مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الثاني (من فبراير سنة 1956 إلى آخر مايو سنة 1956) - صـ 745

(90)
جلسة 5 من مايو سنة 1956

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

القضية رقم 276 لسنة 2 القضائية

معادلات دراسية - القانون رقم 371 لسنة 1953 - اختلاف الرأي حول تحديد الموظف الذي يفيد من أحكامه - تحديد ذلك بالقانونين 151 لسنة 1955 و78 لسنة 1956 - الوضع بالنسبة لموظفي المجالس البلدية والقروية.
إن المادة الثانية من القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية تنص على أنه: "لا تسري أحكام المادة السابقة إلا على الموظفين الذين عينوا قبل أول يوليه سنة 1952...."، وإثر صدور هذا القانون اختلفت وجوه الرأي حول تحديد كلمة "الموظفين" الواردة في هذا النص، وهل تنصرف إلى الموظفين المعينين على وظائف دائمة وبصفة دائمة دون سواهم، أم أنها تتناول أيضاً طوائف المستخدمين الخارجين عن الهيئة وعمال اليومية والموظفين المؤقتين والمعينين لأعمال مؤقتة. وحسماً لهذا الخلاف استصدرت وزارة المالية القانون رقم 151 لسنة 1955 ثم أتبعته بالقانون رقم 78 لسنة 1956 في 14 من مارس سنة 1956 مستبدلاً بأحكام المادة الأولى من القانون رقم 151 لسنة 1955 الحكم الآتي: "تضاف إلى المادة 2 من القانون رقم 371 لسنة 1953 فقرة جديدة نصها كالآتي: "ويقصد بالموظفين المنصوص عليهم في الفقرة السابقة الموظفون المعينون على وظائف دائمة داخل الهيئة أو على اعتمادات مقسمة إلى درجات دون الموظفين المعينين على وظائف مؤقتة والمستخدمين الخارجين عن الهيئة أو عمال اليومية". والمناط في دائمية الوظيفة - التي تضفي بدورها صفة الدائمية على الموظف - هو على حسب وصفها الوارد في الميزانية في سلك الدرجات الداخلة في الهيئة. هذا وتنص المادة 17 من اللائحة الصادرة في 15 من مايو سنة 1945 بشروط توظف موظفي المجالس البلدية والقروية التي وافق عليه مجلس الوزراء في 9 من يونيه سنة 1945 على أنه: "يعتبر الموظف دائماً إذا كان يشغل وظيفة دائمة مدرجة في ميزانية المجالس ذات مرتب شهري وممن يجوز لهم الانتفاع بصندوق التوفير بعد تثبيته ويستثنى من ذلك المستخدمون الذين يشغلون وظائف المحصلين ومعاوني السلخانات فإنهم يعتبرون مؤقتين."، ومن ثم إذا كان الثابت أن المدعي يعمل محصلاً بمجلس بلدي المنصورة فهو بهذه المثابة يعتبر موظفاً مؤقتاً وبالتالي لا تنطبق في شأنه أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 مفسراً بالقانون رقم 78 لسنة 1956.


إجراءات الطعن

في 14 من فبراير سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية بجلسة 18 من ديسمبر سنة 1955 في الدعوى رقم 3 لسنة 1 القضائية المقامة من جرجس جبران خليل ضد وزارة الشئون البلدية والقروية، القاضي: "باستحقاق المدعي لأن تسوى حالته في الدرجة التاسعة بمرتب قدره خمسة جنيهات شهرياً طبقاً لقواعد الإنصاف من بدء التعيين، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، مع إلزام الوزارة بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه: "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وتسوية حالة المدعي بالتطبيق لقانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953، وإلزام المدعي عليها بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى الجهة الإدارية في 7 من مارس سنة 1956، وإلى المدعي عليه في 11 من مارس سنة 1956، وعين لنظره جلسة 14 من أبريل سنة 1956، وأبلغ الطرفان في 2 من أبريل سنة 1956، بميعاد هذه الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت من إيضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 3 سنة 1 ق أمام المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والشئون البلدية والقروية والأوقاف طالباً تطبيق قواعد الإنصاف عليه وصرف الفروق المستحقة له عن المدة من 4 من ديسمبر سنة 1945 إلى فبراير سنة 1947 بواقع 2 جنيه شهرياً وهي المدة التي قضاها خارج الهيئة. وبجلسة 18 من ديسمبر سنة 1955 قضت المحكمة الإدارية "باستحقاق المدعي لأن تسوى حالته في الدرجة التاسعة بمرتب خمسة جنيهات شهرياً طبقاً لقواعد الإنصاف من بدء التعيين وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، مع إلزام الوزارة بالمصروفات". وأقامت المحكمة قضاءها على أن "القاعدة القانونية التي تحكم حالة المدعي هي قواعد الإنصاف وقد جاءت هذه القواعد صريحة في أنه لا يجوز تعيين أصحاب المؤهلات الدراسية في درجة تقل عن الدرجة المقررة لمؤهلهم، ولم يشترط في هذا التعيين وجود درجات خالية، ومن ثم يكون المدعي محقاً في دعواه". وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 14 من فبراير سنة 1956 طالباً: "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وتسوية حالة المدعي بالتطبيق لقانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953، وإلزام الوزارة بالمصروفات"؛ مستنداً في ذلك إلى أن المادة التاسعة من القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية نصت على أن: "تسري على الدعاوي المنظورة أمام اللجان القضائية أو أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة الأحكام المقررة في هذا القانون"، وإذا كانت أحكام هذا القانون هي الواجبة التطبيق على الدعاوي المنظورة، فإنه لا يستساغ من ذلك إحياء قواعد سابقة قضى عليها التنظيم الجديد الذي صدر ليحل محلها بقصد تصفية الوضع الشاذ المترتب عليها مما يتعين معه النظر في تسوية حالة المدعي بالتطبيق لهذا القانون دون غيره. ولما كان المدعي من الموظفين الشاغلين لدرجة مستديمة في الميزانية، وعين قبل أول يوليه سنة 1951، وهو حاصل على الشهادة الابتدائية قبل ذلك التاريخ أيضاً، وكان موجوداً بخدمة الحكومة وقت صدور قانون المعادلات، فإنه يكون بذلك قد توافرت له شروط تطبيق هذا القانون على حالته. ولا ينفي عنه صفة كونه شاغلاً لدرجة مستديمة، وصف الميزانية للدرجة التاسعة بأنها موقوتة؛ إذ أن الغرض من ذلك هو إخراجها من عداد الوظائف التي تشغل بموظفين مثبتين تخفيفاً للعبء عن ميزانية المعاشات، وعلى هذا فإن وصفها في الميزانية بأنها مؤقتة لا يستتبع حتماً اعتبارها وظيفة موقوتة بمدة قصيرة محددة تلغي بانقضائها، بل إن الأمر على العكس، فإنها تعتبر في الحقيقة وظائف مستديمة إلا أنه ليس لشاغلها حق في اقتضاء معاش من خزانة الدولة؛ يؤكد ذلك ورود معادلات الشهادة الابتدائية مسعرة بالدرجة التاسعة ضمن الشهادات المقدرة بالجدول الملحق بقانون المعادلات.
ومن حيث إنه يبين من استظهار حالة المدعي أنه حصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية في سنة 1941، وقد عين في وظيفة ساع بدار الكتب بمجلس المنصورة البلدي بالدرجة الرابعة سايرة بماهية شهرية قدرها ثلاثة جنيهات اعتباراً من 4 من ديسمبر سنة 1945. وفي أول مارس سنة 1947 نقل لوظيفة محصل من الدرجة التاسعة الكتابية بماهية قدرها خمسة جنيهات شهرياً.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت - بجلسة 10 من مارس سنة 1956 في الطعن رقم 7 لسنة 2 القضائية - بأن قواعد الإنصاف إنما يقتصر أثرها على من عين من الموظفين ذوي المؤهلات حتى 9 من ديسمبر سنة 1944، وأن القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية إنما يستهدف إنصاف طوائف مختلفة من الموظفين لم تدركهم القواعد السابقة بإنصافها سواء في ذلك من عينوا بعد 9 من ديسمبر سنة 1944 في درجة تقل عن الدرجات المقررة لمؤهلاتهم أو من حصلوا على مؤهلاتهم أثناء الخدمة فلم يمنحوا الدرجات المقررة لها، أو من أغفل تقدير مؤهلاتهم إغفالاً تاماً، أو من قدرت لمؤهلاتهم درجات ورواتب دون قيمتها، وكذلك من قعدوا عن اتخاذ إجراءات التقاضي لتسوية حالاتهم على أن يكون ذلك الإنصاف منوطاً بتوافر الشروط التي نصت عليها المادة الثانية من هذا القانون.
ومن حيث إن المدعي قد التحق بخدمة مجلس المنصورة البلدي في 4 من ديسمبر سنة 1945 - أي بعد 9 من ديسمبر سنة 1944 - فلا يفيد من قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 والتي قصد بها إنصاف من كان من الموظفين ذوي المؤهلات في خدمة الحكومة فعلاً وقت صدورها ثم امتد أثرها إلى من عين حتى 9 من ديسمبر سنة 1944 دون غيرهم ممن يعينون بعد هذا التاريخ، ويتعين بعد ذلك النظر فيما إذا كانت شروط تطبيق القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية قد توافرت فيه من عدمه. ##
ومن حيث إن المادة الثانية من هذا القانون تنص على أنه لا تسري أحكام المادة السابقة إلا على الموظفين الذين عينوا قبل أول يوليه سنة 1952. وإثر صدور هذا القانون اختلفت وجوه الرأي حول تحديد كلمة "الموظفين" الواردة في هذا النص، وهل تنصرف إلى الموظفين المعينين على وظائف دائمة وبصفة دائمة دون سواهم، أم أنها تتناول أيضاً طوائف المستخدمين الخارجين عن الهيئة وعمال اليومية والموظفين المؤقتين والمعينين لأعمال مؤقتة. وحسماً لهذا الخلاف استصدرت وزارة المالية القانون رقم 151 لسنة 1955 ثم أتبعته بالقانون رقم 78 لسنة 1956 في 14 من مارس سنة 1956 مستبدلاً بأحكام المادة الأولى من القانون رقم 151 لسنة 1955 الحكم الآتي: "تضاف إلى المادة 2 من القانون رقم 371 لسنة 1953 فقرة جديدة نصها كالآتي: "ويقصد بالموظفين المنصوص عليهم في الفقرة السابقة الموظفون المعينون على وظائف دائمة داخل الهيئة أو على اعتمادات مقسمة إلى درجات دون الموظفين المعينين على وظائف مؤقتة والمستخدمين الخارجين عن الهيئة أو عمال اليومية". والمناط في دائمية الوظيفة - التي تضفي بدورها صفة الدائمية على الموظف - هو على حسب وصفها الوارد في الميزانية في سلك الدرجات الداخلة في الهيئة.
ومن حيث إن المادة 17 من اللائحة الصادرة في 15 من مايو سنة 1945 بشروط توظف موظفي المجالس البلدية والقروية التي وافق عليه مجلس الوزراء في 9 من يونيه سنة 1945، قد نصت على أنه: "يعتبر الموظف دائماً إذا كان يشغل وظيفة دائمة مدرجة في ميزانية المجالس ذات مرتب شهري وممن يجوز لهم الانتفاع بصندوق التوفير بعد تثبيته ويستثنى من ذلك المستخدمون الذين يشغلون وظائف المحصلين ومعاوني السلخانات فإنهم يعتبرون مؤقتين."
ومن حيث إن المدعي يعمل محصلاً بمجلس بلدي المنصورة، وهو بهذه المثابة يعتبر موظفاً مؤقتاً، ومن ثم لا تنطبق في شأنه أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 مفسراً بالقانون رقم 78 لسنة 1956.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى بتطبيق قرارات الإنصاف على المدعي - قد جاء مخالفاً للقانون، كما أن الطعن - إذ قام على انطباق أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 على المدعي - يكون قد قام على غير أساس سليم من القانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.