أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 494

جلسة 8 من مارس سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ حسين كامل حنفى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عميرة ومحمد زايد وصلاح البرجى نواب رئيس المحكمة ومحمد طلعت الرفاعى.

(83)
الطعن رقم 14604 لسنة 59 القضائية

(1) دعوى جنائية "انقضاؤها". نيابة عامة. اختصاص "الاختصاص الولائى". محكمة أمن الدولة.
الحكم بعدم الاختصاص. لا تنقضى به الدعوى الجنائية. جواز رفعها أمام المحكمة المختصة قبل أن يصبح الحكم بعدم الاختصاص نهائيا. علة ذلك ؟
صدور حكم من محكمة أمن الدولة العليا "طوارىء" غير مانع من رفع الدعوى أمام المحاكم العادية ولو لم يصبح الحكم الأول نهائيا.
(2) طعن "طرق الطعن فى الأحكام". قانون "تفسيره". محاكم أمن الدولة "التصديق على أحكامها".
التصديق على الأحكام. عدم وجوبه إلا بالنسبة للأحكام الصادرة فى الموضوع بالادانة أو بالبراءة. المواد 12، 13، 14، 15 من القانون 162 لسنة 1958.
(3) قصد جنائى. جريمة "أركانها". قتل عمد. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفى. أدراكه من الظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية. استخلاص توافره. موضوعى.
مثال لتسبيب سائغ فى استظهار قصد القتل فى جريمة قتل عمد.
(4) قتل عمد. مسئولية جنائية. قصد جنائى.اثبات "بوجه عام".
لا يقيد المحكمة فى استخلاصها نية القتل ما ذكره شهود الاثبات بخصوصها.
(5) قتل عمد. ظروف مشددة. سبق اصرار. ترصد.
ابقاء المحكمة لظرف سبق الاصرار واستبعاد الترصد. لا عيب.
(6) اثبات "بوجه عام" دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم فى مناحى دفاعه المختلفة والرد عليها ردا صريحا. كفاية استفادته من أدلة الثبوت.
(7) إجراءات "إجراءات التحقيق". دفوع "الدفع ببطلان إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان الاجراءات السابقة على المحاكمة. عدم جواز اثارته لأول مرة أمام النقض.
(8) قتل عمد. جريمة "الجريمة المقترنة". اقتران. عقوبة "تقديرها". ظروف مشددة. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الاقتران". نقض "اسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
يكفى لتغليظ العقاب عملا بالمادة 234 عقوبات. أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما. تقدير ذلك. موضوعى.
1 - من المقرر أن الدعوى الجنائية تظل قائمة إلى أن يصدر فى موضوعها حكم نهائى بالادانة أو بالبراءة، وأن الحكم بعدم الاختصاص لا يترتب عليه إنقضاء الدعوى الجنائية بل تبقى ويجوز رفعها أمام المحكمة المختصة للفصل فى موضوعها بحكم نهائى، ولا قيد على النيابة العامة فى ذلك حتى ولو كان الحكم بعدم الاختصاص لم يصبح بعد نهائيا، إذ ليس فى القانون ما يمنع من أن ترفع دعوى أمام محكمتين مختلفتين تقضى كل منهما بحكم فيها، بل إن القانون نظم حالات التنازع السلبى والايجابى. لما كان ذلك فإنه بفرض صدور حكم بعدم الاختصاص من محكمة أمن الدولة العليا طوارىء فإن تحريك الدعوى أمام المحكمة العادية - محكمة الجنايات - يكون متفقا وصحيح القانون.
2 - إن مؤدى نصوص المواد 12، 13، 14، 15 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 فى شأن حالة الطوارىء أن الشارع لم يوجب التصديق إلا بالنسبة للأحكام الصادرة فى الموضوع بالادانة أو البراءة.
3 - لما كان قصد القتل أمرا خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل فى قوله "وحيث إن نية القتل ثابتة فى حق المتهم وتوافرت لديه من حاصل ما طرحته المحكمة من ظروف الدعوى من ضغينة مردها احتدام المنافسة على شغل منصب العمدية بناحية...... وتقدم المجنى عليه....... للترشيح للعمودية منافسا عم المتهم....... وفوز المجنى عليه بهذا المنصب ونقل مقر العمودية إلى عزبة...... حيث يقيم بعد أن كانت حكرا على ناحية نزلة...... الذى يقيم بها المتهم وعائلته وهو ما أثار كوامن الشر فى نفسه بغية الانتقام من المجنى عليه وإزهاق روحه وما أن ظفر بالمجنى عليه يوم الحادث حتى أطلق عليه أعيرة نارية فى مواضع قاتلة من رأسه ووجهة وعلى مرمى قريب مما سهل من إحكام الرمى محدثا به الاصابات التى أودت بحياته على ما أورده تقرير الصفة التشريحية ولم يبرح المكان إلا بعد أن تيقن من أن الضحية صارت فى عداد الاموات وذلك لا يكون إلا لمن ابتغى القتل مقصدا وهى متوافرة أيضا بالنسبة للمجنى عليهما.... و..... واللذين أصيبا أثناء إطلاق النار على المجنى عليه الأول لأن الحيدة عن الهدف لا تغير من قصد المتهم ولا من ماهية الفعل الجنائى الذى ارتكبه تحقيقا لهذا الغرض وقد أوقف أثر الجريمة بالنسبة لهما بسبب مداركتهما بالعلاج". وإذ كان هذا الذى استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف فى التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن.
4 - لما كان ما يثيره الطاعن من أن المجنى عليه......... نفى فى التحقيقات وجود ضغينة بينه وبين الطاعن فإن هذا القول لا يقيد حرية المحكمة فى استخلاص نية القتل من كافة ظروف الدعوى وملابساتها ولأن ما أورده الحكم بيانا لنية القتل وتوافرها لدى الطاعن بالنسبة لجريمة قتل المجنى عليه ينعطف حكمه بطريق اللزوم إلى جريمة الشروع فى قتل المجنى عليه آنف الذكر.
5 - من المقرر أن المادة 230 من قانون العقوبات إذ نصت على جريمة القتل العمد مع سبق الاصرار أو الترصد فقد غايرت بذلك بين الظرفين ومن ثم فلا تثريب على الحكم إذ استبقى ظرف سبق الاصرار مع استبعاده ظرف الترصد.
6 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم فى مناحى دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التى أورها الحكم.
7 - من المقرر أن الدفع ببطلان إجراء من الاجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئا عما ينعاه فى أسباب طعنه من بطلان المعاينة التى أجرتها النيابة فى غيبة الشهود فليس له من بعد أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض إذ هو لا يعدو أن يكون تعيبا للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن فى الحكم هذا إلى أنه ليس ما يمنع المحكمة من الأخذ بهذه المعاينة - على فرض بطلانها - على أنها عنصر من عناصر الاستدلال ما دام كان مطروحا على بساط البحث وتناوله الدفاع بالمناقشة.
8 - من المقرر أن يكفى لتغليظ العقاب عملا بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا فى وقت واحد وفى فترة زمينة قصيرة - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - وتقدير ذلك مما يستقل به قاضى الموضوع ما دام يقيمه على ما يسوغه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل......... عمدا مع سبق الاصرار والترصد بأن بيت النية على قتله وعقد العزم على ذلك وأعد لهذا الغرض سلاحا ناريا (مسدس) ملأ خزينته بالذخائر وترصده فى الطريق الذى أيقن سلفا مروره فيه وما أن ظفر به حتى أطلق عليه عدة أعيرة نارية من ذلك السلاح قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته اقترنت هذه الجناية بجنايتين أخريين هما أنه فى الزمان والمكان سالفى الذكر أولا شرع فى قتل كل من...... و...... عمدا مع سبق الاصرار والترصد بأن بيت النية على قتل...... عمدا وأعد لهذا الغرض سلاحا ناريا (السالف الذكر) وترصده فى الطريق الذى أيقن سلفا مروره فيه وما أن ظفر به حتى أطلق عليه عدة اعيرة نارية من ذلك السلاح قاصدا من ذلك قتله فأصابته والمجنى عليهما سالفى الذكر وأحدث بهما الاصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهم فيه هو مداركتهما بالعلاج. ثانيا: أحرز وحاز بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخنا (مسدس). ثالثا: أحرز ذخائر (عدة طلقات) مما تستعمل فى السلاح النارى سالف الذكر دون أن يكون مرخصا له بحيازته أو إحرازه، واحالته إلى محكمة جنايات أسيوط لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. وادعى كل من أرملة المجنى عليه....... وشقيقه مدنيا قبل المتهم بمبلغ مائتين وواحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 45، 46، 230، 234/ 2 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2 - 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمى 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند (أ) من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول مع أعمال المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليه ومصادرة المضبوطات وبالزامه بأن يدفع لكل من المدعيين بالحق المدنى مبلغ مائتين وواحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت بعد أن استبعدت ظرف الترصد من تهمة القتل والشروع فيه.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد مع سبق الاصرار المقترن بجنايتى شروع فى قتل عمد مع سبق الاصرار وإحراز سلاح نارى مششخن وذخيرته بغير ترخيص قد شابه القصور فى التسبيب والاخلال بحق الدفاع والخطأ فى الاسناد وفى تطبيق القانون، ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان قرار الاحالة الصادر فى....... باحالة الدعوى إلى محكمة جنايات أسيوط لعدم التصديق على الحكم الصادر فى ذات الدعوى من محكمة أمن الدولة العليا وطوراىء بعدم اختصاصها إلا أن المحكمة قضت فى الدعوى وردت على الدفع بما لا يصلح ردا، كما تمسك الدفاع بانتفاء نية القتل لدى الطاعن خاصة وأن المجنى عليه..... نفى وجود ضغينة بينه وبين الطاعن غير أن الحكم انتهى إلى توافرها بأسباب غير سائغة، كما تساند الحكم فى تدليله على توافر سبق الاصرار بما لا يسوغه سيما وقد نفى ظرف الترصد، هذا بالاضافة إلى أن الحكم عول فى إدانة الطاعن على أقوال الشاهد....... وأسند إليه القول أنه بعد أن أمره المجنى عليه بإيقاف السيارة قيادته إثر مشاهدته للمتهم مستندا إلى حائط ودعوة المجنى عليه للمتهم بالركوب فوجئ بإطلاق الأعيرة النارية على المجنى عليه وأضاف أن المتهم هو الذى أطلق النار على المجنى عليه وهى رواية لم ترد فى التحقيقات، فضلا عن أن الحكم التفت عن دفاع الطاعن القائم على أنه مبتور الساق ولا يقدر على ارتكاب الفعل وأن هناك شكوى مرفقة بالتحقيقات مقدمة من أهالى البلدة تشير إلى أن آخرين هم مرتكبو الحادث، وعول فى الادانة على المعاينة التى أجرتها النيابة العامة برغم بطلانها لأنها أجريت فى غيبة الشهود، هذا إلى أن الحكم بالرغم من أنه أثبت توافر الاقتران انتهى إلى تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات باعتبار أن الجرائم التى ارتكبها الطاعن وقعت لغرض إجرامى واحد ومرتبطة ارتباطا لا يقبل التجزئة مما يشوبه التناقض ولا محل للقول بأن العقوبة مبررة لأن الطاعن له مصلحة فى نفى سبق الاصرار والاقتران وبالتالى فإن الحكم وقد أعمل المادة 17 من قانون العقوبات يمكنه توقيع عقوبة أخف فى حالة عمدية الفعل مجردا من أى ظرف مشدد، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعن بها وأقام على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدعوى الجنائية تظل قائمة إلى أن يصدر فى موضوعها حكم نهائى بالادانة أو بالبراءة، وأن الحكم بعدم الاختصاص لا يترتب عليه إنقضاء الدعوى الجنائية بل تبقى ويجوز رفعها أمام المحكمة المختصة للفصل فى موضوعها بحكم نهائى، ولا قيد على النيابة العامة فى ذلك حتى ولو كان الحكم بعدم الاختصاص لم يصبح بعد نهائيا، إذ ليس فى القانون ما يمنع من أن ترفع دعوى أمام محكمتين مختلفتين تقضى كل منهما بحكم فيها، بل إن القانون نظم حالات التنازع السلبى والايجابى. لما كان ذلك فإنه بفرض صدور حكم بعدم الاختصاص من محكمة أمن الدولة العليا طوارىء فإن تحريك الدعوى أمام المحكمة العادية - محكمة الجنايات - يكون متفقا وصحيح القانون، هذا فضلا عن أن مؤدى نصوص المواد 12، 13، 14، 15 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 فى شأن حالة الطوارىء أن الشارع لم يوجب التصديق إلا بالنسبة للأحكام الصادرة فى الموضوع بالادانة أو البراءة ومن ثم يكون منعي الطاعن فى هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك وكان قصد القتل أمرا خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل فى قوله "وحيث إن نية القتل ثابته فى حق المتهم وتوافرت لديه من حاصل ما طرحته المحكمة من ظروف الدعوى من ضغينة مردها احتدام المنافسة على شغل منصب العمدية بناحية....... وتقدم المجنى عليه....... للترشيح للعمودية منافسا عم المتهم......... وفوز المجنى عليه بهذا المنصب ونقل مقر العمودية إلى عزبة....... حيث يقيم بعد أن كانت حكرا على ناحية نزلة........ الذى يقيم بها المتهم وعائلته وهو ما أثار كوامن الشر فى نفسه بغية الانتقام من المجنى عليه وإزهاق روحه وما أن ظفر بالمجنى عليه يوم الحادث حتى أطلق عليه أعيرة نارية فى مواضع قاتلة من رأسه ووجهه وعلى مرمى قريب مما سهل من إحكام الرمى محدثا به الاصابات التى أودت بحياته على ما أورده تقرير الصفة التشريحية ولم يبرح المكان إلا بعد أن تيقن من أن الضحية صارت فى عداد الاموات وذلك لا يكون إلا لمن ابتغى القتل مقصدا وهى متوافرة أيضا بالنسبة للمجنى عليهما..... و..... واللذين أصيبا أثناء إطلاق النار على المجنى عليه الأول لأن الحيدة عن الهدف لا تغير من قصد المتهم ولا من ماهية الفعل الجنائى الذى ارتكبه تحقيقا لهذا الغرض وقد أوقف أثر الجريمة بالنسبة لهما بسبب مداركتهما بالعلاج". وإذ كان هذا الذى استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف فى التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن ولا يقدح فى ذلك ما يثيره الطاعن من أن المجنى عليه...... نفى فى التحقيقات وجود ضغينة بينه وبين الطاعن فإن هذا القول لا يقيد حرية المحكمة فى استخلاص نية القتل من كافة ظروف الدعوى وملابساتها ولأن ما أورده الحكم بيانا لنية القتل وتوافرها لدى الطاعن بالنسبة لجريمة قتل المجنى عليه ينعطف حكمه بطريق اللزوم إلى جريمة الشروع فى قتل المجنى عليه آنف الذكر ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن هو تعيب الحكم فى بيانه لنية القتل يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم قد استظهر توافر سبق الاصرار فى قوله "وحيث إنه عن ظرف سبق الاصرار فإن ما تراه المحكمة جليا وتطمئن إليه فى هذه الدعوى ما سبق أن أوردته من أدلة مفادها أن المتهم شق عليه فشل عمه فى انتخاب العمودية أمام منافسه المجنى عليه الأول وانتقال مقر العمودية إلى عزبة..... حيث يقيم العمدة المجنى عليه فعزم على الانتقام منه ولبث فى عزمه فى روية وفكر هادئ استطال شهرين منذ نتيجة هذه الانتخابات حتى يوم الحادث تحين الفرصة وما أن ظفر بالمجنى عليه يوم الحادث حتى أمطره بوابل من الأعيرة النارية أصابته فى مقاتل من رأسه ووجهة وأصابت المجنى عليه الثانى والثالث وتم مداركتهما بالعلاج وذلك ما يقطع تماما بأن المتهم قد توافر فى حقه ما ارتكبه من تعهد قتل المجنى عليه الأول والشروع فى قتل المجنى عليهما الثانى والثالث مع سبق اصرار عليه" وما ساقه الحكم فيما سلف سائغ ويتحقق به توافر سبق الاصرار حسبما هو معرف به فى القانون. ولا يؤثر فى ذلك ما انتهت إليه المحكمة فى نفى توافر ظرف الترصد، ذلك أنه من المقرر أن المادة 230 من قانون العقوبات إذ نصت على جريمة القتل العمد مع سبق الاصرار أو الترصد فقد غايرت بذلك بين الظرفين, ومن ثم فلا تثريب على الحكم إذ استبقى ظرف سبق الاصرار مع استبعاده ظرف الترصد، ومن ثم يكون منعى الطاعن فى هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك وكان ما حصله الحكم فى خصوص شهادة....... من أن المتهم الطاعن - هو مطلق الأعيرة النارية على المجنى عليه له صداه فى الأوراق حسبما يبين من المفردات التى أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن ومن ثم يكون منعى الطاعن بالخطأ فى الاسناد فى غير محله. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم فى مناحى دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التى أورها الحكم، فإن ما يثيره الطاعن من التفات الحكم عن الرد على دفاعه من أنه مبتور الساق ووجود شكوى تفيد بأن القاتل شخص غيره لا يكون سديدا. لما كان ذلك، وكان لما كان ذلك، وكان المقرر أن الدفع ببطلان إجراء من الاجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئا عما ينعاه فى أسباب طعنه من بطلان المعاينة التى أجرتها النيابة فى غيبة الشهود فليس له من بعد أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض إذ هو لا يعدو أن يكون تعيبا للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن فى الحكم، هذا إلى أنه ليس ما يمنع المحكمة من الأخذ بهذه المعاينة - على فرض بطلانها - على أنها عنصر من عناصر الاستدلال ما دام أنه كان مطروحا على بساط البحث وتناوله الدفاع بالمناقشة ومن ثم يكون منعى الطاعن فى هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن يكفى لتغليظ العقاب عملا بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا فى وقت واحد وفى فترة زمينة قصيرة - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - وتقدير ذلك مما يستقل به قاضى الموضوع ما دام يقيمه على ما يسوغه، وكان الطاعن لا ينازع فيما أثبته الحكم من اقتران جريمة القتل المسندة إليه بجنايتى الشروع فى القتل، وكانت عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة الموقعة عليه هى ذاتها المقررة لجريمة القتل العمد المقترن بجناية أخرى مجردة من ظرف سبق الاصرار ومن ثم فإن منعى الطاعن فى هذا الصدد لا يكون مقبولا. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.