أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 33 - صـ 95

جلسة 13 من يناير سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ محمود عثمان درويش نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد صبري أسعد، محمد إبراهيم خليل، عبد المنصف هاشم وأحمد شلبي.

(19)
الطعن رقم 931 لسنة 47 القضائية

حكم. "الطعن في الحكم". "ميعاد الطعن". إعلان "إعلان المقيم في الخارج".
إعلان أوراق المحضرين للشخص الذي له موطن معلوم في الخارج. تمامه بتسليم الصورة للنيابة. إعلانه بالحكم الذي يبدأ منه ميعاد الطعن طبقاً للمادة 213 مرافعات. وجوب أن يكون لشخصه أو في موطنه.
1 - الأصل في إعلان أوراق المحضرين القضائية أن تصل إلى علم المعلن إليه علماً يقينياً بتسليم الصورة لنفس الشخص المعلن إليه، وإن كان المشرع يكتفي بالعلم الظني في بعض الحالات بإعلانه في موطنه وبمجرد "العلم الحكمي" في بعض آخر لحكمة تسوغ الخروج على هذا الأصل، وفي هذه الحالات إعلان المقيم خارج البلاد في موطن معلوم، فقد اكتفى المشرع بالعلم الحكمي بتسليم الصورة للنيابة في إعلان صحف الدعاوى أو الطعون استثناءً من ذلك الأصل، إلا أن المشرع لم يعمل هذا الاستثناء على إطلاقه في حالة المقيم في الخارج، فاستبعد العلم الحكمي في الصورة التي تبدأ فيها مواعيد الطعن في الأحكام من تاريخ إعلان الحكم، فنص في المادة 213 من قانون المرافعات على أن ميعاد الطعن في الحكم يبدأ من تاريخ إعلان الحكم إلى المحكوم عليه في الأحوال التي يكون فيها قد تخلف عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الدعوى ولم يقدم مذكرة بدفاعه..... وعلى أن يكون إعلان الحكم لشخص المحكوم عليه أو في موطنه الأصلي مما لا يتأتى معه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - القول بأن مواعيد الطعن في هذه الحالة تجري من تاريخ تسليم الصورة للنيابة متى كان للمعلن إليه موطن معلوم في الخارج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 1034 سنة 1974 مدني الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 1/ 11/ 1952 المتضمن بيع المطعون عليه الأول لها قطعة أرض مبينة بصحيفة الدعوى نظير ثمن مقبوض قدره 10000 ج وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 5/ 5/ 1951 الذي اشترى بموجبه المطعون عليه الأول تلك الأرض من المطعون عليه الثاني وقالت شرحاً للدعوى أن المطعون عليهما لم يباشرا الإجراءات اللازمة لنقل الملكية إليها، فأقامت الدعوى بطلباتها سالفة البيان. وبتاريخ 23/ 5/ 1974 حكمت المحكمة بصحة ونفاذ العقدين المذكورين. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئنافين رقمي 2807 سنة 92 ق 3398 سنة 92 ق مدني ودفعت الطاعنة بسقوط الحق في الاستئنافين لرفعهما بعد الميعاد. وبتاريخ 18/ 4/ 1977 حكمت المحكمة برفض هذا الدفع وبإلغاء الحكم المستأنف لبطلانه وشطب التسجيلات الواقعة نفاذاً له. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ قضى برفض الدفع المبدى منها بسقوط حق المطعون عليه الأول في الاستئنافين لرفعهما بعد مضي أكثر من عشرة أشهر من تاريخ آخر إعلان صحيح للحكم الابتدائي واستند في قضائه إلى عدم إعلان المطعون عليه الأول، لأن الإعلان الذي تم كان في غير محل إقامته أو موطنه كما أن إعلانه في مواجهة النيابة تم بطريقة مخالفة للقانون رغم أن بطلان الإعلان إنما هو بطلان نسبي غير متعلق بالنظام العام، ولم يتمسك المطعون عليه الأول ببطلان إعلانه بالحكم الابتدائي فيكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك الثابت أن المطعون عليه الأول تمسك في صحيفتي الاستئنافين بعدم إعلانه بالدعوى وبالحكم الابتدائي الصادر فيها إعلاناً قانونياً وبطلان الإجراءات التي اتخذتها الطاعنة في هذا الصدد.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول أن الدفع ببطلان صحيفة الدعوى، هو من الدفوع الشكلية" غير المتعلقة بالنظام العام، ويتعين إبداؤها قبل التعرض للموضوع، وإذ كان المطعون عليه الأول قد تمسك في السببين الأول والثاني من أسباب استئنافه بأن عقد البيع المؤرخ 5/ 5/ 1951 هو عقد مزور وأن عقد البيع المؤرخ 1/ 11/ 1953 باطل لصدوره من غير مالك هو دفاع موضوعي يسقط حقه في التمسك بعد ذلك ببطلان صحيفة الدعوى، غير أن الحكم المطعون فيه قضى رغم ذلك ببطلان صحيفة افتتاح الدعوى، فيكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي بدوره غير صحيح، ذلك أن البين من صحيفتي استئناف المطعون عليه الأول أنه صدرهما، قبل التعرض للموضوع بأن النزاع المطروح لا يعدو أن يكون صورة من صور الغش والحصول على أحكام بناء على إجراءات باطله، وأن القضية تداولت بالجلسات دون أن يتسلم أي إعلان يتصل بها، فقامت الخصومة وانتهت بناء على إجراءات باطله لازمها الغش في جميع مراحل الدعوى. حتى صدر الحكم المستأنف الذي لم يعلن له إعلاناً قانونياً بعد تخلفه عن حضور الجلسات التي حددت لنظر الدعوى، وهو ما يفيد تمسك المطعون عليه الأول ببطلان جميع إجراءات الخصومة أمام محكمة أول درجة ومنها صحيفة افتتاح الدعوى قبل التعرض للموضوع ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث القصور في التسبيب لإغفاله الرد على دفاع جوهري لها، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت في مذكرتها المقدمة إلى محكمة الاستئناف بجلسة 22/ 3/ 1977 بأنها فور علمها بمقر المطعون عليه الأول في لبنان. لم تكتف بما اتخذته من إجراءات إعلانه بل وجهت إليه إعلاناً آخر بالحكم الابتدائي في موطنه بلبنان وقد تم تسليم صورة هذا الإعلان إلى النيابة العامة بتاريخ 16/ 1/ 1975 لإتمام الإعلان بالطريق الدبلوماسي، وتم الإعلان في لبنان حسبما هو مستفاد من تأشيرة المحامي العام بذيل الإعلان، ولما كان إعلان الأشخاص الذين لهم موطن معلوم في الخارج يتم بمجرد تسليم صورة الإعلان للنيابة العامة، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع الجوهري الذي يفيد بأن الاستئنافين رفعا بعد الميعاد فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الأصل في إعلان أوراق المحضرين القضائية أن تصل إلى علم المعلن إليه علماً يقينياً بتسليم الصورة لنفس الشخص المعلن إليه وإن كان المشرع يكتفي بالعلم الظني في بعض الحالات بإعلانه في موطنه وبمجرد "العلم الحكمي" في بعض آخر لحكمة تسوغ الخروج على هذا الأصل، ومن هذه الحالات إعلان المقيم خارج البلاد في موطن معلوم فقد اكتفى المشرع بالعلم الحكمي بتسليم الصورة للنيابة في إعلان صحف الدعاوى أو الطعون استثناءً من ذلك الأصل، إلا أن المشرع لم يعمل هذا الاستثناء على إطلاقه في حالة المقيم في الخارج، فاستبعد العلم الحكمي في الصورة التي تبدأ فيها مواعيد الطعن في الأحكام من تاريخ إعلان الحكم، فنص في المادة 213 من قانون المرافعات على أن ميعاد الطعن في الحكم يبدأ من تاريخ إعلان الحكم إلى المحكوم عليه في الأحوال التي يكون فيها قد تخلف عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الدعوى ولم يقدم مذكرة بدفاعه. وعلى أن يكون إعلان الحكم لشخص المحكوم عليه أو في موطنه الأصلي، مما لا يتأتى معه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - القول بأن مواعيد الطعن في هذه الحالة تجري من تاريخ تسليم الصورة للنيابة متى كان للمعلن إليه موطن معلوم في الخارج لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، وكان لا محل للتحدي بأن الإعلان قد تم في لبنان، إذ خلت الأوراق مما يفيد تمام هذا الإعلان لشخص المطعون عليه الأول أو في موطنه الأصلي، فلا على الحكم المطعون فيه في هذه الحالة إذ التفت عما أثارته الطاعنة في هذا الشأن، ومن ثم يكون هذا النعي لا أساس له.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الرابع أن الحكم المطعون فيه شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أنها تمسكت بسقوط حق المطعون عليه الأول في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد تأسيساً على أن الحكم المستأنف أعلن إليه بتاريخ 31/ 10/ 1974 في مواجهة النيابة العامة بعد أن ورد بالإعلان الموجه إليه في آخر موطن معلوم له في مصر أنه ترك السكن به إلى جهة غير معلومة بلبنان وأعيد إعلانه بتاريخ 16/ 1/ 1975 ولم يرفع الاستئنافين في الميعاد، غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع استناداً إلى عدم صحة إجراءات إعلان المطعون عليه الأول في مصر وقرر أنه من غير المعقول أن يكون موطن الشخص قطعة أرض فضاء لم يثبت وجود مسكن له بها دون أن يورد الحكم الأسباب المؤدية إلى تلك النتيجة كما ذهب الحكم إلى عدم كفاية التحريات عن محل إقامة المطعون عليه المذكور رغم أن الطاعنة لم تكن بحاجة إلى إجراء تحريات لكفاية ما أورده المحضر من أن المطعون عليه الأول ترك المسكن إلى جهة غير معلومة بلبنان فيكون الحكم المطعون فيه قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على وجوب إعلان الحكم الابتدائي إلى المطعون عليه الأول شخصياً أو في موطنه الأصلي حسبما سلف البيان في الرد على السبب السابق، ورتب على خلو أوراق - الدعوى مما يفيد تمام الإعلان على هذا النحو، رفض الدفع بسقوط الحق في الاستئناف وأقام قضاءه على ما يكفي لحمله ومن ثم فإن النعي على ما استطرد إليه الحكم تزيداً - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون نعياً غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.