أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة الثامنة والعشرون – صـ 930

جلسة 7 من نوفمبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الواحد الديب، ومحمد صلاح الدين الرشيدي، وقصدي اسكندر، ويونس ثابت.

(193)
الطعن رقم 656 لسنة 47 القضائية

(1) قمار. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحقق جريمة إدارة محل للعب القمار فيه. رهن بفتحه للاعبين في الأوقات المقررة بينهم يزاولون ألعاب القمار. ولو كان المحل مخصصاً لغرض آخر.
(2) مأمورو الضبط القضائي. تفتيش. "التفتيش بإذن". "إذن التفتيش. تنفيذه". قمار.
كون المسكن مغلقاً وقت حضور الضابط لتنفيذ إذن الضبط. لا ينفي عنه صفة تردد الناس بدون تمييز للعب القمار.
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير جدية التحريات وكفايتها. موضوعي.
(4) إكراه. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره" نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "شهادة".
عدم جواز التمسك أمام النقض لأول مره. بأن الشهادة وليدة إكراه.
1 - لا يقدح في تحقق الجريمة المنصوص عليها في المادة 352 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون 17 لسنة 1955 إدعاء الطاعن أنه لم يكن قد أعد المكان خصيصاً لألعاب القمار وإنما كان قد أعده مسكناً خاصاً له ولعائلته، ذلك لأنه لا يشترط في العقاب على تلك الجريمة أن يكون المحل قد أعد خصيصاً لألعاب القمار أو أن يكون الغرض الأصلي من فتحه هو استغلاله في هذه الألعاب بل يكفي أن يكون مفتوحاً للاعبين يدخلونه في الأوقات المقررة بينهم يزاولون فيه ألعاب القمار حتى ولو كان مخصصاً لغرض آخر.
2 - إن ما يقرره الطاعن من أن الضابط وجد باب سكنه مغلقاً عند حضوره للتفتيش – على فرض صحته – ليس من شأنه أن يرفع عن ذلك المسكن صفة تردد الناس عليه بغير تمييز للعب القمار فيه وهو ما أثبته الحكم بالأدلة السائغة التي اطمأنت إليها المحكمة.
3 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ الأمر بالتفتيش هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ولما كان الحكم المطعون فيه قد تصدى لما دفع به الطاعن من بطلان الإذن الصادر بتفتيش مسكنه بقالة أنه لم يسبقه تحريات جديه وأطرحه بما خلصت إليه المحكمة من اطمئنانها إلى جدية تلك التحريات وأقرت سلطة التحقيق على إصدارها ذلك الإذن فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاًَ موضوعياً لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
4 - قعود الطاعن عن الادعاء في طعنه أنه كان قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن أقواله وأقوال اللاعبين في محضر الضبط كانت وليدة الإكراه والتهديد فإنه ليس له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أدار مسكنه لألعاب القمار وأعده لدخول الناس فيه وطلبت عقابه بالمادة 352 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح الأزبكية قضت في الدعوى حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت في الدعوى حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبحبس المتهم شهراً وغرامة 500 جنيه والمصادرة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث أن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إدارة محل للعب القمار قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال فضلاً عما عاره من بطلان ذلك أن الطاعن لم يكن قد أعد مسكنه – الذي جرت فيه واقعة الضبط – لدخول الناس فيه بدون تمييز على نحو ما ذهب إليه الحكم خطأ بل أنه يقيم فيه مع زوجته وأولاده ويؤكد انتفاء صفة العمومية عنه أن الضابط عندما حضر لتفتيشه وجد بابه مغلقاً مما دعاه إلى طرقة حتى فتح له، أما اللاعبون الذين ضبطوا فيه فكانوا قد حضروا لزيارة الطاعن بمناسبة الاحتفال بزواج ابنته نظراً لما تربطهم به من علاقات القرابة والصداقة وآثروا أن يمضوا وقتهم في اللعب لمجرد التسلية، وعلى الرغم من أن الدفاع أثار ذلك فإن الحكم لم يعن بالرد عليه مع جوهريته، واستند في الإدانة إلى ما جاء في محضر الضبط في حين أن الطاعن كان قد تمسك ببطلان الإذن الصادر بالتفتيش لأنه لم تسبقه تحريات جدية مما يبطل جميع إجراءات الضبط ويحول دون التعويل عليها، هذا إلى أن الحكم قد تساند إلى الأقوال التي نسبت للطاعن واللاعبين في محضر الضبط مع أنها كانت وليدة الإكراه والتهديد، وفضلاً عن ذلك فإن الحكم لم يصدر باسم الشعب وخلا من بيان أسماء القضاة الذين أصدروه وما يفيد تلاوته علينا وكل هذا مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، عرض لما أثاره الطاعن في دفاعه من انتفاء صفة العمومية عن مسكنه وأطرحه بما انتهى إليه في استخلاص سائغ ومنطق سليم من أن اللاعبين الذين ضبطوا في ذلك المسكن إنما كانوا يترددون عليه دون أن تربطهم بالطاعن أية صلة سوى رغبتهم في اللعب مقابل ما يتقاضاه منهم لقاء إعداده ذلك المكان ليدخل فيه من يشاء من الناس دون قيد أو شرط لمزاولة ألعاب القمار به، ولما كان هذا الذي استخلصه الحكم بالأدلة السائغة التي أوردها تتحقق به الجريمة المنصوص عليها في المادة 352 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 17 لسنة 1955 ولا يقدح في ذلك ما يقول به الطاعن من أنه لم يكن قد أعد ذلك المكان خصيصاً لألعاب القمار وإنما كان قد أعده مسكناً خاصاً له ولعائلته ذلك لأنه لا يشترط في العقاب على تلك الجريمة أن يكون المحل قد أعد خصيصاً لألعاب القمار أو أن يكون الغرض الأصلي من فتحه هو استغلاله في هذه الألعاب بل يكفي أن يكون مفتوحاً للاعبين يدخلونه في الأوقات المقررة بينهم يزاولون فيه ألعاب القمار حتى ولو كان مخصصاً لغرض آخر. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن هؤلاء اللاعبين الذين ضبطوا في مسكنه كانوا قد حضروا إليه لزيارته احتفاء بزواج ابنته وأنهم تربطهم به صلة القرابة والصداقة ينحل في واقعه إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة التي استنبطت المحكمة معتقدها منها وهو ما لا تجوز مجادلتها فيه أمام محكمة النقض، وكان ما يذهب إليه الطاعن من أن الضابط كان قد وجد باب سكنه مغلقاً عند حضوره للتفتيش – فإن هذا القول على فرض صحته – ليس من شأنه أن يرفع عن ذلك المسكن صفة تردد الناس عليه بغير تمييز للعب القمار فيه وهو ما أثبته الحكم بالأدلة السائغة التي اطمأنت إليها المحكمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ الأمر بالتفتيش هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ولما كان الحكم المطعون فيه قد تصدى لما دفع به الطاعن من بطلان الإذن الصادر بتفتيش مسكنه بقالة أنه لم يسبقه تحريات جديه واطرحه بما خلصت إليه المحكمة من اطمئنانها إلى جدية تلك التحريات وأقرت سلطة التحقيق على إصدارها ذلك الإذن فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاًَ موضوعياً لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. وإذ ما كان الطاعن لا يدعي في طعنه أنه كان قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن أقواله وأقوال اللاعبين في محضر الضبط كانت وليدة الإكراه والتهديد فإنه ليس له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، لما كان ما تقدم، وكان الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه صدر باسم الشعب واشتملت ديباجته على بيان أسماء القضاة الذين أصدروه أنه تلي بجلسة علنية فإن ما يثيره الطاعن في طعنه خلافاً لذلك يكون على أساس من الواقع متعيناً إطراحه ومن ثم فإن الطعن يكون برمته في غير محله مستوجباً للرفض.