أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 519

جلسة 11 من مارس سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوى يوسف وعادل عبد الحميد نائبى رئيس المحكمة والبشرى الشوربجى وشعبان عبد الله.

(86)
الطعن رقم 11226 لسنة 59 القضائية

(1) جمارك. تفتيش "التفتيش بغير إذن". بطلان "تلبس. مأمورو الضبط القضائى "سلطاتهم". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "اسباب الطعن. ما لا يقبل منها". تهريب جمركى.
شروط توافر حالة التلبس ؟
تقدير توافر حالة التلبس. موضوعى. حد ذلك ؟
(2) جمارك. تهريب جمركى. محكمة استئنافية. اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة الاستئنافية متى كونت عقيدتها ببراءة المتهم. بالرد على أسباب الحكم المستأنف أو أدلة الاتهام.
(3) تفتيش. قبض. دستور.
العدالة. لا يضيرها إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم دون وجه حق.
الحرية الشخصية. حق كفله الدستور. مؤدى ذلك ؟
(4) جمارك. قانون "تفسيره" تفتيش "التفتيش الإدارى". مأمورو الضبط القضائى. دستور.
قيام سلطات الجمارك بمعاينة البضائع وأمتعة المسافرين. تفتيش إدارى. خروجه من نطاق التفتيش المحدد فى المادة 41 من الدستور.
قصر قانون الجمارك إجراء التفتيش الادارى على موظفى الجمارك. مفاده ؟
(5) قبض. تفتيش "التفتيش بغير إذن". مأمورو الضبط القضائى. تلبس. قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز القبض على المتهم وتفتيشه بغير أمر قضائى. المادتان 34، 46 إجراءات. حد ذلك ؟
(6) استئناف "نطاقه" "نظره والحكم فيه". محكمة استئنافية. نقض "حالات الطعن. الخطأ فى تطبيق القانون".
تقيد المحكمة الاستئنافية بالوقائع المطروحة على محكمة أول درجة وفصلت فيها. مخالفة ذلك. خطأ فى تطبيق القانون. يوجب تصحيحه. أساس ذلك ؟
مثال.
1 - من المقرر أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائى من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو بمشاهدة أثر من أثارها ينبئ عن وقوعها أو بإدراكها بحاسة من حواسة وأن القول بتوافر حالة التلبس أو انتفائها هو من مسائل الواقع التى تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد اقامت قضاءها على أسباب سائغة.
2 - من المقرر أنه ليس على المحكمة الاستئنافية متى كونت عقيدتها ببراءة المتهم بعد الحكم ابتدائيا بادانته أن تلتزم بالرد على كل أسباب الحكم المستأنف أو كل دليل من أدلة الاتهام ما دام قضاؤها قد بنى على أساس سليم هذا فضلا عن أن الثابت من الحكم المطعون فيه أن المحكمة الاستئنافية قضت ببراءة المطعون ضده ببطلان القبض عليه وتفتيشه لوقوعها بغير إذن قضائى وفى غير حالة التلبس وهو إجراء لا يلزم معه تعرض الحكم للأسباب الموضوعية التى أوردها الحكم المستأنف، الأمر الذى يقطع بأن المحكمة قد أحاطت بظروف الدعوى عن بصر وبصيرة ومحصت أدلتها مما يعصم الحكم المطعون فيه من قالة القصور فى التسبيب.
3 - من المقرر أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بغيروجه حق وكان الدستور قد كفل هذه الحريات باعتبارها أقدس الحقوق الطبيعية للانسان بما نص عليه فى المادة 41 منه من أن الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الامر من القاضى المختص أو النيابة العامة وفقا لأحكام القانون.
4 - من المقرر أن ما تجريه سلطات الجمارك من معاينة البضائع وأمتعة المسافرين هو نوع من التفتيش الإدارى الذى يخرج عن نطاق التفتيش بمعناه الصحيح الذى عناه الشارع فى المادة 41 سالف البيان، وكان قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 قد قصر حق إجراء هذا النوع الخاص من التفتيش على موظفى الجمارك، فإن مفاد ذلك أن يبقى سائر مأمورى الضبط القضائى فيما يجرونه من قبض وتفتيش داخل الدائرة الجمركية خاضعين للأحكام العامة المقررة فى هذا الشأن فى الدستور وقانون الاجراءات الجنائية.
5 - لما كانت المادة 34 من قانون الاجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 - لا تجيز لمأمور الضبط القضائى القبض على المتهم وتفتيشه بغير أمر قضائى إعمالا للمادة 46 من القانون ذاته إلا فى أحوال التلبس وبالشروط المنصوص عليها فيها، وإذ كان الحكم المطعون فيه - فيما قضى به من بطلان القبض على المطعون ضده وتفتيشه - قد التزم هذا النظر استنادا إلى عدم توافر حالة التلبس على النحو سالف البيان فإنه يكون قد طبق القانون على وجه صحيح وأصاب محجة الصواب بما يضحى منعى الطاعنة فى هذا الشأن غير سديد.
6 - من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إنما تتصل بالدعوى مقيدة بالوقائع التى طرحت أمام محكمة أول درجة وفصلت فيها. وإذ قضى الحكم المطعون فيه برد المبلغ النقدى المضبوط فإنه يكون قد فصل فى واقعة لم تكن مطروحة على محكمة أول درجة ولم تفصل فيها بما يعيبه بالخطأ فى تطبيق القانون فى هذا الشق منه مما يتعين نقضه نقضا جزئيا وتصحيحه بالغاء ما قضى به من رد المبلغ سالف الذكر عملا بالمادة 39 من القانون رقم 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: أولا: شرع فى تهريب السبيكة الذهبية المبينة الوصف والقيمة بالأوراق إلى خارج البلاد بأن أخفاها عن أعين السلطات الجمركية بقصد التهريب من آداء الرسوم المستحقة عليها وخاب اثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه والجريمة متلبس بها. ثانيا: شرع فى تصدير السبيكة الذهبية المبينة الوصف والقيمة بالأوراق على خلاف الشروط المقررة. وطلبت عقابه بالمواد 5، 13، 15، 28، 43، 121، 124، 124 مكررا من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 ولائحته التنفيذية وقراراته الوزارية والمادتين 9، 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 والمادة 42 من اللائحة التنفيذية والمواد 4، 15، 16، من القانون رقم 118 لسنة 1975 الخاص بالاستيراد والتصدير والمادة 42 من القرار رقم 1036 لسنة 1978 والمادتين 45، 47 من قانون العقوبات. محكمة جنح الشئون المالية بالقاهرة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم سنتين مع الشغل وكفالة خسمين جنيها وتغريمه الف جنيه والزامه بدفع مبلغ 950 مليما و4447 جنيها تعويضا لمصلحة الجمارك ومصادرة المضبوطات. استأنف، ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المتسأنف والقضاء ببطلان القبض والتفتيش وبراءة المتهم مما اسند اليه ورد المضبوطات.
فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببطلان القبض والتفتيش والغاء الحكم المتسأنف وببراءة المطعون ضده من تهمتى الشروع فى تهريب سبيكة ذهبية إلى خارج البلاد والشروع فى تصديرها على خلاف الشروط المقررة, قد شابه القصور فى التسبيب وانطوى على خطأ فى تطيبق القانون، ذلك بأنه لم يعرض لواقعة الضبط وما إذا كانت تعتبر إحدى حالات التلبس المنصوص عليها فى المادة 30 من قانون الاجراءات الجنائية بما ينبئ عن عدم احاطة المحكمة بظروف الدعوى وتمحيص أدلتها، ولم يتعرض للأسباب التى بنى عليها الحكم الابتدائى إدانة المطعون ضده، كما أقام قضاءه ببطلان القبض والتفتيش على وجوب تقيد مأمورى الضبط القضائى بميناء القاهرة الجوى فيما يقومون به من إجراءات القبض والتفتيش داخل نطاق الدائرة الجمركية بالقيود والضوابط المنصوص عليها فى قانون الاجراءات الجنائية دون أن يعرض للحق المخول لهم من ضبط وتفتيش الأشخاص الذين يدخلون تلك الدائرة أو يغادرونها عند قيام مظنة التهريب فى حقهم، ولم يتقيد الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رد المبلغ النقدى المضبوط بالوقائع التى طرحت على محكمة أول درجة وفصل فيها الحكم الابتدائى، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى وأقام قضاءه بالغاء الحكم المستأنف وببطلان القبض والتفتيش وببراءة المطعون ضده من التهمتين المسندتين إليه فى قوله "وحيث إن وقائع الحكم المستأنف تخلص فيما أثبته محرر محضر الضبط من أنه وردت إليه معلومات من مصدر سرى تفيد اعتزام المتهم السفر إلى الخارج ومعه كمية من النقد المصرى والممنوعات بقصد تهريبها فقام بملاحظته حتى أنهى إجراءات سفره فتقدم منه وقام بتفتيش حقيبته فعثر بالأولى على سبيكة ذهبية والثانية على مبلغ 37 ألف جنيه , تبين له بفحص السبيكة أنها من معدن الذهب المجهول العيار زنتها 493 جراما. وبسؤال المتهم قرر أنه أحضر المضبوطات معه من العراق". وبعد أن أثبت الحكم الدفع ببطلان القبض والتفتيش الذى أبداه الحاضر عن المتهم وأورد فى مجال الرد عليه قاعدة وجوب تقيد مأمورى الضبط القضائى بميناء القاهرة الجوى فيما يقومون به من إجراءات القبض والتفتيش داخل نطاق الدائرة الجمركية بالقيود والضوابط المنصوص عليها فى قانون الاجراءات الجنائية استطرد مقررا، "وحيث إنه لما كان الثابت من محضر الضبط أن من أجرى تفتيش المتهم هو ضابط بقسم البحث الجنائى بميناء القاهرة الجوى، وكان قد أجراه دون إستصدار أمر قضائى ودون قيام حالة من حالات التلبس، ومن ثم فإن ما دفع به المتهم هو قبض ليس له ما يبرره". لما كان ذلك وكان من المقرر أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائى من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو بمشاهدة أثر من أثارها ينبئ عن وقوعها أو بإدراكها بحاسة من حواسة وأن القول بتوافر حالة التلبس أو انتفائها هو من مسائل الواقع التى تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد اقامت قضاءها على أسباب سائغة وكان الحكم المطعون فيه قد سرد واقعة الدعوى على نحو يبين منه أن مأمور الضبط لم يشاهد فى إحدى حالات التلبس ولم يثبت من وقائع الدعوى أن المطعون ضده أتى بمظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن ارتكابه الجريمتين المسندتين اليه فإن قضاءه ببطلان التفتيش الواقع على المطعون ضده يكون سديدا ومتفقا مع القانون. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه ليس على المحكمة الاستئنافية متى كونت عقيدتها ببراءة المتهم بعد الحكم ابتدائيا بادانته أن تلتزم بالرد على كل أسباب الحكم المستأنف أو كل دليل من أدلة الاتهام ما دام قضاؤها قد بنى على أساس سليم هذا فضلا عن أن الثابت من الحكم المطعون فيه أن المحكمة الاستئنافية قضت ببراءة المطعون ضده ببطلان القبض عليه وتفتيشه لوقوعها بغير إذن قضائى وفى غير حالة التلبس وهو إجراء لا يلزم معه تعرض الحكم للأسباب الموضوعية التى أوردها الحكم المستأنف، الأمر الذى يقطع بأن المحكمة قد أحاطت بظروف الدعوى عن بصر وبصيرة ومحصت أدلتها مما يعصم الحكم المطعون فيه من قالة القصور فى التسبيب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بغير وجه حق وكان الدستور قد كفل هذه الحريات باعتبارها أقدس الحقوق الطبيعية للانسان بما نص عليه فى المادة 41 منه من أن الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس. وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الامر من القاضى المختص أو النيابة العامة وفقا لأحكام القانون وكان من المقرر أن ما تجريه سلطات الجمارك من معاينة البضائع وأمتعة المسافرين هو نوع من التفتيش الإدارى الذى يخرج عن نطاق التفتيش بمعناه الصحيح الذى عناه الشارع فى المادة 41 سالف البيان، وكان قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 قد قصر حق إجراء هذا النوع الخاص من التفتيش على موظفى الجمارك، فإن مفاد ذلك أن يبقى سائر مأمورى الضبط القضائى فيما يجرونه من قبض وتفتيش داخل الدائرة الجمركية خاضعين للأحكام العامة المقررة فى هذا الشأن فى الدستور وقانون الاجراءات الجنائية. وكانت المادة 34 من قانون الاجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 - لا تجيز لمأمور الضبط القضائى القبض على المتهم وتفتيشه بغير أمر قضائى إعمالا للمادة 46 من القانون ذاته إلا فى أحوال التلبس وبالشروط المنصوص عليها فيها، وإذ كان الحكم المطعون فيه - فيما قضى به من بطلان القبض على المطعون ضده وتفتيشه - قد التزم هذا النظر استنادا إلى عدم توافر حالة التلبس على النحو سالف البيان فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه صحيح وأصاب محجة الصواب بما يضحى منعى الطاعنة فى هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك وكانت الدعوى الجنائية قد أقيمت على المطعون ضده إبتداء بوصف أنه شرع فى تهريب سبيكة ذهبية إلى خارج البلاد وشرع فى تصدير هذه السبيكة على خلاف الشروط المقررة، وقضت محكمة أول درجة بحبسه عن هاتين التهمتين لمدة سنتين مع الشغل وتغريمه ألف جنيه والزامه بمبلغ 4447.900 جنيها تعويضا لمصلحة الجمارك ومصادرة المضبوطات، فاستأنف المطعون ضده والمحكمة الاستئنافية قضت بالغاء الحكم المستأنف وببراءة مما أسند إليه ورد المضبوطات، وأورد الحكم المطعون فيه بأسبابه أن يتعين رد كافة المضبوطات من نقد مصرى متصالح عنه والسبيكة الذهبية. لما كان ذلك وكان المبلغ النقدى المضبوط - لم ترفع عن واقعة ضبطه الدعوى الجنائية وبالتالى لم تكن مطروحة أمام محكمة أول درجة ولم تفصل فيها وكان من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إنما تتصل بالدعوى مقيدة بالوقائع التى طرحت أمام محكمة أول درجة وفصلت فيها. وإذ قضى الحكم المطعون فيه برد المبلغ النقدى المضبوط فإنه يكون قد فصل فى واقعة لم تكن مطروحة على محكمة أول درجة ولم تفصل فيها بما يعيبه بالخطأ فى تطبيق القانون فى هذا الشق منه مما يتعين نقضه نقضا جزئيا وتصحيحه بالغاء ما قضى به من رد المبلغ سالف الذكر عملا بالمادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.