أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 33 - صـ 58

جلسة 3 من يناير سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد الرحيم حسب الله نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عبد الرشيد نوفل، وعبد العزيز فودة، ومحمود صدقي، وحسن عبد العال.

(14)
الطعن رقم 393 لسنة 44 القضائية

قانون. استدراك تشريعي.
الاستدراك في النصوص التشريعية. ماهيته. اعتباره جزءاً من النص التشريعي المصحح ومتمتعاً بذات قوته. شرطه. عدم انطوائه على تغيير في النص لفظاً ومعنى.
الاستدراك هو وسيلة تتخذ لتدارك ما عسى أن يكون قد اكتنف النص الأصلي من أخطاء مادية أو مطبعية عند نشره بقصد تصويبها، ويعتبر التصويب عندئذ جزءاً من النص التشريعي المصحح وله نفس قوته فإذا جاوز الاستدراك هذا النطاق وانطوى على تغيير في النص المنشور لفظاً ومعنى فهو تعديل له لا يجوز إلا بصدور قانون آخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدها - شركة مصر لحليج الأقطان - الدعوى رقم 1910 لسنة 1971 عمال كلي الجيزة طالباً الحكم بإلغاء قرارها المتضمن وقف صرف بدل التمثيل المقرر له وقدره 41 ج و666 م شهرياً وتحصيل ما صرفته له عن شهري أكتوبر ونوفمبر سنة 1971 واعتباره كأن لم يكن وأحقيته في الاستمرار في صرفه اعتباراًً من شهر ديسمبر سنة 1971 وقال بياناً لها أنه يعمل لدى المطعون ضدها في وظيفة مدير عام الشئون المالية التي عودلت بالفئة المالية الأولى اعتباراً من 1/ 7/ 1964 وصار أجره الأساسي 206 ج و708 م شهرياً ولما صدر القرار الجمهوري رقم 1294 لسنة 1969 في 28/ 7/ 1969 بتعيينه عضواً بمجلس إدارة الشركة أصبح يتقاضى بدل التمثيل المقرر لوظيفته، وطبقاً للمادة 79 من القرار بقانون رقم 61 لسنة 1971 نقل باعتباره من شاغلي الفئة الأولى إلى الوظيفة ذات المربوط 1800 ج و1200 م بذات مرتبه الذي جاوز نهاية ربط المستوى الذي نقل إليه وأصبح من حقه الاحتفاظ بهذا المرتب بصفة شخصية على أن تستهلك الزيادة مما يحصل عليه في المستقبل من علاوات الترقية أو العلاوات الدورية وإذ امتنعت المطعون ضدها ابتداءً من 1/ 12/ 1971 عن صرف بدل التمثيل إليه لتستهلك منه الزيادة استناداً إلى الاستدراك الصادر من رئاسة الجمهورية المنشور بالعدد رقم 41 من الجريدة الرسمية في 14/ 10/ 1971 بإضافة عبارات البدلات لنص الفقرة الثالثة من المادة 79 من القرار بقانون رقم 61 لسنة 1971، مع أنه لا عبرة بهذا الاستدراك قانوناً لعدم اشتمال النص على عبارة البدلات وقت نشر القرار بقانون المذكور بالجريدة الرسمية في 30/ 9/ 1971 فقد أقام الدعوى بطلباته السالفة البيان. وبتاريخ 27/ 5/ 1972 حكمت المحكمة بإلغاء قرار المطعون ضدها بوقف صرف بدل التمثيل المقرر للطاعن والبالغ 41 ج و666 م وتحصيل ما سبق صرفه له عن شهري أكتوبر ونوفمبر سنة 1971 واعتباره كأن لم يكن. استأنف المطعون ضدها هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 3533 لسنة 89 ق وفي 14/ 2/ 1974 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، وتحددت لنظره جلسة 13/ 12/ 1981 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بسبب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الاستدراك الذي نشر بالجريدة الرسمية في 14/ 10/ 1971 بشأن المادة 79 من القرار بقانون رقم 61 لسنة 1971 لم يكن تصحيحاً لخطأ بحت وإنما كان تعديلاً للنص بإضافة البدلات كعنصر تستهلك منه لزيادة في المرتب في حالة تجاوزه نهاية ربط المستوى الذي ينقل إليه العامل وهذا التعديل لا تكون وسيلته الاستدراك وإنما بقانون يصدر من السلطة التشريعية وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدعوى قولاً منه بأن الاستدراك كان تصحيحاً لخطأ مادي، فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأنه لما كان الاستدراك هو وسيلة تتخذ لتدارك ما عسى أن يكون قد اكتنف النص الأصلي من أخطاء مادية أو مطبعية عند نشره بقصد تصويبها، ويعتبر التصويب عندئذ جزء من النص التشريعي المصحح وله نفس قوته فإذا جاوز الاستدراك هذا النطاق وانطوى على تغيير في النص المنشور لفظاً ومعنى فهو تعديل له لا يجوز إلا بصدور قانون آخر، وكان ذلك الذي نشر بالعدد رقم 41 من الجريدة الرسمية في 14/ 10/ 1971 قد جرى على النحو الآتي: رئاسة الجمهورية استدراك، نشر في العدد رقم 39 من الجريدة الرسمية الصادر في 30 سبتمبر سنة 1971 القانون رقم 61 لسنة 1971 الخاص بنظام العاملين بالقطاع العام، وقد ورد بالفقرة الأخيرة من المادة 79 العبارة الآتية: وفي جميع الأحوال يحتفظ العامل الذي جاوز مرتبه نهاية ربط المستوى الذي ينقل إليه - وقت صدور هذا النظام - بما كان يتقاضاه وذلك بصفة شخصية، على أن تستهلك الزيادة مما يحصل عليه في المستقبل من علاوات الترقية أو العلاوات الدورية. وصحتها: وفي جميع الأحوال يحتفظ للعامل الذي جاوز مرتبه نهاية ربط المستوى الذي ينقل إليه - وقت صدور هذا النظام - بما كان يتقاضاه وذلك بصفة شخصية على أن المستهلك الزيادة مما يحصل عليه في المستقبل من البدلات أو علاوات الترقية أو العلاوات الدورية ولما كان تقرير لجنة القوى العاملة بمجلس الشعب عن مشروع قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 61 لسنة 1971 قد "أوضح أن المجلس أحال في جلسته المعقودة بتاريخ 20/ 11/ 1971 هذا القرار بقانون إلى لجنة القوى العاملة لبحثه وتقديم تقرير عنه وأن اللجنة انعقدت بتاريخ 30/ 11/ 1971" كما ورد به ما يلي "تقضي الفقرة الأخيرة من المادة 79 من القرار بقانون رقم 61 لسنة 1971 بأن العامل الذي يتجاوز مرتبه نهاية ربط المستوى الذي ينقل إليه يحتفظ بهذه الزيادة بصفة شخصية على أن تستهلك مما يحصل عليه من بدلات وعلاوات الترقية أو العلاوات الدورية.... تضمن كل من النظامين أحكاماً انتقالية للنقل إلى الوظائف الجديدة وفي هذا الشأن تقضي المادة 79 من القرار بقانون رقم 61 لسنة 1971 بأن ينقل....... وفي جميع الأحوال يحتفظ للعامل الذي جاوز مرتبه نهاية ربط المستوى الذي ينقل إليه - وقت صدور هذا النظام - بما كان يتقاضاه، وذلك بصفة شخصية على أن تستهلك الزيادة مما يحصل عليه في المستقبل من البدلات وعلاوات الترقية أو العلاوات الدورية...... ولما كان هذا القرار بقانون المعروض قد صدر طبقاً لأحكام المادة 147 من الدستور مستوفياً لشروطها ومن ثم فلا اعتراض للجنة عليه وترجو المجلس إقراره بالصيغة المرفقة". لما كان ذلك، وكان نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 إنما صدر ابتداءً بقرار من رئيس الجمهورية، وكان مجلس الشعب وهو الهيئة النيابية التي تمثل الشعب والتي ناط بها الدستور سلطة التشريع قد أقر نصوص قرار رئيس الجمهورية بالقانون المشار إليه شاملة نص الفقرة الأخيرة من المادة 79 أنفة البيان وفقاً لما جاء بالاستدراك المنوه عنه، فإن إقرار المجلس لهذا النص على النهج الذي تم تصويبه يسقط أي طعن يوجه إلى هذا الاستدراك أياً ما كان وجه الرأي فيه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذا اعتد بنصها الوارد بالاستدراك لا يكون قد خالف القانون، ويضحى النعي عليه بسبب الطعن على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.