ القرار الصادر من لجنة التأديب بجامعة عين شمس في 15 من ديسمبر سنة 1955 بفصلها بقية الفصل الدراسي الأول مع حرمانها من التقدم للامتحان في هذا الفصل، ثم فصلها طوال الفصل الدراسي الثاني من هذا العام الجامعي مع السماح لها بالتقدم لامتحان هذا الفصل الثاني في مواد الفصلين. وفي 24 من يناير سنة 1956 قضت المحكمة المذكورة بوقف تنفيذ هذا القرار. فطعن فيه السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة بعريضة أوعت سكرتيرية المحكمة الإدارية العليا في 11 من مارس سنة 1956 طالباً إلغاءه، وأعلن هذا الطعن إلى الحكومة في 29 من مارس سنة 1956، وإلى المطعون عليها في 3 من أبريل سنة 1956، وحدد لنظر الطعن جلسة 7 منه، وفيها سمعت الإيضاحات على الوجه المبين بمحضر ثم أرجئ النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أشكاله القانونية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه في وقف التنفيذ على أنه: "قد استبان للمحكمة من أوراق التحقيق ومحضر جلسة مجلس التأديب أن كل ما يمكن إسناده إلى المدعية أنها كانت صديقة لزميلها الطالب بالكلية وهيب جاب الله دوس الذي استغل هذه الصداقة فكان يلاحقها حتى بلغ به الأمر إلى الرغبة في فرض إرادته عليها. مما ضايق المدعية يوم الحادث لما منعته من ركوب السيارة معها. فاعتدى عليها بالضرب بأن صفعها على وجهها أمام بعض زملائها، ومن ثم فهي لم ترتكب ذنباً تؤاخذ عليه تأديبياً بالعقوبة التي صدر بها القرار المطعون؛ لأنه بفرض قيام الصداقة بينها وبين الطالب المذكور وهما يتلقيان العلم معاً في معهد واحد، فإن ذلك لا يعد ذنباً يستوجب المؤاخذة....".
ومن حيث إنه قد تبين للمحكمة من الأوراق أن عناصر المنازعة تتحصل في أنه في يوم أول نوفمبر سنة 1955 أبلغ أحد ضباط حرس كلية الحقوق بجامعة عين شمس وكيل الكلية أن الطالب وهيب جاب الله دوس اعتدى بالضرب على الآنسة المطعون عليها، فكلف أحد المعيدين بتحقيق الحادث لمعرفة ظروف الاعتداء وأسبابه، وبعد تحقيق وسماع شهادة الشهود ودفاع الطالب المذكور والمطعون عليها واستيفاء التحقيق في النقط التي رأى العميد استيفاءها قدم تقريره إليه، فرأى العميد عرض الموضوع على السيد مدير الجامعة للنظر في إحالتهما إلى لجنة التأديب، "حيث لا تكفي في ردعهما وتنبيه غيرهما الجزاءات التي من اختصاصنا وبخاصة لما ترامى لنا من طول فترة الاتصال بين الطالبة والطالب داخل الكلية وخارجها وما أشيع وردده الطلبة من اعتزامه الإسلام للزواج بها منذ العام الماضي"، ولأن الطالبة "لا تقل مسئولية من حيث التصرف في الكلية، بل لعلها أكثر مسئولية منه"، فوافق السيد مدير الجامعة على إحالتهما إلى لجنة التأديب التي انعقدت في 15 من ديسمبر 1955، وبعد استجوابهما وسماع دفاعهما، وما ثبت بالجلسة من وقائع أخرى تؤيد صحة ما نسب إليهما، أصدرت قرارها المطعون فيه.
ومن حيث إنه وإن كان القرار التأديبي - كأي قرار إداري آخر - يجب أن يقوم على سبب يبرره، فلا تتدخل الإدارة لتوقيع الجزاء إلا إذا قامت حالة واقعية أو قانونية تسوغ تدخلها، وللقضاء الإداري أن يراقب صحة قيام هذه الوقائع، وصحة تكييفها القانوني، إلا أن للإدارة حرية تقدير أهمية هذه الحالة والخطورة الناجمة عنها وتقدير الجزاء الذي تراه مناسباً في حدود النصاب القانوني المقرر، ورقابة القضاء الإداري لصحة الحالة الواقعية أو القانونية تجد حدها الطبعي في التحقيق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار في هذا الشأن مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً أو قانوناً، فإذا كانت هذه النتيجة مستخلصة على هذا النحو، فقد قام القرار على سببه وكان مطابقاً للقانون.
ومن حيث إن الذنب المنسوب إلى الطالبة المطعون عليها هي أنها وشريكها قد أخلا بحسن السير والسلوك داخل الجامعة وخارجها مما يقع تحت طائلة الفقرة ج من المادة 46 من لائحة النظام الدراسي والتأديبي لطلاب الجامعات، وقد بان للمحكمة من محضر التحقيق الأول ومن محضر لجنة التأديب، أن هذه اللجنة قد استخلصت هذه النتيجة استخلاصاً سائغاً، وأن العقوبة التي أوقعتها تدخل في حدود النصاب القانوني المقرر، وأنه وإن كان قرارها غير مسبب، إلا أن عدم تسبيبه لا يعيبه؛ لأن اللائحة لم تشترط التسبيب، كما فعلت في أحوال تأديبية أخرى، كتأديب أعضاء هيئة التدريس. والأصل أن الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها إلا حيث يوجب القانون ذلك عليها.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد جاء مخالفاً للقانون فيتعين إلغاؤه، والقضاء برفض طلب وقف التنفيذ، وإلزام المطعون عليها بمصروفات هذا الطلب، وهذا كله مع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف التنفيذ، وألزمت الطالبة بمصروفات هذا الطلب.