أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 844

جلسة 8 من يونيه سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، وطه الصديق دنانة، ومصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد ماهر حسن.

(199)
الطعن رقم 570 لسنة 40 القضائية

(أ، ب، ج) تموين. خبز. إثبات. "بوجه عام". "اعتراف". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". جريمة. "أركانها".
( أ ) لا عبرة باعتراف المتهم في شأن وزن الخبز. العبرة في هذا الخصوص بالميزان. إشارة الحكم إلى الاعتراف على غير صحة. لا يقدح في سلامة الحكم.
(ب) مجرد إنتاج خبز أقل وزناً من المقرر. تتحقق به جريمة إنتاجه كذلك.
(ج) تحديد المادة 26 من قرار التموين 90 لسنة 1957 المدة اللازمة لوزن الخبز بارداً بعد التهوية. بثلاث ساعات كحد أدنى. عدم تحديد هذه المادة حداً أقصى لهذه التهوية.
1 - متى كان يبين من مراجعة الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه، أنه في معرض الاستناد إلى أدلة الإدانة بجريمة صنع خبز بلدي أقل من الوزن المقرر، عول على المحضر الذي قام به مفتش التموين وما ورد فيه من أن أوزان للخبز بناء على قيامه بوزنه، فإن هذا الاستدلال كاف وحده، ولا وجه لغيره، ذلك بأن الوزن لا يعول فيه إلا على الميزان، أما الاعتراف فليس من الأدلة التي يمكن أن يؤخذ بها في هذا الشأن، حتى تعتبر الإشارة إليه على غير صحة، قادحاً في الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد، إذ هو يكون حينئذ إرسالاً للقول لا ينبني عليه حكم ولا يقوم به قضاء.
2 - إن جريمة إنتاج خبز يقل وزنه عن المقرر، تتم قانوناً بمجرد إنتاجه كذلك، على اعتبار أن التأثيم في هذه الجريمة يكمن أساساً في مخالفة أمر الشارع بالتزام أوزان معينة في إنتاج الخبز تحقيقاً لاعتبارات ارتآها، ومن ثم فإنه يكفي لقيام تلك الجريمة في حق الصانع علمه بأن فعله مخالف للقانون أو قعوده عن مراعاة تنفيذ أحكامه دون انتظار لتمامه.
3 - المدة التي حددتها المادة 26 من قرار وزير التموين رقم 90 لسنة 1957 المعدل بالقرار رقم 63 لسنة 1960 لوزن الخبز البلدي البارد بعد تمام تهويته، بثلاث ساعات، هي حد أدنى لإتمام التهوية، ولم تحدد لها حداً أقصى، ومن ثم فإن الركون إلى شهود النفي أو محرر المحضر لتحديد المدة بأكثر من ثلاث ساعات، يكون غير منتج في الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 9 نوفمبر سنة 1968 بدائرة قسم المنتزه محافظة الإسكندرية: صنع خبزاً بلدياً يقل عن الوزن المقرر قانوناً. وطلبت عقابه بالمواد 1 و8 و56 من القانون رقم 95 لسنة 1945 والمواد 24 و36 و38/ 3 من القرار رقم 90 لسنة 1957 المعدل. ومحكمة الإسكندرية المستعجلة الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وتغريمه 100 ج وكفالة 10 ج لوقف التنفيذ مع المصادرة وشهر ملخص الحكم على واجهة المخبز لمدة ستة أشهر. فاستأنف، ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه، وتأييد الحكم المستأنف. فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانه بجريمة صنع خبز بلدي يقل عن الوزن المقرر قانوناً قد شابه القصور في التسبيب وانطوى على خطأ في الإسناد، وبنى على الإخلال بحق الدفاع، كما أخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن الطاعن دفع بأن نسب العجز في الرغيف وقدره 5.75 جرام تدخل ضمن نسب العجز المسموح به قانوناً وقدره 5% من وزن الرغيف، غير أن المحكمة التفتت عن الإشارة إلى هذا الدفاع والرد عليه. كما لم تستجب المحكمة إلى طلب سماع محرر المحضر وشهود النفي حول واقعة إنتاج الخبز قبل الساعة السابعة صباحاً أي قبل حضور محرر المحضر بأكثر من ثلاث ساعات، وعول الحكم المستأنف في إدانة الطاعن على اعتراف نسبة إلى الطاعن على خلاف الثابت في الأوراق. هذا إلى أن المادة 24 من القانون رقم 90 لسنة 1957 المعاقب بها الطاعن قصد بها عدم استغلال صاحب المخبز للمستهلك، ولهذا فهي لا تخلق جريمة بمجرد إنتاج الخبز وإنما تقوم الجريمة عند بيع الخبز للمستهلك.
وحيث إن الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه. بين في معرض إيراده لواقعة الدعوى أن متوسط وزن الرغيف البلدي الذي أنتجه الطاعن هو 122.5 جراماً ناقصاً عن المقرر قانوناً 5.75 جراماً، وما أورده الحكم فيما تقدم صحيح في القانون، ذلك بأن المادة 24 من قرار وزير التموين رقم 90 لسنة 1957 المعدل بالقرار رقم 282 لسنة 1965 والمعدل بالقرار رقم 24 لسنة 1968 الذي كان سارياً وقت وقوع الجريمة قد حدد وزن الرغيف من الخبز البلدي في محافظة الإسكندرية وكان الحادث بـ 135 جراماً وليس 128.25 جراماً - كما ذكر الطاعن - وقد نصت المادة 26 من ذات القرار على أن يكون التسامح في الوزن بسبب الجفاف الطبيعي للخبز هو على الأكثر 5% للخبز البارد، ومفاد ذلك أن وزن الرغيف البلدي بعد استنزال النسبة المسموح بها بسبب الجفاف الطبيعي للخبز بعد التهوية وجب أن يكون 128.25 جراماً. لما كان ذلك، فإن منعي الطاعن بأن نقص الوزن يدخل في الحد المسموح به يكون على غير أساس إذ لا يجوز إجراء هذا الخصم بسبب الجفاف - مرتين - وهو دفاع لا تلتزم المحكمة بالرد عليه صراحة ذلك أن استواء حكم القانون على الواقعة لا يحتاج إلى بيان. لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من إخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس وذلك بغير حاجة من الحكم للرد على دفاع الطاعن الذي أشار إليه في وجه طعنه، ما دام أنه دفاع ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في شأن عدم استجابة المحكمة لسماع شهود النفي حول واقعة إنتاج الخبز قبل الساعة السابعة صباحاً أي قبل حضور محرر المحضر بأكثر من ثلاث ساعات مردوداً بأنه لا جدوى منه ذلك بأن المدة التي حددتها المادة 26 من قرار وزير التموين رقم 90 لسنة 1957 المعدل بالقرار رقم 63 لسنة 1960 لوزن الخبز البارد بعد تمام تهويته بثلاث ساعات هي حد أدنى لإتمام عملية التهوية ولم تحدد لها حداً أقصى. ومن ثم فإن الركون إلى شهود النفي أو محرر المحضر لتحديد المدة بأكثر من ثلاث ساعات يكون غير منتج وبالتالي يكون النعي في هذا الصدد على غير أساس. لما كان ذلك، وكان يبين من مراجعة الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه أنه في معرض الاستناد إلى أدلة الإدانة بجريمة صنع خبز بلدي أقل من الوزن المقرر عول على المحضر الذي قام به مفتش التموين وما ورد فيه من أوزان للخبز بناء على قيامه بوزنه وهو استدلال كاف وحده، ولا وجه لغيره، ذلك بأن الوزن لا يعول فيه إلا على الميزان أما الاعتراف فليس من الأدلة التي يمكن أن يؤخذ بها في هذا الشأن حتى تعتبر الإشارة إليه على غير صحته قادحاً في الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد، إذ هو يكون حينئذ إرسالاً للقول لا ينبني عليه حكم، ولا يقوم به قضاء. ولما كانت جريمة إنتاج خبز يقل وزنه عن المقرر تتم قانوناً بمجرد إنتاجه كذلك على اعتبار أن التأثيم في هذه الجريمة يكمن أساساً في مخالفة أمر الشارع بالتزام أوزان معينة في إنتاج الخبز تحقيقاً لاعتبارات ارتآها، ومن ثم فإنه يكفي لقيام الجريمة المشار إليها في حق الصانع علمه بأن فعله مخالف للقانون أو قعوده عن مراعاة تنفيذ أحكامه دون انتظار لتمامه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت تلك العناصر في حق الطاعن فإن ما ينعاه عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعين الرفض