أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 33 - صـ 62

جلسة 4 من يناير سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ الدكتور عبد الرحمن عياد نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: عبد الحميد المنفلوطي، ومحمد زغلول عبد الحميد، ود. منصور وجيه ومحمد ماضي أبو الليل.

(15)
الطعن رقم 746 لسنة 46 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن"، "ملحقات العين المؤجرة".
(1) ملحقات العين المؤجرة. حدود حق المستأجر في استعماله. عدم تجاوز الغرض من وجود هذه الملحقات.
(2) اعتبار الممر المؤدي إلى الطريق العام من ملحقات الأماكن المؤجرة الواقعة داخل الممر. نطاقه. ما خصص له هذا الممر وهو المرور.
(3) عقد. "تفسير العقد".
عدم التزام المحكمة بتبرير الأخذ بالمعنى الظاهر لعبارات العقد.
(4) نقض "السبب الجديد".
خلو الأوراق مما يدل على تمسك الطاعن بدفاع أمام محكمة الموضوع. عدم جواز إبدائه لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - إذا كانت ملحقات العين المؤجرة تشمل كل ما أعد لها بصفة دائمة والتي لا يتأتى الحصول على منفعة العين أو لا تستكمل هذه المنفعة إلا بها، فإن ذلك مشروط بعدم تجاوز المستأجر لاستعمال الملحقات للغرض الذي وجدت من أجله أو تجاوزه لما هو غير ضروري لتحقيق هذا الغرض، فإن فعل فإنه يكون قد خرج عن حقه في استعمال الملحقات إلى الاعتداء على الملكية بما يجيز رد هذا الاعتداء بإعادة الحال إلى ما كانت عليه دون حاجة لإثبات وقوع ضرر على المالك وذلك ما لم يوجد اتفاق خاص مخالف بين المستأجر وبين المالك.
2 - إذا كان الممر المؤدي إلى الطريق العام يعتبر من ملحقات الأماكن المؤجرة الكائنة داخل الممر، غير أن ذلك لا يكون إلا في نطاق ما خصص هذا الممر من أجله وهو المرور، لما كان ذلك. وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن أقام القرينة موضوع النزاع وثبتها على حائط عمارة المطعون عليها الأولى بعيداً عن حائط المحلين المؤجرين له وشغل جزء منها حيزاً من فراغ الممر، فإن الطاعن يكون قد تجاوز حقه في استعمال الممر، وإن كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى ذلك مقرراً أن الفترينة وضعت بمدخل الممر في مكان لا يعد جزءاً من العين المؤجرة أو ملحقاتها، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون محمولاً على أن جزء الفترينة الواقع داخل الممر لا يعدو استعمالاً مشروعاً للممر في حدود الغرض المخصص له.
3 - إذ اعتد الحكم المطعون فيه بالمعنى الظاهر لعبارات الشرط الوارد بالعقد فإنه لا يكون - مطالباً - بعد ذلك بإيراد أسباب لتبرير الأخذ بهذا المعنى لأن استقصاء الأسباب محله أن تكون المحكمة قد عدلت عن هذا المعنى الظاهر فيكون عليها عندئذ أن تبين علة هذا العدول.
4 - إذ كانت الأوراق خلواً مما يفيد تمسك الطاعن بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، فإنه لا يجوز له إبداؤه ولأول مرة أمام محكمة النقض لما يتضمنه من واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 1289 سنة 1971 مدني كلي جنوب القاهرة ضد الطاعن بطلب الحكم بإزالة المنشآت المبينة بصحيفة الدعوى وإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت، وقالت شرحاً لدعواها أنه بموجب عقد مؤرخ 3/ 3/ 1965 استأجر منها الطاعن المحلين رقمي 5، 7 بالعقار المبين بصحيفة الدعوى، ثم قام بغير الحصول على إذن كتابي منها، بإنشاء فترينتين، إحداهما بمدخل العقار والأخرى بالممر الخاص به، مما يرتب عليه تضييق الممر وتشويه منظر العقار، الأمر الذي يحق معه لها طلب إزالة هذه المنشآت. وفي 28/ 2/ 1972 قضت المحكمة بندب خبير لبيان ما أقامه الطاعن من إنشاءات بمدخل أو ممر العقار ومدى مطابقة ذلك لشروط عقد الإيجار - وبعد أن أودع الخبير تقريره - طلبت المطعون عليها الثانية تدخلها في الدعوى منضمة إلى المطعون عليها الأولى في طلباتها، تأسيساً على أنها تستأجر محلاً بذات العقار الكائن به المحلان استئجار الطاعن وأن في إقامة الطاعن الفترينتين بممر العقار ما يعد تعرضاً لها في الانتفاع بالعين المؤجرة، لما سببه إحداهما من ضيق بالممر وما سببته الاثنان من حجب للرؤية عن محلها. في 1/ 1/ 1973 حكمت المحكمة بقبول تدخل المطعون عليها الثانية وبإزالة الفترينتين. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 920 سنة 90 ق - وفي 17/ 5/ 1976 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إزالة الفترينة الواقعة على واجهة المحل ورفض الدعوى في هذا الصدد وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بإزالة الفترينة الثانية على أن مدخل الممر المقامة عليه، لا يعد جزءاً من العين المؤجرة أو من ملحقاتها ومن ثم فإن من حق المطعون عليها الأولى إزالتها طبقاً لصريح البند السادس عشر من عقد الإيجار، في حين أن المقرر قانوناً أن الملحقات إنما هي ما يعد بصفة دائمة لتكون تابعة للأصل حتى يتهيأ للأصل أن يستعمل في الغرض المقصود منه أو حتى يستكمل هذا الاستعمال فإذا كان الثابت بالأوراق أن العين المؤجرة، عبارة عن ورشة لتصنيع الأحذية وبيعها، وإنها حسبما جاء بتقرير الخبير تقع داخل ممر مظلم وأن هذا الممر يطل على شارع رئيسي وهو مخصص لخدمة المحلات الواقعة به وتمتلكه بما في ذلك المحلات المذكورة الشركة المطعون عليها الأولى، فإن مؤدى ذلك قيام حق الطاعن في استعمال هذا الممر باعتباره من ملحقات العين المؤجرة، وذلك حتى يكتمل له استعمالها في الغرض الذي أجرت له، وإذ التفت الحكم عن ذلك مقرراً بأن مدخل الممر لا يعد جزءاً من العين المؤجرة أو من ملحقاتها غافلاً وضع هذا الممر والمحلين الواقعين به والمؤجرين للطاعن والغرض من تأجيرهما فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه إذا كانت ملحقات العين المؤجرة تشمل كل ما أعد لها بصفة دائمة والتي لا يتأتى الحصول على منفعة العين أو لا تستكمل هذه المنفعة إلا بها، فإن ذلك مشروط بعدم تجاوز المستأجر لاستعمال الملحقات الغرض التي وجدت من أجله أو تجاوزه لما هو غير ضروري لتحقيق هذا الغرض فإن فعل ذلك فإنه يكون قد خرج عن حقه في استعمال الملحقات إلى الاعتداء على الملكية بما يجيز رد هذا الاعتداء بإعادة الحال إلى ما كانت عليه دون حاجة لإثبات وقوع ضرر على المالك وذلك ما لم يوجد اتفاق خاص مخالف بين المستأجر وبين المالك، وبناءً على ذلك فإنه إذا كان الممر المؤدي إلى الطريق العام يعتبر من ملحقات الأماكن المؤجرة الكائنة داخل الممر، غير أن ذلك لا يكون إلا في نطاق ما خصص هذا الممر من أجله وهو المرور. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن أقام الفترينة موضوع النزاع وثبتها على حائط عمارة المطعون عليها الأولى بعيداً عن حائط المحلين المؤجرين له وشغل جزء منها جزءاً من فراغ الممر، فإن الطاعن يكون قد تجاوز حقه في استعمال الممر، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى ذلك مقرراً أن الفترينة وضعت بمدخل الممر في مكان لا يعد جزءاً من العين المؤجرة أو ملحقاتها فإنه يكون قد التزم صحيح القانون محمولاً على أن جزء الفترينة الواقع داخل الممر لا يعد استعمالاً مشروعاً للممر في حدود الغرض المخصوص له، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن السبب الثاني يتضمن وجهين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قد اعتد بحرفية الشرط الوارد بعقد الإيجار الذي يحظر على الطاعن وضع لافتة كتابة على الحائط خارج المكان المؤجر، دون الاعتداد بالإرادة الحقيقية للمتعاقدين التي تكشف عنها طبيعة العقد والظروف المحيطة وطبيعة التعامل والعرف على ما هو ثابت أمامها من أن المحلين المؤجرين كانا بغرض استعمالهما ورشة لصناعة الأحذية وبيعها وأن الممر الذي يقع به المحلان مظلم، فلا يمكن التعرف على تجارة الطاعن إلا بوضع علامة هي الفترينة، على مدخل الممر يشير إلى المحلين، ولما كانت المطعون عليها الأولى على علم بتجارة الطاعن وبموقع المحلين المؤجرين له وهما داخل الممر بعيداً عن أعين الناس الأمر الذي يجعل الإعلان عنهما بالطريقة التي تم بها يتفق مع الإرادة الحقيقية للمتعاقدين وإذ لم يعني الحكم بهذه الإرادة فإنه يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الشرط محل النعي ينص على أنه "لا يجوز للطرف الثاني (المستأجر) أن يضع لافتة أو كتابة على الحائط خارج المكان المؤجر أو على واجهة العمارة إلا بعد الحصول على إذن كتابي من الطرف الأول (المؤجر) الذي له أن يحدد الشروط التي يطلبها في اللافتة أو الكتابة لإمكان وضعها" وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بالمعنى الظاهر لعبارات هذا الشرط فإنه لا يكون مطالباً بعد ذلك بإيراد أسباب لتبرير الأخذ بهذا المعنى لأن استقصاء الأسباب محله أن تكون المحكمة قد عدلت عن المعنى الظاهر فيكون عليها عندئذ أن تبين علة هذا العدول، ويكون النعي على المحكمة في هذا الخصوص بالقصور في التسبيب في غير محله.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني من السبب الثاني أن الشرط المبين بالوجه الأول شرط تعسفي، إذ هو يضر الطاعن ولا يحقق مصلحة للمطعون عليها الأولى فيكون احتجاجها بهذا الشرط منطوياً على تعسف في استعمال الحق، ويكون الحكم المطعون فيه إذ اعتد به قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، لأنه لما كانت الأوراق خلواً مما يفيد تمسك الطاعن بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، فإنه لا يجوز له إبداءه لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتضمنه من واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه استند في قضائه بإلغاء حكم محكمة أول درجة بالنسبة لإزالة الفترينة الأولى المثبتة على واجهة المحل المؤجر للطاعن إلى انتفاء الضرر من إقامتها ومن ثم يقيد بالشرط الوارد في البند الثالث عشر من عقد الإيجار في حين أنه اعتد بالشرط الوارد في البند السادس عشر بالنسبة للفترينة الثانية رغم تسليمه بعدم حدوث ضرر منها، فيكون الحكم مشوباً بالتناقض لأن الغاية من إقامة كل من الفترينتين واحدة، وهي تمكين الطاعن من الإعلان عن نشاطه التجاري ولأن شروط العقد تكمل بعضها بعضاً وعباراته تفسر بعضها بعضاً.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح من ناحية وغير منتج من ناحية أخرى ذلك أنه بالنسبة للفترينة الأولى المقامة على واجهة المحل المؤجر، فقد أقر الحكم المطعون فيه أحقية الطاعن في إقامتها تأسيساً على أن عبارة البند الثالث عشر من العقد واضحة الدلالة في اشتراط الضرر حظراً لإقامتها، على خلاف الفترينة الثانية التي أقيمت في مكان لا يعد جزءاً من العين المؤجرة أو ملحقاتها فإنه حتى على فرض عدم توافر ضرر من إقامتها، فإن للمطعون عليها الأولى إزالتها طبقاً لصريح البند السادس عشر، على نحو ما جاء تفصيلاً في الرد على السبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني، ومن ثم لا يكون الحكم مشوباً بالتناقض، والنعي من جهة أخرى غير منتج لأن ما قضى به الحكم المطعون فيه لصالح الطاعن بالنسبة للفترينة الأولى ليس محلاً للطعن الحالي وما قضي به ضد الطاعن بالنسبة للفترينة الثانية قد وافق في نتيجته صحيح القانون على نحو ما جاء بالرد على السبب الأول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.