أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 987

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: يعيش رشدي، ومحمد وهبه، وأحمد طاهر خليل، ومحمد عبد الحميد صادق.

(202)
الطعن رقم 685 لسنة 47 القضائية

(1 – 3) مواد مخدرة: تفتيش "التفتيش بإذن – إصداره". بطلان. محكمة الموضوع . "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". شهادة "قانون" تفسيره. عقوبة "عقوبة تكميلية". مصادرة.
1 - تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
2 - حق محكمة الموضوع في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من عناصر الدعوى. مثال. لها ألا تأخذ بقالة شهود النفي. ما دامت لم تطمئن إليها.
3 - عقوبة المصادرة المنصوص عليها بالمادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 قصرها على الجواهر أو النباتات المضبوطة والأدوات ووسائل النقل التي استخدمت في ارتكاب الجريمة. عدم اتساع نص المادة لما يضبط من نقود مع المتهم.
1 - لما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره – كما هو الشأن في الدعوى المطروحة وأقرت النيابة على تصرفها في ذلك الشأن، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد أقوال ضابط قسم مكافحة المخدرات شاهد الإثبات بما مؤداه أن تحرياته وما قام به شخصياً من المراقبة قد أوقفاه على أن الطاعن والمتهم الآخر معه يشتركان سوياً في الاتجار بالمواد المخدرة ويتخذان من مسكن الثاني مقراً لممارسة نشاطهما فحصل على إذن من النيابة العامة بتفتيشها وتفتيش مسكنيهما وإذا انتقل لتنفيذ هذا الإذن التقى بالمتهم الأول بالقرب من مسكنه وكان يحمل بيده كيساً من الورق ما لبث أن أسقطه على الأرض حين رآه يجد نحوه فقام بالقبض عليه وتفتيشه فعثر بجيب بنطلونه على لفافة من ورق السلوفان الأحمر بها ثلاث قطع من مخدر الحشيش كما وجد بالكيس الذي أسقطه طربتين كاملتين من ذات المخدر مغلقتين بالقماش ثم صحب هذا المتهم إلى مسكنه لتفتيشه فوجد المتهم الثاني الطاعن – هناك يجلس على أريكة بحجرة إلى يسار الداخل وكان يمسك بيده لفافة من ورق السلوفان الأحمر تنطوي على قطعة من مخدر الحشيش يحاول أن يضعها في كيس كبير من النايلون وإلى جواره أربع لفافات تنتظر دورها لتوضع بالكيس. وقد اتخذ الحكم من أقوال الضابط على النحو المتقدم دليلاً على ثبوت الاتهام قبل الطاعن وزميله بعد أن اطمأن إلى صدق تلك الأقوال وبما استخلصه منها من قرائن تؤكد يقين المحكمة فيما انتهت إليه من اشتراك المتهمين سوياً في الاتجار بالمواد المخدرة وهذه القرائن تتمثل في أن ما ضبط مع كليهما هو مخدر الحشيش وأن بعض القطع التي ضبطت مع كل منهما قد لفت في ورق السلوفان الأحمر. ولما كان الطاعن لا يماري صحة ما نقله الحكم من أقول الضابط شاهد الإثبات، وكان ما استخلصه الحكم من تلك الأقوال سائغاً فإنه لا يقبل من الطاعن المجادلة فيه أمام محكمة النقض.
2 - لما كان ما يثيره الطاعن من التفات المحكمة عما أبداه من دفاع في شأن مكان ضبطه المؤيد بأقوال شهود النفي مردوداً بما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن لها أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنه لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد.
3 - لما كانت المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها تقضي بوجوب الحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة أو النباتات المضبوطة وكذلك الأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه أنه ضبط مع الطاعن – إلى جانب المواد المخدرة والميزان المعد لاستخدامه فيها – مبلغ من أوراق العملة المصرية واللبنانية والإنجليزية وكان الحكم قد قضى بمصادرة المضبوطات بالتطبيق لنص المادة 42 سالفة الذكر مما مفاده انصراف المصادرة إلى جميع المضبوطات فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه – إعمالاً لنص المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1956 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض – القضاء بتصحيحه فيما قضى به من عقوبة المصادرة بقصرها على الميزان والجواهر المخدرة المضبوطة ورفض الطعن فيما عدا ذلك.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما أحرزا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بواد الاتهام فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و34 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرافق بمعاقبة المتهم (الطاعن) بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبغرامة قدرها خمسة آلاف جنيه والمصادرة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار قد شابه فساد في الاستدلال وخطأ في الاستناد وقصور في التسبيب كما أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم استدل على ثبوت الاتهام قبل الطاعن من التحريات التي اطمأن إلى جديتها لإصدار إذن التفتيش بما لا يؤدي إليه عقلاً كما عول في قضائه بالإدانة على أن الطاعن والمتهم الآخر معه يتخذان من مسكن الأخير مقراً لمزاولة نشاطها في ترويج المواد المخدرة وأن ما ضبط مع الطاعن من مخدر يماثل ما تم ضبطه مع المتهم الآخر من حيث نوع المادة وورق بعض لفافاتها وكل ذلك على خلاف الثابت بالأوراق إذ جاء بمحضر التحريات وإذن التفتيش أنهما يقيمان سوياً في مسكن واحد ولم تقم المحكمة بمناظرة المضبوطات حتى تتحقق من تماثلها وخلا تقرير المعامل الكيماوية مما يؤيد ذلك كما التفت الحكم عما أثاره الطاعن مؤيداً بأقوال شهود النقي من أنه ضبط بمسكن زوجته وليس بمسكن المتهم الآخر. هذا إلى أن الحكم قد أخطأ في القانون حين قضى بمصادرة ما ضبط مع الطاعن من نقود وساعة وحليه ذهبية. كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه يبين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر التي دان الطاعن بها، وأقام عليها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره – كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد أقوال ضابط قسم مكافحة المخدرات شاهد الإثبات بما مؤداه أن تحرياته وما قام به شخصياً من المراقبة قد أوقفاه على أن الطاعن والمتهم الآخر معه يشتركان سوياً في الاتجار بالمواد المخدرة ويتخذان من مسكن الثاني مقراً لممارسة نشاطهما فحصل على إذن من النيابة العامة بتفتيشهما وتفتيش مسكنيهما وإذ انتقل لتنفيذ هذا الإذن التقى بالمتهم الأول بالقرب من مسكنه وكان يحمل بيده كيساً من الورق ما لبث أن أسقطه على الأرض حين رآه يجد نحوه فقام بالقبض عليه وتفتيشه تعثر بجيب بنطلونه على لفافة من ورق السلوفان الأحمر بها ثلاث قطع من مخدر الحشيش كما وجد بالكيس الذي أسقطه طربتين كاملتين من ذات المخدر مغلفتين بالقماش ثم صحب هذا المتهم إلى مسكنه لتفتيشه فوجد المتهم الثاني الطاعن – هناك يجلس على أريكة بحجرة إلى يسار الداخل وكان يمسك بيده لفافة من ورق السلوفان الأحمر تنطوي على قطعة من مخدر الحشيش يحاول أن يضعها في كيس كبير من النايلون وإلى جواره أربع لفافات تنتظر دورها لتوضع بالكيس. وقد اتخذ الحكم من أقوال الضابط على النحو المتقدم دليلاً على ثبوت الاتهام قبل الطاعن وزميله بعد أن اطمأن إلى صدق تلك الأقوال وبما استخلصه منها من قرائن تؤكد يقين المحكمة فيما انتهت إليه من اشتراك المتهمين سوياً في الاتجار بالمواد المخدرة وهذه القرائن تتمثل في أن ما ضبط مع كليهما هو مخدر الحشيش وأن بعض القطع التي ضبطت مع كل منهما قد لفت في ورق السلوفان الأحمر. ولما كان الطاعن لا يماري في صحة ما نقله الحكم من أقول الضابط شاهد الإثبات، وكان ما استخلصه الحكم من تلك الأقوال سائغاً فإنه لا يقبل من الطاعن المجادلة فيه أمام محكمة النقض فإن منعي الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من التفات المحكمة عما أبداه من دفاع في شأن مكان ضبطه المؤيد بأقوال شهود النفي مردوداً بما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنه أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن لها أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كانت المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها تقضي بوجوب الحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة أو النباتات المضبوطة وكذلك الأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه أنه ضبط مع الطاعن – إلى جانب المواد المخدرة والميزان المعد لاستخدامه فيها – مبلغ من أوراق العملة المصرية واللبنانية والإنجليزية، وكان الحكم قد قضى بمصادرة المضبوطات بالتطبيق لنص المادة 42 سالفة الذكر مما مفاده انصراف المصادرة إلى جميع المضبوطات فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه – إعمالاً لنص المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض – تصحيحه فيما قضى به من عقوبة المصادرة بقصرها على الميزان والجواهر المخدرة المضبوطة ورفض الطعن فيما عدا ذلك.