أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 993

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: يعيش رشدي، ومحمد محمد وهبه، وأحمد طاهر خليل، ومحمد عبد الحميد صادق.

(203)
الطعن رقم 692 لسنة 47 القضائية

(1 – 2) قتل عمد. أسباب الإباحة. "الدفاع الشرعي". قصد جنائى. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "بوجه عام".
(1) الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي. وجوب أن يكون جدياً وصريحاً. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض. ما لم تكن مدونات الحكم تظاهره.
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي. موضوعي.
(2) استخلاص نية القتل من عناصر الدعوى. موضوعي.
1 - من المقرر أن التمسك بحالة الدفاع الشرعي يجب – حتى يلتزم الحكم بالرد عليه – أن يكون جدياً وصريحاً أو أن تكون الواقعة كما أثبتها الحكم ترشح لقيام هذه الحالة. لما كان ذلك، وكان ما ورد على لسان المدافع عن الطاعن لا يفيد التمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي ولا يفيد دفعاً جدياً حتى تلتزم المحكمة بالرد عليه فلا يحق للطاعن أن ينعي على المحكمة بأنها لم تتحدث في حكمها بإدانته عن انتفاء هذه الحالة لديه ما دامت هي لم تر من جانبها بعد تحقيق الدعوى قيام هذه الحالة – لما كان ذلك، وكان تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها يتعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبت عليها، وكان الثابت من الحكم أن المجني عليه استصدر حكماً بطرد الطاعن من مسكنه مما أثار حفيظة هذا الأخير وأنه في ليلة الحادث ذهب إلى المنزل لرؤية ولديه اللذين تركهما في رعاية والده فرأى المجني عليه مستغرقاً في النوم على عربة أمام المنزل فصمم على الانتقام منه بقتله وأحضر مطواة حادة طول نصلها حوالي 15 سنتيمتراً وفاجأه مسدداً إليه عدة طعنات في أماكن مختلفة بالصدر والبطن والساعد الأيسر فأحدث به الإصابات الموضحة بالتقرير الطبي والتي كادت تودي بحياته لولا تداركه بالعلاج، فإن هذا الذي حصله الحكم ينفي حالة الدفاع الشرعي كما هي معرفة به في القانون.
2 - لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان الحكم قد دلل على هذه النية تدليلاً سائغاً واضحاً في إثبات توافرها لدى الطاعن وكان البين من مساق الحكم أن ما قاله في معرض هذا التدليل من أن الطاعن كان متحاملاً على المجني عليه بسبب إقدامه على تنفيذ حكم بطرده من مسكنه وما ترتب على ذلك من تشتت شمل الأسرة وتعرضها لكثير من المتاعب مما أثار حفيظته عليه وما أن صادفه لدى زيارته لأبيه ليلة الحادث أمام باب المنزل حتى عاد إليه حاملاً مطواة طول نصلها 15 سنتيمتراً وسدد إليه بها عدة طعنات في مقاتل من جسمه بينما كان مستغرقاً في النوم مما يقطع بانصراف نيته إلى إزهاق روح المجني عليه وهو ما يتسق مع ذكره فيما أورده بياناً لواقعة الدعوى وما تضمنه التقرير الطبي الشرعي من أن إصابات المجني عليه بالصدر والبطن خطرة وفي مقتل، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في شأن استدلاله على توافر نية القتل يكون غير سديد، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه شرع في قتل...... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقد العزم على قتله وأعد لذلك آلة حادة "مدية" وطعنه بها أثناء نومه أمام باب منزله قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو تدارك المجني عليه بالعلاج. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بمواد الاتهام، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45 و46 و234/ 1 والمادة 30/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة خمس سنوات والمصادرة فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الشروع في القتل قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يعرض لحالة الدفاع الشرعي التي أثارها الطاعن في دفاعه كما لم يدلل على توافر نية القتل لدى الطاعن بما يصلح لذلك، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الشروع في القتل التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة مستقاة من أقوال شهود الإثبات ومن اعتراف الطاعن في التحقيقات ومن التقرير الطبي الشرعي وهى أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن قال في مرافعته "المتهم قال إنه اعترف بالضرب وكان سكران وذلك عقب اعتداء المجني عليه على المتهم بضربه قلمين وبالجزمة ومنعه من الدخول وذلك إهانة" ثم أنهى مرافعته بقوله "والمتهم قال أنا ضربت المجني عليه ولم أقصد قتله ولما سئل عن قصده قال لم أقصد شيئاً ولكن كنت أدافع عن نفسي" ولما كان من المقرر أن التمسك بحالة الدفاع الشرعي يجب – حتى يلتزم الحكم بالرد عليه – أن يكون جدياً وصريحاً أو أن تكون الواقعة كما أثبتها الحكم ترشح لقيام هذه الحالة، وكان ما ورد على لسان المدافع عن الطاعن على النحو المتقدم لا يفيد التمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي ولا يفيد دفعاً جدياً حتى تلتزم المحكمة بالرد عليه فلا يحق للطاعن أن ينعي على المحكمة بأنها لم تتحدث في حكمها بإدانته عن انتفاء هذه الحالة لديه ما دامت هي لم تر من جانبها بعد تحقيق الدعوى قيام هذه الحالة – لما كان ذلك، وكان تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها يتعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبت عليها، وكان الثابت من الحكم أن المجني عليه استصدر حكماً بطرد الطاعن من مسكنه مما أثار حفيظة هذا الأخير وأنه في ليلة الحادث ذهب إلى المنزل لرؤية ولديه اللذين تركهما في رعاية والده فرأى المجني عليه مستغرقاً في النوم على عربة أمام المنزل فصمم على الانتقام منه بقتله وأحضر مطواة حادة طول نصلها حوالي 15 سنتيمتراً وفاجأه مسدداً إليه عدة طعنات في أماكن مختلفة بالصدر والبطن والساعد الأيسر فأحدث به الإصابات الموضحة بالتقرير الطبي والتي كانت تودي بحياته لولا تداركه بالعلاج، فإن هذا الذي حصله الحكم ينفي حالة الدفاع الشرعي كما هي معرفة به في القانون. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان الحكم قد دلل على هذه النية تدليلاً سائغاً واضحاً في إثبات توافرها لدى الطاعن، وكان البين من مساق الحكم أن ما قاله في معرض هذا التدليل من أن الطاعن كان متحاملاً على المجني عليه بسبب إقدامه على تنفيذ حكم بطرده من مسكنه وما ترتب على ذلك من تشتت شمل الأسرة وتعرضها لكثير من المتاعب بما أثار حفيظته عليه وما أن صادفه لدى زيارته لأبيه ليلة الحادث أمام باب المنزل حتى عاد إليه حاملاً مطواة طول نصلها حوالي 15 سنتيمتراً وسدد إليه بها عدة طعنات في مقاتل من جسمه بينما كان مستغرقاً في النوم مما يقطع بانصراف نيته إلى إزهاق روح المجني عليه وهو ما يتسق مع ما ذكره فيما أورده بياناً لواقعة الدعوى وما تضمنه التقرير الطبي الشرعي من أن إصابات المجني عليه بالصدر والبطن خطرة وفي مقتل، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في شأن استدلاله على توافر نية القتل يكون غير سديد – لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.