أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 504

جلسة 8 من مارس سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار ابراهيم وأحمد جمال عبد اللطيف.

(84)
الطعن رقم 23758 لسنة 59 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص الولائى". قانون "تفسيره".
المحاكم العادية. صاحبة الولاية العامة بالفصل فى الجرائم كافة. إلا ما استثنى بنص خاص.
اجازة بعض القوانين احالة جرائم معينة إلى محاكم خاصة. لا يسلب المحاكم العادية ولايتها بالفصل فى تلك الجرائم. متى كان القانون الخاص لم ينص على انفراد المحكمة الخاصة بالاختصاص. أساس ذلك ؟
(2) اختصاص "الاختصاص الولائى". قضاء عسكرى. قانون "تفسيره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". أحداث.
المحاكم العسكرية. محاكم خاصة ذات اختصاص خاص.
قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 لم يرد فيه نص أو فى أى تشريع آخر على انفراد القضاء العسكرى بالاختصاص. إلا فيما يتعلق بالأحداث الخاضعين لأحكامه. أساس ذلك ؟
النص فى المادة 48 من القانون 25 لسنة 1966 أن السلطات لقضائية هى وحدها التى تقرر ما إذا كان الجرم دخلا فى اختصاصها أم لا. لا يفيد صراحة أو ضمنا انفراد القضاء العسكرى بنظر الجرائم المنصوص عليها فى القانون.
اختصاص الهيات القضائية. وكله الدستور للقانون.
(3) اثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف للاكراه". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
الاعتراف الذى يعول عليه. وجوب أن يكون اختياريا. لا يعتبر كذلك ولو كان صادقا إذا صدر تحت تأثير الاكراه أو التهديد به كائنا ما كان قدره.
وجوب بحث الصلة بين الاعتراف والاكراه المقول بحصوله. ونفيه فى تدليل سائغ. متى رأت المحكمة التعويل على الدليل المستمد منه.
مثال لاستدلال فاسد فى نفى صدور الاعتراف تحت تأثير الاكراه.
(4) اثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة فى المواد الجنائية. مؤداه ؟
1 - إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المحاكم العادية هى صاحبة الولاية العامة بالفصل فى الجرائم كافة الا ما استثنى بنص خاص عملا بنص الفقرة الاولى من المادة الخامسة عشرة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 فى حين أن غيرها من المحاكم ليست إلا محاكم استثنائية أو خاصة، وأنه وإن جازت القوانين، فى بعض الأحوال، إحالة جرائم معينة إلى محاكم خاصة، إلا أن هذا لا يسلب المحاكم العادية ولايتها بالفصل فى تلك الجرائم ما دام أن القانون الخاص لم يرد به أى نص على انفراد المحكمة الخاصة أو الاستثنائية بالاختصاص، يستوى فى ذلك أن تكون الجريمة معاقبا عيها بموجب القانون العام أو بمقتضى قانون خاص، إذ لو أراد الشارع أن يقصر الاختصاص على محكمة معينة ويفردها به لما اعوزه النص على ذلك صراحة على غرار ما جرى عليه فى قوانين عدة منها قانون السلطة القضائية سالف الذكر حين نص فى المادة 83 منه التى ناطت بدوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض "دون غيرها" الفصل فى الطلبات التى يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة بالغاء القرارات الجمهورية والوزارية المتعلقة بشئونهم وفى شأن طلبات التعويض والمنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت وقانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 حين نص فى المادة العاشرة منه على اختصاص محاكم مجلس الدولة "دون غيرها" بالفصل فى المسائل التى حددتها، والقانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الاحداث حين نص فى الفقرة الأولى من المادة التاسعة والعشرين منه على اختصاص محكمة الأحداث "دون غيرها" بالنظر فى أمر الحدث عند اتهامه فى الجرائم وعند تعرضه للانحراف، أما غير الحدث - إذا أسهم فى جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى قانون الأحداث - فإن الشارع وإن جعل لمحكمة الأحداث اختصاصا بنظرها بموجب الفقرة الثانية من المادة التاسعة والعشرين سالف الذكر، إلا أنه لم يفردها بهذا الاختصاص كما فعل فى الفقرة الاولى، وبالتالى لم يسلب المحاكم العادية ولايتها بالفصل فيها، وقد التزم هذا النهج ولم يشذ عنه فى اللجان التى اضفى عليها اختصاصا قضائيا، من ذلك ما نص عليه فى المادة 13 مكررا (1) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالاصلاح الزراعى من تشكيل لجان يكون مهمتها فى حالة المنازعة تحديد ما يجب الاستيلاء عليه من الأراضى الزراعية طبقا لأحكام هذا القانون وأنه "استثناء من حكم المادة 12 من قانون نظام القضاء، يمتنع على المحاكم النظر فى المنازعات المتعلقة بملكية الاطيان المستولى عليها...... " وفى المادة الثالثة من القانون رقم 54 لسنة 1966 بشأن لجان الفصل فى المنازعات الزراعية من اختصاصها بنظر المنازعات الناشئة عن العلاقة الايجارية فى الأرضى الزراعية وغيرها وبوجه خاص تختص اللجنة "وحدها " بالفصل فى المسائل الآتية......." وفى الفقرة الثانية من المادة السابعة من القانون ذاته من أنه "يمتنع على المحاكم النظر فى المنازعات التى تدخل فى اختصاص هذه اللجان طبقا للفقرة 2 من المادة 3 وفى المادة الخامسة من القانون رقم 43 لسنة 1982 فى شأن انهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة من اختصاص اللجنة القضائية المنصوص عليها فيها "دون غيرها" بالفصل فى المسائل الواردة فى البنود من الأول إلى الخامس منها، وقد أخذ الدستور بهذا المفهوم عندما نص فى المادة 175 منه على أن تتولى المحكمة الدستورية "دون غيرها" الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح.
2 - لما كانت المحاكم العسكرية المنصوص عليها فى قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 ليست إلا محاكم خاصة ذات اختصاص خاص وأنه وإن ناط بها هذا القانون الاختصاص بنوع معين من الجرائم ومحاكمة فئة خاصة من المتهمين، إلا أنه لم يؤثرها بهذه المحاكمة وذلك الاختصاص أن يحظرهما على المحاكم العادية، إذ لم يرد فيه، ولا فى تشريع آخر، نص على انفراد القضاء العسكرى بالاختصاص على مستوى كافة مراحل الدعوى إبتداء من تحقيقها وإنتهاء بالفصل فيها - إلا فيما يتعلق بالأحداث الخاضعين لأحكامه عملا بنص المادة الثامنة مكررا منه، ولا يقدح فى ذلك ما نصت عليه المادة الرابعة من مواد إصدار ذلك القانون، من سريان أحكامه على جميع الدعاوى الداخلة فى اختصاصه، ما لم تكن قد رفعت إلى الجهات القضائية المختصة، ذلك بأن الشق الأول من النص قد خلا مما يفيد انعقاد الاختصاص بنظر الدعاوى المشار إليها فيه للقضاء العسكرى وحده دون غيره، والشق الثانى منه بعالج الحالة التى تكون فيها هذه الدعاوى قد رفعت بالفعل الى الجهات القضائية المختصة قبل العمل به فى الأول من يونية سنة 1966، فابقى الاختصاص بنظرها معقودا لتلك الجهات دون أن يشاركها فيه القضاء العسكرى. يؤكد هذا النظر أن الشارع عندما أراد أن يعقد الاختصاص بجرائم الأحداث الخاضعين لأحكام قانون الأحكام العسكرية للقضاء العسكرى وحده، فقد نص صراحة فى المادة الثامنة مكررا منه - المضافة بالقانون رقم 72 لسنة 1975 - على أن افراده بذلك الاختصاص انما هو استثناء من احكام القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث، وهو ما يتأدى منه أنه باستثناء ما أشير إليه فى تلك المادة من جرائم تقع من الأحداث الخاضعين لأحكامه وكذلك الجرائم التى تقع من الأحداث الذين تسرى فى شأنهم أحكامه إذا وقعت مع واحد أو اكثر من الخاضعين لأحكامه، فإنه لا يحول بين المحاكم العادية وبين الاختصاص بالفصل فى الجرائم المنصوص عليها فيه، مانع من القانون، ويكون اختصاص القضاء العسكرى بجرائم الاحداث المنصوص عليها فى المادة 8 مكررا سالفة الذكر إنما هو خروج على الأصل العام المقرر بقانون السلطة القضائية، اما من عدا هؤلاء الاحداث وما عدا تلك الجرائم مما اسبغت سائر نصوص قانون الاحكام العسكرية على القضاء العسكرى الفصل فيها، دون أن تفرده بذلك انتزاعا من المحاكم صاحبة الولاية العامة فى القضاء فإنه ليس ثمة ما يحول بين هذه المحاكم وبين الفصل فيها اعمالا لحقها الاصيل، إذ لا محل للقول باختصاص استئثارى للقضاء العسكرى بها، ويكون الاختصاص فى شأنها - بالتعويل على ذلك - مشتركا بين القضاء العسكرى وبين المحاكم، لا يمنع نظر أيهما فيها من نظر الأخرى، إلا أن تحول دون ذلك قوة الأمر المقضى. ولا ينال من هذا النظر، النص فى المادة الثامنة والأربعين من قانون الأحكام العسكرية سالف الذكر على أن "السلطات القضائية العسكرية هى وحدها التى تقرر ما إذا كان الجرم داخلا فى اختصاصها أم لا". ذك أن هذا النص - وأيا كان وجه الرأى فيه - لا يفيد صراحة ولا ضمنا انفراد القضاء العسكرى، وحده بنظر الجرائم المنصوص عليها فى قانون الأحكام العسكرية. ولا يغير من ذلك أن ذينك القضاءين قسيمان فى الاختصاص بالجرائم المنصوص عليها فيه على السياق المتقدم، هذا إلى أن اختصاص الهيئات القضائية - وعلى ما جرى به نص المادة 167 من الدستور - يحدده القانون. لما كان ما تقدم، وكانت النيابة العامة قد رفعت الدعوى الجنائية على الطاعن أمام المحاكم العادية صاحبة الولاية بنظرها، فإن ما يثيره الطاعن من عدم اختصاص المحكمة المطعون فى حكمها بنظر الدعوى يكون على غير سند من القانون متعينا اطراحه.
3 - من المقرر - عملا بمفهوم المادة 42 من الدستور والفقرة الثانية من المادة 302 من قانون الاجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 - أن الاعتراف الذى يعول عليه يتحتم أن يكون اختياريا، وهو لا يعتبر كذلك - ولو كان صادقا - إذا صدر تحت وطأة الاكراه أو التهديد به، كائنا ما كان قدره، وكان الأصل أنه على المحكمة - أن هى رأت التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف أن تبحث الصلة بينه وبين الاكراه المقول بحصوله وأن تنفى هذا الاكراه فى تدليل سائغ، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم، ليس من شأنه اهدار ما تمسك به الطاعن من بطلان اعترافه لصدوره تحت وطأة الاكراه، ذلك بأن تحرير الطاعن الاعتراف بخطه واقراره بصحته فى تحقيق النيابة العامة واعترافه بهذا التحقيق ولدى النظر فى تجديد أمر حبسه وعدم ملاحظة وكيل النيابة وجود إصابات ظاهرة بالطاعن ونفيه له أنه اجبر على الاعتراف وايضاحه كيفية ارتكاب الجريمة، كل ذلك لا ينفى حصول الاكراه، وكان الحكم قد اتخذ من تلك الأسباب سندا للتعويل على اعتراف الطاعن، دون أن يدلل على أن هذا الاعتراف قد صدر منه على إرادة حرة، فإنه يكون فوق فساده فى الاستدلال مشوبا بالقصور فى التسبيب.
4 - إن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة بحيث إذا سقط إحدها أو استبعد تعذر الوقوف على مبلغ الأمر الذى كان لهذا الدليل الباطل فى الرأى الذى اتنهت اليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهى إليه لو أنها تفطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل........ عمدا مع سبق الاصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتله بأن استدرجه بواسطة آخر حسن النية إلى مكان خال بأرض زراعية وما أن ظفر به حتى اطبق بيده على عنقه قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الحالة الاصابية الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته، واحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة، وادعت والدة المجنى عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة والزامه بأن يؤدى للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الاصرار قد شابه البطلان والفساد فى الاستدلال ذلك بأنه صدر من محكمة عادية لا ولاية لها بنظر الدعوى لأن الطاعن رقيب بالقوات المسلحة فينعقد الاختصاص بمحاكمته للقضاء العسكرى إعمالا لقانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966، هذا وقد استند الحكم فى إدانة الطاعن إلى الاعتراف المنسوب له على الرغم من بطلانه لكونه وليد اكراه, وفى ذلك ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المحاكم العادية هى صاحبة الولاية العامة بالفصل فى الجرائم كافة الا ما استثنى بنص خاص عملا بنص الفقرة الأولى من المادة الخامسة عشرة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972, فى حين أن غيرها من المحاكم ليست إلا محاكم استثنائية أو خاصة، وأنه وإن جازت القوانين، فى بعض الأحوال، إحالة جرائم معينة إلى محاكم خاصة، إلا أن هذا لا يسلب المحاكم العادية ولايتها بالفصل فى تلك الجرائم ما دام أن القانون الخاص لم يرد به أى نص على انفراد المحكمة الخاصة أو الاستثنائية بالاختصاص، يستوى فى ذلك أن تكون الجريمة معاقبا عيها بموجب القانون العام أو بمقتضى قانون خاص، إذ لو أراد الشارع أن يقصر الاختصاص على محكمة معينة ويفردها به لما اعوزه النص على ذلك صراحة على غرار ما جرى عليه فى قوانين عدة منها قانون السلطة القضائية سالف الذكر حين نص فى المادة 83 منه التى ناطت بدوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض "دون غيرها" الفصل فى الطلبات التى يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة بالغاء القرارات الجمهورية والوزارية المتعلقة بشئونهم وفى شأن طلبات التعويض والمنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت, وقانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 حين نص فى المادة العاشرة منه على اختصاص محاكم مجلس الدولة "دون غيرها" بالفصل فى المسائل التى حددتها، والقانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث حين نص فى الفقرة الأولى من المادة التاسعة والعشرين منه على اختصاص محكمة الأحداث "دون غيرها" بالنظر فى أمر الحدث عند اتهامه فى الجرائم وعند تعرضه للانحراف أما غير الحدث - إذا أسهم فى جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى قانون الأحداث - فإن الشارع وإن جعل لمحكمة الأحداث اختصاصا بنظرها بموجب الفقرة الثانية من المادة التاسعة والعشرين سالف الذكر، إلا أنه لم يفردها بهذا الاختصاص كما فعل فى الفقرة الاولى، وبالتالى لم يسلب المحاكم العادية ولايتها بالفصل فيها، وقد التزم الشارع هذا النهج ولم يشذ عنه فى اللجان التى أضفى عليها اختصاصا قضائيا، من ذلك ما نص عليه فى المادة 13 مكررا (1) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالاصلاح الزراعى من تشكيل لجان يكون مهمتها فى حالة المنازعة تحديد ما يجب الاستيلاء عليه من الأراضى الزراعية طبقا لأحكام هذا القانون وأنه "استثناء من حكم المادة 12 من قانون نظام القضاء، يمتنع على المحاكم النظر فى المنازعات المتعلقة بملكية الاطيان المستولى عليها......" وفى المادة الثالثة من القانون رقم 54 لسنة 1966 بشأن لجان الفصل فى المنازعات الزراعية من اختصاصها بنظر المنازعات الناشئة عن العلاقة الايجارية فى الأرضى الزراعية وغيرها وبوجه خاص تختص اللجنة "وحدها " بالفصل فى المسائل الآتية......." وفى الفقرة الثانية من المادة السابعة من القانون ذاته من أنه "يمتنع على المحاكم النظر فى المنازعات التى تدخل فى اختصاص هذه اللجان طبقا للفقرة 2 من المادة 3 وفى المادة الخامسة من القانون رقم 43 لسنة 1982 فى شأن انهاء الاحكار على الأعيان الموقوفة من اختصاص اللجنة القضائية المنصوص عليها فيها "دون غيرها" بالفصل فى المسائل الواردة فى البنود من الأول إلى الخامس منها، وقد أخذ الدستور بهذا المفهوم عندما نص فى المادة 175 منه على أن تتولى المحكمة الدستورية "دون غيرها" الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح. لما كان ذلك، وكانت المحاكم العسكرية المنصوص عليها فى قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 ليست إلا محاكم خاصة ذات اختصاص خاص، وأنه وإن ناط بها هذا القانون الاختصاص بنوع معين من الجرائم ومحاكمة فئة خاصة من المتهمين، إلا أنه لم يؤثرها بهذه المحاكمة وذلك الاختصاص أن يحظرهما على المحاكم العادية، إذ لم يرد فيه، ولا فى تشريع آخر، نص على انفراد القضاء العسكرى بالاختصاص على مستوى كافة مراحل الدعوى إبتداء من تحقيقها وإنتهاء بالفصل فيها - إلا فيما يتعلق بالأحداث الخاضعين لأحكامه عملا بنص المادة الثامنة مكررا منه. ولا يقدح فى ذلك ما نصت عليه المادة الرابعة من مواد إصدار ذلك القانون، من سريان أحكامه على جميع الدعاوى الداخلة فى اختصاصه، ما لم تكن قد رفعت إلى الجهات القضائية المختصة، ذلك بأن الشق الأول من النص قد خلا مما يفيد انعقاد الاختصاص بنظر الدعاوى المشار إليها فيه للقضاء العسكرى وحده دون غيره، والشق الثانى منه يعالج الحالة التى تكون فيها هذه الدعاوى قد رفعت بالفعل الى الجهات القضائية المختصة قبل العمل به فى الأول من يونية سنة 1966، فأبقى الاختصاص بنظرها معقودا لتلك الجهات دون أن يشاركها فيه القضاء العسكرى, يؤكد هذا النظر أن الشارع عندما أراد أن يعقد الاختصاص بجرائم الأحداث الخاضعين لأحكام قانون الأحكام العسكرية للقضاء العسكرى وحده، فقد نص صراحة فى المادة الثامنة مكررا منه - المضافة بالقانون رقم 72 لسنة 1975 - على أن افراده بذلك الاختصاص إنما هو استثناء من أحكام القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث، وهو ما يتأدى منه أنه باستثناء ما أشير إليه فى تلك المادة من جرائم تقع من الأحداث الخاضعين لأحكامه وكذلك الجرائم التى تقع من الأحداث الذين تسرى فى شأنهم أحكامه إذا وقعت مع واحد أو أكثر من الخاضعين لأحكامه، فإنه لا يحول بين المحاكم العادية وبين الاختصاص بالفصل فى الجرائم المنصوص عليها فيه، مانع من القانون، ويكون اختصاص القضاء العسكرى بجرائم الأحداث المنصوص عليها فى المادة 8 مكررا سالفة الذكر إنما هو خروج على الأصل العام المقرر بقانون السلطة القضائية، أما من عدا هؤلاء الأحداث وما عدا تلك الجرائم مما اسبغت سائر نصوص قانون الأحكام العسكرية على القضاء العسكرى الفصل فيها، دون أن تفرده بذلك انتزاعا من المحاكم صاحبة الولاية العامة فى القضاء فإنه ليس ثمة ما يحول بين هذه المحاكم وبين الفصل فيها اعمالا لحقها الأصيل، إذ لا محل للقول باختصاص استئثارى للقضاء العسكرى بها، ويكون الاختصاص فى شأنها - بالتعويل على ذلك - مشتركا بين القضاء العسكرى وبين المحاكم، لا يمنع نظر أيهما فيها من نظر الأخرى، إلا أن تحول دون ذلك قوة الأمر المقضى. ولا ينال من هذا النظر، النص فى المادة الثامنة والأربعين من قانون الأحكام العسكرية سالف الذكر على أن "السلطات القضائية العسكرية هى وحدها التى تقرر ما إذا كان الجرم داخلا فى اختصاصها أم لا". ذك أن هذا النص - وأيا كان وجه الرأى فيه - لا يفيد صراحة ولا ضمنا انفراد القضاء العسكرى، وحده بنظر الجرائم المنصوص عليها فى قانون الأحكام العسكرية. ولا يغير من ذلك أن ذينك القضاءين قسيمان فى الاختصاص بالجرائم المنصوص عليها فيه على السياق المتقدم، هذا إلى أن اختصاص الهيئات القضائية - وعلى ما جرى به نص المادة 167 من الدستور - يحدده القانون. لما كان ما تقدم، وكانت النيابة العامة قد رفعت الدعوى الجنائية على الطاعن أمام المحاكم العادية صاحبة الولاية بنظرها، فإن ما يثيره الطاعن من عدم اختصاص المحكمة المطعون فى حكمها بنظر الدعوى يكون على غير سند من القانون متعينا اطراحه. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قرر أن اعترافه بتحقيق النيابة العامة كان وليد الاكراه الواقع عليه من رجال الشرطة وأن اعترافه لدى النظر فى أمر تجديد حبسه مرده إن مجهولين كانوا يهددونه بالقتل، كما تمسك المدافع عن الطاعن بأن اعترافه أمام الشرطة كان نتيجة لما وقع عليه من تعذيب وخوفا على أهله الذين قبض علهم رجال الشرطة وهددوهم بالتعذيب ما لم يعترف الطاعن. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه، الذى استند فى إدانة الطاعن - ضمن ما استند إليه - إلى الاعتراف المسند اليه، أنه حصل دفاع الطاعن بأن اعترافه كان وليد الاكراه وبعد أن عرض لحق محكمة الموضوع فى تقدير صحة الاعتراف، اطرح الدفاع سالف الاشارة بقوله "لما كان ذلك، وكان المتهم هو بنفسه الذى تقدم لقائد وحدته العسكرية بخطاب حرره بخط يده وأقر بصحته فى تحقيقات النيابة العامة أقر فيه بارتكابه الحادث كما أنه اعترف بجرمه تفصيلا بتحقيقات النيابة العامة وأورى كيف قام بارتكابه وقد ناظره وكيل النيابة المحقق فلم يجديه ثمة اصابات كما حرص على أن يسأله عما إذا كان قد اجبر على الادلاء باعترافه فنفى ذلك، كما اعترف بجلسة نظر المعارضة فى امر حبسه على ما اسلفنا بارتكاب الحادث، كل ذلك تطمئن المحكمة معه إلى صدق اعتراف المتهم بارتكاب الحادث وصحة هذا الاعتراف وأنه جاء من المتهم عن طواعية راضيا وغير مشوب بعيب الاكراه مادى أو معنوى وتطمئن المحكمة الى مطابقته للحقيقة....". لما كان ذلك، وكان من المقرر - عملا بمفهوم المادة 42 من الدستور والفقرة الثانية من المادة 302 من قانون الاجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 - أن الاعتراف الذى يعول عليه يتحتم أن يكون اختياريا، وهو لا يعتبر كذلك - ولو كان صادقا - إذا صدر تحت وطأة الاكراه أو التهديد به، كائنا ما كان قدره، وكان الأصل أنه على المحكمة - أن هى رأت التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف أن تبحث الصلة بينه وبين الاكراه المقول بحصوله وأن تنفى هذا الاكراه فى تدليل سائغ، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم، ليس من شأنه اهدار ما تمسك به الطاعن من بطلان اعترافه لصدوره تحت وطأة الاكراه، ذلك بأن تحرير الطاعن الاعتراف بخطه واقراره بصحته فى تحقيق النيابة العامة واعترافه بهذا التحقيق ولدى النظر فى تجديد أمر حبسه وعدم ملاحظة وكيل النيابة وجود إصابات ظاهرة بالطاعن ونفيه له أنه أجبر على الاعتراف وايضاحه كيفية ارتكاب الجريمة، كل ذلك لا ينفى حصول الاكراه، وكان الحكم قد اتخذ من تلك الأسباب سندا للتعويل على اعتراف الطاعن، دون أن يدلل على أن هذا الاعتراف قد صدر منه على إرادة حرة، فإنه يكون فوق فساده فى الاستدلال مشوبا بالقصور فى التسبيب. ولا يغنى فى ذلك ما قام عليه الحكم من أدلة اخرى لما هو مقرر من أن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة بحيث إذا سقط إحدها أو استبعد تعذر الوقوف على مبلغ الأثر الذى كان لهذا الدليل الباطل فى الرأى الذى انتهت اليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهى إليه لو أنها تفطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والاعادة وذلك دون حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن، مع الزام المطعون ضدها - المدعية بالحقوق المدنية - المصاريف المدنية.