أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 874

جلسة 14 من يونيه سنة 1970

برياسة السيد/ المستشار نصر الدين حسن عزام، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وأنور أحمد خلف، ومحمود كامل عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(206)
الطعن رقم 750 لسنة 40 القضائية

(أ، ب) إثبات. "بوجه عام". "شهادة". دفوع. "الدفع بإكراه الشاهد". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". إكراه. قتل عمد.
( أ ) وزن وتقدير أقوال الشاهد. موضوعي.
التعويل على أقوال الشاهد. مشروط بصدورها عنه اختياراً. عدم اعتبارها وليدة اختيار. إذا صدرت إثر تهديد أو إكراه كائناً ما كان قدره.
(ب) الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير إكراه. دفع جوهري. وجوب مناقشته والرد عليه. وإلا كان الحكم قاصراً.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. نطاقه؟
1 - لئن كان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، إلا أنه يشترط في أقوال الشاهد التي يعول عليها أن تكون صادرة عنه اختياراً، وهي لا تعتبر كذلك إذا صدرت إثر إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه.
2 - من المقرر أن الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه، هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه. وإذ كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ عول في إدانة الطاعنين على أقوال الشاهد بغير أن يرد على دفاعهما بأن تلك الأقوال قد أدلى بها الشاهد نتيجة إكراه وقع عليه ويقول كلمته فيها، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب، ولا يغني عن ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى، ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: (‍1)......، (2)...... (الطاعنين) (3)...... بأنهم في يوم 15/ 8/ 1966 بدائرة مركز أبنوب محافظة أسيوط: (أولاً) قتلوا وآخرين مجهولين علي سالم حسن عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية وكمنوا له في المكان الذي أيقنوا سلفاً بمروره فيه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أن المتهمين سالفي الذكر قتلوا عبد الله عبد السلام علي عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتل المجني عليه الأول وأعدوا لذلك أسلحة نارية وتربصوا له في طريق مروره وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأصيب عبد الله عبد السلام علي بالإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته الأمر المنطبق على المادة 234/ 2 من قانون العقوبات. (ثانياً) حازوا بغير ترخيص أسلحة نارية مششخنة (بنادق). (ثالثاً) أحرزوا ذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية سالفة الذكر دون أن يكون مرخصاً لهم في حيازتها أو إحرازها. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1 و6 و26/ 2 - 4 و30 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954 و751 لسنة 1958 والبند ب من القسم الأول من الجدول رقم 3 المرافق. فقرر بذلك. وادعى حسن سالم حسن مدنياً قبل المتهمين جميعاً بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بالنسبة إلى المتهمين الأول والثاني والمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهم الثالث مع تطبيق المادتين 17 و32 من قانون العقوبات (أولاً) بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة ومصادرة السلاح المضبوط. (ثانياً) ببراءة المتهم الثالث مما أسند إليه (ثالثاً) بإلزام المتهمين الأول والثاني بأن يدفعا متضامنين للمدعي بالحق المدني مبلغ مائة جنيه كتعويض مدني مؤقت والمصروفات المدنية، ورفض الدعوى المدنية بالنسبة إلى المتهم الأخير. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد وإحراز السلاح والذخيرة قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأن المدافع عنهما قد أشار في دفاعه إلى أن أقوال الشاهد علي عبد المحسن علي في تحقيقات النيابة إنما كانت وليدة إكراه وقع عليه، وقد عدل الشاهد عن هذه الأقوال بالجلسة وذكر أن أقواله الأولى كانت من إملاء رجال الشرطة وأنه أدلى بها نتيجة تهديدهم له. إلا أن الحكم استند إلى أقوال ذلك الشاهد دون أن يعني بالرد على هذا الدفاع.
وحيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الشاهد علي عبد المحسن علي عدل عن أقواله الأولى بالتحقيقات مقرراً أنها صدرت تحت تأثير إهانته إهانة شديدة من ضابط النقطة وتهديده إياه بحبسه إن لم يشهد بما أملاه عليه، وأضاف أنه لا يعرف مرتكب الحادث ولم يشاهد أياً من الطاعنين بمكان وقوعه كما طعن المدافع عن الطاعنين على أقوال هذا الشاهد بالتحقيقات وذكر أن هذا الأخير وهو تاجر مخدرات - ينفذ عليه بالإكراه في ديوان نقطة الشرطة - لابد وأن يكون تحت تأثير رجال الشرطة وأنه قبل بعد جهد طويل أن يشهد بما يملى عليه زوراً وكذباً كما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند في إدانة الطاعنين - ضمن ما استند إليه - إلى أقوال هذا الشاهد، دون أن يعرض إلى دفاع الطاعنين أو يرد عليه. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها وإن كان مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه إلا أنه يشترط في أقوال الشاهد التي يعول عليها أن تكون صادرة عنه اختياراً وهي لا تعتبر كذلك إذا صدرت إثر إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ عول في إدانة الطاعنين على أقوال الشاهد المذكور بغير أن يرد على دفاع الطاعنين الجوهري بأن تلك الأقوال قد أدلى بها الشاهد نتيجة إكراه وقع عليه ويقول كلمته فيها يكون معيباً بالقصور في التسبيب. ولا يعني عن ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن الأخرى.