أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 784

جلسة 31 من مايو سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين حسن عزام، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وأنور أحمد خلف، ومحمود كامل عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(182)
الطعن رقم 640 لسنة 40 القضائية

(أ، ب، ج، د) خبز. تموين. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام".
( أ ) جريمة صنع خبز أقل من الوزن المقرر قانوناً. قيامها بصنع الأرغفة ناقصة الوزن.
لا تسامح في وزن الخبز الأفرنكي بأنواعه المختلفة بسبب الجفاف.
(ب) المرجع في تحري أوصاف الخبز هو الحواس الطبيعية لمن يقوم بالضبط كالنظر واللمس. لا يوجب القانون أو الواقع عليه اتخاذ طريقة خاصة لإثبات المخالفة.
(ج) المنازعة في نوع الخبز موضوع الجريمة. دفاع موضوعي لا يستأهل رداً خاصاً. كفاية الرد الضمني.
(د) جريمة إنتاج خبز دون الوزن المقرر معاقب عليها كيفما كان عدد الأرغفة التي وجدت ناقصة. ما نص عليه قرار وزير التموين من ضرورة وزن عدد معين من الأرغفة إنما ورد على سبيل التنظيم لا الإلزام.
للقاضي استمداد عقيدته من عناصر الإثبات المطروحة أمامه في الدعوى بغير أن يتقيد بدليل معين.
1 - نصت الفقرة الأخيرة من المادة 34 مكرر ( أ ) من القرار الوزاري رقم 90 لسنة 1957 المضافة بالقرار الوزاري رقم 48 لسنة 1962 والمعدلة بالقرار رقم 282 لسنة 1967 على أنه لا يتسامح في وزن الخبز الأفرنكي بأنواعه المختلفة بسبب الجفاف. ولما كان الحكم المطعون فيه قد بين النقص في الخبز الأفرنكي المضبوط عن الوزن المقرر قانوناً، وكان قضاء محكمة النقض قد استقر على أن جريمة صنع خبز أقل من الوزن المقرر قانوناً يتحقق قيامها بصنع الأرغفة ناقصة الوزن، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم من التفاته عن بحث أثر نسبة الرطوبة على الوزن يكون في غير محله.
2 - من المقرر أن مرجع الأمر في تحري أوصاف الخبز هو الحواس الطبيعية لمن يقوم بالضبط كالنظر واللمس ولا يوجب القانون أو الواقع عليه أن يتخذ طريقة خاصة لإثبات المخالفة [(1)]. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عول في إثبات إنتاج الطاعنين خبز "جمهورية" على أقوال مفتش التموين وعلى اعتراف الطاعنين، فإن ذلك - متى صح إسناد الاعتراف إليهما - يعد تدليلاً كافياً على توافر هذه الجريمة.
3 - المنازعة في كون الخبز موضوع الجريمة هو "جمهورية" ليست إلا دفاعاً موضوعياً لا يستأهل رداً خاصاً إذ يستفاد الرد عليه من أدلة الإثبات التي أخذ بها الحكم المطعون فيه.
4 - جريمة إنتاج خبز دون الوزن المقرر معاقب عليها كيفما كان عدد الأرغفة التي وجدت ناقصة، ذلك بأن ما نص عليه قرار وزير التموين من ضرورة وزن معين من الأرغفة إنما ورد على سبيل التنظيم لا الإلزام، ولم يقصد به سوى مجرد الإرشاد والتوجيه للموظفين التابعين له المنوط بهم المراقبة وإثبات المخالفات ليتم عملهم على وجه سليم ودقيق دون أن يؤثر هذا النص على الحق المقرر للقاضي بمقتضى القانون في استمداد عقيدته من عناصر الإثبات المطروحة أمامه في الدعوى بغير أن يتقيد بدليل معين.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 17 يوليو سنة 1966 بدائرة بندر الزقازيق محافظة الشرقية (أولاً) صنعاً خبزاً أفرنجياً يقل وزنه عن الوزن المقرر قانوناً (ثانياً) أنتجا خبزاً قبل الحصول على ترخيص بذلك من الجهات المختصة. وطلبت عقابهما بالمواد 1 و5 و8 و56 و57 و58 من المرسوم بقانون 95 لسنة 1945 والمواد 34 م و38 من القرار رقم 90 لسنة 1957. ومحكمة بندر الزقازيق قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين ستة شهور مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات وتغريم كل منهما مائة جنيه وذلك عن كل من التهمتين الأولى والثانية والمصادرة. فاستأنف المحكوم عليهما هذا الحكم ومحكمة الزقازيق الكلية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن وكيل المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما في جريمتي إنتاج خبز يقل عن الوزن المقرر، وإنتاج خبز "جمهورية" قبل الحصول على ترخيص بذلك، جاء مشوباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والخطأ في القانون وفي الإسناد، ذلك بأنهما دفعا الاتهام بأن الخبز الأفرنكي المضبوط كان قد أنتج في اليوم السابق على الضبط وفي يوم من أيام الصيف، وكان يتعين إجراء تحليل للخبز الأفرنكي لمعرفة مدى مطابقته للمواصفات وبيان نسبة الرطوبة فيه لتعرف سبب العجز في الوزن وهل لمضي مدة على الإنتاج وحرارة الجو أثر في ذلك أم لا. كما كان يتعين أيضاً تحليل الخبز "جمهورية" لبيان ما إذا كان من النوع الذي يشترط لإنتاجه الحصول على ترخيص خاص، أم أنه من نوع الفطائر والحلوى المصرح لهما بإنتاجهما وقد خلا الحكم من الرد على هذا الدفاع. كما أن مفتش التموين وزن 41 رغيفاً فقط وكان يتعين عليه أن يزن 50 رغيفاً، ثم إن الحكم أسند إليهما أنهما اعترفا في محضر الاستدلالات بما أسند إليهما، وهو قول ليس له أصل في الأوراق، وفي ذلك ما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: "من حيث إن واقعة الدعوى تخلص فيما أثبته أحمد عماد الدين المفتش بمديرية تموين الشرقية بمحضره المؤرخ 17/ 7/ 1969 بأنه توجه في ذلك اليوم للمخبز المملوك للمتهم الأول (الطاعن الأول) والذي يقوم بإنتاج الخبز الأفرنكي للتفتيش عليه ووجد به المتهم الأول مالك المخبز والثاني (الطاعن الثاني) ويعمل به خراطاً ووجد به كمية من الخبز الأفرنكي العادي الحجم الكبير، كما وجد نوعاً آخر من الخبز المسمى باسم "جمهورية عادية" غير مصرح للمخبز بإنتاجه، وقام بوزن الخبز الأفرنكي على ميزان حساس مدموغ بخاتم سنة 1968 وتبين أن متوسط العجز في الرغيف الواحد 6.1 جم ثم أورد الحكم الأدلة على ثبوت التهمتين المسندتين إلى الطاعنين في حقهما وقد أضاف إليهما الحكم الاستئنافي قوله وتضيف إليها (أي أسباب محكمة أول درجة) أن شاهد الإثبات شهد أمام محكمة ثاني درجة بارتكاب كل من المتهمين للتهمتين المسندتين إليهما، كما أن المتهمين قد اعترفا بالتهمة الثانية المسندة إليهما بمحضر جمع الاستدلالات مما ترى معه المحكمة أن الحكم المستأنف في محله ويتعين لذلك تأييده". لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأخيرة من المادة 34 مكرر ( أ ) من القرار الوزاري رقم 90 لسنة 1957 المضافة بالقرار الوزاري رقم 48 لسنة 1962 المعدلة بالقرار رقم 282 لسنة 1967 قد نصت صراحة على أنه لا يتسامح في وزن الخبز الأفرنكي بأنواعه المختلفة بسبب الجفاف. ولما كان الحكم المطعون فيه قد بين النقص في الخبز الأفرنكي المضبوط عن الوزن المقرر قانوناً، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن جريمة صنع خبز أقل من الوزن المقرر قانوناً يتحقق قيامها بصنع الأرغفة ناقصة الوزن، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم من التفاته عن بحث أثر نسبة الرطوبة على الوزن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مرجع الأمر في تحري أوصاف الخبز هو الحواس الطبيعية لمن يقوم بالضبط كالنظر واللمس ولا يوجب القانون أو الواقع عليه أن يتخذ طريقة خاصة لإثبات المخالفة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عول في إثبات إنتاج الطاعنين خبز "جمهورية" على أقوال مفتش التموين وعلى اعتراف الطاعنين. فإن ذلك، - متى صح إسناد الاعتراف إليهما - يعد تدليلاً كافياً على توافر هذه الجريمة ومن ثم فإن المنازعة في كون الخبز موضوع الجريمة المذكورة هو "جمهورية" ليست إلا دفاعاً موضوعياً لا يستأهل رداً خاصاً إذ يستفاد الرد عليه من أدلة الإثبات التي أخذ بها الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكانت جريمة إنتاج خبز دون الوزن المقرر معاقب عليها كيفما كان عدد الأرغفة التي وجدت ناقصة، ذلك بأن ما نص عليه قرار وزير التموين من ضرورة وزن عدد معين من الأرغفة إنما ورد على سبيل التنظيم لا الإلزام، وإذ لم يقصد به سوى مجرد الإرشاد والتوجيه للموظفين التابعين له المنوط بهم المراقبة وإثبات المخالفات ليتم عملهم على وجه سليم ودقيق، دون أن يؤثر هذا النص على الحق المقرر للقاضي بمقتضى القانون في استمداد عقيدته من عناصر الإثبات المطروحة أمامه في الدعوى بغير أن يتقيد بدليل معين. لما كان ذلك، وكان الثابت من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن، صحة ما نسبه الحكم المطعون فيه للطاعنين من اعترافهما بارتكاب التهمة الثانية من أنهما أنتجا خبزاً "جمهورياً" بدون ترخيص، فإن ما يثير أنه من قالة الخطأ في الإسناد في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس واجب الرفض موضوعاً.


[(1)] راجع أيضاً نقض جنائي السنة 19 ص 846 والطعن رقم 317 لسنة 39 ق جلسة 5/ 4/ 1970 (لم ينشر).