أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 546

جلسة 22 من مارس سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل وعمار ابراهيم واحمد جمال عبد اللطيف ومحمد حسين مصطفى.

(92)
الطعن رقم 24530 لسنة 59 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. ايداعها".
التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به. تقديم الأسباب التى بنى عليها فى الميعاد. شرطا لقبوله.
التقرير بالطعن وتقديم الأسباب التى بنى عليها يكونان وحدة اجرائية لا يقوم فيها احدهما مقام الاخر ولا يغنى عنه.
التقرير بالطعن دون تقديم أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن شكلا.
(2) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
وجوب بناء الاحكام على الأدلة التى يقتنع منها القاضى بادانة المتهم أو ببراءته.
عدم جواز ادخال القاضى فى تكوين عقيدته حكما لسواه.
(3) إثبات "بوجه عام" "قرائن". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التحريات بمجردها لا تصلح أن تكون دليلا كافيا أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام هى لا تعدو أن تكون مجرد رأى لصاحبها يحتمل الصدق والكذب. حتى يعرف مصدرها. علة ذلك ؟
اتخاذ الحكم التحريات دليلا اساسيا على ثبوت الاتهام دون الاشارة إلى مصدرها ودون ايراد أدلة أو قرائن تساندها. قصور.
(4) اثبات "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "أثر الطعن".
التقارير الطبية. لا تنهض فى ذاتها دليلا على نسبة الاتهام الى المتهم. صلاحيتها كدليل يؤيد أقوال الشهود.
اتصال وجه الطعن بمحكوم عليه لم يقبل طعنه شكلا. أثره. امتداد الطعن اليه.
1 - لما كان المحكوم عليه الاول وأن قرر بالطعن بالنقض فى الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابا لطعنه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التقرير بالطعن بالنقض فى الحكم هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله، وكان التقرير بالطعن وتقديم الأسباب التى بنى عليها يكونان معا وحدة اجرائية لا يقوم فيها احدهما مقام الاخر ولا يغنى عنه، ومن ثم فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلا.
2 - من المقرر أن الاحكام يجب أن تبنى على الأدلة التى يقتنع منها القاضى بادانة المتهم أو ببراءته، صادرا فى ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من تحقيق، مستقلا فى تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره، ولا يصح فى القانون أن يدخل فى تكوين عقيدته بصحة الواقعة التى اقام عليها قضاءه أو بعدم صحتها، حكما لسواه.
3 - من المقرر أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعول فى تكوين عقيدتها على التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من ادلة، الا أنها لا تصلح بمجردها أن تكون دليلا كافيا بذاته أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام، وهى من بعد لا تعدو أن تكون مجرد رأى لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب، الى أن يعرف مصدرها ويتحدد، حتى يتحقق القاضى بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته القانونية فى الاثبات. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه، أن المحكمة قد اتخذت من التحريات دليلا اساسيا فى ثبوت الاتهام، دون أن تورد من الأدلة والقرائن ما يساندها، كما أنها لم تنشر فى حكمها الى مصدر التحريات تلك على نحو تمكنت معه من تحديده والتحقق من ثم صدق ما نقل عنه، فإن حكمها يكون قد تعيب بالفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب بما يبطله.
4 - إن التقارير الطبية فى ذاتها لا تنهض دليلا على نسبة الاتهام الى المتهم وإن كانت تصح كدليل يؤيد أقوال الشهود، ومن ثم فإن استناد الحكم الى التقرير ذاك، لا يغير من حقيقة كونه اعتمد بصفة اساسية على التحريات وحدها، وهى لا تصلح دليلا منفردا فى هذا المجال. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعن الثانى وذلك بغير حاجة الى النظر فى باقى وجوه طعنه، وكذلك للمحكوم عليه الاول..... لاتصال الوجه الذى بنى نقض الحكم به.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من 1 - ........ (طاعن) 2 - ........ 3 - ........ (طاعن) بأنهم: المتهم الاول: قتل...... عمدا بأن دس له مادة مخدرة فى كوب شاى وما أن تناوله حتى فقد وعيه فقام بالقائه بترعة النوبارية فحدثت به الاعراض الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى أودت بحياته وقد ارتكب هذه الجناية بقصد سرقة السيارة المبينة وصفا وقيمة بالتحقيقات المملوكة لـ......... والتى كان يقودها المجنى عليه الامر المنطبق عليه نص المادة 317/ رابعا عقوبات. المتهمان الثانى والثالث: اشتركا بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الاول على ارتكاب الجريمة موضوع التهمة الاولى بأن امداه ببيانات السيارة سالفة الذكر وسلماه الاقراص المخدرة وتسليم السيارة لهما وقد تمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. واحالتهم الى محكمة جنايات دمنهور لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بامر الاحالة. والمحكمة المذكورة قررت حضوريا باحالة الاوراق الى فضيلة مفتى الجمهورية وحددت جلسة....... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضوريا للأول والثالث وغيابيا للثانى عملا بالمواد 40/ 2 - 3، 43، 234/ 1 - 3، 317/ 4 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات. اولا. باجماع الآراء بمعاقبة المتهم الاول بالاعدام شنقا. ثانيا: بمعاقبة المتهم الثالث بالاشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليهما الاول والثالث فى هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة برأيها.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليه الاول وان قرر بالطعن بالنقض فى الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابا لطعنه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التقرير بالطعن بالنقض فى الحكم هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله، وكان التقرير بالطعن وتقديم الأسباب التى بنى عليها يكونان معا وحدة اجرائية لا يقوم فيها احدهما مقام الاخر ولا يغنى عنه، ومن ثم فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلا.
ومن حيث إن النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة طبقا لما هو مقرر بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض وقدمت مذكرة برأيها فى الحكم فى الميعاد القانونى وطلبت فيها اقرار الحكم الصادر باعدام المحكوم عليه الاول، ومن ثم فإنه يتعين قبول عرضها للقضية شكلا.
ومن حيث إن ما ينعاه الطاعن الثانى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بالاشتراك مع متهمين آخرين فى جريمة القتل العمد قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ذلك بأنه عول فى ادانته على تحريات الشرطة دون أن تكون معززة بدليل آخر، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استدل على ثبوت واقعات الاتهام - فى حق المتهمين الثلاثة - اخذا بتحريات الشرطة وبأقوال الضباط الذين اجروها فيما أوردته تحرياتهم تلك ومما ثبت بتقرير الصفة التشريحية من وفاة المجنى عليه باسفكسيا الغرق. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاحكام يجب أن تبنى على الأدلة التى يقتنع منها القاضى بادانة المتهم أو ببراءته، صادرا فى ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من تحقيق، مستقلا فى تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره، ولا يصح فى القانون أن يدخل فى تكوين عقيدته بصحة الواقعة التى أقام عليها قضائه أو بعدم صحتها، حكما لسواه، وكان من المقرر كذلك أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعول فى تكوين عقيدتها على التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة، الا أنها لا تصلح بمجردها أن تكون دليلا كافيا بذاته أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام، وهى من بعد لا تعدو أن تكون مجرد رأى لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب، الى أن يعرف مصدرها ويتحدد، حتى يتحقق القاضى بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته القانونية فى الاثبات. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه، أن المحكمة قد اتخذت من التحريات دليلا اساسيا فى ثبوت الاتهام، دون أن تورد من الأدلة والقرائن ما يساندها، كما أنها لم تنشر فى حكمها الى مصدر التحريات تلك على نحو تمكنت معه من تحديده والتحقق من ثم صدق ما نقل عنه، فإن حكمها يكون قد تعيب بالفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب بما يبطله، ولا يعصم الحكم من هذا البطلان، أن يكون قد عول فى الإدانة على ما ورد بتقرير الصفة التشريحية، لما هو مقرر من أن التقارير الطبية فى ذاتها لا تنهض دليلا على نسبة الاتهام الى المتهم، وإن كانت تصح كدليل يؤيد أقوال الشهود، ومن ثم فإن استناد الحكم الى التقرير ذاك، لا يغير من حقيقة كونه اعتمد بصفة اساسية على التحريات وحدها، وهى لا تصلح دليلا منفردا فى هذا المجال. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعن الثانى..... وذلك بغير حاجة الى النظر فى باقى وجوه طعنه، وكذلك للمحكوم عليه الاول...... لاتصال الوجه الذى بنى نقض الحكم به، دون المحكوم عليه الاخر....... الذى صدر الحكم غيابيا بالنسبة له. لما كان ذلك، وكانت النيابة العامة العارضة وقد طلبت فى مذكرتها اقرار الحكم باعدام...... مخالفة بذلك ما تناهت اليه المحكمة من نقض الحكم المطعون فيه - على السياق المتقدم - فإنه يتعين رفض عرضها موضوعا.