مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الثاني (من فبراير سنة 1956 إلى آخر مايو سنة 1956) - صـ 712

(83)
جلسة 28 من أبريل سنة 1956

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

القضية رقم 54 لسنة 2 القضائية

معادلات دراسية - الأقدميات الاعتبارية التي ينص عليها القانون رقم 371 لسنة 1953 لم يقصد أن يكون من أثرها أن ينقلب الموظف من موظف غير مثبت إلى موظف مثبت - دليل ذلك.
يبين من مطالعة المذكرة الإيضاحية لقانون المعادلات الدراسية أنه يستهدف إنصاف طوائف مختلفة من الموظفين لم تدركهم قواعد الإنصاف السابقة، سواء في ذلك من عينوا بعد 9 من ديسمبر سنة 1944 في درجات تقل عن الدرجات المقررة لمؤهلاتهم، أو من حصلوا على مؤهلاتهم أثناء الخدمة فلم يمنحوا الدرجات المقررة لها، أو من أغفل تقدير مؤهلاتهم إغفالاً تاماً، أو من قدرت لمؤهلاتهم درجات ورواتب دون قيمتها، وكذلك من قعدوا عن اتخاذ إجراءات التقاضي لتسوية حالاتهم، وذلك بوضعهم في درجات أعلى بزيادة رواتبهم أو تسوية أقدمياتهم بحسب الأحوال. ولكن لم يقصد الشارع أبداً إلى أن يكون من أثر هذه الأقدميات الاعتبارية أن ينقلب الموظف من موظف غير مثبت إلى موظف مثبت؛ ذلك أن التثبيت تحكمه قوانين أخرى تقوم على حكمة تشريعية مغايرة، ولذا يقتصر تطبيقها على الموظفين والمستخدمين الذين كانوا يشغلون فعلاً وظائف دائمة ويجري على ماهياتهم حكم الاستقطاع وذلك قبل وقف العمل بالتثبيت، ومن ثم فإن من لم يكن كذلك قبل وقف التثبيت أو التحق بخدمة الحكومة بعده، فلا يعتبر موظفاً مثبتاً يفيد بهذه الصفة من قوانين المعاشات، ولو كان معيناً على وظيفة دائمة أو اعتبر كذلك بحكم قانون المعادلات.


إجراءات الطعن

في 5 من يناير سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية بجلسة 7 من نوفمبر سنة 1955 في الدعوى رقم 33 لسنة 1 القضائية المرفوعة من السيد/ بسخرون سعد يوسف ضد مصلحة السكك الحديدية، والقاضي: "بأحقية المدعي في تثبيته في وظيفته طبقاً لقوانين المعاشات مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت المدعى عليها المصروفات، ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة"، وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن: "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات". وأعلن السيد/ مدير عام مصلحة السكك الحديدية بالطعن في 12 من يناير سنة 1956، وأعلن به السيد/ بسخرون سعد يوسف في 15 منه، ثم عين لنظر الطعن جلسة 24 من مارس سنة 1956، وأرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يستفاد من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون ضده أقام دعواه أمام المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية أبان في صحيفتها أنه حصل على دبلوم مدرسة طنطا الصناعية، ثم ألحق بخدمة الحكومة عام 1926 عاملاً باليومية، وفي أول مارس سنة 1948 قيد على درجة دائمة بالميزانية (الدرجة الثامنة الفنية) ثم رقي إلى الدرجة السابعة عام 1952، ولما صدر قانون المعادلات الدراسية اعتبر في الدرجة السابعة منذ إلحاقه بالخدمة، وانتهى إلى طلب الحكم بأحقيته في اعتباره مثبتاً في وظيفته. وقد قضت المحكمة الإدارية بحكمها الصادر في 7 من نوفمبر سنة 1955 بأحقية المدعي في تثبيته في وظيفته طبقاً لقوانين المعاشات مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت المدعي عليها المصروفات، ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة"، وأسست قضاءها على أن: "المدعي وقد طبقت عليه أحكام قانون المعادلات كأنه عين في خدمة الحكومة ابتداء في درجة دائمة هي الدرجة المحددة لمؤهله الدراسي وبالماهية المقررة لتلك الدرجة ثم يفترض تدرج حالته وفقاً لأحكام الكادرات المختلفة التي طبقت عليه منذ تعيينه فعلاً بالحكومة وذلك من حيث العلاوات مدة ومقداراً، ومن ثم يكون للمدعي أقدمية اعتبارية في درجة دائمة بالميزانية هي الدرجة السابعة الفنية المقررة لمؤهله الدراسي وذلك منذ دخوله خدمة الحكومة في 11 من أغسطس سنة 1926، وبالتالي يكون المدعي ممن يشملهم حكم المادتين الثانية والرابعة من القانون رقم 5 لسنة 1909، أي اعتباره من الموظفين والمستخدمين المقيدين بصفة دائمة والذين يجرى عليهم حكم استقطاع الخمسة في المائة من ماهياتهم. وحيث إنه إذا كان الأمر على نحو ما تقدم فإن قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من يناير سنة 1935، والقاضي بوقف التثبيت، لا يكون له أدنى أثر على حالة المدعي، لأنه يعتبر مثبتاً بقوة القانون إعمالاً لأحكام قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909 وذلك قبل صدور قرار مجلس الوزراء سالف الذكر".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه يبين من استقراء نصوص قوانين المعاشات أنها لا تسري إلا في حق طائفة الموظفين المعينين بصفة دائمة في وظائفهم دون غيرهم من الموظفين المؤقتين، وقد ظل المدعي عاملاً باليومية إلى أن قيد على الدرجة الثامنة في أول مارس سنة 1948، فهو بهذه المثابة لا تتوافر له الشروط المقررة لجواز النظر في تثبيته، أما الأقدميات الاعتبارية التي رتبتها أحكام قانون المعادلات الدراسية، فلا يفيد منها المدعي وأمثاله للتمتع بقواعد التثبيت؛ إذ لكل منها مجاله الذي يجرى فيه.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة المذكرة الإيضاحية لقانون المعادلات الدراسية أنه يستهدف إنصاف طوائف مختلفة من الموظفين لم تدركهم قواعد الإنصاف السابقة، سواء في ذلك من عينوا بعد 9 من ديسمبر سنة 1944 في درجات تقل عن الدرجات المقررة لمؤهلاتهم أو من حصلوا على مؤهلاتهم أثناء الخدمة فلم يمنحوا الدرجات المقررة لها، أو من أغفل تقدير مؤهلاتهم إغفالاً تاماً، أو من قدرت لمؤهلاتهم درجات ورواتب دون قيمتها، وكذلك من قعدوا عن اتخاذ إجراءات التقاضي لتسوية حالاتهم، وذلك بوضعهم في درجات أعلى أو بزيادة رواتبهم أو تسوية أقدمياتهم بحسب الأحوال. ولكن لم يقصد الشارع أبداً إلى أن يكون من أثر هذه الأقدمية الاعتبارية أن ينقلب الموظف من موظف غير مثبت إلى موظف مثبت؛ ذلك أن التثبيت تحكمه قوانين أخرى تقوم على حكمة تشريعية مغايرة، ولذا يقتصر تطبيقها على الموظفين والمستخدمين الذين كانوا يشغلون فعلاً وظائف دائمة ويجري على ماهياتهم حكم الاستقطاع، وذلك قبل وقف العمل بالتثبيت، ومن ثم فإن من لم يكن كذلك قبل وقف التثبيت، أو التحق بخدمة الحكومة بعده، فلا يعتبر موظفاً مثبتاً يفيد بهذه الصفة من قوانين المعاشات، ولو كان معيناً على وظيفة دائمة أو اعتبر كذلك بحكم قانون المعادلات.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما سلف بيانه، فإن الحكم المطعون فيه - إذ قضى باعتبار المطعون عليه مثبتاً - يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، فيتعين إلغاؤه ورفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.