أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة الثامنة والعشرون – صـ 921

جلسة 7 من نوفمبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الواحد الديب، وصلاح الدين الرشيدي، وأحمد رفعت خفاجي، وإسماعيل محمود حفيظ.

(192)
الطعن رقم 651 لسنة 47 القضائية

(1 و2) إجراءات. "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. في ما لا يوفره".
(1) مواجهة المتهم بالتهمة واجب أمام محكمة أول درجة فحسب.
(2) سؤال المتهم عن التهمة إجراء تنظيمي. لا يترتب البطلان على إغفاله.
(3) محكمة استئنافية. "إجراءات نظرها الدعوى والحكم فيها". إجراءات. "إجراءات المحاكمة". محضر جلسة. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تمسك الطاعن ببطلان إجراء غير متعلق به. غير جائز.
(4) محضر الجلسة. إجراءات. "إجراءات المحاكمة". حكم. "وضعه والتوقيع عليه وإصداره". تزوير. "الادعاء بالتزوير".
الأصل في الإجراءات إنها قد روعيت. جحد ما أثبته الحكم من تمام إجراء. عدم جوازه إلا بالطعن بالتزوير.
(5) محضر الجلسة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "بطلان الحكم". بطلان.
خلو محضر الجلسة من إثبات الدفاع. كاملاً. لا يعيب الحكم. طالما لم يتمسك بإثباته في محضر الجلسة.
(6) حكم "وضعه والتوقيع عليه وإصداره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحرير الحكم على نموذج مطبوع. لا يبطله. متى استوفى مقوماته قانوناً.
(7) مسئولية جنائية. قتل خطأ. إصابة خطأ. إثبات. "بوجه عام".
السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية في جريمتي القتل والإصابة. الخطأ. هي التي تجاوز الحد الذي تقتضيه ملابسات الحل. تقدير ذلك. موضوعي.
(8) خطأ. مسئولية مدنية. مسئولية جنائية. إثبات. "بوجه عام".
تقدير الخطأ المستوجب مسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً. موضوعي.
(9) خطأ. ضرر. رابطة سببية. إثبات. "بوجه عام". "قرائن". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية توافر السببية بين الخطأ والضرر باستخلاص المحكمة من واقع الدعوى أنه لولا الخطأ المرتكب ما وقع الضرر.
(10) محكمة استئنافية. "نظرها الدعوى والحكم فيها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "بيانات التسبيب".
كفاية إبراز الحكم الابتدائي المؤيد استئنافياً مكان وزمان وقوع الجريمة.
(11) محضر الجلسة. محكمة استئنافية. "نظرها الدعوى والحكم فيها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير جائز.
1 - من المقرر أن سؤال المتهم عن تهمته ليس واجباً إلا أمام محكمة أول درجة أما لدى الاستئناف فالقانون لم يوجب هذا السؤال.
2 - إن ما يتطلبه القانون من سؤال المحكمة للمتهم عن الفعل المسند إليه هو من الإجراءات التنظيمية التي لا يترتب البطلان على إغفالها.
3 - إن ما يثيره الطاعن من خلو محاضر جلسات محكمة ثاني درجة من إثبات حضور المدعي بالحقوق المدنية، مردود بأنه ما دام هذا الإجراء يتعلق بغيره، فإنه لا يجوز له الطعن ببطلان ذلك الإجراء إذ أن الطعن بالنقض لبطلان الإجراءات التي بني عليها الحكم لا يقبل ممن لا شأن له بهذا البطلان.
4 - من المقرر أن ورقة الحكم تعتبر متممة لمحضر الجلسة في شأن إثبات إجراءات المحاكمة، وكان الأصل في الإجراءات أنها روعيت، فلا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبته الحكم من تلاوة تقرير التلخيص إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله.
5 - المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً، إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر. كما أن عليه أن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة، وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك، وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم، وإلا لم تجز محاجته من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيره فيما كان يتعين عليه تسجيله.
6 - إن تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضي بطلانه، وما دام الثابت أن الحكم المطعون فيه قد استوفى أوضاعه الشكلية والبيانات الجوهرية التي نص عليها القانون، فإن نعي الطاعن على الحكم بهذا السبب لا يكون مقبولاً.
7 - من المقرر أن السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية في جريمتي القتل والإصابة الخطأ ليست لها حدود ثابتة وإنما هي التي تجاوز الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه فيتسبب عن هذا التجاوز الموت أو الجرح وأن تقدير ما إذا كانت سرعة السيارة في ظروف معينه تعد عنصراً من عناصر الخطأ أو لا تعد مسألة موضوعية يرجع الفصل فيها لمحكمة الموضوع وحدها.
8 - تقدير الخطأ المستوجب مسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى ولا يقبل المجادلة فيه أمام النقض.
9 - من المقرر تقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق، وأن يكفي لتوافر رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الواقع أن تستخلص المحكمة من واقع الدعوى أنه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه يتوافر به الخطأ في حق الطاعن وتتحقق به رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين النتيجة وهي وفاة بعض المجني عليهم وإصابة الآخرين، فيكون ما خلص إليه الحكم في هذا الشأن سديداً.
10 - إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من أنه لم يكشف عن مكان وزمان وقوع الجريمة مردود بما أورده الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه في صدر بيانه لواقعة الدعوى حين ذكر تاريخ الحادث وساعته وتحديد مكان وقوعه.
11 - لما كان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر أمام المحكمة دفاعه القائم على انتفاء عنصر السرعة أثناء قيادته السيارة على ما أورده بوجه طعنه، وكان من المقرر أنه لا يقبل من المتهم أن يطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يبدأ أمامها. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه (أولاً) تسبب خطأ في موت....... و......... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته القوانين والقرارات واللوائح بأن قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر ولم يلتزم الجانب الأيمن من الطريق فاصطدم بالسيارة القادمة من الاتجاه المضاد التي كان يستقلها المجني عليهما فأحدث إصابتهما الموصوفة بالتقرير الطبي التي أودت بحياتها. (ثانياً) تسبب خطأ في جرح....... و...... و....... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته للقوانين والقرارات واللوائح بأن قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر ولم يلتزم الجانب الأيمن عن الطريق فاصطدم بالسيارة القادمة من الاتجاه المضاد والتي كان يستقلها المجني عليهم وأحدث إصاباتهم الموصوفة بالتقرير الطبي. (ثالثاً) لم يلتزم الجانب الأيمن من الطريق أثناء سيره بالسيارة. (رابعاً) قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر وطلبت عقابه بالمادتين 238/ 1 و244/ 1 من قانون العقوبات والمواد 2 و3 و4 و74 و77 من القانون رقم 66 لسنة 1973 والمادة 2 من القرار رقم 291 لسنة 1974 وادعى كل من ورثة المرحوم...... و....... مدنياً بمبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية. ومحكمة القناطر الخيرية الجزئية قضت في الدعوى غيابياً عملاً بمواد الاتهام (أولاً) بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة 20 ج لإيقاف التنفيذ وذلك عما نسب إليه بلا مصاريف جنائية. (ثانياً) بإلزام المدعى عليه والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين بأن يدفعا للمدعين ورثة المرحوم........ مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت مع إلزامهما بالمصاريف ومبلغ جنيهان مقابل أتعاب المحاماة. (ثالثاً) بإلزام المدعى عليه والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين بأن يدفعا للمدعين....... مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت مع إلزامهما بالمصاريف ومبلغ جنيهان مقابل أتعاب المحاماة. فعارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم الغيابي المعارض فيه إلى حبس المتهم سنتين مع الشغل وكفالة 10 ج لإيقاف التنفيذ وتأييده فيما عدا ذلك بلا مصاريف جنائية، فاستأنف المحكوم عليه الحكم، ومحكمة بنها الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل والإصابة الخطأ المسندتين إليه قد شابه البطلان والقصور في التسبيب، ذلك أن محكمة ثاني درجة لم تواجه الطاعن بالتهمة المسندة إليه، وخلت محاضر جلساتها من إثبات حضور المدعي بالحقوق المدنية، وتلاوة تقرير التلخيص، ودفاع الطاعن خلافاً للثابت في ورقة الحكم التي حررت على نموذج مما ينبئ على أن محاكمته أمام هذه المحكمة كانت محاكمته شكلية – كما اعتنق الحكم أسباب محكمة أول درجة التي خلت من استظهار رابطة السببية بين خطأ الطاعن والضرر الذي أصاب المجني عليهم ولا بين إصاباتهم والوفاة. دون أن ينشئ لقضائه أسباباً جديدة. هذا فضلاً عن أن الحكم لم يكشف عن مكان وزمان الحادث، كما التفت عما أثاره الدفاع بشأن انتفاء عنصر السرعة لعدم وجود آثار فرامل في الطريق، ولم يعرض له إيراداً أو رداً.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي القتل والإصابة الخطأ التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها استمدها من أقوال شهود الإثبات وما دلت عليه المعاينة والتقارير الطبية الخاصة بالمجني عليهم في جريمة الإصابة الخطأ، وبما جاء بإشارة مستشفى القناطر الخيرية المركزي نتيجة التقرير الطبي الموقع على المجني عليه...... وسبب وفاته، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سؤال المتهم عن تهمته ليس واجباً إلا أمام محكمة أول درجة، أما لدى الاستئناف فالقانون لم يوجب هذا السؤال. كما أن ما يتطلبه القانون من سؤال المحكمة للمتهم عن الفعل المسند إليه هو من الإجراءات التنظيمية التي لا يترتب البطلان على إغفالها. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في شأن خلو محاضر جلسات محكمة ثاني درجة من إثبات حضور المدعي بالحقوق المدنية، مردوداً بأنه ما دام هذا الإجراء يتعلق بغيره، فإنه لا يجوز له الطعن ببطلان ذلك الإجراء إذ أن الطعن بالنقض لبطلان الإجراءات التي بني عليها الحكم لا يقبل ممن لا شأن له بهذا البطلان. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن من خلو محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية من إثبات تلاوة تقرير التلخيص، فإنه لما كان يبين من مطالعة الحكم المطعون أنه أثبت تلاوة تقرير التلخيص، وكان من المقرر أن ورقة الحكم تعتبر متممة لمحضر الجلسة في شأن إثبات إجراءات المحاكمة، وكان الأصل في الإجراءات أنها روعيت، فلا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبته الحكم من هذه تمام هذا الإجراء إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من خلو محاضر جلسات المحاكمة من إثبات طلباته فإنه لما كان الطاعن لا يدعي بأن المحكمة قد منعت الدفاع عنه من مباشرة حقه، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً، إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر. كما أن عليه أن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة، وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك، وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم، وإلا لم تجز المحاجة من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيره فيما كان يتعين عليه تسجيله – لما كان ذلك، وكان تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضي بطلانه، وما دام الثابت أن الحكم المطعون فيه قد استوفى أوضاعه الشكلية والبيانات الجوهرية التي نص عليها القانون، فإن نعي الطاعن على الحكم بهذا السبب لا يكون مقبولاً.
لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه في نطاق سلطته التقديرية، وفي منطق سائغ وتدليل مقبول قد استخلص – من ظروف الواقعة وعناصرها – ثبوت نسبة الخطأ إلى الطاعن واستظهر رابطة السببية بين هذا الخطأ والضرر الواقع بوفاة المجني عليه......... وإصابة الآخرين نتيجة لذلك الخطأ، من انطلاق الطاعن بالسيارة قيادته وسط الطريق ولم يلزم الجانب الأيمن منه محاولاً تخطي العربة التي كانت تسير بجانبه من الجهه اليمنى دون أن تسمح له حال الطريق بذلك، إذ كان يتعين عليه وهو المخطئ أن يهدئ من سرعته حتى يفسح الطريق للسيارة التي كانت تسير إلى جانبه الأيمن ثم يتابع سيره من خلفها إلا أنه تابع سيره بسرعة تجاوز الحد الذي تقتضيه ظروف الطريق ومكانه فاصطدم بالسيارة القادمة من الاتجاه المضاد والتي كان يستقلها المجني عليهم فأحدث بهم الإصابات المبينة بالتقارير الطبية التي أودت بحياة بعضهم وجرح الآخرين – وكان هذا الذي استخلصه مستمداً مما له أصل ثابت في الأوراق وليس محل جدل من الطاعن، وهي أقوال المجني عليهم وشهود الإثبات ومما دلت عليه المعاينة ومن أقوال الطاعن ذاته من أنه كان يقود سيارة النقل في وسط الطريق وكانت توجد عربة نقل صندوق (كارو) واقفة أمامه ثم فوجئ بسيارة نقل أخرى تسير على يمينه فحاول تخطيها وانحرف يساراً ففوجئ بالسيارة الأجرة واصطدم بها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية في جريمتي القتل والإصابة الخطأ ليست لها حدود ثابتة وإنما هي التي تجاوز الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه فيتسبب عن هذا التجاوز الموت أو الجرح وكان تقدير ما إذا كانت سرعة السيارة في ظروف معينه تعد عنصراً من عناصر الخطأ أو لا تعد مسألة موضوعية يرجع الفصل فيها لمحكمة الموضوع وحدها. وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى ولا يقبل المجادلة فيه أمام محكمة النقض. وكان تقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق، وكان يكفي لتوافر رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الواقع أن تستخلص المحكمة من واقع الدعوى أنه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه يتوافر به الخطأ في حق الطاعن وتتحقق به رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين النتيجة وهي وفاة المجني عليهم وإصابة الآخرين، فيكون ما خلص إليه الحكم في هذا الشأن سديداً، ويكون ما يثيره الطاعن غير ذي محل. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه لم يكشف عن مكان وزمان وقوع الجريمة فمردود بما أورده الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه في صدر بيانه لواقعة الدعوى حين ذكر تاريخ الحادث 30 من أكتوبر سنة 1974 وساعته العاشرة والنصف وحدد مكان وقوعه بالطريق الزراعي الموصل بين بلدتي "باسوس" "أبو الغيط" بدائرة مركز "القناطر الخيرية" لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر أمام المحكمة دفاعه القائم على انتفاء عنصر السرعة أثناء قيادته السيارة على ما أورده بوجه طعنه، وكان من المقرر أنه لا يقبل من المتهم أن يطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يبد أمامها. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.