مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الثاني (من فبراير سنة 1956 إلى آخر مايو سنة 1956) - صـ 754

(92)
جلسة 26 من مايو سنة 1956

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 55 لسنة 2 القضائية

مهندسون زراعيون - القيد في سجل النقابة - دبلوم الدراسات التكميلية الزراعية العالية - ليس من المؤهلات الواردة بالقانون رقم 149 لسنة 1949 - المناط في اعتبار شهادة ما معادلة للشهادات الواردة بذلك القانون هو بصدور قرار من وزارة التربية والتعليم بالاتفاق مع وزارة الزراعة.
تنص المادة الثانية من القانون رقم 149 لسنة 1949 بشأن نقابة المهن الزراعية على أنه يشترط فيمن يكون عضواً في النقابة ما يأتي: "(1).... (2) أن يكون حاصلاً على إحدى الشهادات المبينة في المادة الثالثة. (3)...."، وتنص المادة الثالثة من ذلك القانون على أن يعتبر مهندساً زراعياً في حكم هذا القانون من حصل على درجة بكالوريوس الزراعة من إحدى كليات الجامعة المصرية أو بكالوريوس أحد المعاهد العليا الزراعية أو على دبلوم من مدرسة الزراعة بالجيزة أو مدرسة الزراعة العليا أو على شهادة زراعية تتفق وزارتا المعارف والزراعة على اعتبارها معادلة لإحدى الشهادات المذكورة بعد أخذ رأي النقابة. فالقيد في سجل النقابة منوط بتوافر الشروط المبينة بالمادة الثانية من القانون المشار إليه ومن بينها حصول الطالب على أحد المؤهلات المحددة بالمادة الثالثة، فإذا تخلف شرط من الشروط الواردة بالمادة الثانية، أو كان طالب القيد غير حاصل على مؤهل بذاته من المؤهلات المحددة بالمادة الثالثة، امتنع قيد الطالب في سجل النقابة. ولما كانت دبلوم الدراسات التكميلية الزراعية العالية الحاصل عليها المدعي ليست من بين المؤهلات الواردة بالمادة الثالثة فقرة ( أ ) من القانون رقم 149 لسنة 1949 - وهي مؤهلات وردت على سبيل الحصر - كما لم يصدر باعتبارها معادلة لإحدى الشهادات المذكورة قرار من وزارة المعارف بالاتفاق مع وزارة الزراعة، فلا حق للمدعي في طلب قيده بالنقابة، ولا وجه للتحدي بأن دبلوم الدراسات التكميلية الزراعية العالية سبق أن عودلت بالشهادات الأخرى الواردة بالفقرة ( أ ) من المادة الثالثة من القانون رقم 149 لسنة 1949 بمقولة إنه قدر لهذه الدبلوم في قرارات مجلس الوزراء الخاصة بالمعادلات الدرجة السادسة بمرتب 500 م و10 ج شهرياً، أو إن برامج الدراسة المقررة للحصول على الدبلوم تتفق وبرامج المؤهلات الأخرى، أو إن الدبلوم نعتت بأنها من الدبلومات العالية - لا وجه لذلك كله؛ إذ المناط في اعتبار شهادة ما معادلة للشهادات الواردة بالمادة الثالثة من القانون رقم 149 لسنة 1949 هو بصدور قرار من وزارة المعارف بالاتفاق مع وزارة الزراعة باعتبارها كذلك، ومثل هذا القرار لم يصدر، بل على العكس من ذلك صدر قرار بالاتفاق بين الوزارتين بأن شهادة دبلوم الدراسات التكميلية الزراعية العالية ليست في مستوى أي من الشهادات الزراعية الوارد ذكرها بالفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون رقم 149 لسنة 1949، وإنما هي مؤهل متوسط. وظاهر من كل ما تقدم أن القيد بسجل النقابة رهين بتوافر الشروط المقررة بالقانون على النحو السابق إيضاحه، فإذا تخلف شرط من هذه الشروط في حق طالب القيد فقد تعين رفض طلبه، ومن ثم فلا محل لما قضى به الحكم المطعون فيه من أنه كان على النقابة أن ترجئ إصدار قرارها برفض طلب المدعي إلى أن يصدر قرار من وزارتي المعارف والزراعة متفقتين في شأن مؤهله؛ ذلك أن رفض طلب قيده لعدم توافر الشروط المطلوبة قانوناً لا يحول مستقبلاً دون إعادة عرض حالته إذا ما استوفى شروط القيد.


إجراءات الطعن

في 5 من يناير سنة 1956 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الأولى) بجلسة 15 من نوفمبر سنة 1955 في الدعوى رقم 1866 لسنة ق المرفوعة من عبد الستار إمام قنصوة ضد نقيب المهن الزراعية ووزارة التربية والتعليم، القاضي: "بإلغاء القرار الصادر من نقابة المهن الزراعية والمعلن إلى المدعي في 23 من يوليه سنة 1952 المتضمن رفض قيده مهندساً زراعياً طبقاً للفقرة أ من المادة الثالثة من قانون نقابة المهن الزراعية؛ لأن مؤهله الدراسي غير معادل لدرجة بكالوريوس في الزراعة من إحدى الجامعات المصرية، وألزمت النقابة بالمصروفات..."، وطلب رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن: "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض الدعوى، وإلزام المدعي بالمصروفات".
وقد أعلن الطعن إلى الحكومة في 12 من يناير سنة 1956، وإلى نقابة المهن الزراعية في 22 من يناير سنة 1956، وإلى المدعي في 15 من يناير سنة 1956، وعين لنظر الطعن جلسة 3 من مارس سنة 1956 ومنها أجلت لجلسة 28 من أبريل سنة 1956، وفي الجلسة المذكورة سمعت المحكمة إيضاحات الطرفين على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1866 لسنة 6 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالباً الحكم بإلغاء القرار الضمني المتضمن حرمانه من القيد بسجل النقابة ضمن المهندسين الزراعيين فئة ( أ ) وقيده على النحو المذكور مع إلزام نقابة المهن الزراعية بالمصروفات. وقال في بيان ذلك إنه حصل على دبلوم الدراسات التكميلية الزراعية العالية سنة 1950، ولما كانت وزارة المعارف قد قصدت من إنشاء هذا الدبلوم التوسع في نشر التعليم الفني العالي وتزويد خريجي المدارس الزراعية بالثقافة العالية في العلوم الزراعية، فقد أصدرت وزارة المعارف في 17 من نوفمبر سنة 1946 قراراً وزارياً رقم 7066 مرفق به المذكرة رقم 8475 واضعة به أسس الدراسات التكميلية الزراعية العالية، ونصت على اعتبار خريجي هذه الدراسات من حملة الدبلومات العالية بحيث يعين الحاصل عليها في الدرجة السادسة بمرتب عشرة جنيهات ونصف. وفي 9 من يناير سنة 1950 أرسل وزير المعارف إلى وزير المالية كتاباً يطلب فيه اتخاذ الإجراءات اللازمة نحو إقرار اعتبار الدبلوم سالف الذكر من الدبلومات العالية. وفي 2 من ديسمبر سنة 1951 صدر قرار مجلس الوزراء بشأن تقدير المؤهلات الدراسية مقرراً اعتبار دبلوم الزراعة التكميلية العالية مؤهلاً عالياً يمنح حامله الدرجة السادسة عند بدء التعيين. وتأسيساً على كل ذلك يعتبر المدعي مهندساً زراعياً؛ إذ هو من حملة دبلوم الدراسات التكميلية الزراعية العليا، ويحق له والحالة هذه طلب قيده ضمن أعضاء نقابة المهن الزراعية باعتباره من المهندسين الزراعيين في حكم الفقرة الأولى من المادة الثالثة من قانون النقابة. وقد تقدم المدعي إلى النقابة طالباً قيده ضمن أعضائها المبينين في الفقرة ( أ ) من المادة الثالثة فرفضت النقابة قيده بحجة عدم معادلة دبلوم الدراسات التكميلية الزراعية العالية لدرجة بكالوريوس في الزراعة من إحدى الجامعات. وبجلسة 15 من نوفمبر سنة 1955 قضت المحكمة: "بإلغاء القرار الصادر من نقابة المهن الزراعية والمبلغ إلى المدعى في 23 يوليه سنة 1952 المتضمن رفض قيده مهندساً زراعياً طبقاً للفقرة ( أ ) من المادة الثالثة من قانون نقابة المهن الزراعية، لأن مؤهله الدراسي غير معادل لدرجة بكالوريوس في الزراعة من إحدى الجامعات المصرية، وألزمت النقابة بالمصروفات". وأقامت قضاءها على: "أن المادة الثالثة من قانون المهن الزراعية رقم 149 لسنة 1949 نصت في فقرتها ( أ ) على أن يعتبر مهندساً زراعياً من حصل على درجة بكالوريوس الزراعة من إحدى كليات الجامعة المصرية أو من إحدى المعاهد العليا الزراعية أو على دبلوم من مدرسة الزراعة بالجيزة أو مدرسة الزراعة العليا أو على شهادة زراعية تتفق وزارتا المعارف والزراعة على اعتبارها معادلة لإحدى الشهادات المذكورة بعد أخذ رأي النقابة"، وأنه "يستفاد من هذا النص أن المشرع ناط تقدير المؤهل الزراعي ومعادلته بالشهادات سالفة الذكر بوزارتي المعارف والزراعة ويكون ذلك بقرار يصدر منهما بعد أخذ رأي النقابة". وأنه "يبين من الأوراق أن مؤهل المدعي لم يصدر بشأنه قرار بتقديره ومعادلته من وزارتي المعارف والزراعة بعد أخذ رأي النقابة ولهذا كان على النقابة أن ترجئ إصدار قرارها المطعون فيه حتى يصدر هذا القرار الوزاري وما كان لها أن تجتزئ عنه بمعلومات جمعتها من إحدى جهات وزارتي المعارف وإحدى الكليات، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد خالف القانون..."
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المادة الثانية من القانون رقم 149 لسنة 1949 بشأن نقابة المهن الزراعية تنص على أنه يشترط فيمن يكون عضواً في النقابة ما يأتي:
1 - أن يكون مصرياً مقيماً في المملكة المصرية أو منتدباً للعمل في إحدى البلاد الأجنبية.
2 - أن يكون حاصلاً على إحدى الشهادات المبينة في المادة الثالثة.
3 - أن يكون محمود السيرة حسن السمعة.
وتنص المادة الثالثة من القانون على أن النقابة تتألف من فئتين: المهندسين الزراعيين والمهندسين الزراعيين المساعدين.
( أ ) المهندسون الزراعيون - ويعتبر مهندساً زراعياً في حكم هذا القانون من حصل على درجة بكالوريوس الزراعة من إحدى كليات الجامعة المصرية أو بكالوريوس أحد المعاهد العليا الزراعية أو على دبلوم من مدرسة الزراعة بالجيزة أو مدرسة الزراعة العليا أو على شهادة زراعية تتفق وزارتا المعارف والزراعة على اعتبارها معادلة لإحدى الشهادات المذكورة بعد أخذ رأي النقابة.
وتنص الفقرة الثانية من المادة 26 من القانون على أن مجلس النقابة يقرر قيد الاسم في السجل بعد التحقق من توافر شروط القبول في الطالب.
ويبين من استعراض هذه النصوص أن قيد الطالب في سجل النقابة رهين بأن يكون حاصلاً على إحدى الشهادات المبينة على سبيل الحصر في الفقرة ( أ ) من المادة الثالثة أو على شهادة تتفق وزارتا المعارف والزراعة على اعتبارها معادلة لإحدى الشهادات المذكورة بعد أخذ رأي النقابة، فإذا لم يتوافر هذا الشرط في الطالب فليس أمام مجلس النقابة إلا رفض الطلب طبقاً للفقرة الثانية من المادة 26 سالفة البيان. ولما كان مؤهل المدعي ليس من الشهادات المبينة على سبيل الحصر في الفقرة أ من المادة الثالثة المشار إليها، ولم يكن قد صدر قرار من وزارتي المعارف والزراعة باعتبار هذا المؤهل معادلاً لإحدى الشهادات المذكورة، فإن رفض طلب قيد المدعي في سجل النقابة لا يجوز اعتباره مخالفاً للقانون. ولا حجة في القول بأنه كان على النقابة أن ترجئ إصدار قرارها حتى يصدر القرار الوزاري في خصوص معادلة هذا المؤهل؛ إذ أن عدم صدور هذا القرار يؤدي إلى عدم اعتبار هذا المؤهل معادلاً للشهادات المنصوص عليها في الفقرة ( أ ) من المادة الثالثة سالفة الذكر، وبالتالي تخلف شرط من شروط قبول الطلب، وإذا ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد بني على مخالفة القانون.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة المادتين الثانية والثالثة من القانون رقم 149 لسنة 1949 بشأن نقابة المهن الزراعية سالفتي الذكر أن القيد في سجل النقابة منوط بتوافر الشروط المبينة بالمادة الثانية من القانون المشار إليه، ومن بينها حصول الطالب على أحد المؤهلات المحددة بالمادة الثالثة، فإذا تخلف شرط من الشروط الواردة بالمادة الثانية أو كان طالب القيد غير حاصل على مؤهل بذاته من المؤهلات المحددة بالمادة الثالثة امتنع قيد الطالب في سجل النقابة.
ومن حيث إن دبلوم الدراسات التكميلية الزراعية العالية الحاصل عليها المدعي ليست من بين المؤهلات الواردة بالمادة الثالثة فقرة ( أ ) من القانون رقم 149 لسنة 1949 وهي مؤهلات وردت على سبيل الحصر كما لم يصدر باعتبارها معادلة لإحدى الشهادات المذكورة قرار من وزير المعارف بالاتفاق مع وزارة الزراعة، ومن ثم فلا حق للمدعي في طلب قيده بالنقابة.
ومن حيث إنه لا وجه للتحدي بأن دبلوم الدراسات التكميلية الزراعية العالية سبق أن عودلت بالشهادات الأخرى الواردة بالفقرة ( أ ) من المادة الثالثة من القانون رقم 149 لسنة 1949 بمقولة إنه قدر لهذه الدبلوم في قرارات مجلس الوزراء الخاصة بالمعادلات الدرجة السادسة بمرتب 10.5 جنيه شهرياً أو أن برامج الدراسة المقررة للحصول على الدبلوم تتفق وبرامج المؤهلات الأخرى، أو أن الدبلوم نعتت بأنها من الدبلومات العالية - لا وجه لذلك كله؛ إذ المناط في اعتبار شهادة ما معادلة للشهادات الواردة بالمادة الثالثة من القانون رقم 149 لسنة 1949 هو بصدور قرار من وزارة المعارف بالاتفاق مع وزارة الزراعة باعتبارها كذلك، ومثل هذا القرار لم يصدر، بل على العكس من ذلك صدر قرار بالاتفاق بين الوزارتين بأن شهادة دبلوم الدراسات التكميلية الزراعية العالية ليست في مستوى أي من الشهادات الزراعية الوارد ذكرها بالفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون رقم 149 لسنة 1949، وإنما هي مؤهل متوسط.
ومن حيث إنه ظاهر من كل ما تقدم أن القيد بسجل النقابة رهين بتوافر الشروط المقررة بالقانون على النحو السابق إيضاحه، فإذا تخلف شرط من هذه الشروط في حق طالب القيد فقد تعين رفض طلبه، ومن ثم فلا محل لما قضى به الحكم المطعون فيه من أنه كان على النقابة أن ترجئ إصدار قرارها برفض طلب المدعي إلى أن يصدر قرار من وزارتي المعارف والزراعة متفقتين في شأن مؤهله؛ ذلك أن رفض طلب قيده لعدم توافر الشروط المطلوبة قانوناً لا يحول مستقبلاً دون إعادة عرض حالة المدعي إذا ما استوفى شروط القيد.
ومن حيث إنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون، ويكون الطعن قد قام على أساس سليم من القانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.