مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الثاني (من فبراير سنة 1956 إلى آخر مايو سنة 1956) - صـ 736

(88)
جلسة 5 من مايو سنة 1956

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

القضية رقم 112 لسنة 2 القضائية

موظفون منسيون - قرار مجلس الوزراء الصادر في 8/ 7/ 1943 - قصر تطبيقه على أشخاص بذواتهم هم من كانوا في الخدمة واستكملوا المدد الواردة به في التاريخ الذي حدده - المادة 40 مكررة في القانون رقم 210 لسنة 1951 - وضعها قاعدة تنظيمية دائمة التطبيق وليست مقصورة على أشخاص بذواتهم.
إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن الموظف المنسي الذي يفيد من قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 والقانون رقم 88 لسنة 1943 بفتح الاعتماد الإضافي للغرض الذي استهدفه هو الموظف الذي قضى فعلاً قبل 30 من يونيه سنة 1943 في درجته الحالية أي الفعلية خمس عشرة سنة؛ وآية ذلك أن قرار 8 من يوليه سنة 1943 قصد به معالجة الغبن الذي أصاب فئة معينة من الموظفين هم الذين عنتهم مذكرة اللجنة المالية المرفوعة لمجلس الوزراء في 6 من يوليه سنة 1943 التي حصرت عدد الموظفين المستوفين للشروط المطلوبة والذين يفيدون من الإنصاف المذكور لغاية التاريخ المعين، وهو 30 من يونيه سنة 1943، على أساس الواقع الفعلي وقتذاك، كما وافق البرلمان على القانون رقم 88 لسنة 1943 بفتح الاعتماد اللازم لإنصاف مستخدمي الحكومة المذكورين، ونص في مادته الأولى "يفتح لإنصاف مستخدمي الحكومة من الدرجة الخامسة فما دونها ممن قضوا لغاية آخر يونيه سنة 1943 خمس عشرة سنة في درجاتهم، وذلك بترقيتهم ترقيات شخصية". فالموظف المنسي الذي يفيد من قرار مجلس الوزراء سالف الذكر هو الموظف الذي قضى فعلاً لغاية آخر يونيه سنة 1943 في درجته الحالية أي الفعلية خمس عشرة سنة، فهو قرار مقصور التطبيق على أشخاص بذواتهم هم الذين كانوا في الخدمة واستكملوا المدد في التاريخ الذي حدده، ولذا حصرت التكاليف على أساس تعدادهم بالذات، وبذلك استنفد القرار المذكور أغراضه بمجرد تطبيقه عليهم ولا يفيد منه غيرهم؛ يؤكد هذا أنه لما أراد الشارع إنصاف قدامي الموظفين بعد ذلك أصدر القانون رقم 94 لسنة 1953 بإضافة المادة 40 مكررة إلى القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، فوضع قواعد تنظيمية دائمة التطبيق وليست مقصورة على أشخاص بذواتهم كما كان الحال بالنسبة إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943. هذا ومما يجب التنبيه إليه أن القياس في مثل هذه الأحوال التي يترتب عليها تحميل الخزانة العامة أعباء مالية هو قياس مع الفارق غير مأمون العواقب بل يجل تحري فحوى القواعد التنظيمية العامة المقررة في هذا الشأن والغرض المخصصة من أجله الاعتمادات المالية بكل دقة، وأن يكون التفسير ضيقاً غير موسع إعمالاً للأصول العامة في التفسير، باعتبار أن الخزانة العامة هي المدينة، والأصل براءة الذمة فيجب أن يكون التفسير عند الشك أو الغموض أو السكوت لصالحها؛ ولأنه إذا تعارضت المصلحة العامة مع المصلحة الفردية وجب أن تسود الأولى.


إجراءات الطعن

في 23 من يناير سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثانية) في 7 من ديسمبر سنة 1955 في الدعوى رقم 1311 لسنة 8 المرفوعة من حكيم جرجس ضد وزارة المواصلات، والقاضي: "بقبول الطعن شكلاً، وبتعديل قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وبإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة السادسة إلى أول يوليه سنة 1943، وباستحقاقه الدرجة الخامسة الشخصية في 7 من مارس سنة 1953، وألزمت الحكومة بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - : "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه، ورفض دعوى المدعي، وإلزامه بالمصروفات".
وأعلنت الجهة الإدارية بالطعن في 26 من يناير سنة 1956، وأعلن به الخصم في 28 منه، ثم عين لنظره جلسة 7 من أبريل سنة 1956، وفيها سمعت ملاحظات الطرفين على الوجه المبين بالمحضر، وأرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يستفاد من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه قدم تظلماً إلى اللجنة القضائية لوزارة المواصلات قيد برقم 2170 لسنة 2 ق وطلب في تظلمه: (أولاً) اعتباره في الدرجة السابعة من أول يوليه سنة 1927، و(ثانياً) اعتباره في الدرجة السادسة من أول يوليه سنة 1943 إعمالاً للقانون رقم 88 لسنة 1943 بشأن إنصاف الموظفين المنسيين، و(ثالثاً) منحه الدرجة الخامسة الشخصية اعتباراً من 7 من مارس سنة 1953 إعمالاً للمادة 40 مكررة من القانون رقم 210 لسنة 1951 مع ما يترتب على ذلك من آثار. وفي 22 من فبراير سنة 1954 أصدرت اللجنة القضائية قرارها بتسوية حالة المتظلم باستحقاقه الدرجة السابعة بعد ست سنوات من تاريخ حصوله على شهادة البكالوريا مع ما يترتب على ذلك من آثار وعدم صرف الفروق المترتبة على هذه التسوية إلا من 22 من يوليه سنة 1953 ورفض باقي الطلبات. وبعريضة مودعة سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 29 من يونيه سنة 1954 طعن المدعي في قرار اللجنة القضائية وطلب الحكم بتعديله وباستحقاقه لتسوية حالته باعتباره في الدرجة السادسة الشخصية من أول يوليه سنة 1943 وفي الدرجة الخامسة الشخصية من 7 من مارس سنة 1953 وما يترتب على ذلك من آثار. وبجلسة 7 من ديسمبر سنة 1955 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها بإجابة المدعي لطلباته. فطعن السيد رئيس هيئة المفوضين في هذا الحكم للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن الموظف المنسي الذي يفيد من قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 والقانون رقم 88 لسنة 1943 بفتح الاعتماد الإضافي للغرض الذي استهدفه هو الموظف الذي قضى فعلاً قبل 30 من يونيه سنة 1943 في درجته الحالية أي الفعلية خمس عشرة سنة؛ وآية ذلك أن قرار 8 من يوليه سنة 1943 قصد به معالجة الغبن الذي أصاب فئة معينة من الموظفين هم الذين عنتهم مذكرة اللجنة المالية المرفوعة لمجلس الوزراء في 6 من يوليه سنة 1943 التي حصرت عدد الموظفين المستوفين للشروط المطلوبة والذين يفيدون من الإنصاف المذكور لغاية التاريخ المعين، وهو 30 من يونيه سنة 1943، على أساس الواقع الفعلي وقتذاك، كما وافق البرلمان على القانون رقم 88 لسنة 1943 بفتح الاعتماد اللازم لإنصاف مستخدمي الحكومة المذكورين، ونص في مادته الأولى: "يفتح لإنصاف مستخدمي الحكومة من الدرجة الخامسة فما دونها ممن قضوا لغاية آخر يونيه سنة 1943 خمس عشرة سنة في درجاتهم وذلك بترقيتهم ترقيات شخصية". فالموظف المنسي الذي يفيد من قرار مجلس الوزراء سالف الذكر هو الموظف الذي قضى فعلاً لغاية آخر يونيه سنة 1943 في درجته الحالية أي الفعلية خمس عشرة سنة، فهو قرار مقصور التطبيق على أشخاص بذواتهم هم الذين كانوا في الخدمة واستكملوا المدد في التاريخ الذي حدده، ولذا حصرت التكاليف على أساس تعدادهم بالذات، وبذلك استنفد القرار المذكور أغراضه بمجرد تطبيقه عليهم ولا يفيد منه غيرهم؛ يؤكد هذا أنه لما أراد الشارع إنصاف قدامى الموظفين بعد ذلك أصدر القانون رقم 94 لسنة 1953 بإضافة المادة 40 مكررة إلى القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، فوضع قواعد تنظيمية دائمة التطبيق وليست مقصورة على أشخاص بذواتهم كما كان الحال بالنسبة إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943. هذا ومما يجب التنبيه إليه أن القياس في مثل هذه الأحوال التي يترتب عليها تحميل الخزانة العامة أعباء مالية هو قياس مع الفارق غير مأمون العواقب، بل يجل تحري فحوى القواعد التنظيمية العامة المقررة في هذا الشأن والغرض المخصصة من أجله الاعتمادات المالية بكل دقة، وأن يكون التفسير ضيقاً غير موسع، إعمالاً للأصول العامة في التفسير، باعتبار أن الخزانة العامة هي المدينة، والأصل براءة الذمة، فيجب أن يكون التفسير عند الشك أو الغموض أو السكوت لصالحها؛ ولأنه إذا تعارضت المصلحة العامة مع المصلحة الفردية وجب أن تسود الأولى.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما سلف بيانه يكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى باستحقاق المطعون عليه لتسوية حالته على غير هذا الأساس - قد خالف القانون، ومن ثم يتعين إلغاؤه، ورفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.