أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 798

جلسة أول يونيه سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمود العمراوي، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، وطه محمد دنانة، ومصطفى الأسيوطي.

(186)
الطعن رقم 627 لسنة 40 القضائية

( أ ) نقض. "المصلحة في الطعن". عقوبة. "العقوبة المبررة". ارتباط. ضرب. سلاح.
إعمال الحكم المادة 32/ 2 عقوبات للارتباط بين جرائم الضرب وإحراز السلاح والذخيرة بدون ترخيص التي دان الطاعنين بها وتوقيعه عليهما عقوبة تدخل في حدود العقوبات المقررة لأشد الجرائم الثلاث وهي جريمة إحراز السلاح الناري والتي لم يثر الطاعنان شيئاً بشأنها في أوجه الطعن. لا مصلحة لهما فيما أثاراه تعييباً للحكم في شأن جنحة الضرب.
(ب) أسباب الإباحة. "الدفاع الشرعي". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
مثال لتسبيب معيب في نفي حالة الدفاع الشرعي.
1 - متى كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجنحة إحداث جروح عمداً بالمجني عليهم أعجزت بعضهم عن أشغالهم الشخصية مدة تزيد عن العشرين يوماً وجناية إحراز أسلحة نارية غير مششخنة وذخائر بدون ترخيص، وأعمل في حقهما المادة 32/ 2 من قانون العقوبات للارتباط، وأنزل بكل منهما عقوبة واحدة وهي عقوبة الجريمة الأشد، وكانت العقوبة الموقعة عليهما وهي الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمهما خمسمائة جنيه عن التهم الثلاث المسندة إليهما، داخلة في حدود العقوبات المقررة لجناية إحراز سلاح ناري غير مششخن والتي لم يثر الطاعنان شيئاً بشأنها بأوجه الطعن، فلا مصلحة لهما فيما أثاراه تعييباً للحكم في شأن جنحة الضرب مما يتعين معه رفض الطعن في الشق الخاص بالدعوى الجنائية.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه بنى قضاءه بإلزام الطاعنين بالتعويض على ثبوت وقوع الفعل الضار منهما وهو إحداث الجروح بالمدعى بالحق المدني وأطرح دفاعهما بقيام حالة الدفاع الشرعي عن مال زوجة أولهما وهو ملكيتها لمحصول القطن الذي كان المجني عليهم يقومون بحصاده، استناداً إلى أنه كان في استطاعة الطاعنين الالتجاء إلى رجال السلطة العامة، فإن ما قرره الحكم من ذلك لا يصلح على إطلاقه سبباً لنفي حالة الدفاع الشرعي لأن الأمر في هذه الحالة يتطلب أن يكون هناك من ظروف الزمن وغيره ما يسمح بالرجوع إلى هذه السلطة قبل وقوع الاعتداء بالفعل، وهو ما أمسك الحكم عن استظهاره والقول بغير ذلك مؤد إلى تعطيل النص الصريح الذي يخول حق الدفاع لرد أفعال التعدي على المال تعطيلاً تاماً، مما لازمه أنه كان يتعين على المحكمة أن تبحث فيمن له ملكية القطن الذي كان يجري جنيه للتحقق من قيام أو عدم قيام المجني عليهم بسرقته، لما لذلك من أثره في ثبوت أو انتفاء حق الدفاع الشرعي عن المال طبقاً للفقرة الثانية من المادة 246 من قانون العقوبات، وما يترتب على ذلك من مسئولية أو عدم مسئولية الطاعنين عن التعويض المطالب به طبقاً للمادة 166 من القانون المدني. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصر البيان فيما قضى به من تعويض مما يتعين معه نقضه في خصوصه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 23 من أغسطس سنة 1968 بناحية مركز بركة السبع محافظة المنوفية: (أولاً) شرعا في قتل المرسي نصر زايدة وصابر إبراهيم نصر زايدة وصابر المرسي نصر زايدة وجمالات علي شلبي عمداً ومع سبق الإصرار، بأن عقدا العزم على قتلهم وأعدا لذلك سلاحين ناريين وتوجها إلى المكان الذي أيقنا وجودهم فيه وأطلقا عليهم عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتلهم فأحدثا بهم الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو مداركة المجني عليهم بالعلاج. (ثانياً) أحرز كل منهما سلاحاً نارياً غير مششخن. (ثالثاً) أحرز كل منهما ذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية دون أن يكون مرخصاً لهما في حيازة السلاح وإحرازه. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقاً للمواد 45 و46 و230 و231 من قانون العقوبات و1 و6 و26/ 1 - 4 من القانون رقم 394 سنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 سنة 1954 و75 سنة 1958 والجدول رقم 2 فقرر بذلك. وادعى "المجني عليه" مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضورياً عملاً بالمواد 241/ 1، 242/ 1 من قانون العقوبات، 1/ 1، 6، 26/ 1 - 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 سنة 1954، 75 لسنة 1958 والجدول رقم 2 الملحق به (أولاً): بمعاقبة المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وغرامة 500 قرش عن التهم الثلاث (ثانياً) بإلزامهما أن يدفعا متضامنين مبلغ 100 ج للمدعى المدني على سبيل التعويض والمصاريف. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم الضرب العمد وإحراز الأسلحة النارية غير المششخنة والذخائر بغير ترخيص قد خالف الثابت في الأوراق وأخطأ في القانون وانطوى على إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب ذلك بأنه أثبت على خلاف الواقع أن الشهود أجمعوا على أنه لم يكن هناك أحد آخر مع الطاعنين أثناء إطلاق الأعيرة النارية وذلك في سياق الرد على الدفع بشيوع التهمة. وطرح دفاع الطاعنين من أنهما كانا في حالة دفاع شرعي عن المال لرد اعتداء المجني عليهم على زراعة القطن المملوكة لزوجة الطاعن الأول تأسيساً على أنه كان بوسع الطاعنين الالتجاء إلى السلطة العامة وهو ما لا يصلح سبباً لنفي هذه الحالة بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجنحة إحداث جروح عمداً بالمجني عليهم أعجزت بعضهم عن أشغالهم الشخصية مدة تزيد عن العشرين يوماً وجناية إحراز أسلحة نارية غير مششخنة وذخائر بدون ترخيص، وأعمل في حقهما المادة 32/ 2 من قانون العقوبات للارتباط، وأنزل بكل منهما عقوبة واحدة وهي عقوبة الجريمة الأشد، وكانت العقوبة الموقعة عليهما، وهي الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمهما 500 ج عن التهم الثلاث المسندة إليهما - داخلة في حدود العقوبات المقررة لجناية إحراز سلاح ناري غير مششخن والتي لم يثر الطاعنان شيئاً بشأنها بأوجه الطعن فلا مصلحة لهما فيما أثاراه تعيبا للحكم في شأن جنحة الضرب، مما يتعين معه رفض الطعن في الشق الخاص بالدعوى الجنائية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بنى قضاءه بإلزام الطاعنين بالتعويض على ثبوت وقوع الفعل الضار منهما وهو إحداث الجروح بالمدعى بالحق المدني وأطرح دفاعهما بقيام حالة الدفاع الشرعي عن مال زوجة أولهما وهو ملكيتها لمحصول القطن الذي كان المجني عليهم يقومون بحصاده، استناداً إلى أنه كان في استطاعة الطاعنين الالتجاء إلى رجال السلطة العامة، فإن ما قرره الحكم من ذلك لا يصلح على إطلاقه سبباً لنفي حالة الدفاع الشرعي، لأن الأمر في هذه الحالة يتطلب أن يكون هناك من ظروف الزمن وغيره ما يسمح بالرجوع إلى هذه السلطة قبل وقوع الاعتداء بالفعل، وهو ما أمسك الحكم عن استظهاره، والقول بغير ذلك مؤد إلى تعطيل النص الصريح الذي يخول حق الدفاع لرد أفعال التعدي على المال تعطيلاً تاماً، مما لازمه أنه كان يتعين على المحكمة أن تبحث فيمن له ملكية القطن الذي كان يجري جنيه للتحقيق من قيام أو عدم قيام المجني عليهم بسرقته لما لذلك من أثره في ثبوت أو انتفاء حق الدفاع الشرعي عن المال طبقاً للفقرة الثانية من المادة 246 من قانون العقوبات، ومما يترتب على ذلك من مسئولية أو عدم مسئولية الطاعنين عن التعويض المطالب به طبقاً للمادة 166 من القانون المدني. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً البيان فيما قضى به من تعويض مما يتعين معه نقضه في خصوصه والإحالة.